أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - الأدب في خطر !














المزيد.....

الأدب في خطر !


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 2223 - 2008 / 3 / 17 - 08:11
المحور: الادب والفن
    



" الأدب في خطر " هذا هو عنوان كتاب الناقد الفرنسي المعروف تيزفيتان تودروف الذي ينبهنا بقوة إلي أزمة الأدب المعاصر التي تنذر حتى " بزوال القراءة في الأجل القريب ". والخطر الرئيسي الذي يهدد الأدب هو تلك النظرة الشائعة التي فصلت العمل الأدبي – بطرق مختلفة – عن دوره الاجتماعي. أهمية هذا الحديث تأتي من أن صاحبه ناقد يقف على طول الخط ضد الأدب الدعائي ، والعقائدية ، والواقعية الاشتراكية ، بل والماركسية ، لكن تلك الخصومة لا تمنعه من التنبه والتنبيه إلي الركيزة التي قام عليها كل أدب عظيم وهي صلة الأدب بالعالم الموضوعي الخارجي . والخطر الذي يحدق برسالة الأدب يأتي من " الشكلانية " التي ترى أن دور الأدب هو العناية أولا بالبناء المبتكر وطرائق توليد النص والأسلوب والأشكال السردية وباختصار التركيز على التقنية بكافة وسائلها . المصدر الثاني للخطر هو النظرة الفلسفية العدمية التي ترى أن تغيير الواقع والعالم أمر مستحيل، وأن الحقيقة الوحيدة الباقية هي ذات الكاتب الذي تسوقه نرجسيته إلي أن يصف بأدق التفاصيل أدنى انفعالاته وأتفه تجاربه الجنسية وذكرياته الأشد سطحية لأنه بقدر ما يكون العالم منفرا بقدر ما تكون الذات جذابة! ويقول" تودروف " إنه من السهل العبور من " الشكلانية " إلي " العدمية"،
أو العكس ، أو ممارسة الاثنين معا في وقت واحد . المصدر الثالث للخطر هو ما يسميه الناقد بنزعة " الأنانة " أي القول بأن " الأنا الذاتي " هو الكائن الوحيد الموجود ! هذه الاتجاهات التي قطعت الصلة بين العمل الأدبي والمجتمع برزت كأقوى ما يكون في مدارس مثل " البنيوية " و" التفكيكية " التي قامت على بتر العلاقة بين الأدب ودوره الاجتماعي فأصبح العمل الأدبي : " معروضا باعتباره موضوعا لغويا مغلقا ، مكتفيا بذاته ، مطلقا .. باعتباره مجرد علاقات بين أجزاء العمل الفني وعناصره " ، وكأن : " رفض تسخير الأدب والفن للأيديولوجيا يستلزم بحد ذاته تلاشي كل صلة بين العمل الفني والعالم " . ويؤكد " تيودروف " أن الأعمال الأدبية تحيا دائما ضمن سياق وفي حوار معه ، ولهذا لا ينبغي للوسائل أن تصبح غاية ، ولا للتقنية أن تنسينا الهدف من العمل . ويوضح الكاتب أن علاقة الأدب بالعالم الخارجي كانت مؤكدة بقوة منذ أن ظهرت " النظرية الكلاسيكية للشعر " عند أرسطو الذي اعتبر الأدب " محاكاة للطبيعة " وأن وظيفته – حسب هوراتيوس – هي " المتعة والفائدة " ، لكن العصور الحديثة زعزعت هذا التصور أولا بالتركيز على صورة الفنان المبدع الذي ينتج أعمالا متناسقة منغلقة على ذاتها وتكتسب أهميتها من اتساقها وليس من علاقتها بالحياة ، وثانيا بالتركيز على أن دور الفنان ليس محاكاة الطبيعة ولا الإفادة والإمتاع ، بل إبداع الجمال ، والحال : " أن الجمال يتصف بكونه لا يفضي لشيء يتجاوز ذاته " . ومع ذلك فإن مفكرى القرن 18 حين جعلوا من الجمال معيارا أساسيا للحكم على الأدب ، لم يسعوا إلي قطع الصلة بين الأدب والعالم ، لكنهم فقط حولوا مركز الثقل من " المحاكاة " إلي " الجمال ". لكن القطيعة بين الفن ودوره الاجتماعي وصلته بالحياة والواقع تمت في مطلع القرن العشرين مع رواج الدعوة القائلة بأن هدف الفن الحقيقي هو : " إبداع الجمال " بكل ما يعنيه ذلك من استبعاد أي بعد معرفي للعمل الأدبي . وأصبح نموذج العمل الفني هو ذلك الذي حدده كارل فيليب بقوله : " لا ينبغي للعمل الفني أن يتحدث عن شيء خارج عنه ، لا ينبغي أن يتحدث إلا عن نفسه ، وكينونته الداخلية ، ينبغي أن يصير دالا بنفسه " . ويعتبر الناقد الفرنسي أن السقوط في فخ " الشكلانية " هو الوجه الآخر للسقوط في فخ الأيديولوجيا والأدب الدعائي ، فكلاهما يمثل طريقا مسدودا ، وأن علينا أن نستفيد من كل إنجازات المدارس الحديثة على أن نذكر دائما " الهدف " من العمل الأدبي ، وارتباطه بالمجتمع وبسياقه التاريخي . الأدب في خطر ، وليس أدل على ذلك من إشارة " تيودروف " إلي القطيعة الظاهرة بين الأدب الجماهيري وأدب النخبة الذي يقرأه المحترفون فقط من الأساتذة والنقاد والكتاب . يختتم " تيودروف " كتابه الهام بتساؤله : " أليس من مصلحتنا أن نحرر الأدب من القيود الخانقة المصنوعة من ألعاب شكلانية وشكاوي عدمية وتمركزا أنانيا على الذات ؟ ". وأضيف أن تحرير الأدب من تلك القيود يخدم أول ما يخدم الأدباء أنفسهم . الكتاب صادر عن دار " توبقال " المغربية ، ترجمه عبد الكبير الشرقاوي الذي يستحق التحية لاختيار الكتاب وللترجمة .
***
أحمد الخميسي . كاتب مصري
[email protected]



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حصان فلسطيني أحمر
- حدثونا الان عن السيادة المصرية !
- فيلم - حين ميسرة - عندما يولد الفن ولا يعيش
- مقالات د. محمد مندور
- أبوتريكة يسجل هدف التعاطف مع غزة
- الدب الروسي يثير القلق
- الشاعر أحمد حجازي و - استحالة حوار -
- بنات علم وكرامة
- البكاء على الأشرطة الأمريكية
- رحيل رمسيس لبيب
- فرصة سعيدة
- تشيخوف والمثقفون .. نص لم ينشر
- الخطر الذي يهدد الصحافة المصرية
- في محبة الوهم
- من أطلق لرصاص على هند علام .. لكي أشكره ؟
- من أطلق الرصاص على هند علام ..لكي أشكره ؟
- من الأردن إلي شيكاغو
- سلاطين المماليك وخيال الظل
- روايات الكاتبة الروسية ناتاليا فيكو
- الدولة والإخوان في مصر


المزيد.....




- كفن المسيح: هل حسم العلماء لغز -أقدس- قطعة قماش عرفها التاري ...
- الإعلان عن سبب وفاة الفنان المصري سليمان عيد
- الموت يغيب النجم المصري الشهير سليمان عيد
- افتتاح الدورة السابعة والأربعين لمهرجان موسكو السينمائي الدو ...
- السوق الأسبوعي في المغرب.. ملتقى الثقافة والذاكرة والإنسان
- مبادرة جديدة لهيئة الأفلام السعودية
- صورة طفل فلسطيني بترت ذراعاه تفوز بجائزة وورلد برس فوتو
- موجة من الغضب والانتقادات بعد قرار فصل سلاف فواخرجي من نقابة ...
- فيلم -فانون- :هل قاطعته دور السينما لأنه يتناول الاستعمار ال ...
- فصل سلاف فواخرجي من نقابة فناني سوريا


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - الأدب في خطر !