أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد العظيم فنجان - بورتريه المخلّص














المزيد.....

بورتريه المخلّص


عبد العظيم فنجان

الحوار المتمدن-العدد: 2227 - 2008 / 3 / 21 - 06:07
المحور: الادب والفن
    


أتساقطُ من الشرفات كمياه الأمطار ، أو أتصاعد ، كالبخار ، من ابريق الشاي ، وبعد عدة دورات في الطبيعة سأتحولُ الى نطفةٍ في رحم ، لاُولد ثانية في نفس الوقت الذي وُلدتُ فيه في المرات السابقة : في تلك الساعة التي تُضرم فيها النار ، في بغداد ، فيختلط الحِبر والدم بمياه دجلة ، ثم يبدأ الفيضان : الطوفان ، أو الدموع ، حيث لا سفينة نجاة إلا قشّة الصدفة ، التي يمد اليها الناسُ أيديهم ، طلبا للنجاة ، دون جدوى ، لكن ، في الأخير ، لابد أن يجدني أحدهم نائما عند بابه في آخر الزقاق ، أو ضائعا بين الخرائب ، فيعتقدني المخلّصَ ، الذي جاء ذكره في الأساطير.
في المقطع الحالي من دورة حياتي ، تجدني امرأة طافيا على سطح الماء ، كما لوكنتُ سمكة ميتة ، وهي تعتقد أنني هبطتُ ملفوفا بريش الرحمة ، لكن الاوغاد نتفوه ، فتحملني بين ذراعيها وتمشي ، لاعنة هذا العالم الذي جفّ الحنانُ في قلبه ، تحت بروق المدافع ، وحشرجات المطر .


في الطريق الى بيتها نصادفُ مسلحين يرتدون لحى تطأ الارض : يفتشون ما بين ثدييها ، يفحصون حلمتيها بأظافرهم ، يبقرون بطنها ، يحفرون رأسها بمثاقب من حديد ، وأخيرا يقذفون شباكهم لصيد الاسماك بين ساقيها ، وانا بين ذراعيها أمص اصابعي العشرة ، ثم يسمحون لها بالمرور ، بعد أن يدققوا بوجهي ، ويقارنوه بألبومات كثيرة من الصور : " ليس المخلّص ، دعوها تمر " وهم جالسون على علب صفيح طافية فوق بحر من الجثث .
لا أعرف لِمَ يبدون وكأنهم أشباح ينحدرون من قعر الجحيم ، فهم لا يشبهون اولئك الذين كانوا يسكنون ، من قبل ، في هذا الزقاق ، الذي قطعته الآف المرات عبر التاريخ . ربما لغموض مهمتهم ، فهم يطلقون النارَ على بعضهم البعضَ حتى وهم نيّام ، دون أن يموت أحد منهم .

تبكي المرأة على مصيري الغامض ، وتتمنى لو أنها اتختني ابنا ، بدلا عن اولادها الذين فقدتهم في المجازر ، الحروب ، والفيضانات ، لكن لأن الحياة لاتطاق في هذه اللحظة ، لأن المجاعات ،
لأن البطالة ، لأن النفط ، لأن الدولار .. تصعد بي الى شرفة خيالها الفاتن ، منادية :
- " يا الله ، ارفق بهذا الطفل البريء ".
وترميني بكل قوتها الى فوق ، وهي تقفل عينيها بتضرع وعرفان ، مؤمنة بانني سأصعد الى السماء بحبل المعجزة ، او على الأقل كالبخار من ابريق الشاي ، فيما أنا ، في طريقي الى الاعلى أو الى الأسفل ، اواصل مص اصابعي العشرة ، مغمض العينين : لقد حفظتُ دروب الخذلان عن ظهر قلب ، ولم يعد بإمكاني أن أكون المخلّص ، ولا حتى الباحث عن الخلاص .



#عبد_العظيم_فنجان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أغنية لتحطيم أنف العالم
- كمشة فراشات
- اغنية جمعية الشعراء الموتى
- اغنية عقيل علي
- ساحر من ألف ليلة وليلة
- أغنية حب بغدادية ومدينة الاشارة
- بورتريه الخطر
- أغنية الليل تحت عدسة مكبرة
- ثلاث قصائد
- النافذة
- قصيدتان
- اغنية خاتم سليمان
- كتاب النبؤات
- أغنية الفراشة
- الإله يخذل عبد العظيم فنجان
- اغنية آخر سركون بولص في العالم
- اغنية الكلب


المزيد.....




- جمعة اللامي يرحل بعد مسيرة حافلة بالأدب ومشاكسة الحياة
- رجل نوبل المسكون بهوس -الآلة العالِمة-: هل نحن مستعدون لذكاء ...
- لماذا لا يُحتفل بعيد الفصح إلا يوم الأحد؟
- -ألكسو-تكرم رموز الثقافة العربية لسنة 2025على هامش معرض الرب ...
- مترجمة ميلوني تعتذر عن -موقف محرج- داخل البيت الأبيض
- مازال الفيلم في نجاح مستمر .. إيرادات صادمة لفيلم سامح حسين ...
- نورا.. فنانة توثق المحن وتلهم الأمل والصمود للفلسطينيين
- فيليبي فرانسيسكو.. برازيلي سحرته اللغة العربية فأصبح أستاذا ...
- بمَ تسمي الدول نفسها؟ قصص وحكايات وراء أسماء البلدان بلغاتها ...
- عن عمر ناهز 64 عاما.. الموت يغيب الفنان المصري سليمان عيد


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد العظيم فنجان - بورتريه المخلّص