|
اجتياح ومقاومة.. الآن إلى أين؟
نايف حواتمة
الحوار المتمدن-العدد: 122 - 2002 / 5 / 6 - 19:29
المحور:
القضية الفلسطينية
May 5, 2002 تحاول الإدارة الأميركية خلق مربعات مشتركة بين مشروع شارون ومشروع بوش الابن وكولن باول، وبين مبادرة السلام العربية مع أنه لا جامع بينهم جميعاً سوى الإصرار الأميركي على جر المبادرة العربية إلى نقطة التقاطع مع المشاريع التصفوية ندعو لفتح الحدود العربية ولا نقول «الجبهات العربية». ونقول: دعوا الجيوش تحمي حدودها وأراضيها وأعطوا المقاومين حقهم في إسناد الانتفاضة والعمل على تشتيت قوات شارون كان يجب ألا تمر صفقة تسليم الأخوة الستة مقابل فك الحصار عن «المقاطعة» لأن ذلك يضع الأخ عرفات تحت التجريب والاختبار نحن مطالبون فلسطينياً وعربياً بالتصحيح من أجل إعادة بناء المعادلة العربية الفلسطينية على قواعدها السياسية المعافاة مقابل المعادلة الأميركية الإسرائيلية الشارونية. ? شعبنا الآن انتشر عالياً محلقاً على أرض وسماء فلسطين.. أرواح شهدائنا تظللنا الآن أينما كنا، نحن أبناء شعب فلسطين، أبناء الأمة العربية من المحيط إلى المحيط. تظللنا جميعاً، أبناء قوى التحرر والتقدم والديمقراطية والسلام في العالم. مخيم جنين، البطولة والشهادة. بيت لحم كنيسة المهد..الصمود والمقاومة. نابلس جبل النار، هذه الشوامخ الثلاث، حجر الأساس في درع دولة فلسطين المستقلة التي نناضل لتكون سيادية، ديمقراطية، تعددية، تنتج الانتصارات. لا أن تكون ديكتاتورية شمولية،تنتج الهزائم، فقد سالت دماء شعبنا، فلسطينيين وعرباً بيد الأنظمة الشمولية الديكتاتورية التي تحجب عن شعبنا وشعوب أمتنا العربية الطريق إلى فلسطين. بهذه الشوامخ الثلاث اصطدم العدو. اصطدم بكنيسة اللـه، كنيسة الخلاص، من أجل خلاص شعبنا من الاستيطان والاحتلال. اصطدم بجبل النار وكنا نتمنى أن يصطدم بخط الدفاع الأول في رام اللـه. ويصطدم بخط الدفاع الثاني في بيتونيا. وأن نتعلم من دروس غزو لبنان عام 1982، بأن لا نمكن العدو من خط الدفاع الأول إلا على أجسادنا وشهادة شهدائنا وأن لا نمكن العدو من خط الدفاع الثاني إلا بصراع دام يمنعه من التقدم من جديد بالغزو الشامل لاجتياح مخيم جنين وباقي أراضي الضفة الفلسطينية. لكن، وقع الذي وقع. والآن، رائحة الذي وقع في رام اللـه وبيتونيا بات معلوماً عبـر تراشق أهل السلطة على الشاشات الصغيرة. من جديد نكرر أخطاء وقعت معنا في غزو لبنان عام 1982 عندما اعتقد بعضنا من الصف الفلسطيني اللبناني والعربي بأن عمق هذا الغزو نحو 40 كم، وعليه كان التوجيه لدى بعضنا أن ينحنوا للعاصفة فهي تمر بعمق 45 كم، وبعدها، تعود الناس إلى خط الدفاع الأول وخط الدفاع الثاني. مرة أخرى لا نتعلم الدرس جميعاً معاً، منا من تعلم، ومنا ما زال يتعلم، ومنا من لم يتعلم. وعليه، وقع ما وقع في رام اللـه التي تحمل من السلاح ما يفوق أضعاف ما يحمل مخيم جنين، ووقع ما وقع في بيتونيا من عملية تسلم وتسليم على يد قادة الأمن الوقائي حيث حصد العدو كل ما حصد من سلاح مكدس ومن آليات مكدسة كلفت عشرات وعشرات الملايين من الدولارات. كل هذا والأمل يحدونا بأن نتعلم مرة واحدة وإلى الأبد معاً الدرس الواحد بأن نتوحد فعلاً بمعالجة أخطائنا حتى لا يتكرر بعد عشرين عاماً ما وقع قبل عشرين عاماً أثناء الغزو الشامل لجنوب لبنان. توحدنا عندما أصبحنا في الحصار وفي القتال في بيروت. توحدنا فلسطينياً، لبنانياً، سورياً في القتال خلال الحصار في بيروت. بينما التوحد كان ليحمي بيروت لو وقع على خط الدفاع الأول وخط الدفاع الثاني في جنوب لبنان عام 1982. الآن، لنتجاوز أخطاءنا وباتجاه تعزيز هذا الصمود الأسطوري العظيم الذي حلق بشهدائنا في أعالي السماء الفلسطينية والعربية والعالمية.. من الشهداء إلى الشهداء. منكم أنتم ومن بينكم، أنتم الشعب اللاجئ الذي بنى منظمة التحرير الفلسطينية، الذي بنى ونهض بالمقاومة الفلسطينية على امتداد ثلاثين عاماً إلى أن اندلعت الانتفاضة الفلسطينية على أرض فلسطين في زواريب وأزقة بلدنا، بحجارة بلدنا المقدسة ضد المستوطنين والمحتلين وضد الإمبـرياليين والمستعمرين. من الشهداء إلى الشهداء في الوطن. لكم ومنكم إلى الوطن. من مشاريع الشهداء عندكم وفي الوطن يتعانق الشهداء على الدرب العظيم، درب الصمود والثورة والمقاومة من أجل وعلى درب العودة وتقرير المصير ودولة فلسطين السيادية المستقلة. أنتم ومن بينكم بنيتم وحدة الشعب تثبيتاً وتكريساً للشعب الواحد. فنحن شعب واحد مشتت بين أرض الوطن وأقطار اللجوء وبلدان الشتات وعلى امتداد العشرات من الأعوام لم نتوحد شعباً موحداً إلى أن نهضت منظمة التحرير والثورة الفلسطينية المعاصرة وتبلورت في بـرنامج سياسي موحَد وموحِد للشعب الفلسطيني. فانتقلنا من موقع الشعب الواحد إلى واقع الشعب الموحد بالبـرنامج السياسي الموحد، بـرنامج حق أبناء شعبنا في أراضي الـ48 بتقرير المصير بتنمية الهوية الوطنية القومية جزءاً لا يتجزأ من شعب فلسطين ومن أمتنا العربية والصراع من أجل المساواة في المواطنية دون تمييز بينما التمييز قائم على امتداد خمسين عاماً لصالح العنصرية الإسرائيلية اليهودية الصهيونية ضد أبناء شعبنا في أرض عام الـ48. وحق الدولة المستقلة لشعبنا على أرض عام الـ1967 دولة لكل الشعب الفلسطيني كما نادى بيان الاستقلال عام 1988 وحق شعب الشتات باني منظمة التحرير والثورة الفلسطينية المعاصرة بالعودة إلى ديار الوطن. هكذا، انتقلنا من موقع الشعب الواحد إلى موقع الشعب الموحد تحت سقف بـرنامج سياسي يوحد الشعب كله، وجمع بين الداخل والداخل على قاعدة تقرير المصير والدولة المستقلة، وبين الداخل والخارج على قاعدة تقرير المصير والعودة والدولة المستقلة. اليوم، لا زلنا نعاني، جامعين بين النهوض والأسطورة وبين عديد الانقسامات في الصف الفلسطيني فضلاً عن عمق الانقسامات في الصف العربي. جامعين بين هذا وهذا، على قاعدة النضال من أجل استعادة مواقع شعب واحد لشعب موحد، فقد جاءت أوسلو بتداعياتها وتنازلاتها لتؤشر على غياب البـرنامج السياسي الموحد للشعب في الوطن واللجوء والشتات لتزرع الانقسامات الرهيبة في الصف الوطني، في صف الثورة والانتفاضة والمقاومة. الآن، جاءت الانتفاضة الجديدة لتؤكد من جديد إصرار الشعب، كل الشعب، بكل بقطاعاته وطبقاته وتياراته وكل ألوان طيفه من أيديولوجيا وسياسة وخطط وممارسات، جاءت الانتفاضة لتؤشر أنه علينا أن نسارع الخطى للانتقال من جديد من الشعب الواحد إلى الشعب الموحد حتى نضمن النصر القادم الأكيد. نصر العودة وتقرير المصير ودولة فلسطين المستقلة بحدود 4 حزيران (يونيو) عام 1967 عاصمتها القدس العربية. جاءت الانتفاضة الجديدة لتؤشر على الجميع وللجميع، بأن علينا أن نستخلص الدروس. ليس فقط مما وقع معنا في رام اللـه وبيتونيا فقط، ربطاً بما وقع على خط الدفاع الأول والثاني خلال الغزو الشامل للبنان، بل ربطاً بما وقع في أوسلو، فالانتفاضة الجديدة جاءت لتقول لأوسلو أن هذه التداعيات لا تفتح على تقرير المصير والدولة المستقلة والعودة إلى ديار الوطن، وطن الآباء والأجداد، جاءت لتعلن أن قطاعات الشعب الفلسطيني، بكل طبقاته وتياراته بعد عشر سنوات كاملة عجفاء من الجهد الجهيد لهذا الشعب إلى أن أعلنت قطاعات الشعب بدء النهوض من جديد من تحت رماد أوسلو وباتجاه التوحد على طريق العودة وتقرير المصير والدولة المستقلة. الآن، بعد عشرين شهراً من الانتفاضة والمقاومة، بديلاً من عشر سنوات عجفاء بعشرية أوسلو، الدرب إلى أين؟ هذا درب يجمع من جديد بين النضال والأسطورة. نحن رواد تغليب النضال على الأسطورة لأننا لسنا رواد شعب يناضل عشريات وراء عشريات، شعب على مدى القرن العشرين صامد في النضال من أجل حقه بدياره الوطنية، حقه في الاستقلال والحرية كما نداءات الانتفاضة على امتداد العشرين شهراً من الصراع مع المحتلين والمستوطنين وحماتهم وراء الأطلسي. الآن، نحن لسنا رواد أن نمضي عشريات طوال من السنين وراء مئات من السنين، بل نحن رواد اختزال الزمن وتكثيفه وتحويله إلى زمن يتم مطه على استقامته لا زمناً دائرياً كما نعيش في الحياة العربية على امتداد أكثر من ألف عام من الاستبداد والديكتاتورية. نطوي ذاك الزمن بزمن جديد يقوم على الديمقراطية والبـرنامج المشترك وصولاً لوحدة الشعب. الآن الحالة تتصارع بين مشروع شارون في العودة إلى سياسة الخطوة خطوة. وقد قلنا مراراً للذين يقولون بأن شارون لا يمتلك بـرنامجاً سياسياً وأنه رجل القتل والتدمير.. نقول أنه رجل القتل والتدمير في خدمة البـرنامج السياسي الشاروني القائم على سياسة الخطوة خطوة وعلى كسب الزمن من أجل توسيع الاستيطان وباتجاه إسرائيل الكبـرى من البحر إلى النهر في جوفها «دولة» فلسطينية، «كيان فلسطيني»، «إمبـراطورية» ولتكن تحت أي عنوان لكنها مطوقة كجزر منفصلة عن بعضها بعضاً بالاستيطان وقوات الاحتلال، ويطرح شارون الآن استعداده للإقرار والاعتراف بدولة فلسطينية تقوم على 42 في المئة من أرض فلسطين المحتلة عام 1967، واستعداده لخطوة جديدة طويلة الأمد من 5 ـ 10 سنوات يتم خلالها إعادة انتشار قوات الاحتلال من على نسبة تتراوح من 1 ـ 6% لتجمع فيما بعد 5 ـ 10 سنوات 48% من مساحة الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 بينما يتواصل تكثيف وتهويد القدس والاستيطان في الضفة الفلسطينية نحو إسرائيل الكبـرى وتأجيل المؤجل،القدس، اللاجئون، الحدود، الاستيطان، إلى ما بعد الفترة الانتقالية الطويلة الأمد وحينذاك ماذا يبقى من القدس، من الأرض، ومن حقوق الشعب؟ فالاستيطان يتمدد والقدس تتهود. المشروع الشاروني الآن يخضع لمحاولات أميركية لإيجاد عملية تزاوج بين مشروع شارون وبين رؤية باول وقبلها رؤية بوش القائمة على دولتين، دولة فلسطين ودولة إسرائيل على أرض فلسطين التاريخية من غير تحديد مصائر القدس والحدود واللاجئين والاستيطان. وتحاول الإدارة الأميركية إتمام عملية التزاوج بإيجاد مربعات مشتركة بين مشروع شارون ومشروع بوتس وباول وبين مبادرة السلام العربية مع أنه لا جامع يجمع بين هذا وهذا، باستثناء الإدارة الأميركية الداعمة لوجود مربع مشترك للجموح والاجتياح الجنوني الشاروني التوسعي بأمل جر مبادرة السلام العربية إلى نقاط تقاطع بينما هي تتناقض بالكامل مع مشروع شارون، وتدعو إلى انسحاب العدو من القدس العربية ومن جميع الأراضي المحتلة جميعها حتى حدود 4 حزيران (يونيو) عام 1967 وإلى حل مشكلة اللاجئين وأضافت بما يتفق عليه وفق القرار 194 بعدها تبدأ الالتزامات الرسمية العربية. مشروع باول وقبله مشروع شارون يقلب المعادلة رأساً على عقب، أي بإيقاف المبادرة العربية على رأسها والقفز إلى عمليات التطبيع مع العدو الإسرائيلي الصهيوني مقابل وعود معلقة في الهواء مكن غير جداول زمنية حتى لهذه الوعود. وعليه يقترح شارون المؤتمر الإقليمي المتشكل من إسرائيل والأردن ومصر والسعودية والمغرب بـرئاسة أميركية حتى يبقى الانفراد الأميركي بإدارة كلها عملية الصراع العربي ـ والفلسطيني ـ الإسرائيلي. مرة أخرى، فلسطينيين وعرباً، علينا أن نتعلم درساً موحداً من التجربة فقد جرب العرب الانفراد الأميركي بفك الاشتباك على الجبهتين المصرية والسورية عام 1974 ولم يأت ولن يأتي السلام الشامل المتوازن على يد الهيمنة الأميركية. فحسابات واشنطن، حسابات استراتيجية لمجموع الشرق الأوسط والبلدان العربية تقوم على الهيمنة من منابع النفط حتى مصباته لعشريات قادمة من السنين وهي تحتاج لإسرائيل المدججة بالسلاح التقليدي وغير التقليدي بهدف مد اليد الطويلة بمربعات مشتركة مع الهيمنة الأميركية لتحقيق الاستراتيجية العليا لواشنطن. علينا ألا نقع في هذا الخطأ 25 عاماً مرة أخرى بانتظار السلام الشامل المتوازن، سلام الشرعية الدولية الذي لن يأتي على يد الانفراد الأميركي. نحن الفلسطينيون، مع الأسف، لم نتعلم الدرس الذي سبقنا فيتكرر لأننا لا نتعلم معاً كتفاً إلى كتف وتم إعادة إنتاج عملية فك الاشتباك على الجبهتين المصرية والسورية بإدارة أميركية بعملية أوسلو وسياسة الخطوة خطوة، 12 عاماً على هذه السياسة، عشرة أعوام عجفاء على سياسة أوسلو في الخطوة خطوة. كانت النتيجة أنه لم يأت من الانفراد الأميركي السلام الشامل، سلام الشرعية الدولية على الجبهة الفلسطينية الإسرائيلية، بل كانت النتيجة انتفاضة الشعب الفلسطيني بكل طبقاته وتياراته وقواه وفصائله ليقول لا للعودة لسياسة الخطوة خطوة، وعلينا أن نتجاوز هذا ونقول للعواصم العربية خذوا خطوات ملموسة إلى الأمام على طريق كسر الزمن العربي الدائري بما يمكن من مطه على استقامته إلى أمام بقطع العلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية مع العدو الذي يجتاح بلادنا. الحالة الآن تتطلب قطع العلاقات وفتح الحدود العربية أمام القوات الفدائية الفلسطينية ومن يجاورها من عناصر فدائية تلتحق بالثورة وتنضم لها وراياتها مرفوعة في السماء غداً في فلسطين المستقلة.حيث سيرتفع عالياً النصب الأعظم تمجيداً لكل القوات الفدائية الفلسطينية والعربية والأممية التي قاتلت في صفوفنا لكل الجنود والضباط العرب الذين قدموا بحورا ً من الدماء في فلسطين وعلى الطريق إلى فلسطين، لكل المناضلين العرب الذين قاتلوا على الطريق إلى فلسطين وفي فلسطين. الآن، مطلوب فتح الحدود العربية ولا نقول فتح الجبهات العربية حتى لا يأتينا من يقول «عليكم بوضع أمانة لمدى زمني غير محدود يقارب المئة مليار دولار لتغطية ضرورات الحرب» ولذلك لا نقول بفتح الجبهات العربية لا نقول بفتح جبهات مصر وسوريا والأردن ولبنان، بل نقول بأن هذه الجيوش تحمي أراضيها الوطنية الحرة التي بأيديها. بفتح الحدود، نشتت قوات شارون بدلاً من أن تتركز على جسد الانتفاضة والمقاومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما يرتب على هذا من حرب استنزاف تطول، وما يتولد عنها من نزيف مالي واقتصادي وأخلاقي ومعنوي وسياسي يهز الرأي العام داخل إسرائيل كما حصل أثناء غزو لبنان عام 1982 بتظاهرة الـ 400 ألف في تل أبيب (12% من السكان) رافعة شعار أخرجوا من لبنان لأن المقاومة في بيروت والجبل والجنوب قد اشتعلت ولأن الوعي عاد إلى حالة الجماهير العربية من موقع المساندة للمقاتلين والمناضلين من أجل إنهاء الغزو. نقول من جديد، نشتت قوات العدو حتى يضطر إلى وضعها كلها بالخدمة بدلاً من الاحتفاظ بالكثير منها في المعسكرات والقواعد من أجل توجيه ضربات موجعة في العمق اللبناني والعمق السوري كما يهدد شارون، وكما كان إنذار باول إلى كل من لبنان وسوريا، ولذا لا ندعو إلى فتح الجبهات بالجيوش العربية. فنحن لسنا مغامرين ولسنا مقامرين. نتحمل مسؤولينا الوطنية والقومية بحساسية مرهفة جداً. لسنا مغامرين في الحالة الفلسطينية ولسنا مغامرين في الحالة العربية. وعليه في الحالة الفلسطينية دعونا باكراًمنذ خطايا أوسلو، لتدارك وتجاوز الأخطاء والانقسامات من أجل أن نعيد لشعبنا الواحد شعباً موحداً تحت راية بـرنامج سياسي موحد بمرجعية وطنية ائتلافية موحدة، منظمة التحرير الفلسطينية الائتلافية. ومن اجل تجاوز الأخطاء في الانتفاضة والمقاومة دعونا إلى ترشيد هذا وهذا، من أجل تعرية سياسة شارون وحكومة شارون اليمينية المتطرفة المتحالفة مع حزب العمل ولا نمكنها من أي ورقة توت تتذرع بها من أجل الاجتياحات لمناطقنا المدنية ولمواقعنا المدنية قتلاً وذبحاً وتدميراً. هكذا بعد نداءات عشرين شهراً، يبـرز من جديد ويطرح نفسه نداء التصحيح، والآن الشيخ ياسين يوم 24/4 في محاضرة له بغزة تحت عنوان «استراتيجية الحركة الإسلامية في المقاومة»، دعا إلى «ترشيد العمليات الاستشهادية وأعلن أن سياسة الأخوة في حماس هي حرب عصابات ضد قوات الاحتلال والمستوطنين.» ندعو لكل هذا عملاً بتجارب ودروس كل حركات التحرر الوطني في عصرنا. ويوم 25/4 أعلن سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي من واشنطن أن «العمل ضد المدنيين من الجانبين مرفوض وعلينا أن نتفهم أسباب العمل الفلسطيني حتى نصحح الحالة بوضع الحلول لأسباب هذه العمليات الفلسطينية». من جديد ندعو، على الدول العربية أيضاً، كما علينا النضال والمقاومة، وأن نصحح ما وقعنا به من أخطاء على امتداد العشرية الأخيرة وخلال العشرين شهراً في الانتفاضة والمقاومة الجديدة، كذلك على العواصم العربية أن تصحح سياساتها باتجاه قطع العلاقات مع حكومة شارون وعزله عربياً ودولياً عملاً بقرارات قمة القاهرة (22 أكتوبـر 2000)، فتح الحدود، وخلق معادلة جديدة في العلاقات العربية ـ الدولية مع أميركا وأوروبا وروسيا والصين، بلدان العالم، كتلة المصالح الكبـرى العربية الاقتصادية والنفطية والمالية والتجارية تتحدد مع هذه الكتلة أو تلك على ضوء مواقف هذه الكتلة أو تلك من قضايا الصراع العربي ـ الإسرائيلي بما فيه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ومن سلام الشرعية الدولية ومن احترام قراراتها ووضع الآليات العملية التنفيذية لتنفيذها. فالعراق يدمر مراراً تحت عنوان «النقص في تنفيذ العراق لقرارات الشرعية الدولية بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة» بينما يجري حماية عدوان حكومات إسرائيل على قرارات الشرعية الدولية منذ العام 1947 حتى يومنا بدون أي إجراءات عقابية. العراق يدمر لأنه لم ينفذ بالكامل قرارات الشرعية الدولية وتحمى إسرائيل التي تتنكر بالكامل لهذه القرارات طيلة أكثر من نصف قرن. هكذا نتمكن من توليد معادلة على جانبينا الفلسطيني والعربي مقابل المعادلة الإسرائيلية الشارونية ـ الأميركية وعليه يمكن أن يتحدد المسار القريب جداً القادم علينا فالآن بدأ الصراع السياسي السافر والمكشوف إلى أين؟. يقترح شارون الآن استكمال ما بدأ من عدوانه الشامل باتنزاع كوادر المقاومة من كنيسة المهد، كنيسة الصمود والمقاومة. لا..لا تسلموا أحداً للعدو أبداً. يريد شارون كسر إرادة كنيسة المهد، وأن يتسلم ويحاكم المتهمين بقتل زئيفي العنصري الصهيوني ويريد أن تحل مشكلة كنيسة المهد و«المقاطعة» أيضاً بتسليم قائمة من العناصر المطلوبة من أجل أن يثبت قاعدة أن مطالب إسرائيل القادمة يجب أن تؤخذ مأخذ الممارسة وعليه أيضاً يطرح شارون على الأخ أبو عمار، نحن جاهزون لفك الحصار عنك وأن تغادر إلى غزة، وفي غزة تحارب «الإرهاب» وبعدها إن ثبت النجاح في هذه المهمة تفتح أمامك من جديد الضفة الفلسطينية وعملية الدخول والخروج من غزة والضفة الفلسطينية إلى العالم الأوسع. كل هذا يجب ألا يمر، وفعلاً دعوت الأخ أبو عمار وأدعوه من جديد بألا يسمح لكل هذا أن يمر، وأن يرفض الانتقال إلى غزة تحت التجريب والاختبار، وأن يصمد حيث الحصار على الشعب كله، على كل الوطن، وما يجب أن يحصل هو أن يرفع هذا الحصار ويخرج العدو إلى خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة بعدوان 1967 عملاً بالقرارات الأممية 242، 338، ويعود الشعب اللاجئ إلى دياره عملا بالقرار 194 وأن تبنى دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية. هذه هي عناوين مبادرة السلام العربية، وحتى تأخذ المعادلة العربية ـ الفلسطينية ـ الإسرائيلية مجراها الصحيح من جديد يتطلب منا نحن الفلسطينيين أن نصحح أخطاءنا السياسية،في الانتفاضة والمقاومة، ومحاسبة الذين خذلوا شعبهم وجنودهم في رام اللـه وبيتونيا، وعلينا عرباً أن نضغط على عواصمنا حتى تصحيح الحالة العربية العربية لتأتلف فعلاً وتتوحد على قاعدة قرارات القمم العربية في القاهرة وعمان وبيروت. وتتوحد فعلاً على الجدولة الواردة في مبادرة السلام العربية وهذه الجدولة تستدعي بالضرورة حشد الطاقات العربية إلى جانب الخيار الاستراتيجي للسلام، بإعداد القوة التي تمكن من سلام الأقوياء كما قال الرئيس بشار الأسد والتي تمكن من استخلاص دروس التجربة اللبنانية كما قال الرئيس إميل لحود والتي تمكن من قطع كل الاتصالات مع حكومة شارون كما قال الأمير عبد اللـه بن عبد العزيز والتي تمكن من إسناد الانتفاضة والمقاومة بالمال والطاقات المادية والجماهيرية السياسية وفتح الحدود العربية كما قال الرئيس اليمني علي عبد اللـه صالح. هكذا نادوا في قمم القاهرة وعمان وبيروت. والآن وقت ربط الأقوال بالأفعال والآليات العملية حتى نكسر الزمن الدائري العربي المرير الكئيب. إذن نحن فلسطينياً مطالبون بالتصحيح، والعرب دولاً مطالبون بالتصحيح وحتى نتمكن من أن تفتح الأبواب لابد من قرعها يومياً وبصخب على يد جماهير أمتنا العربية الباسلة التي انطلقت من المحيط إلى المحيط تطرح ما يجب أن يطرح على كل عاصمة عربية من اجل إعادة بناء المعادلة العربية الفلسطينية على قواعدها السليمة المعافاة مقابل المعادلة الشارونية الأميركية. هكذا يتم إسناد الانتفاضة والمقاومة فلسطينياً وعربياً ودولياً كما وقع في جنوب لبنان عند توقيع تفاهم نيسان عام 1996 الذي شكل البوابة لحشر العدو في جنوب لبنان على طريق الرحيل دون أن يتمكن من ضرب المدنيين اللبنانيين ولا في عمق البنية التحتية للبنان وفي الوقت نفسه يتمكن حزب اللـه والمقاومين الوطنيين كلهم من مواجهة ضباط وجنود العدو في جنوب لبنان وإذا اعتدى على المدنيين فالرد عليه بالمدنيين. هذا هو السبيل للتصحيح لنتمكن فعلاً من فتح الطريق لسلام الشرعية الدولية. نحن الفلسطينيين طينتنا عربية، ما في الحالة العربية من ايجابيات وما فيها من معضلات نحن أيضاً لدينا منها في الحالة الفلسطينية فـ«هذه العجينة من هذه الطينة».ولذلك علينا أن نصحح أوضاعنا الفلسطينية والعربية بمسار يمكننا من استثمار الحالة الدولية المتنامية من عالم أحادي القطب إلى عالم يتنامى في الاتجاه نحو التعددية القطبية، يمكننا من إعادة صياغة الآلية الدولية من الانفراد الأميركي إلى آلية دولية تعددية تقوم على مؤتمر دولي بمشاركة الاتحاد الأوروبي، الأمم المتحدة، روسيا، الصين، بجانب الولايات المتحدة الأميركية بينما يدعو شارون إلى تأبيد الانفراد الأميريكي بالمؤتمر الإقليمي ويدعو إلى تدمير مبادرة السلام العربية لشق العرب دولاً وشعوباً وزرع الانقسام في الصف الحاكم العربي على قاعدة مؤتمر إقليمي تحضره أربع دول عربية بجانب إسرائيل والفلسطينيين بينما لا تحضره سوريا ولا لبنان ولا الدول العربية الأخرى، وهذا يجب ألا يمر، وعليه وعلى قاعدة عملية التصحيح التي نناضل من أجلها، وبما يضمن تأمين حق العرب في استعادة أراضيهم المحتلة وحق شعبنا بدولة سيدة وسيادية نناضل أن تكون ديمقراطية تعددية، وحق شعبنا في أرض الـ 48 في الدفاع عن هويته القومية وبالصراع من أجل المساواة في المواطنية داخل الدولة العبـرية، حق الشعب اللاجئ بالعودة إلى ديار الوطن. على هذه الدروب نواصل معاً. على هذه الدروب نستشهد معاً. فمن الشهداء إلى الشهداء داخل وخارج،من مشاريع الشهداء إلى مشاريع الشهداء حيث الشعب في الوطن وفي أقطار اللجوء والشتات نصون ونصحح الوحدة، نغلق مسلسل التراجعات، نندفع معاً نحو النصر القادم الأكيد. * كلمة افتتاح المؤتمر الاقليمي الثاني عشر للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ـ سورية
#نايف_حواتمة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جولات زيني: بين توسعية شارون والخلل الذاتي الفلسطيني والعربي
-
الشـــرق الأوســـط وزلـــزال القنــابل الطــائـرة
المزيد.....
-
بوتين يكشف عن معلومات جديدة بخصوص الصاروخ -أوريشنيك-
-
هجوم روسي على سومي يسفر عن مقتل شخصين وإصابة 12 آخرين
-
طالب نرويجي خلف القضبان بتهمة التجسس على أمريكا لصالح روسيا
...
-
-حزب الله-: اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة والصاروخية مع ال
...
-
لبنان.. مقتل مدير مستشفى -دار الأمل- الجامعي وعدد من الأشخاص
...
-
بعد 4 أشهر من الفضيحة.. وزيرة الخارجية الألمانية تعلن طلاقها
...
-
مدفيديف حول استخدام الأسلحة النووية: لا يوجد أشخاص مجانين في
...
-
-نيويورك تايمز- عن مسؤولين: شروط وقف إطلاق النار المقترح بين
...
-
بايدن وماكرون يبحثان جهود وقف إطلاق النار في لبنان
-
الكويت.. الداخلية تنفي شائعات بشأن الجنسية
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|