|
قصة داعية
محمد شحات ديسطى
الحوار المتمدن-العدد: 2226 - 2008 / 3 / 20 - 05:38
المحور:
الادب والفن
ولنبدأ بقصة هذا ـ الداعية ـ فهو من مواليد عام 1960... عرفته منذ سنوات طفولتنا لم يكن له رغبة فى التعليم كانت هوايته ومازالت الغناء والتمثيل ورغم محاولات أسرته للضغط عليه فى التعليم إلا أنه لم يكمل تعليمه وخرج دون الحصول على الإبتدائية..... خرج للحياة مع والده على سيارة أجرة وهذا شأنه ولاضرر فيه....عاش السبعينات بكل نزق الشباب شاب لاهى عابث لم يهتم به أحد ... ومع إنتشار موجة التدين فى أوخر السبعينات وبداية الثمانينات...إستغل مواهبه وقدراته التمثيلية وذاكرته الحافظة فأقبل على حفظ بعض أجزاء من القرآن ...وحفظ بعض أحاديث الشيوخ التى يبثها لركابه يومياً من كاسيت الميكروباص ...وأصبح هذا هو جواز مروره لإعتلاء المنابر.. فنحن شعب ليس له ذاكرة طيب القلب له المظهر... فكل من ربى ذقنه وأرتدى الزى الباكستانى وأعتلى المنابر وبكى وهو يتلو القرآن نخلع عليه هالة من التقديس ولابأس أن يكون هو نجم المجالس ودرة المجتمعات ويؤم الناس فى الصلاة ....هكذا ببساطة ودون تفكير وجد ضالته وأراد أن يعوض مافاته ليصبح نجماً فى موقف السيارات بزيه المميز وسمته الجديد ... ولا سيما وأن زملائه أصبحوا فى الجامعة وهو سائق ميكروباص.....وبدأ يفرض على ركابه شرائط مشايخه وترتيله للقرآن وهو يبكى ويعطر الركاب بالعطور الشعبية ...كانت أفكاره ساذجة وبسيطة يستمدها من ثقافته السمعية ...ولكن كل ذلك لم يكن يشبعه ...إلتحق بمعهد إعداد الدعاة ـ وهو يخّرج دعاة يقتصر علمهم على حفظ بعض أجزاء من القرأن والأحاديث النبوية ومن له قدرة على الخطابة وكانت فرصته وهو الماهر والمتمرس بهذا الفن فهو يمتلك طاقة تمثيلية وغنائية يريد أن يوظفها ـ كانت هذه مصوغات تعيينه وجواز مروره إلى منظمة الإغاثة فى السعودية وهى الهيئة المشبوهة التى كانت تساعد المجاهدين الأفغان لحساب ..... ؟! كما تعلم !!!...إلتحق بها فى ذروة نشاطها ولا سيما بعد سقوط الإتحاد السوفيتى وكان لابد للهيئة أن تملأ هذا الفراغ وأن ترسل للجمهوريات المستقلة عن الإتحادالسوفيتى بعض المصاحف والكتب والمعونات برفقة بعض العاملين من الهيئة...وكما تعلم كانت هذه الدول تهفو لكل ما هو إسلامى نظراً لما كانوا يعانونه من إبتلاء فى دينهم فى ظل النظام الشيوعى السابق ...فكان وفد منظمة الإغاثة بالنسبة لهم كأنهم صحابة الرسول وأهله قادمون إليهم بالدين الذى يحلمون به .... خلعوا على وفد الإغاثة هالة من التقديس وكان صاحبنا نجم الوفد ...وهنا تتجلى مواهبه فهو يقرأ القرآن ويبكى ويبكى معه أهل هذه البلاد ولاسيما وأن كاميرات الفيديو تصور لدرجة أنهم كانوا يقبلون يديه ...أصبحت هذه الشرائط مصوغات تعيين جديدة لهذا النجم معه فى حله وترحاله كلما جاء إلينا فى بلدتنا و عن طريق تسريبها لبعض الصحفيين بالمملكة يتحدث بفخر عن هذه الفتوحات ويفتخر بـأنه نشر دين الله فى هذه الجمهوريات ـ لاحظ هذا التماهى مع الدين ـ وينسب الفضل لنفسه بأنه أدخل الناس فى دين الله أفواجاً ـ رغم كونه لا يعدو موظفاً فى الهيئة يقوم ببعض أعمالها ورغم أن ذلك كان طبيعة عمله الذى يأخذ أجره عليه ـ أصبح نجم الصحافة فى المملكة وكان من السهل عليه أن يخترق هذا المجتمع السعودى البسيط ....انتهى دور هيئة الإغاثة وتقلص دورها ولم ينتهى حلمه ....عاد إلى القاهرة بنيو لوك جديد داعية عصرى يرتدى البدلة العصرية والذقن المهذب وغير إسمه إلى الداعية الإسلامى والخبير الإعلامى....وهو يحمل مصوغات تعيينه وجواز مروره بالمجتمع المصرى فبدأ بعمل استديو للغناء لإنتاج الأغانى والأناشيد الإسلامية ثم التحق بمعهد التمثيل قسم الدراسات الحرة كى يخترق هذا المجال وينشر الفن الإسلامى لأن حاجة السوق تقتضى ذلك ...أخذ دوراً صغيراً فى مسلسل الحاج متولى ذو الجماهيرية الساحقة وأتبعه دور صغير فى العطار والسبع بنات وبعض أدوار صغيرة فى مسلسلات دينية ....بدأ يخترق مجتمع التمثيل إلى أن وصل لأحمد زكى وهو فى مرحلة مرضه بكل مافيها من دراما إنسانية وملاحقة صحفية كان يجالسه فى لحظات ضعفه وطلب منه أن يغسله .... وعندما مات أحمد زكى تجلت موهبته فى أزهى صورها ولاسيما أن الإعلام والفضائيات تسلط الضوء على كل شاردة وواردة فى هذا الحدث... وطلب من السفارة السعودية بالقاهرة أن تحضر ماء زمزم لغسل الفنان أحمد زكى وما كان من السفارة إلا أن تركب أيضاً هذا الحدث ....ولا بأس أن تكتسب من شعبية هذا النجم ـ الجميع يصنع نجوميته على جثة الفنان الشهير ـ وأصبح أمل المشاهير من ممثيلن ونجوم المجتمع أن يغسلهم الشيخ بماء زمزم .... كان من السهل أن يصل إلى قناة الناس ولا سيما وأن العاملين بها يعرفونه من أيام العمل فى المملكة وفى منظمة الإغاثة ...كان للشيخ برنامج يبث بعد منتصف الليل يسمى فضفضة يستقبل المكالمات ويرد عليها الشيخ بكل ما أوتى من خبرات وملكات تمثيلية يبكى تارة ويحكى مغامراته وفتوحاته ونشره لدين الله ـ بداعى وبدون داعى ـ يتحدث عن زياراته لخمسين دولة لنشر دين الله.... وكان على الجانب الآخر متصلات يبثونه الشكوى من هجر الأزواج وصبرهن عليهم لفشلهم فى الفراش... يفتى بدون علم وعلى الهواء مباشرة يسامر هولاء النسوة ويدغدغ مشاعرهن بكلماته البسيطة ...حيث تبدأ أحدهن الحوار بأنها تحبه فى الله ويرد عليها باحسن من تحيتها ويقول لها عليك يأخت باتباع حيل النساء لجذب الرجال وألا تدعيه أن يفلت منك لغيرك.. كانت معظم المداخلات نسائية وأصبح الشيج نجمه فى صعود مستمر ولا سيما وأن معجباته غالبيتهم من النساء ....وقرر أن يتزوج بزوجة أخرى كى تعينه على أعباء الدعوة ....كما تغير مسلك القناة تجاهه لعلمها بضعف بضاعته وعدم تمكنه فقرر أن يستقل بقناة جديدة تدعى الحكمة ... ولا بأس من دعوته والاحتفاء به فى الجامعات المصرية وعلى رأسها جامعة القاهرة ـ جامعة التنوير سابقاًـ فى ذكرى إحتفال مئويتها لإلقاء المحاضرات كداعية إسلامى وخبير إعلامى ويحرم منها أمثال نصر حامد أبو زيد !!!!!!!!!! هل تعرف من هو ؟ على من يعرف عليه الإتصال على أى رقم فى مجتمعاتنا المخترقة حتى النخاع ... فنحن شعوب ليس لها ذاكرة ….طيبة القلب لها المظهر ....متسامحة لأبعد مدى من حق أى مدعى أن يخترقها دون مقاومة...؟!!!!!
#محمد_شحات_ديسطى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صحيفة الحوار المتمدن نموذج الحرية المتعين فى الواقع العربى
-
الساق صاحبة الكرامات ...!!!
-
المبارزات الطائفية هى المقدمة الطبيعية لتحقيق الفوضى الخلاقة
-
عبد الكريم نبيل سليمان بين حرية التعبير والمراهقة الفكرية
-
هل الإخوان سبب فساد الحياة السياسية المعاصرة ؟؟
-
الرجل والكرسى
-
الفقراء لا يدخلون البرلمان
-
إطلالة على المشهد الانتخابي المصرى
-
الوعى فى مواجهة الثقافة السمعية
-
السقوط المبين للإخوان المسلمين
-
الوعى المفقود
المزيد.....
-
الحكم بسجن الفنان الشعبي سعد الصغير 3 سنوات في قضية مخدرات
-
فيلم ’ملفات بيبي’ يشعل الشارع الاسرائيلي والإعلام
-
صرخات إنسانية ضد الحرب والعنف.. إبداعات الفنان اللبناني رودي
...
-
التراث الأندلسي بين درويش ولوركا.. حوار مع المستعرب والأكادي
...
-
الجزيرة 360 تعرض فيلم -عيون غزة- في مهرجان إدفا
-
من باريس إلى عمّان .. -النجمات- معرض يحتفي برائدات الفن والم
...
-
الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
-
ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي
...
-
حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|