|
حوار مع د. بسمة موسى
باسنت موسى
الحوار المتمدن-العدد: 2209 - 2008 / 3 / 3 - 11:13
المحور:
مقابلات و حوارات
أنا امرأة وبهائية ومع ذلك أشعر بأنني مواطنة من الدرجة الأولى " عبارة سمعتها بإحدى الندوات وتطلعت للسيدة التي قالتها بتعجب شديد مخاطبة ذاتي قائلة " كيف تشعر تلك السيدة بذلك ألا تعلم أننا مجتمع ذكوري يمجد الرجل ألا تعلم أننا نعيش في دولة لها دين رسمي وتعترف فقط بثلاث ديانات متخذة من دينها الرسمي أستاذاً للاثنين الباقيين "، ولإيماني الشديد بأن لكل فرد أسباب ودوافع لكل ما ينطق من كلمات طلبت منها موعد للقاء لأتعرف أكثر عن تلك الشخصية وكيف تفكر، وبالطبع لم أنسى أن أسألها عن سر إحساسها بالمواطنة الكاملة . معنا اليوم أعزائي الدكتورة بسمة موسى أستاذة جراحات الفك والوجه بكلية طب الأسنان جامعة القاهرة .
** د / بسمة تخصصك جراحة وربما يرى البعض أن المرأة في المجال الجراحي أمر ليس بسهل ؟
الجراح لابد أن يكون متماسك الأعصاب قادر على مواجهة المستجدات التي تطرأ فجأة داخل حجرة العمليات وتلك قدرات موجودة ببعض النساء والرجال وليس الرجال فقط فالمرأة كائن قادر على مواجهة الصعوبات بصورة أعلى من الرجل والأمثلة التي تؤكد ذلك كثيرة لكنني سأذكر مثالاً واحداً فقط وهو " الحمل "، فالمرأة تتحمل لمدة 9 أشهر (ما يقرب من عام كامل) صعوبات كثيرة ربما الرجل لا يستطيع حمل شنطة وهي موضوعة على بطنه لمدة ساعتين وليس تسعة أشهر أي أن كون المرأة لها خصوصياتها الوظيفية والنفسية فهذا ليس معناه أنها أقل قدرة على التحمل بل بالعكس تلك الخصوصية تكسبها قوة كبيرة .
** إذن ماهى أسباب التمييز السلبي ضد المرأة إن كانت بكل تلك القوة والقدرات ؟
الثقافة التي زرعت داخل عقول الناس أن المرأة خلقت لخدمة الرجل هي التي أوجدت كل ما نشير إليه بكونه عيباً كبيراً، يلي ذلك الفهم الخاطىء للآيات والأحكام الدينية وإقناع المرأة بوجوب تنفيذ تلك الأحكام فتصبح المرأة جزء من أسباب المشكلة وليس طريقاً للحل وتلك كارثة حقيقية .
** شباب الغد هم أطفال اليوم ماهو تقييمك لوضع الطفل المصري الآن صحياً ونفسياً وثقافياً ؟
لا يمكننا أن ننكر أن هناك مقارنة بالماضي طفرة صحية كبيرة في مجال الاعتناء بالطفل لكن تلك الطفرة الصحية وإن كانت تحتاج للمزيد من الدعم لا تقابلها عناية واهتمام واضح بتثقيف الطفل وبناء قوة نفسية بداخله وأكبر دليل على ذلك التعليم حيث نجده لا يشرك الطفل في أي إبداع أو ابتكار وإنما يتعامل معه على أنه مستقبل فقط للمعلومات الدراسية وهذا النمط التعليمي يخلق إناس فاقدون لقيمة المشاركة وبالتالي التعاون والحب .
** لكن هناك من يرى أن المدرسة دورها التعليم وليس تنمية قيم كالحب والتعاون والمشاركة تلك مسؤولية الأسرة ؟
التربية لاتقوم على عمود الأسرة فقط بل عده أعمدة منها المدرسة بلاشك ونحتاج أن تزرع المدرسة في نفوس الأبناء حب الوطن والتعاون مع كل أبناءه بغض النظر عن مدى اختلافهم مع بعضهم البعض في الرؤى والمعتقدات الدينية . فالمجتمع من حولنا يخرج أبناء يعملون مع بعضهم البعض وهم غير محبين أو متعاونين مجرد عمل لكسب المال فقط وتلك فردية مقيتة تعكس أنانية كبيرة فلو تعلمنا من خلال المدرسة أن نعمل بحب سنعطي كثيراً أكثر مما نتربح من هذا العمل وسينجح مجتمعنا ويتطور لأن أبناءه يعملون ويتعاملون مع بعضهم البعض بحب كبير وهذا ما نحتاجه الآن الحب لبناء وطننا مصر .
** كيف تري تدريس الدين بالمدارس المصرية ؟
عندما كنت طفلة بالمدرسة وأمتحن مادة التربية الإسلامية ليس رغماً عني وإنما لأنني ذات أصول إسلامية وقت حصة الدين كان يخرج الطلاب المسيحيين ليأخذوا حصتهم بحوش المدرسة أو أي فصل دراسي وهذا برأيي من أشكال التمييز التي يلمحها الطفل في حياته هذا بالإضافة إلى أن مدرس الدين غالباً ما يفسر ويدرس وفق ما يرى وليس وفق التعليم الديني الذي يجب أن يقال لذلك أنا مع تدريس الأديان المقارنة بمعنى أن يعرف الطفل كل الديانات ويدرسها عقب المراحل التعليمية المختلفة بعد ذلك يختار ما يريد ليعتنق من كل الديانات وهذا ما تعلمته كبهائية فنحن ندرس لأبنائنا كل الديانات لأننا نرى أن المنبع الأساسي لكل تلك الديانات واحد وكما قال بهاء الله " كلكم أثمار شجرة واحدة وأوراق غصن واحد " . وفي انجلترا على سبيل المثال يفكرون الآن أن يضيفوا مادة تسمى " أخلاقيات " تضم التسع ديانات العالمية والديانة العالمية هي التي يدين بها نصف مليون فأكثر من البشر . ** أديان مقارنة جميل لكن د / محمد عمارة ذكر ذات مرة في حوار له أن الإيمان بدين ما يعنى حتماً الكفر بغيره من الأديان ما تعقيبك ؟ لا أفهم كيف يمكن أن يكفر إنسان الآخرين فحتى عدم الإيمان بمعتقد ما لا يعني الكفر، فالكفر هو عدم الإيمان بالله وليس بالمعتقدات فالمسلم كافر برسالة المسيحية أو العكس لكن كلاهما يؤمن بالله . والبهائية ترى أن الأديان جاءت لخدمة حقب زمنية بعينها لذلك اختلفت الشرائع من وقت لآخر ولكن روحانيات ومبادئ كل دين واحدة، لكننا نركز على الشرائع التي هي موضع خلاف ونترك روحانياتنا المشتركة فالعلم يتطور ويتغير مع العصر وكلام الله الذي هو الأديان تغير وفق كل زمن واحتياجاته مرة كان مسيحية ومرة إسلام والبهائي يؤمن بكل ذلك والبهائية امتداد للتطور الطبيعي للشرائع لذلك عالم اليوم يحتاجها .
** إذن مشكلاتكم كبهائيين بمصر مع الإسلام أم مع القوانين المستمدة من المادة الثانية بالدستور؟
نحن ليس لدينا مشكلة مع معتقدات أي دين سبقنا كبهائيين وإنما مشكلاتنا مع التفسيرات التي يعتمدها البعض للنصوص الدينية ولا أفهم لماذا يكون للدولة دين فالدولة ليست شخصية كما أن الدين أعلى من أن يكون جاء لصناعه دول فالدين جاء للبشر ليضيف لحياتهم بعداً جديداً يحتاجونه ثم أن المادة 151 من الدستور المصري تعتبر أن المواثيق التي توقع عليها مصر هي في قوة وتأثير القانون ومصر وقعت على كثير من مواثيق حقوق الإنسان ، أين فاعلية هذا التوقيع والتنفيذ في الواقع؟ هل الأمر برمته مجرد توقيع؟ .
** قبل الحكم الأخير الخاص بالديانة البهائية ومدى شرعية التصريح باعتناقها في أوراق الهوية الرسمية كيف تسير حياتك أنت وأولادك ؟ جواز السفر لدي أحتاج لتجديده ولايمكننى ذلك لأنهم لن يكتبوا ديانتي بهائية وهذا سيسبب لي مشكلات كثيرة حيث أن كثيرين يدعونني لمؤتمرات طبية خارج مصر فأعتذر وأحرج من شرح الأسباب التي ربما يتعجب البعض أو يسخر من أن الفكر بمصر وطني يسير بهذا الشكل من عدم الفهم والوعي كما أن إبنى الذي سيتخرج من الجامعة حتى الآن لا يملك بطاقة تحقيق هوية وهذا سيسبب له مشاكل كثيرة .
** كان بالطبع هذا وضع صعب للغاية لا يمكنك التنقل خارج مصر وابنك لا يحمل بطاقة هوية قد يقول أحدهم اكتبي مسلمة وأفعلى ما تشائين داخل مخدع صلاتك ؟
بداية أنا مؤمنة بحقي كمواطنة مصرية في اعتناق الدين الذي أرغبه وأنا لست مسلمة فلماذا أدعي ذلك، فمن تعاليم ديني أن لا أكذب وأنا أفعل ما أؤمن به مهما كلفني ذلك وأثق أن وطني سيعترف بحقي يوماً ما في كتابة ديانتي، التغيير سمة الكون وأنا أثق أن كل الواقع الصعب المتردي سيتغير يوماً ما .
** نعود لسؤال مهم لماذا تشعرين بأنك مواطنة كاملة في مجتمع سلبك الكثير ؟
الله خلقني حرة وعاقلة في وطن يعانى من فهم خاطىء للكثير من الأمور دوري هو أن أشعر بداخلي بأنني لست أقل من أحد وأنني مواطنة وهذا الشعور الإيجابي الداخلي سيجعلني حتما أدافع بقوة مستخدمة كل الوسائل المشروعة لإثبات حقي كمواطنة من خلال الأوراق والقوانين التي تنظم علاقتنا كأفراد داخل المجتمع .
#باسنت_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علاقات خاصة
-
حوار مع د. منى راداميس
-
نقطة حوار تناقش مجدداً أزمة الرسوم الدنمركية
-
وثيقة وزراء الإعلام العرب برأي أهل الصحافة
-
تعاطف عائلي مع حالتي
-
لؤلوة وأنطوانيت تجارب نسائية من العراق
-
حوار مع د .أمال قرامى
-
صديقتي الصعيدية
-
نساء وصراع
-
عرض كتاب لمرأة والصراع النفسي للدكتورة نوال السعداوى
-
عمل المرأة في مصر القديمة
-
حوار مع نهاد أبو القمصان
-
المخرجة الشابة أمل رمسيس
-
عرض كتاب -دفاعاً عن تراثنا القبطي- للكاتب بيومي قنديل
-
الإيمان ليس عقل متخم بالعقائد
-
-شراب- قذر
-
حوار مع السيدة نرمين رياض
-
البنت بتتعلم ليه؟
-
التلميذة والأستاذ
-
عرض كتاب - الأخر ..الحوار .. المواطنة .. - للباحث سمير مرقص
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|