أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - رياض الأسدي - انهض أيها القرمطي














المزيد.....


انهض أيها القرمطي


رياض الأسدي

الحوار المتمدن-العدد: 2200 - 2008 / 2 / 23 - 09:23
المحور: كتابات ساخرة
    


(أنهض أيها القرمطي!) ثانية

في منتصف السبعينات من القرن الماضي قدمت أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد عرضا تجريبيا لمسرحية بسيطة لأحد طلبتها كأطروحة تخرج على ما أظن، وكانت بعنوان ( أنهض أيها القرمطي!)(*) وحتى ذلك الوقت كان الأمر لا يعتدّ به، وليس بذي شأن، ولم يخطر على بال احد أهمية تلك المسرحية حتى ذاع صيتها دون أن يراها إلا جمع قليل من النظارة، وأصبحت حديث الرائح والغادي حيث بدأ احد الصحافيين المساكين أوالمسكونين بالقرمطية على ما يبدو، بتغطية أحداث المسرحية وطريقة إخراجها وفكرتها المميزة جدا. وما أن ظهر التحقيق الثقافي القنبلة الموقوتة على الصفحات الثقافية في مجلة (ألف باء) وتكاد أن تكون المجلة الأسبوعية الوحيدة في العراق آنذاك، حتى قامت الدنيا ولم تقعد بسبب مسرحية ( انهض أيها القرمطي).
فجاء الحاج خير الله طلفاح خال السيد النائب صدام حسين، المعروف بين الناس ب(حرامي بغداد) على نطاق واسع في ذلك الحين، إلى باب المجلة، واقتحم البناية المكونة من بيت صغير مع رجال حمايته بشواربهم (ساعة ثمانية وثلث!) ودون أن يسأل أحدا، وبسلطة السيد النائب المؤمن - عفوا كان علمانيا وقتذاك!!- ودفع باب رئيس التحرير بقدمه ضاربا الأرض والباب بعصاه، وكما يفعل عصابات الكاوبوي في أفلام الغرب الأميركي - بالأسود والأبيض- كما كانت عصاه الأثيرة تذكر بالجبروت العربي الوسيط كله في الوقت نفسه، وصاح بأعلى صوته الجهوري: وينك قرمطي!! ثم انهال بالضرب والشتم المقذع على رئيس التحرير والصحافيين والموظفين العاملين في المجلة والإعلام المعادي للإسلام الطلفاحي آنذاك حتى أصبح رئيس التحرير مجرد جرو لا حول له ولا قوة ولم ينبس ببنت شفة بفعل تلك الهبة الطلفاحية والغيرة على الدين.. وبعد خروج الحاج الوسيم: مصبوغ الشعر وحليق اللحية والشاربين بأقل من ساعة كما روى الرواة نقل رئيس التحرير عن منصبه واختفى الصحافي المسكين القرمطي في طيات لم يسمع بها احد..
وبقي السؤال: ما الذي حدا بالحاج إلى القيام بكل تلك الثورة العارمة والهياج التام؟ وما السرّ وراء ذلك؟ هل هي النزعة (السلفية) التي يدعيها (الحاج)؟ ام الموقف من عموم ما هو مبتكر في الحياة العربية؟ ولماذا تثير مسرحية مغمورة وقتذاك كلّ هذا الغبار وقد عرضت على جمهور خاص؟ كان من الصعب معرفة طريقة تفكير النظام بالأشياء؟ وما علاقة مسرحية بسيطة أعدت (كأطروحة) لطالب تخرج عن تاريخ القرامطة فحدث كل هذا الهلع (الحجاجي) الذي عرفت به بغداد وتندرت لأشهر عديدة حتى أصبح اسم القرامطة سبة ولعنة يتحاشاها الناس دائما.
لا شك بان الحاج خير الله الذي أصدر أكثر من (300) كتابا - غير مهم - في مختلف الشؤون السياسية والتاريخية والدينية قد أوصل له (احدهم) فكرة (أنهض أيها القرمطي!) بطريقة ملؤها الخبث؛ فحينما سأل الحاج عن أصل وفصل القرمطي وعن معنى القرامطة قيل له يعني: الشيعي! بل قل الشيوعي أيضا ولا تبالي؛ إذ كان القرامطة يعملون بالنظرة (المساواتية) الشاملة بين الناس وتأميم وسائل الإنتاج ووجود بيت مال عام للمسلمين، حتى أنهم حرموا على نسائهم كما في موقعهم في البحرين لبس الحلي فوضعوا كلّ شيء بيد الدولة التي يرأسها الإمام الإسماعيلي. وكانت تلك الحركة قد بزغت قبل ظهور الأفكار الاشتراكية بقرون عديدة مما حدا الكثير من الكتاب المولعين بالقرمطية وأفكارها وصفها بالاشتراكية (تجاوزا) على البحث العلمي التاريخي؛ لكن حومة فكرية (ما) ضربت أطنابها وقتذاك لإعطاء تفسيرات طبقية للتاريخ الإسلامي، ثم توقفت تلك الجهود على حين غرة.. وعادت الأمور إلى نصابها بسبب أمثال (الحاج) هنا وهناك في العالم العربي.
وربما تكون كلمة القرامطة ومعناها التاريخي هي التي جعلت من (الحاج) يقوم بكل تلك الثورة العارمة ضدّ القرمطية والقرامطة ونهوضهم. وأشاع مذذاك فكرة (التابو الكبير) في تناول تاريخنا الوسيط مسرحيا إلى يومنا، وحتى هذه الساعة، وبعد خمس سنوات من الاحتلال، يبقى القرامطة (ممنوعين) ولا احد يستطيع أن يقدم مسرحية ( انهض أيها القرمطي) من جديد أو ما يماثلها في التصور والأسلوب والفن. لماذا مرة أخرى؟ وهل ثمة (ممنوعات جديدة) ضدّ القرامطة كتلك التي أعلنها الحاج خير الله ( طلّ وفاح) كما يود أن يؤول ذلك أسرة العوجه؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) تعود حركة القرامطة إلى العصر العباسي حيث ظهرت لأول مرة في قرية "سليمة" في أعمال الكوفة، وهي نسبة إلى حمدان بن الأشعث المدعو (قرمط)؛ أي كان يقرمط بمشيه بمعنى انه يقارب بين خطواته. والقرامطة الوجه الأشد وضوحا من وجوه المذهب الأسماعيلي الشيعي وقد عدها كثير من الباحثين في الفكر والتاريخ العربي واحدة من أكثر الحركات الاجتماعية أهمية لاستباقها عصرها.



#رياض_الأسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فتاح باشا
- حرب عالمية أقتصادية على الأبواب؟؟
- تعالوا إلى الطفولة العراقية في غينس
- العراق وتركيا : من الخاسر في النهاية؟
- الستراتيجية الاميركية بعد سبتمبر 2007
- بكالوريا
- بندورا بغداد
- جَردة الموت (آمرلية ) هذه المرة
- نظرية الفوضى البناءة
- اليانكي
- الدب الروسي ورقصة العرضه
- تبغدد.. إلى هيلاري: متى تحكمنا نساؤنا؟
- الغاء الآخر.. نظرة في التاريخ القديم
- تقريربيكر هاملتون:محاولة نظر ناقصة
- الحرب على العراق مقدمة لحرب عالمية ثالثة؟
- القدامة العربية بين الديمومة وظاهرة التقليعة الفكرية
- حديث إلى كريم مروة والظاهرة العراقية
- الحروب ككولاج غير قابل للصق
- روزا باركس.. لا مكان لها في حدوس نوستر أداموس
- ماذا وراء إحياء اللغة اللاتينيةعالميا؟


المزيد.....




- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...
- “تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش ...
- بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو ...
- سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - رياض الأسدي - انهض أيها القرمطي