|
خمس سنوات من الاحتلال ماذا تحقق للعراقيين ؟
عبدالله مشختى
الحوار المتمدن-العدد: 2230 - 2008 / 3 / 24 - 11:18
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
لقد مرت خمسة اعوام منذ سقوط النظام البائد على يد القوات الامريكية والقوى المتحالفة معها من حلفائها الاوربيين اضافة الى القوى والاحزاب العراقية التى كانت معارضة للنظام البائد ، لقد تحقق عدد من المكاسب للعراقيين اولها سيادة النظام الديمقراطى فى العراق ولاول مرة فى تاريخها منذ تشكيل الدولة العراقية وتحويل العراق الى نظام تعددى واتحادى وممارسة السياسة بكامل الحرية من قبل جميع القوى والاحزاب التى تكونت وتشكلت اثر سقوط النظام والتى كانت موجودة فى المنفى وامست المنافسة الديمقراطية بين الاحزاب السياسية تأخذ ابعادها الديمقراطية لولا التدخلات الاقليمية التى اخذت دورها تبرز بعد مرور اقل من سنة على قيام هذا النظام وشارك العراقيون جميعا بدون استثناء فى اروع عملية ديمقراطية لانتخاب ممثليها على الرغم من النواقص والسلبيات التى رافقتها كون التجربة كانت جديدة على العراقيين فلم يمارسوا طيلة تاريخ الدولة العراقية حقوقهم المدنية والديمقراطية بل كانوا يعيشون فى ظل الانظمة الفاشية والدكتاتورية وانظمة الحزب الواحد التى كانت تتمثل بالنظام الشمولى المغلق وانظمة دولة المنظمة السرية التى اخفت عن الشعب العراقى كل المعالم الحضارية وكممت افواههم وسدت عيونهم كى لا يدركوا ماذا يجرى فى وطنهم من ممارسات قمعية وجرائم غير انسانية بحق هذا الشعب الذى كان تواقا للحرية وممارسة حقوقه الطبيعية التى اقرت له كل الشرائع والاديان والقوانين الوضعية فى العالم . هذا كان المكسب التاريخى الذى حصل عليه الشعب العراقى خلال السنوات الخمسة التى مضت وهو مكسب تاريخى بحق فلاول مرة تنفس الشعب بحرية وتعرف على حقوقه المشروعة ، لولا القوى الظلامية التى لم تحلو لها ما حصل عليه الشعب العراقى فاقدم على التدخل لاجهاض هذا المكسب الكبير والذى لم ترق لهم فكان الوضع الامنى الذى نخر فى جسد الشعب العراقى ابتدأ باصطياده واقامة المجازر البشرية العديدة كى تحرم الشعب العراقى من فرحته بزوال النظام الدكتاتورى القمعى الذى كان قد داس على كل الحرمات واقام المقابر الجماعية للشعب العراقى بكل اطيافه ومذاهبه وقومياته فكانت المأساة التى بدأت بعد سقوط النظام ونتيجة للاخطاء التى ارتكبتها الادارة الامريكية والتى كما بينت الاحداث لم تكن اخطاء عفوية بل كانمت متعمدة كترك حدود العراق مفتوحة لكل انواع الارهاب والمنظمات الاجرامية و جواسيس ومخابرات كل الدول لان تدخل العراق وتعمل وفق مصالحها واستخدام العراقيين ككبش فداء لتحقيق ماربها ومقاصدها عندما اقدم الاحتلال على حل كل مؤسسات الدولة العراقية العسكرية والامنية والمدنية فأصبح ارض العراق ساحة مفتوحة لكل القوى الدولية التى لها مصالح ومقاصد فى العراق والتى لها حسابات كانت تريد تصفيتها مع القوات الامريكية التى رأت بانها الفرصة الذهبية لتحقيق هدفين فى ان واحد اولهما الانتقام من امريكا وتصفية حساباتها معها ويتمثل فى كل القوى والمنظمات الدينية المتطرفة والمدعومة من دول الجوار ويرتبطون بطالبان واسامة بن لادن . وثانيهما اجهاض تجربة النظام الديمقراطى الذى قام فى العراق على انقاض النظام الدكتاتورى ومثل هذا التوجه كل القوى الظلامية وبقايا النظام السابق وبدعم وتأييد من دول الجوار العراقى والكثير من الدول العربية التى رأت فى نجاح تجربة العراق الديمقراطى ما يهدد ويقوض انظمة حكمها الدكتاتورى . ونتيجة لما خطط وبدقة من قبل اعداء العراق وشعبه كان ما كان من احداث مأساوية من قتل وسفك الماء التى سالت كالانهر من دماء شباب واطفال ونساء العراق وحملات الدهم والخطف والاغتيالات والتفجيرات والسيارات المفخخة التى كانت تنفجر بالعشرات يوميا وتودى بحياة المئات بل الالاف من العراقيين العزل من كل انواع الاسلحة والبرئ من كل تهمة سوى كونه عراقى لاغير ومن ثم انتشار الميليشيات التى اخذت تتحكم بمصير الشعب العراقى وتقتل وتنهب فى وضح النهار وتقتل من تود ومن تريد بدون رادع ودون وجود قانون يحتمى به المواطن المسكين ، فكانت حملات التطهير المذهبى والترحيل القسرى والتشريد الذى ادى الى هجرة ملايين العراقيين وتشتتهم فى مختلف دول الجوار العراقى ودول العالم الاخرى وهم يعانون من سوء المعاملة والفاقة والحرمان والبؤس والجوع وحتى لم يسلموا الشرف الذى دنس هو الاخر من قبل المجرمين والعصابات الاجرامية حتى فى الدول التى لجئوا اليها ، اضافة الى تطهير العراق من عقولهم العلمية بالاعداد لحملة واسعة لاغتيال العلماء واساتذة الجامعات العراقية للعودة بالعراق الى قرون مظلمة من التخلف والجهل . ناهيك عن احداث ازمة كبيرة من حيث نسبة البطالة التى اوجدتها الظروف الحالية . اما الاوضاع الاقتصادية فلا حاجة للتطرق اليها فقد امسى الشعب العراقى فى اوضاع مأساوية من الناحية المعيشية وانعدام الخدمات الاساسية لاستمرار الحياة كالماء والكهرباء والخدمات البلدية وتوقف حركة الاعمار وانعدام المحروقات فى الوقت الذى كان العراق يزود العديد من دول الجوار بالطاقة الكهربائية اصبح المواطن العراقى لايرى نور الكهرباء الا ساعات قليلة فقط بالاضافة الى انفتاح الاسواق العراقية لشتى البضائع الخارجية السيئة والتى لا تصلح للاستخدام دون رقيب او فحص مما ادى الى انتشار العديد من الامراض التى لم تكن معروفة فى العراق واصبح مجموعة من الاشخاص والشركات تعيش على دماء ودموع وهموم الشعب العراقى وتخزن الارصدة المالية من صفقاتها التجارية التى اصابتها بالتخمة من اموال العراقيين الذين هم باشد الحاجة لهذه السيولة المادية لتحسين معيشته . اما الساسة والاحزاب والقوى التى تتواجد فى الساحة السياسية العراقية سواء كانوا من المشاركين فى تسلم المسئوليات فى الحكومات العراقية التى تشكلت بعد انتهاء فترة الحكم الامريكى الباشر او الذين بقوا خارج السلطة فقد اثبتت فشلها فى ادارة سلطة الدولة العراقية واصبحت هذه القوى تتصارع مع بعضها من اجل السلطة والكراسى فان لم تنجح ستنحاز الى جانب التدمير والتخريب وان نجحت فانها تريد ان تستأثر بمقدرات الشعب وثرواته كى تملأ البطون الفارغة والجيوب بالاموال العراقية لاتباعها والذين يدورون فى فلكها دون اى اعتبار لمصالح الشعب الانية والملحة والاساسية ، فها هو مجلس النواب العراقى عندما باشر اولى جلساتها فى دورتها التأسيسية تبادر الى اصدار نظام اعضائها وامتيازاتهم قبل المهمات الملحة للشعب وهم الذين يمثلون الشعب وقد جاؤوا كى يدافعوا عن الشعب امام السلطة وهناك اخبار تفيد بان ما يحصل عليه النائب هى مبالغ كبيرة على حساب اموال هذا الشعب ، اضافة لما ترتكبه من اخطاء هذه القوى السياسية فتخلق الازمات السياسية التى تمنع الحكومات من التفرغ تحت ضغط الظروف والشعب لحل المشكلات الاساسية للبلد وتحسين الوضع الامنى الذى بات تأكل الاخضر واليابس فمن ناحية تهدر اغلبية اموال العراق فى صفقات باسم احتياجات الوضع الامنى وتتعرض هذه الاموال للنهب والسرقة من قبل المسئولين عن ادارة هذه الامور ، ومن ناحية اخرى يصبح الوضع الامنى مبررا للعديد من المسئولين الحكوميين كى يتقاعسوا عن اداء مهامهم فى خدمة المواطنين . كما ان العهد الجديد قد افرز مرضا خطيرا اخر هو الفساد المالى والادارى المستشرى فى كافة مفاصل الدولة العراقية وبدون استثاء من منطقة لاخرى ، بحيث اصبح خطرا وصل الى العظم ويبق دون علاج لان العديد من كبار المسئولين مصابين بهذا الداء الفتاك ، والذى يتحمل مصائبه ومعاناة هذا الامر هو الشعب العراقى برمته دون استثناء . اضافة الى العديد والعديد من الظواهر والمظاهر اللاانسانية التى تمارس من قبل مجموعات من الميليشيات العديمة الضمير والمحمية من قبل احزاب وقوى سياسية هى التى تفرض القوانين الرجعية والمتخلفة كقتل النساء والفتياة وتحريمهن من حق الحياة بدون رحمة او وازع دينى او انسانى عدا الممارسات الشائنة الاخرى التى تمارس بحق الشعب العراقى . هذه هى الاوضاع فى العراق بعد خمس سنوات عجاف مر بها وهو لم يشفى بعد من هذه الجراح فلا زالت المشكلة السياسية وازمتها العميقة قائمة رغم كل محاولات امريكا الجدية لحل الازمة العراقية وعهد جورج بوش قد اقترب من الرحيل ورغم المحاولات العربية الفاشلة دوما فى كل القضايا التى تخص الدول العربية لاتزال اسباب الازمة قائمة وستبقى قائمة طالما تريد امريكا تطبيق اجندتها الخاصة بها وطالما بقيت بعض القوى السياسية العراقية مرتبطة باجندات بعض دول الجوار والدول الاخرى . وما لم تلتقى القوى الديمقراطية والليبرالية فى خط واحد وتوحد صفوفها وتسحب البساط من تحت اقدام القوى الدينية المتطرفة والقومية المتعصبة وان تلوذ نفسها بمنئ من الانسياق والانجرار فى تيار مصالح الدول الطامعة بالعراق ارضا وثرواتا وشعبا وحضارة وعلما .
#عبدالله_مشختى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أين وصلت خطط تطهير مدينة الموصل
-
الذكرى ال20 لكارثة حلبجة
-
المالكى والتشكيلة المقبلة لحكومته
-
يوم المرأة العالمى
-
القوات التركية تنهى عملياتها العسكرية
-
الاجتياح التركى لحدود العراق الشمالية الاهداف والنوايا
-
الانتخابات الباكستانية اثبتت ان تحقيق الديمقراطية لا بد من ت
...
-
حلال لهم وحرام على غيرهم
-
على حكومة اقليم كردستان مضاعفة الجهود مع القوى الخيرة
-
واخيرا روسيا تنتبه الى خطورة ايران النووية
-
انقلاب 8 شباط الاسود 1963 كان ضربة لديمقراطية الدولة الحديثة
-
على القوى الديمقراطية واليسارية ان تتوحد
-
هل ينتظر العراقيون سنوات اخرى كى تتوافق المصالح السياسية ؟
-
لبنان الواجهة السورية والايرانية ضد امريكا
-
احداث الموصل والبصرة اثبتت ان الارهاب
-
الحراك السياسى فى العراق اليوم
-
لجنة حماية المستهلكين خطوة جيدة فى مسار خدمة المواطن العراقى
-
الى هيفاء واطفالها الاربعة الذين لم يسعدوا برأس السنةالجديدة
...
-
بناذير بوتو امست ضحية للديمقراطية
-
يا له من كثرة تحالفات وتراجع عن السياسات
المزيد.....
-
سحب الدخان تغطي الضاحية الجنوبية.. والجيش الإسرائيلي يعلن قص
...
-
السفير يوسف العتيبة: مقتل الحاخام كوغان هجوم على الإمارات
-
النعمة صارت نقمة.. أمطار بعد أشهر من الجفاف تتسبب في انهيارا
...
-
لأول مرة منذ صدور مذكرة الاعتقال.. غالانت يتوجه لواشنطن ويلت
...
-
فيتسو: الغرب يريد إضعاف روسيا وهذا لا يمكن تحقيقه
-
-حزب الله- وتدمير الدبابات الإسرائيلية.. هل يتكرر سيناريو -م
...
-
-الروس يستمرون في الانتصار-.. خبير بريطاني يعلق على الوضع في
...
-
-حزب الله- ينفذ أكبر عدد من العمليات ضد إسرائيل في يوم واحد
...
-
اندلاع حريق بمحرك طائرة ركاب روسية أثناء هبوطها في مطار أنطا
...
-
روسيا للغرب.. ضربة صاروخ -أوريشنيك- ستكون بالغة
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|