|
العلاقات الاردنية -الاسرائيلية :نشأتها وتطورها
ابراهيم خليل العلاف
الحوار المتمدن-العدد: 2206 - 2008 / 2 / 29 - 01:48
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
لم تكن اتفاقية السلام الأردنية ـ الإسرائيلية ، التي وقعت في السادس والعشرين من تشرين الأول / أكتوبر سنة1994 ، بوادي عربة على الحدود بينهما ، سوى حلقة في سلسلة طويلة من العلاقات التي نشأت منذ العشرينات من القرن الماضي ، بين أمارة شرق الأردن (تأسست 1921) ، والوكالة اليهودية سواء داخل الأرض المحتلة : فلسطين أو في خارجها ، ولكي نفهم طبيعة العلاقات الأردنية ـ الإسرائيلية ، في وضعها الحاضر ، لابد من العودة إلى جذورها ، وتوضيح حيثيات استمرار تواصلها عبر كل هذه السنوات ، وبدوافع مختلفة .. وكان من الطبيعي أن تأخذ هذه العلاقات بعدا جديدا بعد قيام إسرائيل في 15 أيار / مايو سنة 1948 ، ونشوب الحرب العربية ـ الإسرائيلية الأولى 1948 ـ 1949 ، وتوقيع اتفاقيات الهدنة بين إسرائيل وبعض الدول العربية ، ومنها الأردن ، ووقوع الضفة الغربية تحت السيادة الأردنية ، بما فيها القدس ، وقرار الأردن في 31 تموز / يوليو 1988 ، فك الارتباط الإداري والقانوني معها ، والاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ، التي تشكلت سنة 1964 ، ممثلا شرعيا وحيدا للفلسطينيين منذ 1974 ، وحقها في إقامة دولتها المستقلة على الضفة الغربية وقطاع غزة (1) لم يكن متوقعا من الأردن الوقوف موقف المتفرج إزاء ضياع فلسطين ، فلقد كان للأردن ، ومنذ العشرينات من القرن الماضي ، موقف مساند للانتفاضات التي قام بها الفلسطينيون ضد محاولات اليهود واغتصاب اراضيهم .(2) وخلال المدة الواقعة بين 1936 و1948 ، برز الاردن لاعبا اساسيا في الصراع العربي ـ الإسرائيلي . ويشير الدكتور حسن البراري (3) إلى أن الموقع الجيوسياسي للأردن فرض عليه التزامات إستراتيجية كبيرة ، فالحركة الوطنية في فلسطين ، وكانت آنذاك بقيادة الحاج محمد امين الحسيني ، تنظر الى الصراع العربي ـ الإسرائيلي على انه صراع وجود ، وبالتالي لم تكن هناك امكانية للتوصل الى تسوية بين الفلسطينيين واليهود ، خاصة بعد رفض قرار التقسيم سنة 1947 ، والذي اصدرته الامم المتحدة ، فبالنسبة للحركة الصهيونية ، فإنها وجدت أن لابد من ان يكون هناك طرف تتحدث اليه ، وقد تعذر ان تجد بين الفلسطينيين من يقوم بهذا الدور لذلك ، وجدت ضالتها في طموحات الملك عبد الله الاول ( 1921 ـ1951) وخاصة بعد اعلانه سنة 1943م مشروع سوريا الكبرى ، ورغبته في توسيع حدود مملكته. . وجاءت حرب 1948 لتساعد الاردن على ضم الضفة الغربية بما فيها القدس ، واعلان مجلس الامة في الاردن قيام المملكة الاردنية الهاشمية في 24 نيسان 1950 . مع ان الاردن ، وخلال المدة من 1948 وحتى 1967 عانى الكثير من جراء قيام دولة اسرائيل واستمرار استفزازاتها واعتداءاتها الكثيرة على الاراضي الاردنية والفلسطينية ومنها على سبيل المثال ما حدث في قبية في تشرين الاول 1953 الا ان القيادة الاردنية اعتمدت سياسة خارجية حذرة وهادئة ، وقد عبرت اكثر من مرة عن رغبتها في حل الصراع واعادة الفلسطينيين الى ديارهم وعدم التفريط بحقوقهم في ارضهم وحقهم في اقامة دولتهم المستقلة ، الا انها اصطدمت بعناد اسرائيل ورفضها التنازل في مؤتمر لوزان عن نقطتين اساسيتين هما عودة اللاجئين وتعديل الحدود (4) . وبعد اسهام اسرائيل في الحرب ضد مصر مع بريطانيا وفرنسا سنة 1956 اثر قيام الرئيس جمال عبد الناصر (1952 ـ1970) بتأميم قناة السويس ، اطلق ديفيد بن غوريون رئيس وزراء اسرائيل مشروعه لضم الاردن الى العراق ، على ان تأخذ اسرائيل الضفة الغربية مقابل معاهدة سلام دولية بين العراق واسرائيل يسمح بموجبها العراق بتوطين اللاجئين الفلسطينيين في اراضيه . ولكن بريطانيا رفضت هذا المشروع ، مؤكدة عمق تحالفها العسكري مع الاردن والذي كانت ترتبط به بمعاهدة دفاعية وقعت في 22 آذار / مارس 1946 وعرفت باسم (معاهدة التحالف والصداقة الاردنية ـ البريطانية) (5) . ويبدو ان تنامي الوعي القومي ، وبروز التيار الناصري التحرري في اواخر الخمسينات واوائل الستينات من القرن الماضي ، ادى الى تخوف اسرائيل من ان يؤدي ذلك الى قوة العرب وتوحدهم ومن ثم نجاحهم في تحرير فلسطين ، لذلك اخذت تنظر الى (التيار الناصري) كخطر حقيقي على كيانها ووجودها في المنطقة ، واشتركت الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وفرنسا معها في هذا التوجه (6) وثمة من يشير الى حدوث تغيير في الفكر السياسي الاسرائيلي تجاه الاردن ، ويستند في ذلك الى ما اعلنه بن غوريون في رسالته التي وجهها الى الرئيس الامريكي آنذاك جون كندي والتي يقول فيها ان بقاء الاردن تحت حكم الهاشميين يصب في المصلحة القومية الاسرائيلية . وقد وضع بن غوريون مبدأه الذي يقوم على ثلاثة اسس مركزية اولاها التحالف مع دول الجوار غير العربية. وثانيها دعم الدول العربية (المعتدلة) المناهضة لسياسة عبد الناصر وتوجهاته الوحدوية التحريرية. وثالثها تطوير الخيار النووي (7) . لانريد الدخول في اسباب حدوث هزيمة 1967 وميل كفة الصراع العربي ـ الاسرائيلي لصالح اسرائيل وانحسار المد القومي الناصري ،بسبب ضعف البنية السياسية والاقتصادية والامنية والعسكرية العربية وهشاشتها . فضلا عن وقوف الغرب مع اسرائيل ودعمه القوي لها ،و لكن لابد من الاشارة الى ان من ابرز نتائج الحرب العربية ـ الاسرائيلية الثالثة 1967 احتلال اسرائيل لاراضي عربية جديدة منها سيناء والجولان والضفة الغربية وصدور قرار مجلس الامن رقم 242 وقبول العرب بالحل السياسي وبدء الحديث عن ما يسمى بـ ( مبادلة الارض مقابل السلام) واعلان اسرائيل عن قبولها لمثل هذا الحل (8) . ولكن بالمقابل ، فقد تنامت الحركة التحريرية الفلسطينية وظهرت منظمة التحرير 1964 ، واعلن العرب في مؤتمر القمة العربية السابع الذي عقد بالرباط في تشرين الاول / اكتوبر 1974 اعترافهم بهذه المنظمة ممثلا شرعيا وحيدا للفلسطينيين ، واحترام حقهم في اقامة سلطتهم في الضفة الغربية وقطاع غزة (9) .. وقد تطلب هذا من الاردن فك ارتباط الضفة الغربية ، اداريا وقانونيا وقد تحقق هذا في الحادي والثلاثين من تموز سنة 1988 (10) حاولت اسرائيل الاستفادة من الاوضاع التي كان يشهدها الشرق الاوسط ومنها الحرب العراقية ـ الايرانية ، واستمرارها طيلة ثمان سنوات 1980 ـ 1988 واستنزاف امكانات العراق العسكرية والاقتصادية وبدء خروجه من حلبة الصراع العربي ـ الاسرائيلي وسعي اسرائيل للوصول الى هذا الهدف الحيوي بالنسبة لها والذي تحقق بعد ذلك باحتلال الامريكيين والبريطانيين للعراق واسقاط نظامه السابق في التاسع من نيسان سنة 2003 .. لقد طرح ايغال الون وكان نائبا لرئيس الوزراء الاسرائيلي (Allon Plan) مشروعا يقضي بعقد معاهدة سلام بين الاردن واسرائيل ، والتقى الملك حسين (1953 ـ1999) معه وقال له نحن في الاردن ، مستعدون للدخول في اتفاقية سلام مع اسرائيل على اساس الانسحاب الى حدود 1967 وعودة القدس الشرقية والقبول بمبدأ تبادل الاراضي . ولكن الامور ظلت على حالها فاسرائيل تمسكت بموقفها الرافض لعودة اللاجئين ولتحديد الحدود والاردن ظل يؤكد على ان استراتيجيته ازاء الصراع العربي ـ الاسرائيلي تقوم على اساس القبول بتطبيق الشرعية الدولية والمتمثلة بقرارات الامم المتحدة الداعية الى انسحاب اسرائيل من الاراضي التي احتلتها سنة 1967 (11) . شهد العالم في مطلع التسعينات من القرن الماضي تطورات خطيرة انعكست على مجمل قضاياه الشائكة ومنها قضية الصراع العربي ـ الاسرائيلي ، ومن هذه التطورات تفكك الاتحاد السوفيتي وظهور الولايات المتحدة الامريكية كقوة عظمى وحيدة واجتياح العراق للكويت في آب/ اغسطس 1990 وقيام التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية لاخراجه منها .. ولايمكن ان نتجاهل ما احدثته انتفاضة الاقصى من تغييرات في النظرة العربية والامريكية والدولية الى الصراع في المنطقة كلها .. فجاء مؤتمر مدريد للسلام في 30 تشرين الاول / اكتوبر 1991 بدفع من الولايات المتحدة الامريكية وتشجيعها وقد تيسرت للاردن واسرائيل الفرصة السانحة للجلوس على طاولة المفاوضات والتوصل الى معاهدة للسلام (12) .ومما شجع الاردن على ذلك توصل الفلسطينيين والاسرائيليين على الجلوس سوية والتباحث في مؤتمر باوسلو بالنرويج سنة 1993 كما سنرى . قبل انعقاد مؤتمر مدريد للسلام ، ادرك الاردن ، صعوبة موقفه اثر العزلة الخانقة التي اصبح يواجهها بعد التصور بانه وقف مع العراق في ازمة الكويت ، ومن اجل كسر هذه العزلة ، قرر الاردن تغيير اسراتيجيته والتوقف عن دعم العراق والالتجاء نحو المعسكر الدولي الذي قادته الولايات المتحدة الامريكية ومشاركته في كل مشاريعه المعلنة بما فيها مشروع الشرق الاوسط الكبير وقد اعلن الملك حسين عاهل الاردن انذاك ان بلاده لن تبقى (( معزولة عن حل مشكلات المنطقة، او الجهود المبذولة لحلها)) (13) . وقد تمثلت مهمة الاردن آنذاك ، كما يقول الدكتور هاني الحوراني (14) ، في مسألتين اولاهما توفير مظلة رسمية للوفد الفلسطيني المشارك في مؤتمر مدريد من خلال تشكيل وفد مشترك الى المؤتمر. وثانيهما الدخول ، كبقية الاطراف العربية المعنية في مباحثات لتسوية النزاع في مسار ثنائي اردني ـ فلسطيني . وقد استمرت المظلة الاردنية خلال مفاوضات واشنطن الى ان تم التوصل الى اتفاقية اوسلو واعلان المبادى الفلسطيني ـ الاسرائيلي الذي وقع في واشنطن يوم 13 ايلول 1993 . وقد يكون من المناسب الاشارة الى حقيقة مهمة وهي ان الاردنيين غضبوا من القيادة الفلسطينية لانفرادها ودخولها مفاوضات سرية مع اسرائيل في اوسلو لكن ما حدث أزال من امامهم حاجزا نفسيا وسياسيا ساعدهم فيما بعد على الدخول في مفاوضات مباشرة مع الطرف الاسرائيلي وبدون اية احراجات . ولم يلبث الاردن ان وقع ما سمي بـ ( جدول الاعمال الاردني ـ الاسرائيلي المشترك) في ايلول 1993 وخلال اقل من سنة ، بدأت المفاوضات الاردنية ـ الاسرائيلية في وادي عربة ، وخلال اسابيع قليلة ، انتهت المفاوضات بتوقيع ما سمي فيما بعد بـ ( معاهدة السلام الاردنية ـ الاسرائيلية) في 26 تشرين الاول / اكتوبر 1994 وقد وقعها عن الجانب الاردني عبد السلام المجالي رئيس الوزراء الاردني ، واسحق رابين رئيس الوزراء الاسرائيلي (15) . تضمنت المعاهدة مقدمة و (30) مادة منها ست مواد شكلية والمواد من 4 الى 20 تتحدث عن أوجه التعاون في مجالات عديدة منها الامن والمياه والاقتصاد والنقل والسياحة والطاقة والبيئة وغيرها حتى انها وصفت بانها اكثر من ((معاهدة سلام )) ، وانها نموذج لـ (سلام حار) وانها ارست ((لتعاون استراتيجي)بين الاردن واسرائيل (16) . تبدأ المعاهدة بديباجة تشير الى ان حكومة المملكة الاردنية الهاشمية وحكومة دولة اسرائيل ، اذ تأخذان بعين الاعتبار اعلان واشنطن الموقع من قبلهما في 25 تموز / يوليو 1994 والذي تتعهدان بالوفاء به ، واذ تهدفان الى تحقيق سلام عادل ودائم وشامل في الشرق الاوسط مبني على قراري مجلس الامن 242 و338 بكل جوانبهما ، واذ تأخذان بعين الاعتبار اهمية المحافظة على السلام وتقويته على اسس من الحرية والمساواة والعدل واحترام حقوق الانسان الاساسية متخطين بذلك الحواجز النفسية ومعززتين للكرامة الانسانية ، واذ تؤكدان ايمانهما باهداف ومباديء الامم المتحدة ، وتعترفان بحقهما وواجبهما في العيش بسلام بينهما ومع كافة الدول ضمن حدود آمنة ومعترف بها . واذ ترغبان في تنمية علاقات صداقة وتعاون بينهما حسب مباديء القانون الدولي التي تحكم العلاقات الدولية في وقت السلم ، واذ ترغبان ايضا بضمان أمن دائم لدولتيهما وبشكل خاص بتجنب التهديد بالقوة واستعمالها فيما بينهما فقد اتفقتا على ما يلي: 1 . يعد السلام قائما بين المملكة الاردنية الهاشمية ودولة اسرائيل اعتبارا من تاريخ تبادل وثائق التصديق على المعاهدة (المادة1) 2 . سيطبق الطرفان فيما بينهما احكام ميثاق الامم المتحدة ومباديء القانون الدولي ويعترفان ويحترمان سيادة كل منهما وسلامته الاقليمية واستقلاله السياسي وبحقهما في العيش بسلام ضمن حدود آمنة واقامة علاقات حسن جوار وتعاون (المادة 2) 3 . تحدد الحدود الدولية بين الاردن واسرائيل على اساس تعريف الحدود زمن الانتداب البريطاني على الاردن وفلسطين (1920 ـ1948) المادة 3 4 . يتقبل الطرفان بان التفاهم المشترك والتعاون بينهما في مسائل الامن سيكون جزءا مهما من علاقاتهما وبما يؤدي الى تعزيز امن المنطقة (المادة 4) 5 . يتفق الطرفان على اقامة علاقات دبلوماسية وقنصلية كاملة (المادة 5) 6 . يتفق الطرفان بشكل متبادل بالاعتراف بتخصيصات عادلة لكل منهما في مسائل مياه نهري الاردن واليرموك ومن المياه الجوفية لوادي عربة (المادة 6) 7 . يؤكد الطرفان على تعزيز التعاون الاقتصادي لا بينهما وحسب بل وفي الاطار الاوسع للتعاون الاقتصادي الاقليمي (المادة 7) 8 . يتفق الطرفان على ان مشاكل اللاجئين والنازحين التي سببها النزاع في الشرق الاوسط لايمكن تسويتها على الصعيد الثنائي بل لابد من تسويتها في المحافل والمنابر الدولية المناسبة وبمقتضى احكام القانون الدولي (المادة 8) 9 . فيما يتعلق بالاماكن ذات الاهمية التاريخية والدينية فان كل طرف سيمنح الطرف الاخر حرية الوصول اليها وبما يتماشى مع اعلان واشنطن تحترم اسرائيل الدور الحالي الخاص للملكة الاردنية الهاشمية في الاماكن المقدسة في القدس ( المادة 9) 10 . يعترف الطرفان برغبتهما في تحقيق اوجه مختلفة للتبادل الثقافي والعلمي ، ويتفقان على اقامة علاقات ثقافية طبيعية بينهما ( المادة 10) 11 . يسعى الطرفان الى تعزيز التفاهم المتبادل والامتناع عن القيام ببث الدعايات المعادية القائمة على التعصب والتمييز وبما لايتعارض مع الحق في حرية التعبير (المادة 11) 12 . يتعاون الطرفان في محاربة الجريمة وبخاصة التهريب وسيتخذان كافة الاجراءات الضرورية لمحاربة ومنع نشاطات انتاج المخدرات المحظورة والاتجار بها ( المادة 12) 13 . يعمل الطرفان على اقامة علاقات جوار حسنة في مجال النقل وحرية الحركة على الطرق ونقاط العبور ويحرصان على اقامة اتصالات برية بينهما ويسعيان لربط الاردن بمصر واسرائيل عبر طريق سريع بالقرب من ايلات ( المادة 13) 14 . يعترف الطرفان بحق كل طرف بالمرور البري في المياه الاقليمية ويستخدم طل طرف حق الطرف الاخر بالملاحة والمرور الجوي ( المادة 14) 15 . يعترف الطرفان بتطبيق الحقوق والامتيازات المنصوص عليها في اتفاقيات الطيران المدني وخدمات المرور الجوي الدولي ( المادة 15) 16 . يسعى الطرفان لافتتاح خطوط الهاتف الفاكسميلي المباشرة فيما بينهما ، ويتفقان على انشاء اتصالات لاسلكية وسلكية عادية وانشاء خدمات الربط التلفزيوني ( المادة 16) 17 . يؤكد الطرفان رغبتهما المتبادلة لتعزيز التعاون فيما بينهما في قضايا السياحة والبيئة والطاقة وتنمية اخدود وادي الاردن والصحة والزراعة والرسوم الكمركية والتعاون في الطيران ومحاربة التلوث والشرطة والتعاون الصحي وحل المطالبات المالية على اساس متبادل وفيما يتعلق بحل المنازعات فان الحوار والتفاوض ومن ثم التحكيم هي الطرق المناسبة ( المواد من 17 ـ 30) . كان من نتائج توقيع المعاهدة قرار الاردن بانهاء المقاطعة الاقتصادية لاسرائيل واستبدالها بعلاقات تعاون ومناطق تجارة حرة . وقد اعقب توقيع المعاهدة ابرام عشرات الاتفاقيات والبروتوكولات الثنائية بين الطرفين . وبين سنتي 1994 ـ 1998 ازدادت اللقاءات والزيارات والاتصالات بين المسؤولين الاردنيين والمسؤولين الاسرائيليين ، وتم تبادل السفراء وفتح قنصلية اسرائيلية في العقبة والاتفاق على مشروع قناة البحرين واجراء مناورات بحرية مشتركة وتجديد التعاون الامني والاستخباري (17) وقد ظل الاردن يسعى ليدفع الدول العربية الاخرى للوصول الى اتفاقيات مماثلة مع اسرائيل . وكما انه شجع الجانب الفلسطيني لتفعيل لقاءاته بالاسرائيليين ودراسة امكانية التوصل الى اتفاق سلام شامل ودائم مع اسرائيل ومن ذلك نجاحه في عقد لقاء ثلاثي اردني فلسطيني اسرائيلي في كل من رام الله وتل ابيب ولكن ثمة عوامل عديدة كانت وراء تراجع التطور في العلاقات الاردنية الاسرائيلية ومنها العدوان الاسرائيلي المستمر على لبنان ونشوب انتفاضة الاقصى الثانية وفشل مفاوضات الوضع النهائي والتي رعتها الولايات المتحدة الامريكية في كامب ديفيد وكان من نتائج ذلك انخفاض مستوى التعاون على على المستوى الحكومي بين الاردن واسرائيل (18) . ولم يمنع هذا القول بان العلاقات الاردنية الاسرائيلية لاتزال قائمة ، وخاصة في جانبين مهمين هما الجانب الامني والجانب السياسي ولكن هذه العلاقات تعاني من مشاكل ابرزها الموقف الشعبي الاردني المعارض للتطبيع وعدم استجابة اسرائيل لمبادرة السلام العربية التي تبناها العرب في مؤتمر بيروت سنة 2002 واكدوها في قمة الرياض الاخيرة التي عقدت بين 28 -29 اذار -مارس سنة 2007 . (19) . يرى الدكتور هاني الحوراني (20) ان معاهدة السلام الاردنية ـ الاسرائيلية كرست ما يسميه ( السلام الواقعي) بين الدولتين ، ذلك السلام الذي كان قائما من قبل ، وبدون معاهدات موقعة ورسمية . أما الدكتور هاني الخصاونة (22) فيقول ((ان معاهدة وادي عربة للسلام بين الاردن واسرائيل لامستقبل لها لانها فرضت على الشعب الاردني بالاكراه)) نتيجة ظروف سياسية كانت الامة العربية فيها ضعيفة بعد حرب الخليج الثانية . ولفت الدكتور الخصاونة الانتباه الى ان الشعب الاردني لم يفد شيئا من المعاهدة على أي صعيد وان المسافة تزداد يوما بعد يوم بين الحكام العرب الذين يمالؤن اسرائيل من جهة وشعوبهم من جهة اخرى . ليس من شك في ان المعاهدة عقدت في ظل ظروف صعبة لكن ما لا يمكن نكرانه ، ان المعاهدة تعد بمثابة الجانب الشكلي لعلاقات رسمية كانت قائمة بين الطرفين ولم يمنع هذا من معرفة حقائق اساسية اكدتها المعاهدة وابرزها امران مهمان وهما ان المعاهدة لم تسهم في حل الصراع العربي ـ الاسرائيلي ، وانما ادت الى اضعاف الدور الاردني في القضية الفلسطينية شأنه في ذلك شأن الدور المصري . ومما يؤسف له ان مصر والاردن ترضيان اليوم بدور وسيط بين الفلسطينيين والاسرائيليين بدلا من ان تكونا في الجانب المواجه لاطماع اسرائيل وعدوانها المستمر على اراضي ومياه وحقوق العرب في فلسطين ولبنان وسوريا وقد كرس مؤتمر القمة العربي الاخير الذي عقد في الرياض بالسعودية بين 28 و 29 آذار / مارس2007 ( الدور الوسيط) عندما عهد الى الاردن ومصر بنقل الموافقة العربية على المبادرة السعودية لحل الصراع العربي ـ الاسرائيلي والتي سبق ان طرحت في مؤتمر قمة بيروت سنة 2002 لحل الصراع العربي الاسرائيلي والتي تؤكد استعداد العرب للحوار والوصول الى اتفاق للسلام بشرط انسحاب اسرائيل من الاراضي التي احتلتها سنة 1967 والقبول بقيام دولة فلسطينية مستقلة وعودة اللاجئين الذين خرجوا من فلسطين سنة 1948 الى ديارهم . ولحد كتابة هذه السطور ، فان اسرائيل ، لم تعط رايها بعد في هذه المبادرة ، بل بالعكس فانها مستمرة في سياساتها المعادية لحقوق العرب في فلسطين من خلال بناء الجدار العازل ، واقتطاع اجزاء اضافية من الاراضي الفلسطينية ، وعزل الضفة عن القطاع، واجبار الفلسطينيين على الهجرة الى الخارج ، ورفض التعامل مع الحكومة الفلسطينية ،ورفض اطلاق الاموال لتمشية حياة المواطنين ، وتشجيع الصراعات الداخلية بين القوى السياسية الفلسطينية ، واثارة الفتنة بينها ، والتلويح بالعدوان على لبنان وسوريا وحتى العلاقة الرسمية بين الاردن واسرائيل فانها اليوم في اسوأ اوضاعها ، فضلا عن المقاطعة الشعبية لكل محاولات التطبيع مع اسرائيل فان العقبات الامنية كذلك تحول دون تطوير هذه العلاقات ، فالتبادل التجاري يواجه عقبات كثيرة منها رغبة اسرائيل في احتكار السوق الفلسطينية ، ووجود قوى داخلها تعارض التطبيع مع الاردن الامر الذي يتطلب من الطرفين العمل لحل كل هذه الاشكاليات ولعل في مقدمتها دفع اسرائيل لقبول تسوية سلمية حقيقية تعيد للشعب الفلسطيني حقوقه وفي مقدمتها عودة اللاجئين ، وتحديد الحدود ، واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس ، وبدون ذلك فان كل المعاهدات والاتفاقيات الثنائية التي تسعى اسرائيل لعقدها مع الاطراف العربية ستبقى حبرا على ورق . الهوامـــش (1) لمتابعة نشأة وتطور تلك العلاقات انظر : انيس الصائغ ، الهاشميون وقضية فلسطين ، ( بيروت، 1966) (2) لتفاصيل الموقف الاردني من القضية الفلسطينية والبواكير الاولى لادراك المطامع الصهيونية في فلسطين والاردن انظر : خالدة ابلال صالح ، دور العراق والاردن في السياسة العربية 1941 ـ1958 ، رسالة ، ماجستير غير منشورة قدمت الى مجلس كلية الاداب ، جامعة الموصل باشراف كاتب هذه السطور ، تشرين الاول / اكتوبر 1987 ، ص ص 229 ـ232 . (3) انظر دراسته الموسومة ((العلاقات الاردنية ـ الاسرائيلية : تقييم لعشر سنوات ونظرة على المستقبل )) ، في مجلة قضايا المجتمع المدني ، يصدرها مركز الاردن الجديد للدراسات ، العدد 37 ـ38 ، ايار ـ حزيران / مايو ـ يونيو 2006 ص 20 (4) المصدر نفسه ، ص ص 20 ـ21 (5) حول مسيرة العلاقات الاردنية ـ البريطانية وتوقيع معاهدة 1946 انظر على المحافظة ، العلاقات الاردنية ـ البريطانية من تأسيس الامارة حتى الغاء المعاهدة 1921 ـ 1957 ، دار النهار للنشر ، ( بيــروت ، 1973) . (6) حول تعاظم التيار الناصري ، انظر : بثينة عبد الرحمن ياسين التكريتي ، جمال عبد الناصر : دراسة تاريخية في نشأة وتطور الفكر الناصري ، اطروحة دكتوراه قدمت الى جلس كلية الاداب ، جامعة بغداد ، آذار / مارس 1998 وقد نشرت فيما بعد في كتاب صدر عن مركز دراسات الوحدة العربية ببيروت 2003 . (7) البراري ، المصدر السابق ، ص 21 (8) للتفاصيل حول الموقف من هذه الاحداث وعلاقتها بالعلاقات بين الاردن واسرائيل انظر : Hassan A. Barari , Jordan and Israel , Ten Years Later , Centerfor strategic studies , university of Jordan (Amman 2004) ,pp. 20 – 22 (9) سليمان موسى ، " تاريخ الاردن الحديث" ، مجلة الوثائق العربية ، يصدرها الفرع الاقليمي العربي للمجلس الدولي للوثائق ، عربيكا ، بغداد ، العدد (4) ، 1978 ، ص 114 (10) Barari ,op . cit . , p .24 (11) البراري ، المصدر السابق ، ص 21 (12) للتفاصيل انظر : هاني الحوراني ، ((مسارات العلاقة الاردنية ـ الاسرائيلية 1994 ـ2004 )) ، مجلة قضايا المجتمع المدني ، ص 16 (13) المصدر والصفحة نفسها (14) المصدر نفسه ، ص ص 16 ـ 17 (15) انظر نصوص معاهدة السلام الاردنية ـ الاسرائيلية (17 تشرين الاول / اكتوبر) وقد وقعت رسميا باحتفال حضره الرئيس الامريكي بيل كلنتون ووزير الخارجية الروسي يوم 26 من الشهر نفسه في ملحق هذا البحث . (16) الحوراني ، المصدر السابق ، ص 17 ، البراري ، المصدر السابق ، ص 22 (17) الحوراني ، المصدر السابق ، ص ص 17 ـ18 (18) المصدر نفسه ، ص ص 17 ـ 18 (19) حول الموقف الشعبي الاردني انظر : حسين ابو رمان ، ((مقاومة التطبيع .. بين المنظور الفلكلوري والتوظيف في خدمة السلام العادل )) ، مجلة قضايا المجتمع المدني المشار اليها اعلاه ، ص ص 19 ـ 20 (20) والدكتور هاني الحوراني ، اكاديمي اردني معروف ، له مؤلفات عديدة ابرزها التركيب الاقتصادي الاجتماعي لشرق الاردن : مقدمات التطور المشوه 1921 ـ 1950 ، نشره مركز الابحاث في منظمة التحرير الفلسطينية ، (بيروت ، 1978 ) انظر دراسته الموسومة((مسارات العلاقة الاردنية ـ الاسرائيلية 1994 ـ 2004)) والمشار اليها اعلاه ، ص 18 (21) أما الدكتور هاني الخصاونة فهو وزير سابق للاعلام في الاردن ، وقد اجرى معه محمد النجار من عمان حوارا نشر على موقع (الجزيرة نت) يوم 15 نيسان 2001 . ولمزيد من التفاصيل عن العلاقات الاردنية ـ الاسرائيلية انظر كتاب خالد عبد الرزاق الحباشنة الموسوم : (( العلاقات الاردنية ـ الاسرائيلية في ظل معاهدة السلام ، بيسان للنشر والتوزيع ، ( عمان ، 1999) مركز الدراسات الإقليمية –جامعة الموصل
#ابراهيم_خليل_العلاف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدولة في الفكر الغربي الحديث :رؤية تأريخية
-
الدكتور محمود علي الداؤود (1930- )ودوره في تأصيل الدراسات ال
...
-
الدكتور فيصل السامر 1925-1982 ودوره الفاعل في تطوير المدرسة
...
-
كلية الحقوق (العراقية ) في 100 عام من عمرها 1908-2008
-
الدكتور يونان لبيب رزق والمزاوجة بين التأريخ والصحافة
-
زهاء محمد حديد والفن المعماري العالمي
-
رجاء النقاش ودوره في حركة الثقافة العربية المعاصرة
-
فؤاد التكرلي (1927-2008 )وتأريخ العراق المعاصر
-
الجذور التأريخية لنشأة وتطور ( القطاع الخاص) في العراق حتى ص
...
-
التراث الصحفي في العراق خلال الثلاثينات من القرن العشرين
-
هل يحتاج العراق الى اقامة منظومة تعاون مع ايران وتركيا ؟!
-
عبد الناصر والاكراد
-
الدكتور حسين قاسم العزيز 1922-1995 والمنهج المادي الديالكتيك
...
-
مجلة المجلة ودورها في حركة الفكر والثقافة العراقية المعاصرة
-
الثقافة والسياسة في العراق المعاصر :دار المعلمين العالية 192
...
-
الصحافة العراقية والتطور السياسي والاقتصادي والثقافي 1869-19
...
-
هياكل صنع القرار السياسي في العراق ومصادره والياته
-
مع الدكتور ابراهيم الداقوقي في رحلته الادبية والثقافية والاع
...
-
مع القاص والناقد انور عبد العزيز في مسيرته الابداعية
المزيد.....
-
الأردن.. ماذا نعلم عن مطلق النار في منطقة الرابية بعمّان؟
-
من هو الإسرائيلي الذي عثر عليه ميتا بالإمارات بجريمة؟
-
الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة
...
-
إصابة إسرائيلي جراء سقوط صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل
...
-
التغير المناخي.. اتفاق كوب 29 بين الإشادة وتحفظ الدول النامي
...
-
هل تناول السمك يحد فعلاً من طنين الأذن؟
-
مقتل مُسلح في إطلاق نار قرب سفارة إسرائيل في الأردن
-
إسرائيل تحذر مواطنيها من السفر إلى الإمارات بعد مقتل الحاخام
...
-
الأمن الأردني يكشف تفاصيل جديدة عن حادث إطلاق النار بالرابية
...
-
الصفدي: حادث الاعتداء على رجال الأمن العام في الرابية عمل إر
...
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|