أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أوزجان يشار - الحمى و الخوخ الأخضر














المزيد.....

الحمى و الخوخ الأخضر


أوزجان يشار

الحوار المتمدن-العدد: 2224 - 2008 / 3 / 18 - 07:51
المحور: الادب والفن
    



من مذكرات الكاتب التركي عزيز نيسين

في يومٍ من الأيام طرق أحدهم باب الدار، فقمت بفتح الباب لأجد رجل في حالة يرثى لها يقف أمامي, رجل بحواجب كثيفة وبقايا رموش وشعر محترق. فزعت عند رؤية شكل ذلك الرجل وصرخت " أمي" إلا أن الرجل الواقف عند الباب قال:" يا بني ألا تعرفني ؟" ثم امسكني وحملني بين ذراعيه.

كان هذا اليوم الذي فر فيه أبي من مسجدٍ يحترق وهو يعج بالمصلين . و في هذا اليوم الذي عاد فيه أبي على هذا الحال سقط طريحاً للفراش وظل راقداً في سريره لشهورعديدة. وثابرت أمي المنهمكة و المنهكة في خياطة ملابس جنود الجيش الداخلية في الأهتمام بحالة أبي الصحية.

أصبح أبي مريضاً للغاية و لم يستطع أن ينهض من سريره. تلقى العديد من الأدوية البلدية و الوصفات الشعبية بلا فائدة. كانت الحمى تداهمة بين الحين والآخر وكان يقول لأمي وهو يرتجف من الحمى :" غطيني يا مدام" كان دائماً يقول لأمي يا مدام حتى لو كان في أعلى درجات غضبه.

لا أستطيع أن أتذكر ما كانت تقوله أمي لأبي أو كيف كانت تخاطبه. إنها ببساطة لم تكن تقول شيئاً و لم أتذكر أن سمعت منها شيئاً مطلقاً. ولكن عندما كانت تتحدث إلى إمراءةٍ أخرى كانت تشير إليه بـ"بيزم أفندي" "سيدنا" أو "أفندي" ، أحياناً عندما تتحدث إلى شخصٍ قريب منا تشير إلى والدي بـ "حبيبنا" .. و صوت أبي ينادي : "غطيني يا مدام .. غطيني بسرعة" .

كانت أمي تغطي أبي بالبطانية والبدل وكل شي يمكن أن تغطيه به و كان أعلى السرير يتحول إلى تلٍ صغير. إلا أن أبي والذي كان يبدو وكأن سبب حرارته هو أمي، يقول لها غاضباً :" يا مدام قلت لك غطيني" .

في يومٍ من الأيام كان يرتعش كثيراً فوق ذلك السرير حتى بدا لي وكأن الأرض تنشق من تحته... "أسرعي أحضري لي بعض من ثمار الخوخ الخضراء ."

كان أبي رجل ذو طبعٍ حاد و عنيد للغاية فعندما كان يرغب في الحصول على شيء ما, لابد و أن تلبى رغباته بأي ثمن كان . فأحياناً يريد أن يحصل على بعض من ثمار الخوخ ليأكل و ذلك عندما كان يشعر بأن حواشيه تحترق من فرط الحمى المرتفعة وفي هذا الوقت كان يسود الأعتقاد بأن لثمار الخوخ الخضراء فائدة في الشفاء من الحمى. و كانت أمي تذهب إلى الحقل المجاور لكي تحضر له بعض من ثمار الخوخ. و ذات يوم نهض أبي من فراشه و وقف على قدميه و قد برأ و تعافى من المرض. كان يؤمن بأن التحسن في حالته الصحية مرده فقط إلى الخوخ الأخضر الذي أكله.

بعد سنوات لاحقة قال :" لقد أنقذني الخوخ الأخضر من المرض وإلا كنت قد هلكت". وكان أبي يعشق التفاخر و التماهي بما يستحق و لا يستحق فقد كان يقول :" في ذلك اليوم أكلت صندوقاً كاملاً من الخوخ الأخضر" ، رغم أن الحقيقة ما أكله أبي كان فقط حبتين من الخوخ الأخضر.
ترجمة : أوزجان يشار



#أوزجان_يشار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فضلات المدن و التعامل معها
- و مضات من حياة ديكنز
- الكأس الأخير
- رهاب الحديث امام الجمهور
- يا سكان الأرض اتحدوا..!
- بيئة العمل و المخاطر المهنية
- ثائر ليبرالي ام مصلح اجتماعي
- الكلور الحارس الغادر
- لحم البشر و آداب المائدة
- الغيرة بين شارلوت وياسمين
- توم هانكس مبدع يمتطي الصعاب
- المياه محور الصراع القادم
- القرآن وماكينة الخياطة
- ومضات من حياة فولتير
- الطبيب و المقبرة
- بدلة أول عيد و أول يد أنثى
- الملائكة تتكئ على عصا
- أسنان البحر
- المحظورات و أول و آخر صفعة
- أوروبا تعزز المعرفة الفيزيائية بين شعوبها


المزيد.....




- حكاية الشتاء.. خريف عمر الروائي بول أوستر
- فنان عراقي هاجر وطنه المسرح وجد وطنه في مسرح ستوكهولم
- بالسينمات.. فيلم ولاد رزق 3 القاضية بطولة أحمد رزق وآسر ياسي ...
- فعالية أيام الثقافة الإماراتية تقام في العاصمة الروسية موسكو
- الدورة الـ19 من مهرجان موازين.. نجوم الغناء يتألقون بالمغرب ...
- ألف مبروك: خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2024 في ...
- توقيع ديوان - رفيق الروح - للشاعرة أفنان جولاني في القدس
- من -سقط الزند- إلى -اللزوميات-.. أبو العلاء المعري فيلسوف ال ...
- “احــداث قوية” مسلسل صلاح الدين الجزء الثاني الحلقات كاملة م ...
- فيلم -ثلاثة عمالقة- يتصدر إيرادات شباك التذاكر الروسي


المزيد.....

- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أوزجان يشار - الحمى و الخوخ الأخضر