أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - عبد الحسين شعبان - قصائد من غوانتانامو!














المزيد.....

قصائد من غوانتانامو!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2209 - 2008 / 3 / 3 - 11:01
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


هل تطوّق قصائد سجناء غوانتانامو السجانين وتنغّص عليهم حياتهم أم تراهم «تحجّروا» ولم تعد تحرك مشاعرهم المتبلّدة أي مأساة أو معاناة؟ أما الذين يصدرون الأوامر من خلف مكاتبهم الزجاجية، فرغم عدم اكتراثهم، فإن القلق قد بدأ يتسرب إلى نفوسهم، وقد لا يشعرون بطعم الراحة بعد أن أزيح شيء من النقاب عمّا يجري في سجن غوانتانامو، فما بالك والقصائد، رغم كل القيود، قد وجدت طريقها إلى الحرية والشمس، الأمر الذي طرح السؤال بصيغة قانونية لا تخلو من المساءلة: كيف السبيل إلى التخلّص من آثار التهم الخطيرة بالارتكاب وغسل الأيادي منها؟
لقد فاحت رائحة التعذيب الروتيني الذي يتعرّض له السجناء، الأمر الذي دفع بأوساط من الرأي العام الأميركي والعالمي لمطالبة الولايات المتحدة بالكشف عن حقيقة ما يجري في غوانتانامو والدعوة إلى إغلاق هذا السجن الرهيب، حيث يقبع فيه بضع مئات منذ 6 سنوات من دون محاكمات وأحياناً حتى من دون توجيه تُهم محددة سوى تهمة ضبابية هي «الإرهاب الدولي»!!
في شهر يناير 2002 نُقلت أول مجموعة من المعتقلين إلى سجن غوانتانامو الأميركي وهو قاعدة عسكرية استأجرتها الولايات المتحدة من كوبا منذ عقود من الزمان ولاتزال الاتفاقية سارية المفعول، حيث احتجز مئات الشباب من دون تهمة أو محاكمة وفي ظروف وأوضاع قاسية وغير إنسانية، ومنع عليهم الاتصال بذويهم خصوصاً في الفترة الأولى، ونقلت بعض الأخبار عنهم عبر معلومات صحفية أو من المعتقلين الذين تم إطلاق سراحهم، لاسيما عن صنوف التعذيب والإذلال التي يتعرض لها المعتقلون، بما فيها الاعتداء على المقدسات والإساءة إلى القيم والطقوس الدينية.
وحتى الآن لايزال أكثر من 250 معتقلاً محتجزين في غوانتانامو من دون أن يعرفوا ما إذا كان سيطلق سراحهم في يوم من الأيام بعد أن فقدوا الأمل، فقد غرق بعضهم في اليأس والقنوط وانتحر بعضهم الآخر أو حاول الانتحار، الأمر الذي جعل الكآبة مخيّمة على النزلاء والسجانين معاً «الضحية والجلاد»!! ومع أن السلطات الأميركية أعادت كثيرين من المحتجزين العرب إلى بلدانهم الأصلية فإنه حسب الإحصاءات المتوافرة التي قامت منظمة العفو الدولية بنشرها فإن ثلث المعتقلين من اليمن، وهناك عدد آخر من السعودية وليبيا والبحرين والأردن والسودان وتشاد وباكستان وزامبيا، بمن فيهم بعض من يحمل جنسية بريطانية وغيرها.
جدير بالذكر أن بعض المعتقلين نقلوا من قاعدتي قندهار وباغرام الجويتين في أفغانستان أو من معتقلات سرية في الولايات المتحدة وبعضهم من السجون السرية الطائرة في أوروبا، وذلك رغم احتجاجات منظمات حقوق الإنسان خصوصاً منظمة العفو الدولية ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان والمنظمة العربية لحقوق الإنسان وغيرها، لكن واشنطن كانت تتذرع بالحملة الدولية لمكافحة الإرهاب، يساعدها في ذلك صمت وتواطؤ بعض البلدان بما فيها التي ينتمي إليها من اتهموا بالإرهاب الدولي، ومع ذلك فإن الحملة الحقوقية الدولية والعربية لاتزال ضعيفة ومحدودة!!
ليست مشاعر الفزع والإحساس العارم بالظلم والمعاناة هي التي تطبع سلوك وعلاقات نزلاء غوانتانامو، بل هناك وجه آخر، وهو ما تعكسه قصائدهم من روح إنسانية فيّاضة وتشبث بالحرية وإصرار على تجاوز ظروفهم القاسية. لقد أصبح سجن غوانتانامو الأشهر في العالم بين المعتقلات القاسية باعتباره رمزاً للظلم وإهدار الحقوق، وإذا كان قد تم غضّ النظر عما يجري فيه أو تبريره أو الصمت عليه، فإن الأصوات المتزايدة في جميع أنحاء العالم، أخذت تلاحق الجناة، لاسيما تعارض تلك الانتهاكات السافرة مع المعايير الدولية للمحاكمات العادلة، وهذا الحق تكفله المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، كما أن النزلاء لا يتمتعون بأبسط أشكال الحماية التي تكفلها اتفاقيات جنيف لعام 1949 وملحقيها لعام 1977 وللقواعد الدولية لإدارة السجون، بما فيها عمليات «النقل الاستثنائي» و«الاختفاء القسري»، وما يترتب على ذلك من انتهاكات لأحكام القانون الدولي الإنساني!!
إن قصائد السجناء، تفصح عن أشياء كثيرة هي: كيف أن الإنسان الذي هو مقياس كل شيء، على حد تعبير الفيلسوف الإغريقي بروتوغوراس، يتمسك حتى الرمق الأخير بالحياة: نعم الحياة والحرية وهما أغلى ما لديه، فهذه القصائد توخز الضمائر كي لا يلفّ النزلاء النسيان، ولعلها شهادات صارخة وحيّة على العذابات والحرمان والتمسك بالأمل!
كان «الشعر» لنزلاء غوانتانامو -حسب كراس أصدرته منظمة العفو الدولية عن دار الفارابي -2007 «وسيلة الحفاظ على الاتزان العقلي وصون الكرامة»، رغم أنه لم يسمح للمعتقلين خصوصاً في ظل العام الأول من استخدام الأوراق والأقلام، فراحوا يكتبون قصائدهم على أكواب من الفلّين المقوّى التي كانوا يحتفظون بها من وجبات الغذاء، أو يحفرون كلماتهم بالحصى أو يرسمون الحروف باستخدام معجون الأسنان، وكانت وزارة الدفاع الأميركية -البنتاغون- قد رفضت نشر معظم قصائد المعتقلين متذرّعة بأن هذا الشعر يشكّل تهديداً خاصاً «للأمن القومي» بسبب مضمونه وشكله وهو ما ذكره مارك فالكوف، المحامي المتطوّع للدفاع عن المعتقلين.
قصائد غوانتانامو تضمنت 21 قصيدة لشعراء أو لناظمي الشعر الحديث والكلاسيكي «5 من السعودية و2 أفغانيان و1 بريطاني و2 بحرينيان و1 تشادي و3 يمنيون و1 أردني و1 زامبي/جنسية بريطانية وواحد من السودان وهو الصحافي في تلفزيون الجزيرة سامي الحاج»، وهي قصائد تزخر بقيم الجمال والحرية والإبداع والألم والعذاب، ولعل ذلك جزءًا من أدب السجون الذي عرفناه، إنه جزء من المقاومة ضد النسيان وضد الظلام، ودفاع عن النفس وتطلع إلى الحرية، حلم أي سجين!!
* كاتب ومفكر عراقي



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الحالة العراقية: استحقاقات وتحديات!
- الفساد: «المنطقة المحرّمة» بالعراق!
- أديان العراق وطوائفه: عنف الحاضر وتعايش الماضي
- من يضمن حقوق اللاجئين -العراقيين-؟!
- غاندي وروح التسامح واللاعنف
- نفق غوانتانامو الذي لا ينتهي!!
- الحرب الاستباقية واحتكار العدالة: حالة غزة
- أور أو -مدينة القمر- والشبكة العنكبوتية
- جورج حبش: الاستثناء في التفاصيل أيضاً!!
- صورة المجتمع المدني بين التصادم والتواؤم
- دولة مواطنة أم مواطنة دولة ؟!
- المجتمع المدني بين الاقرار والانكار !!
- راية الليبرالية الجديدة!!
- العقدة النفطية في المشكلة العراقية!!
- العلاقات العراقية- الامريكية .. والعودة الى نقطة الصفر!!
- اللاجئون العراقيون : مسؤولية من؟
- سيناريوهات الاجتياح التركي للاراضي العراقية!!
- سيناريوهات الوجود أو الانسحاب الامريكي من العراق!!
- العدالة الانتقالية وذاكرة الضحايا!!
- شط العرب.. وصاعق التفجير!!


المزيد.....




- اللجان الشعبية للاجئين في غزة تنظم وقفة رفضا لاستهداف الأونر ...
- ليندسي غراهام يهدد حلفاء الولايات المتحدة في حال ساعدوا في ا ...
- بوليفيا تعرب عن دعمها لمذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت
- مراسلة العالم: بريطانيا تلمح الى التزامها بتطبيق مذكرة اعتقا ...
- إصابة 16 شخصا جراء حريق في مأوى للاجئين في ألمانيا
- مظاهرة حاشدة مناهضة للحكومة في تل أبيب تطالب بحل قضية الأسرى ...
- آلاف الإسرائيليين يتظاهرون ضد نتنياهو
- مسؤول أميركي يعلق لـ-الحرة- على وقف إسرائيل الاعتقال الإداري ...
- لماذا تعجز الأمم المتحدة عن حماية نفسها من إسرائيل؟
- مرشح ترامب لوزارة أمنية ينتمي للواء متورط بجرائم حرب في العر ...


المزيد.....

- ١-;-٢-;- سنة أسيرا في ايران / جعفر الشمري
- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - عبد الحسين شعبان - قصائد من غوانتانامو!