أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ديمة جمعة السمان - امرأة بألف رجل..!














المزيد.....

امرأة بألف رجل..!


ديمة جمعة السمان

الحوار المتمدن-العدد: 2216 - 2008 / 3 / 10 - 09:13
المحور: الادب والفن
    


تأوّهت .. شكت .. بكت ..( ألفا شاقل وتقول كثير؟ يا لك من نتن بخيل.)
أمسكت بالنّقود تقرّبها من أنفه : ( تمنّ عليّ بنقود بلّلها عرقي .. وتأوّه منها شقائي وتعبي.. وطهّرها وفائي وأمانتي؟؟ تعدّها ويدك ترتعش .. ومع كلّ عدّ كلمة تعكّر الدّم .. وفحيح أفعى تنفث السّم؟؟
" ألفان ".. كلمة ثقيلة .. يتعثّر بها لسانك .. وتمطّها طويلة .. مغموسة بالألم والحسرة.. تغصبها من أعماق روحك؟
حتى بتّ أشعر أنّك بعد نهاية عدّ الألفين ستكون روحك قد وصلت حافّة أنفك.
" ألفان" .. يصعب على لسانك نطقها .. ويثقل على يدك عدّها؟؟!
أمّا ثماني سنوات قضيتها في جهد وكدّ وعمل فيستخفّها لسانك .. ولا يتذكّرها ضميرك ؟؟!
ثماني سنوات كنت فيها عمود الوسط للخيمة .. حتى انحنى ظهري .. وابيضّ شعري .. ولبست النّظارة عيني.. إلى أن أصبحت الخيمة مصنعا .. لها فروع وسمعة وشهرة.
كانت البداية ثمانمائة شاقل .. تدفعها شهر .. وتتأخّر أشهرا إلى حين ميسرة.
وعندما كانت تمرّ الأشهر .. كنت تعطيني ما يتذكّره ضميرك.. ولم تكن تعطيني حقي أبدا.
والله لو أنّ جهدي كان من حجارة .. لكان اسمي مكتوب على كل حجر في هذا المصنع. ولو أن ميزان العدل منصوب على الأرض .. لكنت شريكة لك في هذا المصنع.
وتمر الأيّام .. يتّسع ويكبر المصنع.. ويحتاج إلى موظّف.. فيكون راتبه ثلاثة آلاف شاقل!
أمّا أنا .. وثماني سنوات من العمل والجهد والجدّ والإخلاص والتّعب .. وظهري الذي تقوّس .. وشعري الذي شاب ...!! ألفا شاقل فقط..؟؟!!)
قال الحاج رشاد .. صاحب المصنع :
- " يا ابنتي يا ( لطيفة) .. إنّه رجل ".
شهقت لطيفة تستغرب:
- " تقصد أن تحمّلني ذنب أنني أنثى!"
- " لا يا ابنتي.. إنّه نظام المؤسسات والشّركات والمصانع.. هنا في هذا البلد."
- " والكفاءة يا حاج رشاد؟!"
- " سؤال لا أعرف له إجابة.. سوى أنّني رجل من هذا المجتمع.. حتى أنّ الله سبحانه وتعالى قال في كتابه العزيز (للذكر مثل حظ الأنثيين) .. صدق الله العظيم.
قالت غاضبة :
- " هذا شرع الله في الميراث يا رجل.. لا تفسّر الشّرع حسب مصلحتك.. أنا لن أرثك .. وهذا الموظف ليس أخي .. فالذي ينطبق على مثل حالنا هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم( الثواب على قدر المشقّة).
مضت أشهر قليلة .. إذا براتب الموظف أحمد يزداد .. حرّك الظلم لطيفة .. فذهبت للحاج رشاد تتظلّم :
- " يا حاج رشاد أنصفني".
نفر في وجهها :
- " كفّي عن التّظلّم يا لطيفة .. فماهرة الفتيات لا يتعدّى راتبها ألف شاقل في أيّ مصنع".
قالت ملتاعة :
- " وخبرتي وكفاءتي .. والسنوات التي قضيتها في هذا المصنع ؟"
ضاق صدره يتأفّف :
- " كل هذا لا يستحق أكثر."
ثم رفع صوته مهددا :
- " هما خياران ليس لهما ثالث .. أن تستمري في عملك .. أو مع السّلامة .. تغادري إلى بيت أهلك".
كانت كرامة لطيفة أكبر من الخوف والتهديد والتّرهيب .. فآثرت الخيار الثاني.. إلا أنها لم تذهب إلى بيتها .. ذهبت من فورها إلى السوق .. وابتاعت ماكنة نسيج .. وبدأت العمل.
أمّا الموظّف الجديد أحمد .. فقد نال ثقة الحاج رشاد صاحب المصنع .. ومضت السنين تزحف .. والمصنع يتأخر ولا يتقدّم .
إلى أن جاء يوم أرسل فيه البنك إشعارا للحاج رشاد .. أن يسدّد دينا قد تأخّر .
انطلق الحاج رشاد مذعورا إلى بيت أحمد .. طرق الباب .. الباب مقفل .. طرق الباب أكثر .. فجاءه الجواب من الجيران: ( سافر أحمد إلى أمريكا).
اتخذ البنك إجراءاته .. وعرض المصنع في المزاد .
دارت الدنيا في الحاج رشاد .. وأخذ يتذكر( هي لطيفة وحدها .. أضع يدي في يدها .. ونعيد بناء المصنع .
سأل .. أخذ العنوان.. إذا به يقف أمام مصنع .. قرأ اليافطة .. تعجّب !!
لطيفة صاحبة هذا المصنع!!
رأته لطيفة .. تقدّمت منه .. أمسكت بيده :( تفضل يا حاج رشاد).
نظر إليها نظرة إكبار: " تستحقين ذلك وأكثر .. أنت يا لطيفة المرأة التي ينطبق عليها المثل..(امرأة بألف رجل.) "



#ديمة_جمعة_السمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...
- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ديمة جمعة السمان - امرأة بألف رجل..!