|
أسرار المسيحية 1
جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2203 - 2008 / 2 / 26 - 02:09
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الديانة المسيحية هي تشخيص للقوى الطبيعية مثل : الماء والهواء والتراب ..إلخ , وهي في الأصل نتجت في مجتمعات زراعية تؤمن بالطبيعة والرومنسية ولا توجد ديانة أو فلسفة رومنسية كما هي الديانة المسيحية .
أما الإسلام واليهودية فإنهم يكرهون تشخيص قوى الطبيعة فالله ويهوى ليس كمثلهم شيء ولا يجوز تشبيههم بأي شيء ولفظ إسم يهوى محرم نطقه على ألسنة البشر وكان اليهود قبل لفظ إسم يهوى يضعون قبل إسمه حرف (أل) وكانوا يقولون عنه (أل أل أل )خوفا من يهوى أن يلفظ إسمه على لسنةالبشر ومن هذا الرمز أشتق إسم (الله ). فالمسيحية ديانة صريحة مع الناس والطبيعة وهي ترى الرب في كل شيء في الماء والهواء والخبز والعشاء الأخير , أمااليهودية والإسلام فإنهم يرونه محركا للماء والهواء وخالقا له من غير أن يتجسد بعكس المسيحية التي ترى الرب في كل شيء يلمسه فتستحيل الأموات إلى أحياء والجمادات إلى أشياء تتحرك. فعلا المسيحية رومنسية جدا تدرب الشعراء وأخيلتهم وتزيد من متسعاتهم الخيالية فتضيف عليها جمالا على جمال وبهجة وسرورا على سرور .
وتعبيرات المسيحية تثير في النفس النشاط الفني والذهني وتدعم قوى الشعراء والأدباء وتزيد من إتساع مخيلتهم إلى أكثر من النصف المفترض أو أضعاف ما هو مفترض. لست مسيحيا وإنما يلمس قلبي يسوع والفن والأدب الرومنسي من خلال قراءتي للديانة المسيحية وأحس بعظمة الفن القوطي واللوحات الدينية المؤثرة في وجداني كوني حساس ومرهف وعاشق للفن والأدب . أما اليهودية والإسلامية فإنها لا ترى الله في المخلوقات مجسدا أو على شكل بشر أو على شكل ناسوتي وإنما هو لاهوتي موجود فالله مثله مثل الضوء موجود في كل مكان في الهواء خالق له وفي الماء خالق له , ولكن لا يمكن تجسيده رومنسيا أو تصويره أو بعث طيفه أو إستنشاق رائحته ولا يمكن أن يلمس قلبك وقلبي في العراء أو في المنزل أو الحلم ومن المستحيل جدا أن يرى المسلم أو اليهودي الله أو يهوى في منامه , فهو جل ذكره يدرك الأبصار ولا تدركه الأبصار . ولكن المسيحي يرى المسيح حقيقة وليس حلما ويراه حلما إضافيا فتتسع مخيلته أكثر ويزداد لإقباله على الفنون وتكبر في نفسه عاطفته ويرى المسيح وهو نائم ويراه وهو يقض ووهو يمشي في الأسواق . و(يسمع الله النملة الصماء في الصخرة الصماء في الليلة الظلماء)ولكن لا يمكن أن تسمعه النملة أو المسلم أو اليهودي . ويكره الإسلام الفن طبعا لأنه يكره عبادة الأوثان والأصنام وبالتالي لم يعاد الإسلام الفن والفنون التشكيلية ولكنه يعادي أن يرى بها الإنسان خالقه أو ربه وما زلنا جميعا نحفظ قول الشاعر البدوي : أرب تبول عليه الثعالب؟ وذلك حين رأى ثعلبا يبول على رأس أحد الأصنام. وهذا جيد ولكن إبتعاد المسلم عن الأوثان وفن صناعتها قتلت في نفسه الرومنسية وأصبح معاديا للفن والأدب والعاطفة والسرور والبهجة التي تبعثها الفنون في نفس الناظر المتلقي والمستهلك للفن الرومنسي .
ولكن المسيح يسمعه المسيحي يناديه ويغري قلبه ويملأه رومنسية ووداعة وحبا وتألقا وهو مخلص من العذاب ويفتدي المظلوم بدمه وسحر حضوره في الخبز والخمر . والله ويهوى (كاشف الضر).
إذن الخلاف كبير وهو خلاف بين دين زراعي وثقافة زراعية من جهة ومن جهة أخرى بين ثقافة رعوية تقتصر حياتها على الضروري والواقعي وتكره وتعادي الرومنسية لأنها تستكثر على البدوي أن ينعم برفاهية فالرفاهية في المجتمع البدوي تقتل بالبدوي بداوته وتغير مجرى حياته فينسى في غمرة سروره أنه بدوي ضعيف ولهذا المسلم واليهودي مسلوبي الإرادة وضعفاء رومنسيا لأن الرومنسية تطغى على جوانب الحياة القاسية وتحيلها إلى نعومة وسعادة تتلاشا بها القيم الرومنسية .
حتى الرومنسية بين الرجل والمرأة مفقودة في الحياة الجنسية بين الرجل والمرأة والحب في المجتمع البدوي هو حب عذري معذب النفس بخلاصها من صلة المحب بالمحب وصلة العشاق ببعضهم عيب أخلاقي ولا يجوز التفوه بإسم المعشوقة وإذا تفوه البدوي بإسم معشوقته فقد هو وهي حقهم بالزواج .
بينما الرومنسية تفوح بسرها الكبير وتفتح ذراعها للعاشق القادم وتملأ قلبه سرورا والديانة المسيحية كلها أسرار وألغاز عصية على الفهم العادي للإنسان العادي ولكن أسرارها تحل معضلات الإنسان العاطفية دون أن يفهم سر إنفكاكها ودون حل لرموزها فهي تروح عن النفس المهمومة .
بينما اليهودية والإسلامية لا يوجد بهما أسرار وألغاز ولكن تستحيل مشاكل الإنسان اليهودي والمسلم إلى ألغاز وأسرار وعقد نفسية مما هو محرم . فالمحرمات أكثر من المحللات . أنا لا أتحدث عن نفسي ولكنني أتحدث عن ملاحظاتي للمسلم واليهودي والمسيحي ومن خلال قرائتي لفكر الجميع وسلوكه ومدى حب المسيحي العاطفي الكبير للفن ومدى كره المسلم للفن والثقافة والأدب وكل ما هو عاطفي وحنون .
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هانيبال القرطاجي :رجل واحد ضد روما , وويل للمغلوب
-
جسد المسيح الدجال
-
عمر الإنسان العربي(سيرته الذاتية )
-
سبحان الذي شق نهديك بالمنشار...أنت تحت أزرار قميصي!
-
عامي الأول في الحوار المتمدن
-
المرأة بحصان
-
فشل القومية العربية
-
مضحكة ومسلية البنت المبدعة حين تتزوج
-
كان المسيح في بيت جدي
-
ظروف المرأة الإقتصادية
-
كن مع العلمانية ولا تبالي
-
الموت والحياة : من يد الخالق إلى يد الخلق
-
من أكثر قدرة على علم الغيب ؟
-
القرآن واللهجة العامية
-
لقمة الجنس قبل لقمة الخبز
-
عيد الحب والقمع الصوفي
-
فقدان الجنس يؤدي إلى عمليات إرهابية
-
فقدان البكارة للأنثى وممارستها للجنس قبل الزواج يحل المشكلة
...
-
الثقافة بلغة الإقتصاد1
-
رائحة الدولار والدينار أشهى من رائحة السلمون(السردين)
المزيد.....
-
مرتديا الكوفية الفلسطينية.. الأمير تركي الفيصل يهاجم مقترح ت
...
-
ما هي البلدان المقترحة لاستقبال سكان غزة بعد الإعلان عن خطة
...
-
نغم عيسى.. غموض حول مقتل إمرأة حامل في حمص بعد طلب فدية
-
45 ألف سنة سجن للمحتال التركي الصغير
-
اعتداء عناصر في الأمن السوري على عابر جنسياً يثير مخاوف وانت
...
-
خبراء يحذرون: تقديرات بانهيار 100 ألف مبنى في حال وقوع زلزال
...
-
في خطوة انتقامية متبادلة.. بريطانيا تعتزم طرد دبلوماسيٍ روسي
...
-
يميني وأنثوي ومزيف: الذكاء الاصطناعي يتدخل في انتخابات ألمان
...
-
القضاء الألماني يحاكم أربعة أشخاص بتهمة الانتماء إلى حركة حم
...
-
-لحد ما ترجعوا ودائع السوريين-.. وسائل إعلام لبنانية تكشف تف
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|