ديمة جمعة السّمّان
الحوار المتمدن-العدد: 2206 - 2008 / 2 / 29 - 10:30
المحور:
الادب والفن
استعانت الأم بالله ، تعضّ على كفّ يدها : " يا الله.. جاءني المخاض ، تمهل يا ولدي، لا تحرجني، الحاجز مليء بالخلق، صبرا ، كن شهما، لا تكشف ستري."
الأم محشورة بين الخلق على حاجز قلنديا العسكري الإسرائيلي، الأنّات مؤلمة.. أصبحت صراخا.. تعلو.. تعلو .. تعلو....
انساب الماء ساخنا على ساقيها، ملأ الأرض. " يا ساتر يا رب ".
كان إلى جانبها عجوز.. شعرت بها:
- "ما بك يا ابنتي"؟
- " حامل يا خالتي.. جاءني المخاض .. يا لفضيحتي". رحماك يا رب ، فالوقت غير مناسب".
علا صوت العجوز: " لا تخافي ولا تحزني، هذه ساعة يقف الله بها مع عباده" .
ثم نظرت حولها: " يا شباب.. يا اخوان، أخت لكم جاءها المخاض.. افسحوا لها المجال، فمن ستر، ستر الله على أهله وعرضه. هي أخت لكم، أكرموها بالدعاء وغض البصر، وثوابكم عند الله كائن" .
ركض الشباب إلى الضابط على الحاجز، والنخوة تملأ الرؤوس: " سيدة .. جاءها المخاض .. أفسحوا المجال".
رد الجنود: " الحاجز مقفل.. ليس عندنا أوامر بفتحة ".
علا صوت الشبان غضبا.. وثار الضابط الإسرائيلي حنقا.. تقاذفوا الشتائم، ولكن لا مجيب.
التفّت الصّبايا حول الأم، وعملوا من أنفسهن حاجز.. ونغمات التشجيع والحنان والدعاء نشيد ملائكة تطمئن القلب وتجبر الخاطر.. علا صوت الوليد.. يا إلهي صوت ملاك طاهر. خلعت كل أنثى ما تستطيع من ملابسها .. لفّوا الوليد.. وكان التبرع سخيّا.. فقد اخترقت سيدة الصفوف .. وخلعت سلسال عن جيدها، ووضعته على صدر الطفل .. كان الله لك حارس: " هدية لك من أخ .. قبل ثلاث سنوات ، وضعته (أنا) على الحاجز. الإمتحان بين أبناء الشعب الواحد كان ناجحا. علا صوت سيارة إسعاف.. اعترضها الشباب.. حملوا السيدة والوليد. الجميع أخذ عنوان الأم.. وكان في كل يوم (سؤال) عن ابن الحاجز.
#ديمة_جمعة_السّمّان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟