أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لمودن - لكل لعبة قانون(قصة للأطفال)














المزيد.....

لكل لعبة قانون(قصة للأطفال)


مصطفى لمودن

الحوار المتمدن-العدد: 2224 - 2008 / 3 / 18 - 07:18
المحور: الادب والفن
    



منذ قررنا نحن أطفال حي الرحمة تكوين فريق لكرة القدم ونحن نُجري مقابلاتٍ حماسيةَ في الملعب المجاور لحيّنا، ننتظر بشغف حلول يوم العطلة الأسبوعي، أو أي عطلة أخرى... بعد الانتهاء من كل الواجبات الدراسية وبعض الأعمال الأخرى التي يقوم بها بعضنا لصالح الأسر... نسرع جميعا إلى الأرض الخلاء المجاورة للحي، نعين مكان المرمى بأحجار بارزة، نقسم العدد الحاضر منا إلى فرقين ونشرع في التنافس إلى أن نحس بالعياء قد هدّ أجسادنا الصغيرة، نعتبر ذلك تدريبا شاقا استعدادا لكل تنافس محتمل مع فرق المدينة، رغم التعب لا نرغب في ترك المكان والكرة...
قلتُ الكرة؟
هل تعرفون كيف حصلنا على كرة؟
اقتنيناها بالتشارك فيما بيننا، كل طفل له رغبة في اللعب، أحضر بضعة دراهم، وهكذا اقتنينا كرة نملكها جميعنا، نلعب بها كلنا، اتفقنا أن نستعملها بعد حضور أغلب أعضاء الفريق المشارك في أي موعد نتفق عليه.
أخر كرة اقتنيناها لم تدم طويلا، فقد تمزقت من كثرة الركل والرفس، بقينا بدون كرة، في صبيحة يوم العطلة الأسبوعي حضر إلى حينا أطفال من حي الوحدة المجاور، بدورهم كوّنوا فريقا يلعب كرة القدم، كل فرق الأحياء بالمدينة تهابنا، لدينا فريق قوي، ولاعبون مهرة... كلما لعبنا مع فريق ننتصر عليه.
علم أطفال حي الوحدة المجاور لحينا أننا أصبحنا بدون كرة، ولم نجمع بعد نقودا لشراء أخرى، عرضوا علينا أن نلعب معهم، أن نجري معهم مقابلة في كرة القدم، وذلك في الملعب المجاور لحينا، لكنهم اقترحوا علينا شروطا غاية في الغرابة...
بما أنهم يعرفون قوتنا، وهم متيقنون مسبقا أن مرماهم ستدخله الكرة عدة مرات، وبما أنهم يتوفرون على كرة ونحن لا نتوفر عليها، فقد اعتقدوا أنفسهم في موقع قوة ليفرضوا علينا ما يريدون، حتى يحققوا نصرا على فريقنا، كم تمنوا أن ينالوه، سيظلون يفتخرون به طول الوقت.
فماذا اقترحوا؟
لقد اقترحوا أن يغيروا قانون لعبة كرة القدم لصالحهم، حيث من حقهم لمس الكرة باليد وحملها والجري بها! ونحن لا يحق لنا ذلك، ليس من حق حارس مرمانا اعتراض الكرة بيده! يعينون حكما من اختيارهم! إذا أخرجوا الكرة من الملعب يمكنهم تسلمها من جديد! أما نحن فنردها لهم!...
قالوا هذا والكرة بين أدرع أحدهم، يشيرون إليها ويعتبرونها أداة قوتهم...
من جانبا رفضنا كل هذه الاقتراحات، قلنا لهم أن للعبة قانونا عالميا يجب أن يحترمه الجميع، لا يمكن أن نلعب معكم دون قانون عادل، يحترمه الجميع ويوافق عليه الجميع، قلنا لهم كذلك أن ما تقترحونه يسمى قانون الغاب، كأننا في غابة تسكنها الوحوش، القوي فيها يفرض قانونه على الضعفاء، ليفعل بهم ما يريد، هذا ليس عدلا، لا يمكن أن نلعب معكم بهذه الطريقة...
ارتفعت الأصوات من الجانبين، كثر اللغط، بدأ يطل بعض الكبار من نوافذ منازلهم، لقد تحول حوارنا إلى ضجيج يزعج، لم يعد حوارا بل خصاما...
هل سنتحول من فريقين يريدان لعب كرة القدم إلى ما يشبه جيشين متناحرين؟
وإذا بأستاذنا إدريس يمر بجانبنا، لفت انتباهه صياحنا وتدافعنا، اقترب منا، هدأنا جميعنا، كلنا نعرفه حتى أطفال حي الوحدة، منهم من يتعلم عنده بالمدرسة القريبة، أو سبق أن درّسه، أو على الأقل يعرفه، فهو مدرس يحترمه الجميع...
كدنا نتفرق كل واحد إلى حال سبيله، لكنه استوقفنا فاستجبنا جميعا لأمره، حكينا له عن سبب إثارة صخبنا الذي أثار انتباه الكبار من داخل منازلهم.
فقال: ـ إن لكل لعبة قانونها الذي يجب أن يعمل بمقتضاه الجميع، ولا يكون أي قانون عادلا، ويحترمه الجميع، إلا إذا تمت الموافقة عليه من طرف الكل، ولا يحس أي طرف أنه متضرر عنوة من وضع هذا القانون، إلا من أصر على مخالفته، حينها يكون قد وضع نفسه في موقع من يجب أن ينال عقابا حسب نوع المخالفة... كلكم تعرفون ركلة الجزاء، إنها عقوبة ضد الفريق الذي ارتكب خطأ فادحا أمام مرماه، أو منع بطريقة غير قانونية خصمه من تسجيل هدف.
أما رغبة أطفال حي الوحدة في الانتصار حسب قوله، فذلك يقتضي شيءً آخر، وهو الاستعداد والتدريب، وإجراء مقابلات متعددة حتى يقع الانسجام بين جميع عناصر الفريق، وبعدها يمكنكم أن تنتصروا، ويكون لانتصاركم طعم صادق، بدون غش أو إكراه الخصم بالقوة غير المشروعة على الانهزام، إن ذلك لن يسمى انتصارا حقيقيا، وإذا كانت الكرة الآن تعود لملكيتكم ففي وقت لاحق ستتمزق بدورها، وتصبحون أنتم كذلك بدون كرة، حينها قد يكون فريق الرحمة قد توفر على كرة جديدة، يمكنهم حينذاك أن يشركوكم معهم في اللعب، على أي لن ينسوا معروفكم تجاههم، لكن عليكم جميعكم ألا تنسوا مراجعة دروسكم.
أنصتنا باهتمام لحديث الأستاذ، وقد اقتنع كل الأطفال بما قال، وبذلك عرفنا أن القانون العادل حينما يوضع يجب أن يحترمه الجميع، ولا يتم تغيير بنوده إلا باتفاق الجميع...
غادرنا الأستاذ بعدما اختار لنا من بين الأطفال حكما يُشهد له بالصدق والأمانة والاطلاع على قانون لعبة كرة القدم.



#مصطفى_لمودن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسطين تحتاجنا جميعا
- أي أفق ينتظر تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية ...
- المستخلصات غير المستحقة للمنتخبين الجماعيين(المغرب)
- قصة للأطفال: لو أن الحمار يدافع عن نفسه
- مدن صغيرة ومتوسطة أشبه بقرى كبيرة (المغرب)
- مراجعة أوضاع المراكز الفلاحية (المغرب)
- قرية بن اصميم تحتج من جديد على قرار تفويت الماء (المغرب)
- من قصده إهانة وزير سابق؟ (المغرب)
- من يؤكد سلامة لعب الأطفال في المغرب ؟
- يتهيأ المدونون المغاربة لتأسيس إطار تنظيمي خاص بهم
- عين على مهزلة
- قصة قصيرة: الحيرة
- قصة: تاء التأنيث المتحركة
- تأسيس جمعية العقد العالمي للماء بالمغرب (أكمي المغرب) خطورة ...
- حسين السلاوي، جرأة في التعبير وجدارة في الإبداع (من الفن الم ...
- المعروف على الرصيف!
- اسبانيا تستورد اليد العاملة النسوية من منطقة الغرب (المغرب)
- المعروف على الصيف
- أعمال شاقة وعائد هزيل
- قصة قصيرة: الحيرة


المزيد.....




- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...
- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...
- -لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى لمودن - لكل لعبة قانون(قصة للأطفال)