أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد حسنين الحسنية - المناضل من أجل العدالة سيبقى ، الإختلاف في الوسيلة و الخطاب















المزيد.....

المناضل من أجل العدالة سيبقى ، الإختلاف في الوسيلة و الخطاب


أحمد حسنين الحسنية

الحوار المتمدن-العدد: 2208 - 2008 / 3 / 2 - 04:09
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


هذا المقال ليس مدحاً و تقريظاً ، أو تمجيداً ، و ليس كذلك تقييماً ، لشخص ، أو نظام ، أو عهد ، أو فكر ، إنما تفنيداً لمقولة شاعت ، و تناقلتها وسائل الإعلام العالمية ، بمجرد إعلان فيدل كاسترو التنحي عن رئاسة كوبا .

المقولة مفادها ، ان تنحي فيدل كاسترو ، هو بمثابة نهاية عصر مضى ، و نهاية لنموذج القائد المناضل .

بلا شك هناك صحة في الشق الأول من المقولة ، فأي قائد سياسي ، أو عسكري ، بارز ، إنما يمثل جزء من صورة عصره ، و كسنة الحياة ، فإن العصور تمضي ، بمضي الزمن ، و تتالي الأحداث ، و رحيل أعلام كل عصر .

و لكن ، ما لم يوفق فيه ، من أطلقوا تلك المقولة ، و تتداولوها ، هو ان تنحي فيدل كاسترو ، هو نهاية لنموذج القادة المناضلين ، ذلك إنه طالما هناك غياب للعدالة - و الحرية أحد أشكال العدالة - فهناك مناضلين من أجل الوصول إليها ، و تطبيقها على أرض واقع المجتمعات التي تعاني من غيابها ، دون أن أعني أبداً أن فيدل كاسترو ، قد حقق الدولة الفاضلة في كوبا ، و دون أن أنكر عليه أيضاً إنجازاته ، خاصة في ميداني التعليم ، و الصحة ، و لكن ليتذكر القراء الكرام ، إن المقال ليس عن فيدل كاسترو ، أو أي شخص أخر .

المناضل من أجل العدالة ، هو شخص ، لن يختف سريعاً من العالم ، بل و لن يختف أبداً ، لأن العالم مازال بعيداً عن العدالة ، حتى في الكثير من بلدان العالم الأول ، في أوروبا ، و أمريكا الشمالية . بل حتى في العالم المثالي ، الذي لم يتحقق بعد ، فإنه سيحتاج إلى حراس ، يقظين ، فهناك دائما المتربصين بالعدالة ، كما يحدث ، منذ عام 2001 ، في أوروبا ، و الولايات المتحدة ، حيث الحقوق الشخصية ، التي إكتسبتها الشعوب بالنضال الطويل ، تنتهك بالقوانين المتتالية ، بإسم الحرب على الإرهاب ، التي أصبحت ذريعة ، يتذرع بها أعداء العدالة ، هناك .

وسائل النضال هي فقط التي تختلف ، بإختلاف ظروف كل مجتمع ، و بالتالي تختلف نوعية المناضل ، من ناحية المظهر ، لا الباطن ، فالهدف واحد دائماً ، و هو العدالة .

غاندي كان مناضل من أجل العدالة ، و التي كانت في مفهومه ، تشمل إستقلال بلاده ، و عدم تقسيمها ، و محاربة التعصب الديني ، و العرقي ، و إنصاف الطبقات المهمشة ، و محاربة الفقر ، و الجهل ، و المرض ، و هي نفس أهداف الكثير من المناضلين ، ممن سبقوه ، و ممن تلوه ، و لكن نموذجه ، كان يناسب مجتمعه ، و فعال في مواجهة عدوه الأول ، و أعني الإحتلال البريطاني ، و قد عبر غاندي ذاته عن ذلك ، بالقول : يخامرني الشك في ان نجاح دعوتي كان ممكناً ضد أي أمة أخرى . إنتهى قول غاندي.

إذاً الوسيلة التي نجحت مع البريطانيين ، ما كانت بالضرورة لتنجح لو كان الإحتلال إيطالي فاشي ، أو ألماني نازي ، أو حتى فرنسي كولوني.

و بالإمكان الإضافة ، ان وسيلة غاندي ربما ما كانت لتنجح في مجتمعات أخرى ، تختلف في الثقافة .

إذاً هناك عاملان يحددان نوعية النضال ، أو المناضل ، أولهما نوعية العدو ، و ثانيهما طبيعة المجتمع ، و ظروفه .

و لعل أفضل مثال على ذلك هو فيتنام ، حيث الديانة البوذية المسالمة ، و حيث النموذج الغاندي ، قريب جغرافيا ، و زمنياً ، و عقائدياً ، و لكن نوعية الإحتلال كانت تختلف في طبيعتها .

كذلك نموذج فيدل كاسترو ، و رفاقه ، كان يناسب المجتمع الكوبي آنذاك ، من حيث طبيعة العدو ، المتمثل آنذاك في نظام باتيستا ، و من حيث ظروف المجتمع الكوبي وقتئذ ، تماما مثلما الصين في وقت معين ، ناسبها النموذج الماوي ، نموذج حرب العصابات المنظمة ، حين كانت الفوضى تضرب بأطنابها في الصين ، و الحكومة المركزية شبه منعدمة ، و الأطراف التي تتنافس على السلطة متعددة .

و في دول أخرى ، لا يحتاج المناضل إلا أن يؤسس حزباً ، يضمه ، و يضم من يشاركونه الرؤيا ، يدخل به الإنتخابات ، أو أن يطلق منظمة غير حكومية ، و غير ربحية ، أو حتى يكتفي بموقع على الإنترنت ، ليبدأ نضاله من أجل أهدافه .

و مثلما تختلف نوعية النضال ، من مسلح إلى سلمي ، أو غير ذلك ، بإختلاف نوعية العدو ، و إختلاف طبائع المجتمعات ، و ظروفها ، فكذلك يختلف خطاب المناضل ، بإختلاف نوعية العدو ، و طبيعة المجتمع .

فمثلاً في العصور الوسطى ، سواء في الدول الإسلامية ، أو المسيحية ، تمكنت الأديان من النفوس ، و قاد الثورات الوطنية ، و كذلك الثورات الإجتماعية ، و التي ليس شرطاً أن تكون مسلحة ، رجال الدين ، أو من تدثروا بعباءة الدين ، مثل قائد ثورة الزنج ، أو ثورة أهل الربض في عهد الحكم الأول ، بالأندلس ، أو الثورة الفكرية التي أطلقها الإمام الكبير ابن حزم الأندلسي ، حين إنطلق يدعو لمجتمع عادل ، و لإنصاف المهمشين المستضعفين ، بتقديم فقه إسلامي جديد مختلف . و هذا النموذج ، الذي يرتكز على الخطاب الديني ، ليس حكر على العصور الوسطى ، فهو لم يختف من العالم ، و لن يختف ، فمن الممكن إضافة غاندي ، و عبد الغفار خان ، و مارتن لوثر كينج ، لهذا النموذج ، و أيضاً العديد من رجال الكنيسة الكاثوليكية ، و بعض المفكرين الدينيين ، في أمريكا اللاتينية ، من أصحاب فكر لاهوت الحرية .

فالخطاب الديني لا يعني دائما انه يتناقض مع شروط المجتمع المدني الحديث ، الذي يتساوى فيه جميع المواطنين في الحقوق ، و إلا لكان ، غاندي ، و عبد الغفار خان ، و مارتن لوثر كينج ، و والي خان ، و عبد القادر الجزائري ، و جمال الدين الأفغاني ، و سعد زغلول ، و المفكرين اللاتينيين المسيحيين من أصحاب مدرسة لاهوت الحرية ، و الأحزاب المسيحية الديمقراطية ، بأوروبا - و التي يضم بعضها في عضوية هيئاتها البرلمانية ، أعضاء غير مسيحيين ، من مسلمين ، و يهود ، و غير ذلك - أعداء للمجتمع المدني .

و أحيانا ما يبتعد المناضلين عن الخطاب الديني ، دون شرط معاداة الدين ، عندما تدخل الهيئات الدينية ، حليفة للأنظمة الفاسدة القمعية ، كما كان الوضع في فرنسا ، قبل الثورة الفرنسية .

علينا في مصر أن نتعرف على ما يناسبنا ، و أعتقد أن الثورة الشعبية السلمية ، التي تملأ الشارع المصري ، هي فقط ما يناسب ظروفنا الحالية ، فالطريق الإنتخابي مسدود ، و العمل السياسي – الإجتماعي ، من خلال المنظمات غير الحكومية ، في قبضة سلطة غاشمة منغلقة فكرياً ، و العصيان المدني ، حباله طويلة ، و لن يصمد طويلاً ، ذلك إننا نواجه سلطة خبيثة ماكرة ، من السهل عليها أن تضرب الجبهة الوطنية ، و تبث المندسين ، الذين أصبحوا في كل مكان . إننا نحتاج في مصر إلى علاج سلمي ، قوي ، هادر ، صاعق ، لا يعطي فرصة لخصمنا ليستوعب الموقف ، و يمتصه ، ليبدأ في الضرب ، و أفضل طريق ، تنطبق عليه الشروط السابقة ، هو الثورة الشعبية السلمية ، التي تستمر ، بلا أي إنقطاع ، و بلا أي هدنة ، لمدة شهر ، أو شهرين ، يسقط فيها النظام .

المناضل من أجل العدالة ، و من ضمنها الحرية ، سيبقى ، فقط الوسائل تختلف ، و الخطاب يتنوع .

أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين الحسنية

بوخارست – رومانيا




#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأحرار في أفريقيا ، و العبيد في الجزيرة العربية و شرم شيخ ا ...
- الإعتراف بكوسوفا ، إعتراف و تكفير
- أربعة و عشرين ميدالية ، لم تمنع إسقاط تشاوتشيسكو
- إنما ينطق سعد الدين إبراهيم عن الهوى
- ابنة مارجريت تاتشر ربعها عربي ، و توماس جفرسون فينيقي ، فماذ ...
- طفل واحد لا يكفي
- على آل سعود الإعتذار لنا ، نحن أهل السنة
- لا لحصانة ديرتي وتر و المارينز في مصر
- علينا ألا ننغلق ، علينا ألا نكرر خطأنا زمن الإمبراطورية الرو ...
- الركلات و الهروات للضعفاء ، و للأقوياء ما أرادوا
- حان وقت إسقاط أسرة أبو جيمي ، و بدون ضوء أخضر من أمريكا
- هل من المحظور على المسلمين الترشيح لرئاسة الولايات المتحدة ا ...
- هل يعد ج. د. بوش الإيرانيين برئيس مثل أبو جيمي ؟
- لقد حطموا الذكاء المصري ، إنهم يريدونا عبيد
- لن نقف أمام تكايا آل مبارك
- مخاوفنا مبررة ، فالحرية الإقتصادية ليست مطلقة
- هكذا يجب التعامل مع آل مبارك
- نصب تذكاري لضحايا مذبحة المهندسين
- يعقوب صنوع أديب الحرية
- الأغنياء و المساتير أيضاً يثورون


المزيد.....




- مقاتلة إسرائيلية تسقط قنبلة قرب -كيبوتس- على حدود غزة.. والج ...
- باريس تُعلن طرد 12 موظفًا من الطاقم الدبلوماسي والقنصلي الجز ...
- عامان من الحرب في السودان... تقلبات كثيرة والثابت الوحيد هو ...
- مقاتلة إسرائيلية تسقط قنابل بالخطأ فوق نير يتسحاق بالغلاف في ...
- البيت الأبيض: نجري مفاوضات مثمرة مع روسيا
- السعودية.. شجاعة ممرض -بطل- تثير تفاعلا على مواقع التواصل
- وزير الخارجية الفرنسية: الجزائر اختارت التصعيد والحوار لا يم ...
- مكتب المدعي العام الروسي يوقع مذكرة تفاهم مع جهاز الإمارات ل ...
- وسط تصاعد التوترات بين البلدين.. أكبر منظمة رجال أعمال جزائر ...
- الجيش الإسرائيلي يقلص قوات الاحتياط عقب احتجاجات لوقف الحرب ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد حسنين الحسنية - المناضل من أجل العدالة سيبقى ، الإختلاف في الوسيلة و الخطاب