|
كيف خسرتَ الوردة ، كيف ربحتِ العاشقَ ؟
عبد العظيم فنجان
الحوار المتمدن-العدد: 2229 - 2008 / 3 / 23 - 04:19
المحور:
الادب والفن
لكِ ، في غروبكِ الأخير ..
مازحفتَ ، على الجمرِ ، نحو يديكَ . ما تجوّلتَ في مجاهل الروح ، ولم تخرَّ صعقا أمام شحوبها الفاتن . ما مشيتَ تحت رذاذ خواطر الافلاس ، لتناجيكّ اغنية . ما تسربلتَ بثوب العراء ، ما طاردتَ الاشباحَ من حجرة الكلمات ، الى صالة المعنى . ماقطعتَ الليلَ باحثا عن الظلام . ما نشرتَ على سياج الغيمة ، ثيابَ المطر . ما فصـّلتَ من هواجسكَ شكلَ الروح . وما حفرتَ قيعانكَ ، بحثا عن صميم العناصر .
اخرجْ من حياتي : اخرجْ اخرجْ ، اخرجْ من حياتي : تنهداتي ترتـّب سرير الترنيمة ، وأنفاسكَ تلوّث الذكريات ..
طلبتَ رمحا ، فأعطيتكَ غصنا . طلبتَ غصنا فاعطيتكَ وردة . طلبت َ وردة فاعطيتكَ عطرا . طلبت عطرا فاعطيتكَ نفسي ، لكنكَ أكلتَ انسانكَ الداخلي ، فصلّـيتُ من أجل أن لا تأكلها ، عندما يضربكَ الجوعَ ثانية :
هي امراة مغسولة بتنهدات الدر ، وحسرات الطفولة : منحوتة كتمثال ، في باب كل قصيدة ، ومرسومة على الجهة الخامسة . هي أشد نصاعة مما في المياه من مرجان ، وأكثر تحليقا في سماء السهاد من أي كوكب . متجاوزا طبيعتك حاولتَ ، ورائها ، أن تحلـّق : لا الشمس ، لا الريح ، لا المطر ، لا الشمع ، لا .. كان خيط التجاوز قصيرا ، فما حلـّقـتَ أبعد .
تخلـّفتَ عن القطاف ، فليس لكَ وردة : لا وردة ولا أنيس . ومن القطاف لك السلـة الخالية ، فلا تدعي أتكَ كنتَ البحر، ولن ادعي اني كنتُ الموجة . لمـّا كنتَ البحرَ خرجتُ ، كما دخلتُ ، يابسا . ولما جاورتَ الضوء كنتُ انا الشمعة .
ماسحبتَ الخيط َ، لتجر اليكَ غيمة . ولا ضربتَ بقدميك أرضَ الخيال ، فتنفجر من مجرة الشعر الف امرأة ، في كل امرأة امرأة ، ولم تزهد بكل ذلك من أجل امرأة اخرى ، منسوجة من خيال الخيال : مرسومة على الهواء ، في باب كل عاصفة ، منحوتة وسط ساحة الريح ، يحج اليها الشعرُ ، ساعة يجد نفسه وقد عاد وحيدا .
اخرجْ اخرجْ من هذه القصيدة ، إنكَ تدوس أرضا يتلعثم من بكارة أرضها الملاكُ : اخرجْ اخرجْ من هذه القصيدة ، ودعني وحيدا : أكتبُ اسمي على حائط أحزانها ، بحرارة مَـن يقف أمام كتيبة اعدام ، ولا يلفت انتباهه للحياة ، إلا مرورها السينمائي : امراة تسير نحو لقائي على شريط الفراق ، وأسلاكـُكَ ، في قلبها ، تعيقها أن تلـوّح ، ولو من بعيد. اخرج من الشريط ، اخرجْ : دعنا نؤدي اللقطة الاخيرة ، قبل أن تشتعل الاضواء ، و يخرج الجمهورُ من الصالة : انكَ تـُربكَ الجمرةَ في عزّ عِراكها مع البرد .
آه ، ماكنتَ ذابلا لتكتبَ باخضرار النبات . ما تسللتَ الى مسام العشب ، وما وقعتَ في صحن امرأة قادمة من أقاصي الينابيع ، حاملة ، في دمائها ، نصاعة الفجر ، وكآبة العناصر : منحوتة كتمثال ، في مطلع كل قلب . مرسومة مثل طوابع البريد ، على رسائل الصبايا ، وهن يدخلن حافيات الى الجمرة .
ماكنتَ عاشقا لتأسرَ بعينيك فراشة . ماغرقتَ في حب امراة رأيتَها في منام : منحوتة من صخر الورد ، كتمثال ينحني لابتسامته كل عاشق . ما طاردتها من منام الى آخر ، ومن بلاد الى بلاد.
ما طُعنتَ بزهرة ، ولا شممتَ عطر الخنجر ، ولم تنزلق على سفوح الغصة ، جارفا ، في انحداركَ ، غبار قبلاتها ، من على صفحة الصخور .
ما كنتَ صادقا لتكتبَ بخلاصة الدمع ، أو وجازة البلور . ماجرحتَ البرق َ، وهو يمرق بين غيميتين : الورقة والكتابة . ما تقاسمتَ كِسرة الجنون مع الشعراء في المقاهي ، ما نسيتَ رأسك المخمورعلى طاولات الحانات ، ما بحثـتَ عن العثور . ومارهنتَ نهرك من أجل موجة .
لم ترسم على زجاج نوافذ الشِعر قلبا تخترقه نبلة ، آه ، ولم تجرؤ ، لو رسمتَ ، أن تكون أنتَ النبلة .
ماكنتَ شاعرا لتبتكراعجوبة القصيدة ، ولا صادقا لتمشي على الماء . اخرجْ اخرجْ من حياتي انكَ تعبد الكتابة ، وأنا أعبدُ ما لا يُكتب أو يقال .
السلام عليكَ ، أيها الشعرُ لقد اعطيتني شمسكَ في يميني ، الا أنكَ قطعتَ شمالي . السلام على مودة من رماد : السلام عليها أيضا ، وعلى إنسانهِا الداخلي ، يوم تبعثه هذي القصيدة ، من جديد .
#عبد_العظيم_فنجان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بورتريه المخلّص
-
أغنية لتحطيم أنف العالم
-
كمشة فراشات
-
اغنية جمعية الشعراء الموتى
-
اغنية عقيل علي
-
ساحر من ألف ليلة وليلة
-
أغنية حب بغدادية ومدينة الاشارة
-
بورتريه الخطر
-
أغنية الليل تحت عدسة مكبرة
-
ثلاث قصائد
-
النافذة
-
قصيدتان
-
اغنية خاتم سليمان
-
كتاب النبؤات
-
أغنية الفراشة
-
الإله يخذل عبد العظيم فنجان
-
اغنية آخر سركون بولص في العالم
-
اغنية الكلب
المزيد.....
-
يشبهونني -بويل سميث-.. ما حقيقة دخول نجم الزمالك المصري عالم
...
-
المسألة الشرقية والغارة على العالم الإسلامي
-
التبرع بالأعضاء ثقافة توثق العطاء في لفتة إنسانية
-
التبرع بالأعضاء ثقافة توثق العطاء في لفتة انسانية
-
دار الكتب والوثائق تستذكر المُلهمة (سماء الأمير) في معرضٍ لل
...
-
قسم الإعلام التطبيقي بكليات التقنية العليا الإماراتية والمدر
...
-
نص من ديوان (ياعادل) تحت الطبع للشاعر( عادل جلال) مصر.
-
إخترنا لك :نص (شكرا لطوق الياسمين )حسن فوزى.مصر.
-
رحيل الممثلة البريطانية ماغي سميث عن 89 عاماً
-
طارق فهمي: كلمة نتنياهو أمام الأمم المتحدة مليئة بالروايات ا
...
المزيد.....
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
-
هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ
/ آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
-
ظروف استثنائية
/ عبد الباقي يوسف
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل
...
/ رانيا سحنون - بسمة زريق
-
البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان
...
/ زوليخة بساعد - هاجر عبدي
-
التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى
/ نسرين بوشناقة - آمنة خناش
المزيد.....
|