|
قتل المدنيين : نموذج بوش للعولمة
فضيلة يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 2228 - 2008 / 3 / 22 - 11:39
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
تخيّل للحظة انك تعيش حياتك اليومية في قرية صغيرة في مكان ما جنوب كاليفورنيا تحاول ان تتخطى الأوقات الصعبة عندما تضربك قذيفة قادمة من طائرة إيرانية بدون طيّار وطيّارها في قاعدة خارج طهران أو من محطة بحرية روسية .هذا دمار. أعلن موظفون في موسكو وطهران أنه في عمل مشترك تم إلقاء القذيفة في عملية للقضاء على إرهابي معروف يهدد أمنهم الوطني وقال الناطق بلسان الكرملين :"مثلما نقول باستمرار سوف نستمر في ملاحقة النشاطات الإرهابية ومن يقومون بها في أي مكان إن لنا نفس الغايات في محاربة الإرهاب وسوف نستمر في ملاحقة الإرهابيين واعتقالهم أو قتلهم عند الضرورة في الأماكن التي يخططون او يعيشون بها . عائلة تعيش في منزل متداع في نفس الشارع الذي تسكن فيه هو نجار وزوجته تعمل في مصنع للألبان قتلا مع أطفالهما وابنهما في حالة الخطر تحوّل منزلها إلى أنقاض وجرح الجيران ايضاً. عندما تم القصف لم يتواجد إرهابيون في المنطقة وقد خرج الأهالي في تظاهرة يهتفون ضد ايران وروسيا ولكنك لا تستطيع فعل شيء فإيران وروسيا بعيدتان وهما أقوى تسليحاً وتعجز ولاية كاليفورنيا عن حمايتك ويحدث هذا للمرة الرابعة على التوالي في الشهور الماضية ويقتل في القصف مدنيون فقط .وعندما تخرج أنباء عن هذا الدمار يصمت الإعلام الإيراني والروسي عن ذلك ويرفض المسئولون في البلدين التعليق على الحادث ولا يتحمل احد المسؤولية ولا وعود بوقف مثل هذه الاغتيالات في المستقبل بناء على معلومات استخبارية وحتى في نفس القرية , وعندما ترى طائرة تحلق في السماء فإنك تقرر مغادرة القرية . الضربات الجوية العنيفة في الصومال : قابل فيليب ديك جورج بوش عندما حصل شيء كهذا في الولايات المتحدة ونحن بالطبع في فيلم رعب علمي خيالي فشعب الولايات المتحدة سيادي ونحن نحرس سماءنا وشواطئنا بيقظة وأي بلد يهددنا بعمل عدواني وليس يضربنا بقذائف سنعتبرذلك إعلان حرب وسوف يعامل بناء على ذلك .وإذا حدث مثل هذا الشيء سوف تشجبه واشنطن وعلى الصفحات الرئيسة عبر البلاد كعمل إرهابي مخالف للقانون الدولي وكجريمة حرب إلا إذا كان هذا بالطبع في بلد حيث السيادة لا معنى لها . وفي الحقيقة فقد حدث هذا على الأقل أربع مرات (آخرها في بداية آذار ) في الصومال الدولة المتهاوية بفعل اجتياح إثيوبي فقد تم ضرب منزل او اثنين في قرية دوبلي بصاروخي توما هوك فيما اسماه ناطق رسمي ضربة مقصودة ضد إرهابي معروف .ويعني هذا انها ضربة ضد صالح الصالح نبهان رجل القاعدة المتهم بتفجير دموي لسفارة الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا عام 1998 .لم يكن صالح في دوبلي رغم المعلومات الاستخبارية الدقيقة .عدد القتلى والمصابين في القرية يختلف من مصدر لآخر أحدها قال ان الجرحى صوماليون والقتلى بقرتين فقط ومعظمها تحدث عن ضحايا من أربعة إلى عشرة من الصوماليين المدنيين احد المسئولين الصوماليين في القرية علي نور اخبر محطة سي ان ان أن ثلاثة نساء وثلاثة أطفال قُتلوا وان عشرين آخرين جُرحوا بينما قال الناطق بلسان الجيش الأمريكي الرسمي ان الولايات المتحدة ما زالت تجمع البيانات عن الضربة ولا تستطيع الحديث عن أية ضحايا وأن الضربة مقصودة وان قواتنا تحاول عدم المس بالمدنيين . والقتلى الصوماليين بدون أسماء وفي قصص كتلك فإن القتلى مجهولين ولم ينتبه احد لمظاهرات القرية ضد الولايات المتحدة .وفي عالمنا فإن اخباراً صغيرة مثل هذه في حرب الرئيس على الإرهاب لا يهتم بها احد. وفي مقابلة رتبها البنتاجون مع وزير الدفاع روبرت جيتس وقائد القوات المشتركة بعد عودتهم من زيارة العراق وافغانستان وباكستان تم مقاطعة العديد من الأسئلة : سيد جيتس ضربة الصومال قبل يومين ...... هل القذيفة التي أُطلقت ....... هل تم إصابة الهدف ........وهل كان الهدف صالح النبهان ؟ هل هناك تقارير من الميدان ولقائد القوات المشتركة ما هي الرسالة التي أعطيتها للرئيس مشرف ؟ لماذا قابلته ؟وقد استجاب جيتس للجزء من السؤال المتعلق بالصومال بست كلمات : نحن لم نتحدث عن العمليات العسكرية وكان عليه ان يضيف : إلا إذا كانت ناجحة.هذا ما يستحقه هذا الحادث المدمر في مثل هذه الحرب العالمية على الإرهاب واختفى جيتس والقائد فهناك أشياء أكثر أهمية من مثل هذه العملية الفاشلة . الضربات القاتلة – سياسة عالمية – تظهر الضربة الموجهة للقرية الصومالية كضربة جانبية ولكنها ليست الحقيقة فكّر في هذه الضربة وعدة ضربات مشابهة حول العالم خلال السنوات الماضية كانعكاسات لتاريخ عولمة جورج بوش منذ ايلول 2001 والمبدأ الأساسي في هذه الحرب العالمية على الإرهاب هي محو الحدود الدولية وجميع الاتفاقات الدولية حول الحروب تتماهى مع ذلك .وعبر العالم الإسلامي بشكل خاص فإن الحدود ليست مشكلة حيث لا تمنع أي سيادة رئيس أمريكي من مطاردة أي شيء يعتبره شخصياً هدفاً . الاغتيالات من الجو أصبحت تكتيكاً في الحروب كتب ديفيد كيس في مجلة ماذر جونز في بداية 2006 الطائرات والسفن المفترسة هي المفضلة في مثل هذه الضربات وهي تضرب اهدافاً إرهابية عبر العالم وحسب ادعاءات إدارة بوش لا يوجد مكان آمن للإرهابيين في الكون ولا للدول التي تؤويهم ومنذ احداث ايلول 2001 هناك 60 دولة وُضعت كأهداف.وتعاليم بوش فيما يسميه ( البقاء في حالة هجوم )التي تم دمجها مع عقدين من التقدم في الحرب الجوية ويشمل ذلك تطوير القنابل الذكية والقنابل الموجهة وأشباهها أنتجت عولمة قاتلة مكونة من الاغتيالات والتدمير .لا تعرف الحدود والسيادة في الكون وستبقى معنا طويلاً بعد مغادرة جورج بوش. وبالطبع فإن القتلى الصوماليين المجهولين الذين قُتلوا وجُرحوا سيتم نسيانهم بسرعة مثل نسيان قتل الحشرات ولا تجبن بالحديث عن عشرات المدنيين العراقيين الذين قتلوا في 50 من مثل هذه الضربات الذكية الموجهة ضد المسئولين الكبار مساعدي صدام حسين في آذار 2003 ( وبالمناسبة لم يؤذ مسئول واحد فيها ) كذلك الضربة التي وجهت لشركة أفغانية عام 2001 وقتلت 20 شخصا مدنياً والذين تم تشخيصهم بالخطأ كمجموعة من الطالبان والعرس الذي قتل فيه 30 شخصاً في افغانستان عام 2002 ولم يقدم اعتذار ولا العرس في غرب العراق قرب الحدود السورية عام 2004 وقتل فيه 40 مدنياً منهم 27 من عائلة ممتدة واحدة و14 طفلاً وقد تم تشخيصهم بالخطأ كإرهابيين : قال الجنراال الأمريكي جيمس ماثس للتوضيح كم شخصاً يذهب في عمق الصحراء ليحضر عرساً ؟وهذه حالات قليلة من الحالات التي قُتل فيها المدنيون بالقنابل الذكية في افغانستان والحدود الباكستانية وفي كل مكان والتي لم يتم الاحتجاج عليها هنا وبعد كل هذا فإن الدمار سيستمر طالما تبقي عينيك مغمضة وهناك قنابل ذكية بوزن 2000 باوند وأنت تركز على الجائزة. الحق في قتل المدنيين لنتذكر التسعينيات عندما تألقت نظرية العالم الاقتصادي بلا حدود وبعد ايلول 2001 اعلنت ادارة بوش بافتخار اننا في عالم مظلم بلا حدود- الا عندما نصل بلادنا- في هذا العالم الجديد اذا علمنا او لا اذا اهتممنا اولا نوافق كبار مسئولينا خاصة العسكريين ورجال المخابرات والقضاة والمدعين وهيئة المحلفين والجلادين ونكتب عن مثل هذه الحوادث بأضيق الحدود ومثلما يريدون هذا نوع من القوة تريده الأديان التوحيدية لله وهذه الممالك عادة تترك للقادة الديكتاتوريين .ومجالنا الآن معظم الكون نغتال الأفراد بالقنابل الذكية الجراحية والتي تقتل جماعيا دون تمييز.ولا يزال حدود لهذا النوع من الأفعال وهذه الحدود التي لا يتم الحديث عنها عنصرية.فادارة بوش تقوم بهذه الضربات في دول تفترض أن قيمة الإنسان اقل منا . لم تتم مثل هذه الضربات في لندن وموسكو وهامبورج والصين ولكن يتم إعطاء الزخم لمثل هذه العولمة فمن يدري متى ستتم هذه الضربات في تلك المدن – تقوم الاستخبارات الامريكية باختطاف من تشتبه بهم في شوارع المدن الاوروبية الان – وفي بلادنا ما زلنا نظريا نجّل سيادة الفرد وحقه في الحياة الحرية والسعادة ولكن رغم اجندة بوش للحرية فالسيادة والحرية والسعادة ليست للآخرين فردياً وجماعياً فنحن نفكر في السنوات الأخيرة أنّ حريتنا وأمننا هي الحرية الوحيدة الأمن الوحيد. ولا تفكروا للحظة انه عندما يكون ماكين, اوباما او كلينتون في البيت الأبيض ستغادر صواريخ كروز الغواصات وسيتوقف قتل المدنيين في العالم. في اماكن مثل الصومال نحن نقدم الموت ونحتفل عندما تصيب قذيفة او قنبلة أمريكية مشتبهاً به بالإرهاب وفي معظم الوقت لا يوجد أخبار متوازنة فعندما تشير بعض الصحف الى مثل هذه الضربات في فقرة قصيرة كما فعلت صحيفة الواشنطن بوست عند مقتل مشتبه به انه عضو في القاعدة في باكستان من قنبلة موجهة من نيفادا " الأعمال التي تقوم بها الولايات المتحدة في دول ذات سيادة مثيرة للجدل " – تصوّر اللغة التي ستكتب بها الواشنطن بوست اذا قامت باكستان بتوجيه ضربة في يوتا – هذا النوع من العولمة نتجاهله او نعتبره غريباً بشكل ما انه حق أمريكي وعادة يموت أشخاص من الواضح انّ إنسانيتهم لا ترتقي إلى إنسانيتنا .ولا يوجد فرق هنا بين من يحمل حزاماً ناسفاً ويقتل المدنيين وبين ضربة موجهة ضد ارهابي وتقتل بشكل مستمر مدنيين وماذا لو كنت كمخطط تعرف ان هذه الضربة سيقتل فيها مدنيون فقط ولا احد غيرهم قبل تنفيذها .ليس بعيداً كانت الاغتيالات خارج الولايات المتحدة غير شرعية لكن ليس الآن ورغم ذلك أصبح استخدام القنابل والقذائف والاغتيالات ضد أعدائنا دون اعتبار للسيادة او الحدود مبني ليس على شيء الا على حق القوة والتكنولوجيا وسوف يعرف كل أمريكي ان هذه هي بربريتنا . وفي الأسبوع الأخير قال ناطق بلسان قوات التحالف في افغانسيتان بقيادة الولايات المتحدة انه تم ضرب بناية داخل الحدود الباكستانية بناء على تقارير استخبارية لقتل احد قادة طالبان يعيش داخلها وبعد الضربة وتبعاً لناطق عسكري باكستاني فإن الضربة وجهت لقرية باكستانية من 40 منزلاً وأصابت منزل بائع الخضار نور خان وتم تدميره وقال نور خان نحن مدنيون وقُتل ستة من أقربائه أربعة نساء وصبيين . كانت هذه آخر ضربة جانبية ونحن متأكدون أنها ليست الأخيرة فيليب ديك نحن بالفعل في مستقبلك . By Tom Engelhardt TomDispatch.com
#فضيلة_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفتيان من بغداد (كوماندوز عراقي يدرّبه المتعاقدون)2
-
الفتيان من بغداد ( كوماندوز عراقي يدرّبه المتعاقدون) -1-
-
حرب خفية جداً 1
-
الجنود الأمريكيون العائدون من العراق : شاهد عيان3
-
الجنود الأمريكيون العائدون من العراق : شاهد عيان2
-
الجرحى الأمريكيون في العراق شاهد عيان 1
-
تعميق الأزمة الإنسانية
-
اليسار الفلسطيني والفرصة الضائعة
-
الحرب الجوية الخفيّة في العراق 2
-
الحرب الجوية الخفيّة في العراق 1
-
قسّم وسيطر - النموذج الإسرائيلي
-
الأزمة في غزة صناعة إسرائيلية
-
الغرب اختار فتح والفلسطينيون لا
-
الهولوكست المنسيّة 3
-
الهولوكست المنسيّة 2
-
الهولوكست المنسيّة 1
-
نقابات العمال العالمية فقط تحمي من السقوط نحو الحضيض
-
الدمية التي فتحت الطريق لتدمير العراق - حرب وولفتز-
-
إيران : وما وراء ذلك
-
التهديد الإسلامي في أوروبا -التقرير الذي تمّ إهماله-
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|