سعيد موسى
الحوار المتمدن-العدد: 2211 - 2008 / 3 / 5 - 02:51
المحور:
القضية الفلسطينية
((مابين السطور))
بعد خمسة أيام وعلى مدار الساعة من إعلان وزارة الحرب الصهيونية, بالهجوم على غزة تحت عنوان" المحرقة" كما اسماها نائب وزير الحرب" فلنائي", خمسة أيام من جحيم المجزرة التي تركزت في شمال غزة, وقد بدت نتائجها من بداياتها, إجرام دموي لايفرق بين مقاوم ومدني, محرقة وهولوكست صهيوني في الألفية الثالثة من النظام المتحضر الدولي الجديد, تلك المحرقة لم تكن وليدة اللحظة وليست مفاجئة بتوقيتها ولا بفعل إجرامها, بل ربما ندم الصهاينة على تأخيرها, كما تحدث المحلل السياسي الصهيوني- روني شاكيد في معرض دفاعه عن الهمجية الصهيونية الدموية في لقاء محطة ألb.b.c الإخبارية حيث قال: لقد تأخرت العملية العسكرية سنتين, كما أعلن سابقا أن الولايات المتحدة الأمريكية أعطت الضوء الأخضر للكيان الإسرائيلي بتنفيذ المحرقة, وعملت المستويات الثلاث الصهيونية" العسكرية والأمنية والسياسية" على الإعداد الجيد لتلك المحرقة, وكان الخلاف على تحديد نقطة الصفر لانطلاقها, وحقيقة الأمر أن هذه الهجمة الإجرامية انطلقت نتيجة أزمتين متوازيتين, أزمة سياسية حيث التهرب من عملية التسوية التي قد تفضي إلى دولة فلسطينية, غير واردة في الأيدلوجية الصهيونية بسبب استحالة التوافق الصهيوني على حلول مفترضة لقضيتي " القدس واللاجئين, فكان لابد من الهروب إلى الأمام, والهدف الآخر المعلن هو محاولة وقف هجمات صواريخ المقاومة الفلسطينية بالتزامن مع استمرار إطلاق اليد لعمليات الاغتيال لكل رموز المقاومة بشتى ألوانها الحزبية, بل وربما هناك هدف استراتيجي أخر من قرار الإقدام على تلك المحرقة, ألا وهو الاعتقاد بإمكانية غسل عار هزيمة" تموز" وسقوط هيبة الجيش الصهيوني ,في ميدان غير ميدان الهزيمة,.
فبالأمس القريب تم الإعلان عن تقرير لجنة"فينوغراد" كتقييم لهزيمة جيش الحرب الصهيوني في جنوب لبنان, وتوزيع مسئوليات الإخفاق وإصدار التوصيات, فكانت الخلاصة المقتضبة, إقصاء وزير الحرب السابق"بيريتس" وإعطاء فرصة لرئيس وزراء الكيان الإسرائيلي" يهود اولمرت" لإحداث اختراق وانجاز امني وسياسي وعسكري عيد للدولة العبرية وجيشها الأسطوري الهيبة, وذلك بتدخل أمريكي سياسي ملحوظ لتشكيل هذه النتيجة, لما يتطلبه مشروع " بوش" من الإبقاء على اولمرت, ثم استجلاب" يهود براك" كرجل سياسي وعسكري قوي " كوزير للحرب" والطامح إلى الوصول من جديد لسدة رئاسة الوزراء, وأكثر من ذلك إيصال " شمعون بيرز" إلى رئاسة الدولة العبرية.((توليفة سياسية أمريكية)).
وقد اختلفت المستويات السياسية والعسكرية على توقيت ونطاق العملية العسكرية البرية,من اجل وقف أو تقليص الهجمات الصاروخية الفلسطينية, لكنهم لم يختلفوا على حتمية أو ضرورة هجمة المحرقة الهمجية على غزة, وأخيرا وبعد اغتيال عدد من عناصر وكوادر المقاومة, وإطلاق رزمة من صواريخ القسام على " اسديروت" ونجم عنه مقتل مستوطن وإصابة مستوطنة أخرى, وقد تم اتخاذ قرار بدء عملية" المحرقة" بين وزير الحرب" باراك" ورئيس الوزراء"اولمرت" الذي كان متواجدا في " طوكيو" , وبدأ الهجوم بعشرات من سلاح الجو الإجرامي وفي قصف عشوائي طالت المدنيين قبل المقاومين, وهذا الفعل الإجرامي باستهداف المدنيين ليس اعتباطا أو بالخطأ, بل كان موقفا معلنا بالتصريحات الصهيونية وتهديد سكان غزة, بل وفرض الحصار والعقوبات الجماعية عليهم, والتي لم يسلم منها حتى المرضى وتركهم يلقون حتفهم قرابة "100" مريض كانوا بحاجة إلى سفر وعناية طبية خارجية خاصة, ثم إن القيادة الحربية الصهيونية تعلم جيدا أن المقاومة الفلسطينية, لاتملك ثكنات عسكرية, وليس لديها جبال" تورا بورا" للاحتماء بها , بل يعلموا جيدا الوضع الجغرافي والديموغرافي لغزة, وان عمق المقاومة هي الجماهير والمدنيين الفلسطينيين, ورغم الهجمة الدموية الجوية, إلا أنهم استقدموا لواء حربي بكامله من اجل القيام بعملية برية محدودة ومحددة لعمق 3 كيلوا مترات بريا كما سمح بذلك المستوى السياسي كحد أقصى, على اعتبار أن هذا المدى من التوغل العدواني مهما بلغ الثمن من مذابح في صفوف المواطنين, اعتقادا منهم أنها مسافة كافية لشل قدرة المقاومة على القصف الصاروخي, وعليه وبمساعدة سلاح الجو الإجرامي تسللت قواتهم البرية من الشمال وتمركزت في مواقع إستراتيجية" جبل المكبر" على مشارف مخيم جباليا, وهناك دارت معارك شرسة مع المقاومة الفلسطينية, قاموا خلالها بارتكاب مجازر بشعة راح ضحيتها على مدار خمسة أيام من جحيم المحرقة, قرابة "103" شهداء كان من بينهم" 39" طفلا , وقرابة "312" جريحا من بينهم" 49" طفلا وبعض حالاتهم حرجة وخطرة, وارتكاب فضاعات نازية بثقافة " الهولكست" ودمرت المباني فوق رؤوس ساكنيها من المدنيين النيام الأبرياء والعزل, ضاربين بعرض الحائط كل الأعراف والمواثيق القانونية والأخلاقية والإنسانية الدولية, فماذا كانت النتيجة؟؟ وهل تحقق 1% من أهدافهم؟؟؟؟
النتيجة هي ارتكاب جرائم بشرية وتقطيع أوصال الأطفال والنساء, النتيجة مقتل وإصابة عدد غير معلن بين صفوف جيشهم النازي الصهيوني, النتيجة تدمير عدد من آلياتهم,والنتيجة الأهم والتي صعقتهم وربما تدفعهم إلى تغيير تكتيكاتهم ومخططهم العدواني, ازدياد الهجمات الصاروخية بشكل مضاعف, من حيث الكم والنوع والكيف والمدى والنطاق, كانت الهجمات الصاروخية تتركز على مغتصبة" سديروت" والتي يقطنها قرابة "120" ألف مستوطن وعلى مدى 20 كيلوا متر من مرمى الصواريخ محلية الصنع, ثم كانت الصفعة المحرجة سياسيا وعسكريا, وفي ذروة المعركة مع كل تلك الجحافل العسكرية البشرية"لواء2000 جندي" وعشرات الآليات من حاملات جند ومركفاة ونمر, وعدد من المدفعية" ارض_ ارض" والسماء مغطاة بكل أصناف الطائرات" اف 16, أباتشي, استطلاع" فلم تتوقف الصواريخ بل زاد عددها, وتجاوزت المدى المعهود لتطال إضافة إلى " سديروت" كل من " عسقلان" ونتيفوت", ويصبح تهديد الصواريخ التي تجاوزت في نوعها محلي الصنع, إلى " صواريخ جراد" وغيرها لم يعلن عن نوعيته والتي طالت أماكن نائية في النقب كذلك, فأصبح نطاق التهديد الديموغرافي, لضعف عدد المستوطنين من مغتصبات" عسقلان" و" سديروت" و نتيفوت ,تهديد "250" ألف مستوطن تهديدا فعليا, أوقعت تلك الهجمات الصاروخية عشرات الإصابات بينهم حسب الإعلام الصهيوني.
وخلاصة ذلك أن عملية" المحرقة" لم تكلل بالنجاح منذ لحظاتها الدموية الأولى, وهذا سيجعل خيارات الاستمرار للهجمة العسكرية وبنفس الخطة مضاره أكثر من عوائده, فالجيش يضرب والمستوطنون يضربون ولاشيء تغير, مما أعاد كرة التخبط والصدمة إلى المستويات السياسية والعسكرية والأمنية والتي تعاني من عقدة فشل وهزيمة"حزيران" في جنوب لبنان وسقوط هيبة الأسطورة العسكرية الصهيونية الزائفة, وان تكرار ذلك النموذج في غزة وإعلان المقاومة نصرها ودحر الغزاة لهي كارثة إستراتيجية عسكرية صهيونية, وكما كتبت سابقا((إن حرب تموز نهج يفضي لزوال الكيان الإسرائيلي)) وان كان ليس الترجمة حرفيا, إلا أن الفشل في إحراق وتركيع غزة, سيكرس العجز الصهيوني الخطير, وليس أدل من تصريحات قادة الكيان الإسرائيلي, على أن قوى محيطة وإقليمية ويقصد" سوريا وإيران وحزب الله" ترقب وترصد عن كثب مجريات المعركة وتلمس التطور الذي أعلنت القيادة العسكرية عنه على مستوى الجيش بعد هزيمة تموز, ومجرد تصوير المشهد على هذا النحو من العجز لهو أمر شديد الخطورة الإستراتيجية , من حيث تداعياته لمزيد من فقدان التوازن, مما نلمسه من تصريحات المستوى السياسي والعسكري, أن لامجال للفشل مع استمرار القصف الصاروخي.
وقياسا مع الظروف العربية والإقليمية والدولية المحيطة, يتوقع إحداث تغييرات ميدانية عاجلة, حيث أن كل وسائل الإعلام تركز بالصوت والصورة لنتائج" المحرقة" هي مجازر في صفوف المدنيين العزل من أطفال وشيوخ ونساء, ما يتعارض مع اتفاقيات "جينيف" لحماية المدنيين زمن الحرب, ولكن مع الصمت المطبق العربي والدولي والذي لم يتجاوز الإعراب عن القلق بالمستوى السياسي الرسمي, لتزيد المجزرة والكل يتطلع إلى هامش السماح الأخضر الأمريكي وعدم التعارض معه, حتى أن البيان الهزيل الذي صدر عن الأمين العام للأمم المتحدة" بان كي مون" بإدانة الهجمات الصاروخية الفلسطينية وإدانة الإفراط الصهيوني بالقوة, والذي هو قرار مجحف بحق من يرتكب بحقهم المجزرة والمحرقة البشعة, ويبدأ بإدانة الصواريخ وكأنها ليس ردا على عدوان, ومباركة استخدام القوة الصهيونية من منطلق عدالة نظام الألفية الثالثة " كدفاع عن النفس" لكن الجزء المدان هو الإفراط في القوة؟؟؟!!! ورغم ذلك فلم يلقى بيان الأمين العام استحسانا صهيونيا, بل شنوا عليه هجوما عنيفا, وعلى لسان رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي" يهود اولمرت" الساخط على مجرد انتقاد"كي مون" موجها رده إليه وقائلا: ((لايحق لأحد!!! من الناحية الأخلاقية!!! أن يعظ إسرائيل أخلاقيا فيما يجري في غزة, حيث لم يسمع خلال السنوات الماضية انتقادات على خلفية إصابة مواطنين إسرائيليين, نتيجة إطلاق القذائف الصاروخية)).
الأهم من ذلك وحسب المعطيات الميدانية والتي تترجم التخبط والعجز الصهيوني من تحقيق أي من الأهداف, وبدأ الصوت الأمريكي الحليف الأساسي والعمود الفقري لتوفير غطاء لتلك المحرقة الصهيونية, بدأ وعلى غرار النتيجة المبدئية الفاشلة, بالتململ والمطالبة بإنهاء" العنف!!!" في غزة رغم أن وزيرة الخارجية الأمريكية في الساعات الأولى من الهجوم, صرحت بموقف أمريكي لا لبس فيه" الدعوة لوقف صواريخ المقاومة" , وان مزيدا من الفشل سيجعل من الموقف الأمريكي أمام العالم الذي يصمت على الجريمة الإنسانية, إكراما وتقربا ليرضى سيد النظام العالمي الجديد, مما يتطلب قلب موازين المعركة, لان سيرها باتجاه المجزرة وسط المدنيين سيقصر من سقفها الزمني المسموح أمريكيا وبضغط ربما دولي, وهنا لن يتخيل الكيان الصهيوني أن يرتد على أعقابه يجرجر ذيول نمط هزيمة حزيران من جديد.
وكي تتغير موازين واتجاهات المحرقة, يبدو أن القيادة الصهيونية وبمشاركة عسكرية واستخباري أمريكية, ستحرف المسار, لتتراجع أولا عن مزيدا من استهداف المدنيين, وهذا ربما يدفعهم إلى القيام بعمليات نوعية , أهمها حسب تصريحات جميع المستويات الصهيونية, اغتيال اكبر عدد ممكن من القيادة السياسية والعسكرية سواء على مستوى حماس أو الجهاد أو حتى فتح والشعبية وباقي وحدات وقوى المقاومة, وذلك بواسطة تفعيل وتكثيف الأدوات الاستخبارية من تكنولوجيا وعملاء للنيل وفي زمن قياسي من معنوية قوى المقاومة, وتوجيه ضربات قاصمة للبنية التحتية للمستوى السياسي, وربما تطال المدنيين بتركيز والذين يقعون في مربع الهدف المحدد, وهذا ربما يظهره عودة وزير الحرب " باراك" على وجه السرعة بتوافق المستويات الثلاث" السياسية والعسكرية والأمنية" وطلبه من وزير العدل الصهيوني" دانييل فريدمان" لتحديد مشروعية قصف التجمعات السكنية المأهولة بالسكان ردا على إطلاق الصواريخ, وربما يقصد من ذلك تكرار عدة عمليات على غرار عملية اغتيال القيادي العسكري لحركة حماس الشهيد" صلاح شحاده" والفرق هنا في كون القرار المسبق باستهداف القيادات مع العلم بحتمية سقوط ضحايا مدنيين, بعكس الادعاء بان المدنيين يحمون المقاومة ويعرضون أنفسهم للنيران الصهيونية بعلمهم,,, ويؤكد ذلك ماجاء في موقع" هأرتس " الالكتروني الصهيوني, بان"براك" سيناقش غدا الاثنين مع نخبة مكونة من - خبراء قانونيين تضم" فريدمان" وزير العدل, و"مناحيم مزوز" النائب العام العسكري, و" امنحاي مانديليت" المدعي العام العسكري, والعديد من المستشارين القانونيين من داخل وزارة الخارجية,,, وربما حشر وزارة الخارجية من حيث الجانب القانوني لتبرير عمل يتم التخطيط له من جديد, لمحاولة حسم المحرقة لصالح الكيان الإسرائيلي وتسويق ذلك المبرر دوليا بعد القيام بعمل نوعي ما؟؟؟!!!
وربما يتم كل ذلك استباقا لانعقاد المجلس الوزاري المصغر, والذي كان اعتراض على اجتماعه سابقا, على اعتبار أن الجيش الصهيوني سيقوم بعملية جزئية من شانها تقليص عدد الصواريخ التي تهدد سكان مغتصبة" سديروت" وعلى اعتبار أن المجلس الوزاري المصغر لايجتمع إلا لاتخاذ قرارات مصيرية, والحديث يدور اليوم عن حرب لا عن سلام, فماهي تلك القرارات المصيرية؟؟؟ فلا يبدوا أنها كما يتوقع البعض عملية محرقة برية موسعة تطال كامل قطاع غزة واحتلاله كطريق امثل لوقف الصواريخ, ولعل كل خططهم المعلنة والمسربة منها توضح عدم جدوى الاجتياح الشامل, وربما تصريح" حاييم رامون" نائب رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي,بان الجيش عليه أن يحارب ويضرب المقاومة وألا يتصرف بسلوك لاحتلال غزة؟؟؟!! وأضاف" رامون" لاحقا وأثناء جلسة الحكومة الأسبوعية متسائلا: ((عن السبب في أن الجيش لايوجه نيرانه تجاه المناطق التي ينسحب منها المقاومون الفلسطينيون؟؟ )) وربما قصد هنا توجيه النيران لهم أثناء أو قبل انسحابهم, واختلاطهم بالدرع والحصن الجماهيري المدني,,, وأردف " رامون" قائلا" وفي نفس السياق الأول ((وفق القانون الدولي!!! يمكن فعل ذلك على غرار قيام حزب الله بإطلاق النار من داخل إحدى القرى, ويمكننا إطلاق النار عليهم, حتى إذا كانت مأهولة بالسكان)).
الخلاصة
من خلال حضور نموذج حزب الله في المشهد الميداني العسكري, والمفاجأة على غير حسابات المخطط العسكري الصهيوني, واستمرار الصواريخ في غمار المعركة دون أن تتمكن كل الوسائل التكنولوجية الحديثة من رصدها, وان الخسائر التي يوقعها الجيش الصهيوني تركزت على الأقل فيما أظهرته وسائل الإعلام بالصوت والصورة في أوساط المدنيين وتحديدا الأطفال, هذا بالإضافة إلى اعتبار رأس الحربة في المواجهة"القسام" وما لهذا الجناح العسكري من ارتباط مع حزب الله وسوريا وإيران, وكأنهم في تصريحاتهم الواضحة وغير المستترة, يقولون أنها حرب بالوكالة الإيرانية من اجل رصد التطورات التي طرأت على التحسينات العسكرية الصهيونية بعد هزيمة" تموز" تحسبا لمواجهة قادمة تلوح في الأفق مع حزب الله أو سوريا, وليس أدل من ذلك على تصريح" عاموس يدلين" قائد هيئة الاستخبارات العسكرية في الجيش الصهيوني, يقول: ((إن كل من إيران وسوريا وحزب الله يتابعون عن كثب أحداث العمليات العسكرية التي يشنها الجيش في قطاع غزة, وانه إذا طرأ تطورات في العملية العسكرية, فمن المحتمل أن تتدخل إيران وسوريا وحزب الله في الوضع الجاري)).
وسواء أرادوا عن قصد أو عن تحسب الدمج مابين المقاومة الفلسطينية, والقيادة في سوريا وإيران, فان الأكثر وضوحا أنهم سيحاولون تغيير تكتيكاتهم وإدخال تعديلات على عملية المحرقة الدموية,وذلك لإيصال رسالة أكثر وضوحا لإيران وسوريا, وحزب الله الذي يتحسب إلى إجراء عملية قريبة وربما في عمق الكيان الصهيوني, انتقاما لاغتيال الحاج- عماد مغنية, وهذا ربما يتطلب العودة للوراء بعض الخطوات وعدم التوغل وسط العمق المدني مما سيجعلهم فريسة سهلة لضربات المقاومة, ومما سيدفعهم إلى فقدان الاتزان وارتكاب مزيدا من المجازر في أوساط المواطنين, وتلك العودة المتوقعة ستجعل الولايات المتحدة التي تقترب عمليا من ميدان العمليات, لمنح مزيدا من السقف الزمني حيث لايسمح بهزيمة أخرى, أو عودة لسديروت وعسقلان دون وقف أو تقليص لهجمات الصواريخ الفلسطينية, ومن ثم طالما إيران وسوريا حاضرة في الذهنية الأمريكية الصهيونية في المشهد, كم يصرحون بذلك, فإنهم حتما سيعمدون إلى مقارعة سوريا وإيران في الساحة الغزية بمحاولة انتزاع الحسم أو دفع المقاومة إلى خيار وقف الهجمات وذلك بعمليات نوعية ستوجه إلى رأس هرم المقاومة, وتبتعد عن مربعات الاكتظاظ السكاني العشوائي, مع إمكانية حدوث المجزرة بشكل مقنن في حال تحديد أماكن ومربعات تواجد تلك القيادات, ولا استبعد أن يتركز العمل باتجاه آخر غير الاتجاه الذي تشخص إليه مراقبة عيون المقاومة, للبحث عن صيد سمين ربما يفكر الصهاينة بتحديد مكان تواجد الجندي الصهيوني الأسير" جلعاد شاليط" وارتكاب مجزرة من اجل تحريره, وتوجيه ضربة دموية لعدد من رموز المقاومة, ولا استبعد احتمالية تصفية لقيادات على الساحة الخارجية ممن لهم علاقة مباشرة بالمقاومة وتحديدا رئيس المكتب السياسي لحركة حماس, والأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي,المهم عمل إجرامي ما من شانه توجيه ضربة للعمود الفقري للمقاومة وفرض شروطهم بعدها.
وكما أسلفت في مقالتي السابقة, رغم الإحجام الهادف عن إعادة احتلال معبر" فيلادلفي" فربما يقدمون قريبا على احتلاله, المهم لديهم بل أمر مصيري لمستقبل قيادة المستويات الثلاث أن لا تتكرر شبهة هزيمة لبنان, ولكي لاتعود جحافل القوات الصهيونية دون أن تحقق أدنى أهدافها, والاستماتة في انتزاع جزء هام من تلك الأهداف مع تخفيض إمكانية احتجاج العالم وتفادي هبة الجماهير جراء المجازر في أوساط المدنيين, وبالتالي كما يتوقع من تصريحاتهم أن المحرقة مستمرة ولن يتوقف الهجوم, حتى الإعلان بان قرار القيادة الفلسطينية وعلى لسان الرئيس- أبو مازن بتجميد كل أشكال المفاوضات, ووصف المحرقة بالجريمة الدولية وإرهاب الدولة, فقد ردت وزيرة خارجية الكيان الإسرائيلي, بان هذا الاحتجاج السياسي لن يؤثر على سير أهداف المحرقة الإجرامية.
#سعيد_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟