ناس حدهوم أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 2214 - 2008 / 3 / 8 - 05:57
المحور:
الادب والفن
هنا مدينة سبتة هنا حان las fuentecitas
أنطونيو يملأ الكؤوس للزبناء . والمفربي مستخدم الحان يهيىء القطعة las tapas داخل المطبخ
شربت قليلا من الجعة ثم بدأت في الكتابة داخل رأسي . جاء طفل صغير ودخل وراء الكنطوار
يسلم على أنطونيو فحدست أنه إبنه . تكلم مع والده قليلا وفجأة رأيت أنطونيو يبكي
الدموع تنهمر من عينيه لكنه لم يتوقف عن عمله كان يخدم الزبناء وهو يبكي بشدة وبحرقة .
أنطونيو لازال يبكي ولا شيء تعطل في الحانة . تأثرت قليلا ثم إلتفت الى زبون بجانبي
كان إسبانيا سألته . لماذا يبكي أنطونيو ؟
قال لي إن أنطونيو له مشاكل مع زوجته . ثم أضاف إنه رجل عاطفي يبكي بسرعة والجميع
يعرف ذلك .
ترقرقت الدموع في عيني وصرت أبكي معه دون أن يشعر أحد بذلك لأن نظارتي السوداء
أعفتني من الحرج . فكرت أن هذا الشخص يشبهني فأنا أيضا أبكي كالطفل لأقل شيء يفاجئني
تذكرت كم أبكتني زوجتي حينما كان أولادنا صغارا وكانت تلعب معي لعبة الأوراق بواسطة
الأولاد لتضغط علي وفعلا كانت تهزمني دائما .
ناديت على أنطونيو وطلبت منه كأسا آخر ولما أحضره قلت له توقف عن البكاء وإلا تحول
الحان إلى مأتم . نظر إلي بعينيه المبللتين كأنه يعجز عن تفسير شيئا تعذر علي فهمه . فعلا أنا
لا أفهم مأساة الرجل .
تناقشنا أنا والزبون الإسباني في موضوع المرأة وانتهينا في آخر المطاف إلى أن المرأة لغز.
فجأة رن الهاتق . توقف أنطونيو عن البكاء . إلتقط السماعة بسرعة فائقة وتحدث لدقائق قليلة
ثم أشرقت ملامحه ولم يعد يبكي .إعتلت وجهه مسحة من السرور ونشطت حركاته . رفع من صوت المدياع
فعمت الموسيقى أرجاء الحان . فكرت للتو أن العالم المتحضر والعالم المتخلف يتشابهان في مسألة
الأنثى .
بالصدفة رأيت شخصا أمام الحانة يبيع باقات الورد . طلبت واحدة كلفتني بضعة أوروات أخدتها
ثم سلمتها للرجل لكنه إمتنع لأن الورود لا تعطى إلا للمرأة . لكنني أفهمته بأن هذه الباقة الجميلة
ليست له . تابعت قائلا خذها ياسيدي لزوجتك إنها عنوان الصلح بينكما . أخذها أنطونيو ووضعها
على الرف منتظرة ساعة الإقفال التي كانت على وشك .
#ناس_حدهوم_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟