|
التربية الجنسية ، بين نار العيب ونار الحرام
لبنى الجادري
الحوار المتمدن-العدد: 2216 - 2008 / 3 / 10 - 10:49
المحور:
العلاقات الجنسية والاسرية
التربية الجنسية : هي عملية تفسير النوع البشري ، ( ذكرا ً كان أم أنثى ) إلى الأبناء وأهمية كل جنس بالنسبة الى الجنس الآخر ، مصحوبا بالتقدير والاحترام المتبادل . والتربية الجنسية ..هي نوع من أنواع الثقافة التربوية التي يجب على جميع الأفراد إدراك أبعادها. ..فالجنس في نظر الغالبية ، هو الطريق السالك للانحراف والمؤدي الى معصية الخالق ونشر الرذيلة ، وتشتعل العلامات الحمراء في أذهان الكثيرين حال سماعهم بكلمة ( جنس ) ، فهي المثيرة لغرائزهم والمحفزة لسوء ظنونهم ، وما يجهله الغالبية العظمى من الأفراد في مجتمعنا العربي ، هو معنى التربية الجنسية الذي يخاف الكثيرون طرق بابه لأسباب اجتماعية وأخرى دينية . إن المقصود بالتربية الجنسية ، هو تعريف الأفراد بالنمط الجنسي والنمط هو نوع الجنس وليس العملية الجنسية. كما أن التنميط الجنسي ..هو معرفة كل نوع بجنسه ، فالبنت لها الحق في التعرف على نوع جنسها وأنها أنثى ، ويتوجب تعزيز قناعتها ورضاها نحو جنسها وعدم التقليل من شأنه لأي سبب كان ، وكذلك الذكر على حد سواء ، والمطلوب دائما ً هو تصحيح السلوك الخاطئ لصاحب ذلك الدور. إلا أن هناك عاملان يتعاملان مع التربية الجنسية ويؤثران عليها ، وهما : 1- العامل الديني ...حيث يلعب الدين الدور الأكبر في تسيير حياة الناس الذين يعتمدون عليه في تحديد وجهات حياتهم ، ولذلك فقد فسر ذوي الاختصاص بالدين الحياة الجنسية ، على أنها عورات يحرم التحدث عنها أو الاقتراب منها قدر المستطاع ، وان من يفتح هذا الباب كأنه يفتح بابا ً من أبواب الشيطان ، يصعب غلقه أو السيطرة عليه. 2- العامل الاجتماعي .. إن التطور الاجتماعي البطيء الذي تعيشه المجتمعات النامية لم يعط ِ هذا الجانب الأهمية الكافية ، إذ ترك للتأويل والتوجيه الأسري ، حيث أخذت الأسرة على عاتقها الإشارة إلى حافات الموضوع واتخاذ الخبرة الشخصية والقناعة المفردة في التوجيه وبما يرتأيه المجتمع الذي يتواجد فيه الفرد ، وأصبح الأفراد الذين يحاولون إثارة مثل هذه المواضيع ، كالذي يدخل في دروب مغلقة ، يتهمونهم بالنوايا السيئة ، ويبتعد عنهم المقربون ، ويثيرون اشمئزاز الآخرين ، وعليه ، فقد ظل البحث في هذا المجال أمرا ً في غاية الصعوبة. كثيرٌ منا يلجأ الى تربية أطفاله كما تربى هو في كنف أسرته ، فهي التربية الحقـّة في نظره ، دون أن يدرك ، أن المجتمع يفرض عليه تطورا في جميع الجوانب ، ومن ضمنها الجانب الجنسي ، فليس من المعقول أن تبقى التربية ثابتة في جانب ما ومتطورة في جانب آخر ، بل هي عملية تطورية ديناميكية ، الهدف منها خلق أفراد قادرين على الانخراط في ثنايا وجوانب المجتمع ،فمثلا كان التعليم حكرا على الذكور ، ومن ثم بدأت المرأة باختراق هذا الحصن ، ومن ثم أصبحت لها الحقوق الكاملة في التواصل مع العلم لأعلى مرتبة علمية ممكنة ، وهذا تطورا في مفهوم المجتمع المدني ، وفي الحقيقة ، فقد استفادت هذه المجتمعات من نشر الثقافة بين صفوف أبنائها ، وبشكل خاص الكادر النسائي ، وأصبحت الفوارق الجنسية مقتصرة على النوع والتكاثر واستمرار الجنس البشري . إن دراسة الجنس ، هي دراسة لسايكولوجية الفرد ، والتعرف على جوانب حياته الخفية ، فالحياة الجنسية ليست مقتصرة على العلاقة الفسيولوجية بين المرأة والرجل ، بل هي نمط المعرفة الجنسية بما متوقع من قبل كل جنس وما يقدمه للمجتمع ، وفق ما يتناسب مع نوعه وقدراته الشخصية. إن العبء الأكبر في استمرار التثقيف الجنسي يقع على مدى فهم الأسرة وتقديرها لهذا الجانب المهم والخطر في الحياة ، فالفتاة الصغيرة يجب أن تمنح الفرصة للتعرف على جنسها وما تملكه من مميزات ، ابتداء من الشكل الخارجي وانتهاء بنوع السلوك المتوقع والمنتظر منها ، والأم يجب أن تنمي في الطفلة الصغيرة حب جنسها والاعتزاز به والمحافظة عليه ، إذ أن الأسرة هي أول المؤسسات الاجتماعية التي يجب أن تعطي المعلومات والتفسيرات المقنعة للطفل ، لذا وجب على الأسرة تعليم أطفالها : 1- احترام كل فرد لجنسه سواء ً كان ذكرا ً أم أنثى ، والتأكيد على أن لكل منهما مهام فسيولوجية وأخرى اجتماعية مختلفة . 2- توجيه الطفل حسب جنسه ، فمثلا ً ، البنت توجه نحو الجلوس الصحيح وخفض الصوت أثناء الحديث وتعريف الفتاة بأهمية دورها الأنثوي في الحياة ، وما شابه ذلك . وتدريب الأطفال الذكور على بعض الواجبات التي تتعلق بنوعهم ، ...الخ 3- تعليم الأطفال ، إن الله خلق الناس (ذكرا ً و أنثى ) ، و بهما تكون الحياة . 4- التعريف بالفروق بين البنت والولد عند وصولهم الى الإدراك الزمني المناسب والذي غالبا ً ما يكون في مرحلة الطفولة المبكرة . 5- التواصل الأسري في التوجيه والمتابعة من خلال الحوار المفتوح والمصارحة ورحابة صدر الآباء في الرد المناسب لكل أسئلة الأبناء. إن التربية الجنسية ، هي تربية للأخلاق الحميدة التي يحتويها كل جنس ، وعندما تعمل الأسرة على توطيد معرفة الأطفال بجنسهم وتشجيعهم على احترام كل فرد لذاته ، وان الفارق في الجنسين لا يعني إعطاء أفضلية لجنس على آخر ، بل احترام الجنسين بشكل متبادل لإدامة الحياة بكل تفاصيلها ، وعليه سيقف الجيل الجديد على أرضية من الثقافة الجنسية الضرورية التي تؤهلهم لممارسة دورهم الإنساني دون عقد تجاه جنسهم .
#لبنى_الجادري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأدوار الأجتماعية .. أدوار مسرحية على خشبة الحياة
-
الآصرة الأسرية هي الحبل السرّي للعائلة المتماسكة
-
إنك لا تصنع الحب .. ولكنك تداريه !
-
الأنفجار العاطفي لا يقتل أحدا ً
-
المنافسة الأخوية ... مباراة لا تحسمها حتى ضربات الجزاء
-
في بيتنا آنسة ..؟
-
النجاح
-
الثقة ... جسر متين الى عالم الأطفال
-
الضمير ... معلم خارج نطاق المدرسة
-
القِصّة .. فراشة ٌ تحلّقُ بين عقل ِ الطفل ِ وحواسه
-
الاضطرابات السلوكية .. الحلقة الثامنة .. السلوك العدواني ..
...
-
الاضطرابات السلوكية .. الحلقة السابعة .. لا يكذب الأطفال ...
...
-
الاضطرابات السلوكية ... الحلقة السادسة .. التبول اللاإرادي .
...
-
الاضطرابات السلوكية - الحلقة الخامسة - التعلق ،... تأرجح بين
...
-
الاضطرابات السلوكية ... الحلقة الرابعة ... الخجل ... خمار ال
...
-
الاضطرابات السلوكية .. الحلقة الثالثة .. الغضب .. بركان من ا
...
-
الاضطرابات السلوكية .. الحلقة الثانية ... عادات النوم ... أد
...
-
الاضطرابات السلوكية _ الحلقة الأولى _ العناد ... شدّ حبل بين
...
-
رسوم الأطفال ... رسائل يجب أن نفهمها
-
الأطفال لا يرثون الخوف
المزيد.....
-
فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى
...
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %
...
-
نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية
-
روسيا.. غرامات بالملايين على الدعاية لأيديولوجيات من شأنها ت
...
-
فرنسا: مئات المنظمات والشخصيات تدعو لمظاهرات مناهضة للعنف بح
...
-
السعودية.. إعدام شخص اعتدى جنسيا على أطفال بالقوة وامرأة هرب
...
-
تطبيق لتوزيع المهام المنزلية وتجنب الخلافات داخل الأسرة
-
-دعت إلى قتل النساء الفلسطينيات-.. أستراليا ترفض منح تأشيرة
...
-
مشهد يحبس الأنفاس.. شاهد مصير امرأة حاصرتها النيران داخل منز
...
-
السعودية.. الداخلية تعلن إعدام امرأة -تعزيرا- وتكشف عن اسمها
...
المزيد.....
-
الجندر والجنسانية - جوديث بتلر
/ حسين القطان
-
بول ريكور: الجنس والمقدّس
/ فتحي المسكيني
-
المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم
/ رشيد جرموني
-
الحب والزواج..
/ ايما جولدمان
-
جدلية الجنس - (الفصل الأوّل)
/ شولاميث فايرستون
-
حول الاجهاض
/ منصور حكمت
-
حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية
/ صفاء طميش
-
ملوك الدعارة
/ إدريس ولد القابلة
-
الجنس الحضاري
/ المنصور جعفر
المزيد.....
|