|
قبر لكل صحفي..!!!
كريم كطافة
الحوار المتمدن-العدد: 2217 - 2008 / 3 / 11 - 11:12
المحور:
كتابات ساخرة
قرر السيد محافظ النجف (أسعد أبو كلل) أطال الله عمره ومن والاه إلى يوم الدين بتخصيص مقبرة للصحفيين العراقيين. الخبر على ذمة راديو (سوا) ليوم 1/3/2008. إذ اهتم السيد أو السيدة محرري الخبر بردود أفعال الصحفيين العراقيين على هذه المكرمة أكثر من تسليطهم الضوء على حيثيات وموجبات وآفاق المكرمة. ومن جهتي سأفترق عن جموع الصحفيين بالخوض في حيثيات وموجبات وآفاق هذه المكرمة الكريمة.. لأني أظن (والظن ليس كله إثم) أن السيد المحافظ (أبو كلل) أراد قطع دابر ألسن جمعية الصحفيين الدولية التي لا تمل بمناسبة وبدونها من ترديد مقولة (أن العراق هو أخطر مكان بالنسبة لعمل الصحافيين حاليا). وبالطبع وكعادة الجموع من خارج العراق لا يشيرون إلى من يهدد حياة الصحفيين بهذا الخطر المحدق. يتركون الخبر هكذا مشاع لخيال واستنتاجات المحللين من الفطاحل إلى الكتاكيت الموضوعين على قائمة القنوات الفضائية العربية وغير العربية. كل يحلل على ليلاه وقالوا عن ليلى أنها مريضة في العراق.. أقول أفترق، لأن السادة والسيدات من الصحفيين العراقيين الله يهديهم سواء السبيل، قد ردوا على المبادرة بشكل قاس نوعاً ما. نعم، لقد أمطروا السيد المحافظ بوابل من قذائفهم الصحفية منها الساخر ومنها الجاد والعابس. منهم من قال أن هذا نذير شؤم وقائل أنه يشم رائحة (شعواط) في الأفق وثالث تبطر أكثر من غيره وطالب السيد المحافظ بدلاً من القبر بتخصيص دار سكنية تسكن فيها نفس الصحفي وعائلته بعيداً عن حياة الترحال بين بيوت الإيجار وأمزجة أصحاب الملك.. ورابع بدأ يحزم متاعه المنقول ليشد الرحال لا يعلم إلى أين.. الغريب في أمر الصحفيين أنهم لم يتحلوا بصفتهم كصحفيين ببعد نظر وأفق أوسع قليلاً من أفق مقبرة الكرخ الثانية.. لم يتحلوا بأفق يشبه أفق مقبرة (دار السلام) الكائنة في النجف مدينة السيد المحافظ مثلاً وكيف أنها مقبرة ممتدة بلا أفق يحدها. والواضح أنهم (الصحفيون) لم يكتوا بعد بنار الدفن بعد الموت وماذا تعني عواقب البحث عن قبر ومغسل وفي النجف لا في غيرها إلى جوار قبر أمير المؤمنين. يا سادتي مبادرة السيد المحافظ هذه، لم تجرؤ عليها أغنى بلدية في أوروبا الغنية، ما زالت قضية التأمين لما بعد الموت تشغل عقول وجيوب دافعي الضرائب الأوربيين، بل هناك بورصة كبيرة لشركات التأمين التي تتفنن بأساليب الدعاية والإعلان لإغراء المواطن بدفن وقبر مريحين. وها هو السيد المحافظ يقدم لكم دفناً وقبوراً مؤمنة من الباب إلى المحراب وكلها بالمجان.. ماذا تريدون أكثر.. لماذا تثبتون التهمة البائنة عليكم بتمسككم بحطام الدنيا دون حطام الآخرة.. والآخرة خيراً لكم من الدنيا.. هذا إن كنتم تعلمون.. لكن كيف لكم أن تعلموا..؟ على الصحفي أن يعمل لآخرته كأنه سيموت بعد دقيقة.. من أين له أن يدري أن المفخخ أو المفخخة منتظراً عند بسطة الطماطة لتجميع أكبر عدد من المشترين وأنت مقبل (يا غافل إلك الله) على شراء كيلو لطبخة اليوم.. من أين لك أن تدري أن الذباح أو الصكاك أو من بيده السيف والبندقية والقضية لا يترصدك عند الزاوية الكائنة على مدخل بيتك.. هؤلاء إناس لا يمزحون يا سيدي هم في لهفة من أمرهم.. سينعمون بليالي حمراء وخضراء وبيضاء في ديسكوات سماوية فيها نجوم متلألة كنجوم العلم العراقي التي احتار فيها نواب الشعب.. من أين لك أن لا يغضب عليك رئيس تحريرك ويعلسك.. من أين لك أن تعرف مزاج رئيس هذه الكتلة أو تلك من الكتل الحاكمة والمحكومة، أن لا يضع تحت اسمك خط أسود عريض.. ثم أن الرجل هو محافظ النجف.. وليس محافظ لمدينة أخرى.. وإذا كان بإمكان كل محافظ أن يتبرع ويجود بما تجود به مدينته.. ألا تشتهر النجف أنها مدينة المراقد المقدسة ومدينة أكبر مقبرة على سطح كوكبنا العجوز.. مقبرة شرهة لا تمل من التهام ضيوفها.. كأنها الجحيم بعينه حين يكلمها الخالق أما شبعت.. تجيبه؛ بل زدني.. ثم لِمَ لا تكون هذه المبادرة فاتحة لمبادرات أخرى تحرك الدماء في عروق بقية المحافظين.. مثلاً يتبرع محافظ البصرة بتخصيص كم برميل نفط أبيض لشؤون ومتطلبات العزاء لعوائل الصحفيين.. ومحافظ العمارة يتبرع بكم لتر من الزئبق الأحمر بمثابة (قراية فاتحة).. ومحافظ الموصل بكم كيس من الحنطة المزروعة في أرض الجزيرة ومحافظ ديالى يتبرع بتشكيلة لطيفة من فواكه بساتين المدينة من الرمان والخوخ والتفاح والبرتقال وحسب المواسم ومحافظ دهوك بكم كيس من الجوز الطازج ومحافظي أربيل والسليمانية يتبرعون مثلاً بتخصيص أماكن تنتجع فيها عائلة الصحفي بعد قضائها لمتطلبات العزاء والحزن على فقيدها.. ألا ترون أن الأفق أوسع من الخيال يا سادتي..؟؟؟
#كريم_كطافة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحاجوز
-
العراق بين ظهر النص وصدره..!!؟
-
من اللثام إلى الشفافية
-
محنتنا مع سارق الأكفان وولده
-
أخيراً.. أحدهم قد خجل
-
بيروكوست وحكايات صدام حسين
-
فاقد الشيء لن يدافع عنه..!!؟
-
كرة الدين في ملاعب المسلمين..!!؟
-
إلى قناة -الشرقية- حصرياً..!!؟
-
عن حكمة إله الدماء...!!؟
-
لا تزعجوهم.. أنهم يتحاصصون
-
تحولات العالس والمعلوس ..!!؟
-
ماذا يحدث في سومرستان وأنباريا!!؟
-
نسخ الله المتكاثرة..!!؟
-
داء الذئب السياسي ومصائد الخرفان
-
تجحيش الديمقراطية
-
قل لي ما لون قميصك قبل عشرين سنة.. أقل لك من أنت
-
في جدل الروائي المؤرخ
-
صحيح العراقي
-
بين الملاكم (تايسون) و(فيصل القاسم) ثمة جثة..!!؟
المزيد.....
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|