أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سوزان خواتمي - الرجل كائن لايمكن ارضاءه















المزيد.....

الرجل كائن لايمكن ارضاءه


سوزان خواتمي

الحوار المتمدن-العدد: 2225 - 2008 / 3 / 19 - 10:32
المحور: كتابات ساخرة
    


يصر التاريخ، أكثر مني، على أن يعود بإشكالية العلاقة بين الرجل والمرأة إلى جذرها الأصلي، أي؛ إلى آدم وحواء، فمنذ أن خرجا من الجنة، ونقاشهما المحتدم مازال مستمراً..
يحمِّل الرجلُ المرأة كل تبعات الحياة وقسوتها، فيضطهدها، متهماً إياها أنها كانت السبب في طرده من الجنة..!
فيما ترفع المرأة كتفيها، وحاجبيها، وأحياناً أي شيء في متناول يدها، لتعترض بسخط على الكائن الذي يقف أمامها حائراً؛ بين أن يبقى طفلها كما تريده، وبين أن يصبح الرجل عسير الأخلاق صعب المراس الذي يريد.
الحيرة أيضاً إرث علاقات لم تنضج بعد، مكتوبة- قبل أن تُخترع الكتابة- على جدران الكهف، لرجل يمسك هراوة ثقيلة في يد، وفي اليد الأخرى يسحب امرأة من شعرها دون أن يبدو عليه العناء..
وقتها لم تكن قد وجدت بعد المحاكم الشرعية، ولا منظمات حقوق الإنسان، مع أن كلاهما بلا فائدة، لكنه الرمز التسلطي المحفور في عمق الزمن لخطاب القوة، كل المطلوب إذن عضلات مفتولة. انتقل ذلك الرمز بقدرة قادر من الكهف إلى إعلان تلفزيوني عن شامبو لتقوية الشعر، لقد استخدموا تلك الفكرة مع بعض التغيرات الطفيفة، تتعلق بشعر المرأة الطويل اللامع، وابتسامتها الغامرة..! إنها ثقافة الصورة، وماتحفره في وعينا من معان لا أظنها تخفى على أحد..
المرويات أيضاً، بما تشمله من نصوص إبداعية، وسير شعبية، وخرافات، وملاحم وحكم، وأمثال متوارثة ومنقولة، تشكل ذاكرتنا الوجدانية، عظيم إذن، فهل زال الالتباس..؟ وهل ساد الفهم العام الذي يجعل العالم يتناسل فيخلف الصبيان والبنات، فيما هو يتأرجح من فرط السعادة..؟
كل شيء يبدأ بالحب، فما أسهل أن يخترق سهم كيوبيد قلبين، ويربطهما بالعشق، إذ لابديل لوجود الرجل في حياة المرأة ، لذلك فهي تردد في أمثالها "ظل راجل ولاظل حيطة"، في الوقت نفسه، أو ربما باندفاع أكبر، يقع الرجل في الحب مرة و مرات.. الوقوع في الحب نقطة يتفق حولها الطرفان، ويختلفان في الطريقة، ففي مقابل إذعان الرجل المطلق لهواه، تحبذ المرأة أن تمارس حيل الغنج والدلال قبل أن تستسلم .
إسلوبان مختلفان لهدف واحد، لطالما كان الأمر كذلك، وقد تورط الأدب مع تلك القضية الشائكة، فلاتكاد تخلو رواية ولا قصة ولا قصيدة من الخوض في أسرار كائنين، إن لم يلتقيا، لم تعمر الأرض، ولم تقم حياة..
الحكاية الأطول روتها شهرزاد، استمرت ألف ليلة وليلة، وهي تحكي، لتنقذ عنقها من سيف مسرور المتربص، بقصص لم تكن بريئة تماماً، بل كانت حيلاً تقول بها ماتريد لمولاها شهريار؛ سريع الغضب، بالغ النزق، قليل الاطمئنان، كطريقة التفاف ذكية مازالت المرأة تمارسها لتتخلص من أكثر المواقف ضيقاً ، أي أنها ضرورية
" لوقت الزنقة"
إنه علم المناورة، تكتيك حربي مشروع الاستخدام، أمام مجتمعات مازالت تمارس سطوتها الذكورية بما تملكه من حقوق اجتماعية وقانونية وشرعية.. وسيعترض الرجل لأن المرأة بهذه الأساليب، ماكرة، وذات دهاء، أما هو، فسيد الاستقامة والوضوح.
بعض الحكايات تناقض قصة الاستقامة والوضوح تلك، فرواية (شجرة اللبلاب) لعبد الحليم عبد الله، أشهرت إصبع التحذير، وفضحت زيف رجل لايقبل بامرأة تمنحه نفسها حتى لو كان الحب ثالثهما.. لهذا ذبلت شجرة اللبلاب بين النافذتين، ودفعت المرأة وحدها ثمن عارها، لأن شرف المرأة أغلى كثيراً من شرف الرجل، ولايلزمه إلا عود ثقاب (لتوليعه).. ومع ذلك كلما تزحلقت إحداهن، أقسمت أنها لم تقرأ تلك الرواية، وأنها لم تعلم عن حادثة مشابهة حدثت قبلها وستحدث بعدها حتى مالانهاية.

المرأة الكاتبة لم تعبر عن اضطهاد المرأة أكثر مما فعل الرجل، لكنها جعلته موضوعها المفضل والمستمر في (زنٍ) متواصل، بينما يتناول الرجل هذا الواقع في جزئية من كتابه أو روايته..
في رواية (حكايتي شرح يطول) تهمد البطلة بعد أن تاريخ من الشراسة ورفض الواقع، وتخلص إلى التوبة والندم، أما في (مريم الحكايا) لعلوية صبح، فالرجل وحده يصنع مصير المرأة.. بينما تستمر نوال السعداوي في تعنيف الواقع ومناصبته العداء، في سخط مستمر.
لكن العالم يتغير بشكل طفيف، متأثراً بظروف خارجية، وبضغط الواقع الذي لم يعد يأبه كثيراً لصورة المرأة ضعيفة، ناعمة، مستسلمة، منصاعة، ساحرة، رقيقة، ففي مسلسلات وأفلام هذه الأيام، وهي أيضاً تعكس واقعاً معاشاً، تضع البطلة يديها في خاصرتيها، وتصرخ بزوجها :" طلقني حالاً"
الأمر على هذه الصورة مرعب لمجتمع لا يريد (دوشة راس)، والمشهد التمثيلي إشارة إلى سحب البساط من تحت قدمي عصر ذهبي يسمى – عصر سي السيد- والذي صنعه نجيب محفوظ؛ في نموذج أحمد عبد الجواد؛ رمز الرجولة الأبدي في الأدب العربي. شباب الجيل الجديد يمصمصون شفاههم حسرة على ذلك العصر الذي أفلت منهم ، أيام ساد مفهوم (قطع راس القط من يوم العرس).
القضية واضحة، إنه نزاع أزلي على السيادة، ومواقع القوة، يقول الرجل بصوت مقنع:" السفينة التي لها ربانين تغرق" ، وتعتقد المرأة جادة، أن استلامها لحقيبة وزارة الداخلية داخل بيتها أمر محسوم، لأنها حين تهز المهد بيمينها تهز العالم بيسارها، ولايمكن لأحد أن يُكذِّب نابليون بونابرت، خاصة إن كان هذا الأحد زوجها مثلاً.!
في الغالب، تتعلق المسألة بوجهتي نظر مختلفتين، أو ببعد ثالث لم يُطرح أصلاً لأنه بقي خارج مجال الرؤية ، حينها يصبح " ماالذي تقصده أيها الرجل، أو ماالذي تقصدينه ياامرأة.." سؤالاً مشروعاً أياً كانت اللغة والصياغة، مادام التساؤل سيحل مشكلة سوء الفهم لرجل يتباهى بأنه سباق إلى كل التجارب، وبأن المرأة من خلال المسيرة التاريخية ستظل كائناً تابعاً.. ويتصرف على هذا الأساس.
أو لامرأة تحلف الأيمان بأن الرجل كائن لايمكن إرضاءه.. ولا المشي أمامه، ولا حتى وراءه..!
وكلها انتقادات فحسب، فمازال الرجل سقف حماية، مازالت المرأة ملهمة وحبيبة،
يقول نزار قباني:
في البدء كانت فاطمة
وبعدها تكونت عناصر الأشياء
النار والتراب والمياه والهواء
وبعد عيني فاطمة اكتشف العالم سرّ الوردة السوداء .

وعلى الرغم من أن الحياة ليست حلبة مصارعة، إلا أن المسافة تحقق قدراً معقولاً من الشوق، تعيد للرومانسية مجدها.. فابتعاد المرأة لا يعني شحوب صورتها بالضرورة، بل هي تصبح أجمل حين تسترجعها ذاكرة رجل عاشق.
ففي رواية (الضغينة والهوى) لفواز حداد تظهر أمام بطل الرواية، وبعد سنوات طويلة، الفتاة المراهقة التي أحبها، وقد صارت امرأة مطلقة، فيقول:

" بغتة ظهرتِ أو عدتِ أمامي، كنتِ حولك يتحلق الماء والجفاف والخشب المحفور والأملس والتراب الرطب والرخو بأشكال ينساح بعضها إلى بعضها متلاصقة، متعامدة ومتوازية، تشتق تناغمها ونشازها ، منك أنتِ المنتصبة كتمثال نصفي، صامت ومحير . هل تعمدتِ أن تكوني لامبالية ؟ أم كنتِ فعلا شاردة أكثر منك متسائلة، رأيتك متحفزة وبلامكياج في عز انوثتك، وكأروع ماتكون المرأة جمالاً وشحوباً . نبستُ في سري: أضعتكِ سنوات طويلة."
أما غياب الرجل عن ساحة عاطفة المرأة، فهو موضوع آخر.




#سوزان_خواتمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا يعني يوم المرأة العالمي
- ياله من وطن
- مصطلح الأدب النسائي يحتاج إلى مراجعة
- طعم الزبد
- المرأة بين الواقع والصورة: الكأس فاضي أم مليان
- (وعي الحكاية: قراءة في مجموعة (وأدرك شهرزاد الملل
- أتهجى الحب ولا أبكي
- حادثة قيدت ضد مجهول
- طرق الدهشة
- بنات الرياض : لعبة الضجيج وغياب الرواية
- من ذاتية الألم إلى إبداع النص
- تنويعات القص الرشيق عند دلع المفتي
- الملفوف الساخن
- الحب لايفرح
- السين اسمي
- البحرين كلاكيت أول مرة
- افكر بكتابة زاوية وليس لدي فكرة محددة
- كسارة البندق
- لماذا تبكي النساء
- عصفور الغفلة


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سوزان خواتمي - الرجل كائن لايمكن ارضاءه