أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ياسين الحاج صالح - عناصر رؤية عقلانية لمواجهة إسرائيل (1 من 2)














المزيد.....

عناصر رؤية عقلانية لمواجهة إسرائيل (1 من 2)


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2227 - 2008 / 3 / 21 - 11:22
المحور: القضية الفلسطينية
    


هل صحيح أنه لا بديل عن مواجهة مسلحة بلا ضوابط مع العدو غير تنازل له بلا حساب؟ وهل تنحصر خيارات الفلسطينيين مثلا بين حماس والجهاد الإسلامي، وبين رضوخ تام لإسرائيل، ترى المنظمتان أنه يتجسد في سلطة أبي مازن؟ أما من بديل عن مواجهة، إن لم تكن انتحارية فإنها تفضي إلى عسكرة حياتنا العامة وتغذية التسلط السياسي والجمود الثقافي فيها؛ وعن استسلام مهين، يستحيل الإجماع حوله، وقد يفضي إلى تمزق مجتمعاتنا، وربما احترابها الداخلي؟
قد يهمل طرح السؤال بهذه الصورة تاريخ تكون هذا الثنائية المتنافرة المتكاملة، ويحجب أصول افتقارنا لخيار مختلف وغير متناقض ذاتيا. بدايةً، نعتقد أنه ثمة خيار متسق سنحاول رسم ملامحه، قبل محاولة تفسير سبب غيابه.
ثمة ثلاث عناصر متكاملة أو أربعة، تشكل بمجموعها رؤية لخيار مختلف.
أولا: ينبغي تجنب المواجهة مع إسرائيل، أي تقليص فرص الاشتباك العسكري معها إلى أقصى حد، والمسارعة إلى إخماده إن نشب. هذا لأن لدى العدو "ميزة تفاضلية" كبرى في هذا الشأن، يستحسن مقاربتها تاريخيا من أجل فهمها. فإسرائيل مقربة من الكتلة الحضارية المهيمنة في عصرنا، أي الغرب، الذي أوصل صناعة القوة وعلومها وفنونها إلى مستوى لا يضاهى. العرب، لأسباب من كل نوع، يحتلون موقعا متدنيا في سلم القوة عالميا. وهو ما يعني أنهم ينجرون إلى لعبة الأقوياء إن حصروا تفاعلهم مع الواقعة الإسرائيلية في مواجهات مسلحة، سيان أن تكون هذه حروب دول على نحو ما كان الحال حتى عام 1973 أو حروب منظمات ما دون الدولة في العقدين الأخيرين (كانت حرب 1982 مزيجا منهما). فحالنا ونحن نعسكر صراعنا مع إسرائيل كحال من يواجه بطل العالم في الملاكمة في حلبة الملاكمة، بينما كان أنسب لو جرب مواجهته في ملاعب أخرى، نحوز فيها ميزة تفاضلية، أو يكون تفاضل ميزة العدو عن ميزتنا أقرب إلى الحد الأدنى.
ثانيا، ينبغي الامتناع عن تقديم تنازلات أساسية للعدو. هذا لأنه عدو، ولأن من غير المحتمل أن يغدو خصما، دع عنك أن يمسي صديقا، دون تغيير عميق وجوهري في كيانه. وليس الامتناع عن تقديم تنازلات له بالأمر الصعب جدا إن جمعنا بين نزع الصفة العسكرية عن العلاقة معه (فحيّدنا عنصر قوته)، وتحويل مركز السياسة والحياة العامة في بلداننا إلى الصراعات والمنافسات والتجاذبات السياسية والاجتماعية الداخلية (فطورنا عناصر قوتنا). وعلى أية حال ليس المقصود من تجنب تقديم تنازلات للعدو الامتناع عن مسالمته إن تسنت فرصة معقولة لها، بل بالأحرى عدم فرض المسالمة هذه بالقوة على رافضيها والمتحفظين عليها في مجتمعاتنا. والحرص على ضبط أي تفاهمات أو اتفاقات محتملة مع العدو بإجماع وطني واسع، وإلا "بلاها". هذا معيار أساسي. وإنما بالحرص على تقييد أية تفاهمات محتملة مع العدو بتفاهم داخلي متين نقطع الطريق على احتمال نقل منطق الحرب والمواجهة إلى داخل بلداننا، لكي يكون الداخل هذا مقرا للسياسة والخصومات والمنافسات السياسية، لا للعداوات الحربية والمواجهات المسلحة.
ثالثا، يتعين منح الأولوية العليا للبناء الوطني، التعليم والاقتصاد والصحة والسكن والنقل والبنية التحتية والمعلومات، وبالخصوص حقوق السكان وحرياتهم وحرماتهم. أفضل ألف مرة مسالمة عدو قوي من إذلال مواطنين ضعفاء. أما التذرع بمواجهة العدو للدوس على حقوق السكان فهو باب لجة الهزائم والخراب التي نمعن فيها. إن تطوير البلاد وتحسين عمل المؤسسات ورفع مستوى معيشة عموم السكان مقدم على أي شيء آخر. وهو جوهر أي مفهوم عقلاني للمصلحة الوطنية. هو أيضا خطوة إضافية نحو نقل مركز السياسة إلى الداخل وتطوير ما يمكن أن نسميه نموذج "الدولة الداخلية" التي تبني سياستها واستقرارها حول مجتمعها وتفاعلاته، خلافا لنموذج "الدولة الخارجية" التي تخرس سكانها وتتفانى بحثا عن تعهد أدوار إقليمية باعتراف وتفويض من اللاعبين الإقلميين والدوليين الكبار.
رابعا، ترطيب الأجواء مع الدول العربية ودول الجوار الأخرى إلى أقصى حد، والامتناع عن التدخل في شؤونها الداخلية وتجنب سياسة المحاور والاستقطابات. وليس الرهان هنا علاقات عربية "أخوية" بالضرورة، بل بالأحرى عقلنة العلاقات القائمة وتطوير آليات مؤسسية لمعالجة النزاعات المحتملة، بما يفتح الباب لتحسينها من جهة، وبما يسهم في توجيه انتباه الدول أكثر نحو شؤونها الداخلية من جهة أخرى. ولعل هذا يقتضي تحييد العوامل الإيديولوجية في العلاقات بين الدول، سواء تلك التي تتعلق بطبيعة أنظمة الحكم، أو بانحيازاتها الدولية المحتملة، أو باختلاف الصورة المثلي المرغوبة للعلاقات العربية. أي أن ضبط العلاقات العربية لا يشتغل في إطار أية عقيدة قومية، سواء حددت لنفسها هدفا الوحدة أم التضامن. حسبه وقف التقاتل والاستنزاف، ورعاية حسن الجوار قدر الممكن. ونفترض أن من شأن عقلنة نظمنا السياسية بالتحول نحو الدولة الداخلية أن يسهم في عقلنة العلاقات العربية ذاتها. ونرجح أنه بقدر ما تنتظم العلاقات على أسس عقلانية متينة، فإن عناصر القرابة والأخوة ستكون قوة دفع إضافية نحو علاقات أوثق وأمتن.




#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللاعقل يحكم الشرق الأوسط
- شركاء في العالم، نشبهه ونتشبه به..
- في أصول نظام الاستثناء السوري: محاولة ماركسية
- الفساد الصغير ثقافة والفساد الكبير سياسة!
- من إسرائيل إلى أخرى: في أصل حاجتنا إلى شيطان رجيم
- سورية بين 1978 و2008: عود على بدء!
- جوزف سماحة: المناضل ضد المثقف
- -المسألة الدينية- موضوعا لتفكير نقدي
- من تطييف المجتمع إلى استلام الطائفية للسلطة
- هل يمكن لتركيا أن تكون مثالا إيجابيا للسوريين؟
- من صنع إسرائيل؟ ومن هم -عملاؤها-؟
- أزمة حركات المعارضةالعلمانية العربية ... فكرية
- في نقد الثقافة السياسية السورية
- نحو شرعية الفرد لا شرعية الهوية.. ونحو ثقافة نقدية لا قومية
- إيديولوجيات السوريين وصعود الجيوسياسي
- الطائفية كحصيلة للفقر السياسي وحدٍّ له
- في النقاش السوري حول العلمانية وما وراءه
- لا عاصم من اعتقال المثقفين في عاصمة الثقافة العربية
- -وضعية علمانية-: أفكار في شأن العلمانية والإسلامية والدولة
- وجهان، ليبرالي واشتراكي، للنقد الديمقراطي


المزيد.....




- العثور على مركبة تحمل بقايا بشرية في بحيرة قد يحل لغز قضية ب ...
- وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان يدخل حيّز التنفيذ وعشرات ...
- احتفال غريب.. عيد الشكر في شيكاغو.. حديقة حيوانات تحيي الذكر ...
- طهران تعلن موقفها من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنا ...
- الجيش اللبناني يدعو المواطنين للتريّث في العودة إلى الجنوب
- بندقية جديدة للقوات الروسية الخاصة (فيديو)
- Neuralink المملوكة لماسك تبدأ تجربة جديدة لجهاز دماغي لمرضى ...
- بيان وزير الدفاع الأمريكي حول وقف إطلاق النار بين إسرائيل ول ...
- إسرائيل.. إعادة افتتاح مدارس في الجليل الأعلى حتى جنوب صفد
- روسيا.. نجاح اختبار منظومة للحماية من ضربات الطائرات المسيرة ...


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ياسين الحاج صالح - عناصر رؤية عقلانية لمواجهة إسرائيل (1 من 2)