عزيز باكوش
إعلامي من المغرب
(Bakouch Azziz)
الحوار المتمدن-العدد: 2220 - 2008 / 3 / 14 - 08:07
المحور:
الادب والفن
ولدي العزيز ، هناك أكثر من ألف سبب يجعلني أحدثك عن المستقبل كجمر لاهب ، لكني ، سأكتفي بواحد من الألف ، إذا شاء قدرك, يابني ، وكتب الله عليك مهنة التعليم بعد حصولك على شهادة الإجازة ، بعد أن تكون أنهيت سنة تكوين على عجل ,حتما تذكر، سيتم التطويح بك بعيدا , بعيدا ، وقد سار في عرف الوزارة الوصية ذلك , وسيدون تعيينك أستاذا على ذمة التحقيق بمنطقة نائية , لذلك ، أنصحك ، وأوصيك ، والوصية لاتقتل ولا تحي ، لا تغتر ، فتضع علامة في خانة مجموعة مدرسية , سهلة النطق، واسمها يسيل اللعاب , كالياسمين ، او مدرسة الزهور ، او ماشابه ذلك ، لأنها من النوع الذي ستحتاج معه أثناء كل شتنبر دراسي ، إلى 10 حمير ، لنقل الماء من بعيد بعيد , و5 فتية متطوعين مراهقين من الدوار,ورخصة من شيخ القبيلة , من اجل تطهير المكان و تنظيفه من براز البشر.
هي حلقة علقها بأذنك , لا تجازف, لا تجازف , لاتجازف.
وأنت تتصفح دليل المؤسسات الشاغرة بفرح ملتبس, لا تضع علامة على رمز المجموعة المدرسية انطلاقا من شاعرية اسمها. الذي يبدو لك جذابا بالتأكيد , فكثيرا ما تكون مجموعة مدارس الزهور, وهنا اسأل المجرب لا تسال الطبيب . مجرد فخ وطعم يقودك نحو صحراء صفراء قاحلة , لا انس يسير ، ولا طير يطير ، ومدرسة الياسمين , مجرد بناء مفكك,في فراغ ممحل وسط مطرح نفايات الدوار .
أما مجموعة مدارس النور، نور الشمس طبعا ، فهي بالكاد تجمع عمراني متباعد تتوسطه بناءات مندسة ، تميل واحدة على الأخرى في عناق فوضوي يقطنها بسطاء سلالات وقبائل بشرية لا يعرف شبابها متى حصل المغرب على استقلاله.
وعند غروب شمس النهار , يجهز خوف مجهول المصدر على نفوس الساكنة , لتعيش صراعا مزدوجا مع الضباع والحيوانات المفترسة ،ومع الظلام .
سوف لن أحدثك عن الطريق في الجبل ووعورته , والنهر الذي يجرف البساتين وأشجار اللوز كل شتاء , لأني أعرفك أطرى من عود أخضر ، مادام الخبز والبيض لازمة شتاء الربيع والصيف الخريف لديك ..أما حكاية السوق الأسبوعي ، ذاك المستنقع الذي لا بد منه .. حيث الشاحنات التي تجرها البغال , فقد علمتني كيف أتجرع طعم الذل ، واسميه بإصرار قدرا وواقية.
لن أسهب أيها الفتي الصاعد في وصف البداوة التي أدمنت الكوكا , ورسمت للحب قلوبا وسهاما وعلامات على كل مدخل بنفس مهزوم . وسعر الحليب الذي ارتفع , والتيرسي ومقاهي الفيديو الحمراء وخبطة البارابول.. والمحمول والويل لكحل..سأخدش حياءك هذه المرة , أعذرني ، سأحدثك عن التربية بمعناها المعجون بألف حديث ورواية ، ..عن غياب النظافة بالمؤسسات التعليمية التي أمضيت نصف عمري بها ..إنها مشكلة حقيقية , ولعلها مظهر من مظاهر تخلفنا.. الذي ظلت تقارير البنك الدوليالمترادفة ، تخجل من ترسيمه فوق بياضنا ، وتحرج المشرع على مدى عقود حتى يتفادى الصرامة .. ويتجنب الحزم , وهما الحلقتان المفقودتان على ما يبدو في ميثاق التربية والتكوين الجديد.1 عزيز باكوش .يتبع
#عزيز_باكوش (هاشتاغ)
Bakouch__Azziz#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟