أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - مَناسكٌ نرجسيّة 3















المزيد.....

مَناسكٌ نرجسيّة 3


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 2199 - 2008 / 2 / 22 - 09:56
المحور: الادب والفن
    



كان على بيتنا ، ولأول مرة منذ أشهر ، التنفس بحريّة . هجرنا شقيقي ، مجدداً ، وبلا أيّ مراسم . إمرأته ، بطبيعة الحال ، كانت الأكثرَ تكدراً . أمّا الأمّ ، فلم تبدِ أيّ أسف . من ناحيتي ، عدتُ إلى حجرتي كيما أتفقدُ بين جدرانها وحدتي ، المُفتقدة . جازَ لي ، في إحدى الليالي ، إصطحابَ " فريدة " إلى العليّة تلك . خلال صعودنا الدرج ، نبّهتني هامسة ً إلى وجود شبح ما ثمة ، خلف نافذة غرفة الجلوس . في يوم تال ، جاءت " مريم " في زيارة ، معتادة ، لتخبرنا هذه المرّة عما يُشاع من ظهور شقيقها ، " حيدر " ، في الحارَة : " ويقولون ، أنه يقيم في أحد الأزقة العليا مع إمرأة مشبوهة ، غريبة " . الكلمة الأخيرة ، والتي نطقتها قريبتنا ، عَرَضاً ، ربما إستفزتْ " صافية " . إذ ما أن تحوّل الحديثُ بينهما إلى موضوع آخر ، حتى بادرتْ إمرأة أخي إلى صبّ حممها على ما دعته " سطحيّة المرأة الشرقية ولا معنى حياتها " . مساءً ، كنتُ أحاذي موقفها على الشرفة ، المألوف ، والليل فوقنا ربيع نجوم بلا نهاية . " مجرّد مساءلة ، عابرة ، عن فائدة تلك الكتب التي تقرأينها أنتِ ، جعلتكِ تثورين عليها ؟ " ، قلتُ لها معاتباً ، فيما أوميء برأسي إلى ناحية الشرفة الاخرى . رنتْ إليّ " صافية " عن قرب ، متسائلة ً بدورها :
ـ " هل تعتقد أنني ، مُتعمّدة ً ، جرحتُ مشاعرها ؟ "
ـ " أبداً . إنما إستغربتُ من عدمَ تفهمكِ لوضع نساء عائلتنا "
ـ " أليست هيَ ، على كلّ حال ، أكثر جهلاً من فهم ما ذهبَ إليه كلامي ؟ "
ـ " صافوْ " ، يُخيّل إليّ أنكِ تتحاملين عليها ، أحياناً "
ـ " ويُخيّل إليّ ، يا " شيروْ " ، أنكَ تحبّها ! " ، قالتها بلهجة اخرى ، ألطف وأرقّ . ولكنني هتفتُ ، بضيق ، مفردة نفي وحسب : " لا " . أنفاسها إزدادت قرباً ، فيما تردد كلمتي متسائلة بإلحاح : " لا .. ؟ " . إذاك ، تزحزحتُ عن موقفي ، زافراً من ثمّ هاجسَ أعماقي : " لا تتكلمي هكذا ، أرجوكِ " .

صوتٌ عميق ، ندَه من أغوار العتمة بإسمي . متوهّماً أنه نداءُ الأمّ ، هبطتُ الدرجَ شاعراً بالظلمة هوة بلا قاع . في الردهة ، رواحتُ قدميّ ، مُتردداً بين غرفتيْ النوم والجلوس ، لما تناهى من هذه الأخيرة هدهدة ُ أمومةٍ ، ساهرة . ما لبث الباب أن إنفرجت ضلفته عن الغريبة ؛ هيَ المُعتنقة طفلاً بهيئة ملاك ، وكان مشدوداً إلى صدرها راحة ً وفماً ؛ نهماً ـ كرضيع لقيط . الينبوع الثرّ أفلتَ ، فجأة ً ، لتنتثرَ قطراتٌ ، ناصعة ، فتضيء الغلسة . عادتْ الغريبة إلى دسّ حلمتها في الفم الطفل ، مخاطبة ً إيايَ بلهجة متسائلة ، متشكية : " أما آنَ له أن يُفطمَ ؟ " . الحلكة تحجب المشهدَ كلية ً . النداء ما فتأ يصّاعد ، إنما من الحجرة الاخرى ، على الأرجح . ولكنني إذ هممتْ تلبيته ، إذا بالباب يوصدُ على وحدةٍ مطلقة . ثمّ دهمني رعبٌ ثقيل ، معذب . الهتاف يُضافر بإيغاله وإلحاحه كتمَ أنفاسي ، فأحاول إفلات صرخة نجاة .

***
أخيراً ، إقتحمَ الزقاقَ صباحٌ مُشرقٌ بحضور ، جهم . وقال الزاعمون المعرفة ، أنّ " حيدر " لم يغادرَ الحيّ يوماً . الأغرب من هذا ، ما راجَ عن خلافته للقتيل ، إبن " زينكيْ " ، في إدارة المقمرة . هكذا أبصرتُ عتيّ عائلتنا ، وكان بصحبة " ناصر " ، لحظة خروجهما من منزل هذا الأخير . حقّ للخلق الإستغرابَ ، وهم يرقبون تنقل هذا القاتل في رابعة النهار ، ودونما أيّ إعتبار لرجال الأمن . من جهتي ، قدّرتُ أنّ هؤلاء الشرطيين ، المرتشين ، لا بدّ ويغضون عنه الطرفَ ؛ همُ المقتحمون حرمَة َ زقاقنا ، في مناسبة تالية ، ليسوقوا من ثمّ " كوكش " بالمهانة نحوَ عربتهم ، المُنتظرة ثمة .

كان الأستاذ " شهاب " ، في حينه ، قد وعدني بحضور جلسة للعصبَة ، مُقررة . وفي الخميس الأول ، الشاهد إطلاق سراح " كوكش " ذاكَ ، بكفالة ماليّة ، رأيتني أصعد الدرجَ المؤدي إلى عليّته ، والمحاذية لدقران كرمةٍ ، كثيفة ؛ أينَ الحمام ، بأسراب المؤهلة ، يُبشر هديله الصخاب بربيع قادم ، قريب . مرأى صديقي " نورو " ثمة ، كان لا بدّ أن يُجمّد التحيّة في فمي ؛ هوَ المُتناهض مع الآخرين للترحيب بمقدمي . وفضلاً عن الأستاذ ، كان هناك أشخاص آخرون ؛ " فرَج الحرامي " و " ركَيكَ الإسكافي " ، إضافة طبعاً لكلّ من " ناصر " و " كوكش " . هذا الأخير ، بدا في تربّعه على أريكة خشبيّة ، مُعتقة القِدَم ، وكما لو أنه على عرش ، همايونيّ ؛ هوَ المُدّعي بأنّ " الشيخ الأكبر " قد أخبرَ عنه بفتوحاته .

قدّمنا الأستاذ ، " نورو " وأنا ، بإعتبارنا من أولاد الحارَة ، المتنورين ، التائقين للمعرفة . سادَ الصمت من ثمّ ، لبرهة اخرى . وما عتمت الحركة أن دبّت في المجمع ، السماويّ . راقبتُ همّتهم ، لما أخذ كلّ منهم برصّ حشوة من تبغ وكيف ، محسوبة ، طيّ ورقة تنباك رقيقة ، تاركاً طرفيها على سجيّتهما ـ كيما تكون جديرة ً بنعت " الصاروخ " . الحشوة هذه ، المُزدوجة النعمة ، تشغل نصف اللفافة عادة ً ، فيما نصفها الآخر ، الفارغ ، منذورٌ للشعلة المؤرّجة بنفحة الفاتحة ، والمُبشرة بحسن الختام . هوذا الضبابُ الكثيف ، القدسيّ ، يرتفعُ في أرجاء المكان ، جنباً لجنب مع شدو مُنشدنا ، " الميدانيّ " ، وعزف بزقه ، الشجيّ . " من فهمَ الألحانَ ، إستغنى عن سائر الملذات " ، تمتمَ الأستاذ " شهاب " . ثمّ إستطردَ بعيد سحبةٍ من لفافته : " هكذا تكلمَ زرادشت " . إنجلاء الوجه الأول من المُسجّل ، كان على ما يبدو فرصة ً لأستاذنا ، كيما يوميء نحوَ السدّة العليا ، هاتفاً بربّها :
ـ " الحقّ جوابٌ "
ـ " لأنه لا يخشى سؤالاً " ، يردّ عليه كبير العصبة هذا ، فيما هوَ يلفنا بنظرته ، الثاقبة ، المتسللة من عينين يتسلق طحلبهما صخرة َ الأنف ، المتحدّرة . شعرتُ بنظرته تلك ، وكما لو أنها تطوّقني . مُحرجاً ، أفلتّ سؤالي على الأثر : " بمَ تبشرون هنا ، لو سمحتم ؟ " .
ـ " بعودة الغائب " ، أجابني الأستاذ . ثمّ ما لبث أن سعلَ بقوّة ، فيما كان يتهيأ للشروع بمداخلة مديدة . هكذا إسترسل في الكلام ، دونما تلجلج ، وكأنما كان ينطقُ عن وحي . وما ترسّب لديّ مما قاله ، تشديده على كون الكون ـ كثمرةٍ ، غلافها النورُ وبذرتها الظلمة ؛ وأنّ النورَ هوَ الجوهرُ ، المختار ، المُتشظي عنه أنوار السبعة ، المختارين ، في الأرض ؛ وأنّ من دعاهُ " السابع " لم يظهرَ بعدُ : " هذا الغائبُ ، لا شأن له بمَهديّ شيعة آل البيت . حضوره بيننا ، المؤقت ، سيكون بوساطة " المُستخلف " ؛ الداعي والمُبشر بظهوره ، المُرتقب " . وهو ذا " نورو " ، يسألُ بدوره : " ولكن لمَ هذا الرقم ، بالذات ؟ " .
ـ " النورُ ، هوَ سابعُ الملائكة . وخلق الله الأرضَ بسبعة أيام ، وجعلَ طبقاتِ السماء سبعاً وكذا عدد أيام الأسبوع . وسبعة هيَ أبوابُ الشام الشريف ؛ مُستقرّ قيامة الله وجنته ، الأبديّة " : أجابه الأستاذ بتلاوةٍ ، مقتضبة . وخيّل إليّ أنّ أخا الرضاع هذا ، قد شاءَ الهمز من قناة العصبّة ، بسؤاله الآخر عن مغزى الخطيئة . وكان لا بدّ لأنظارنا أن تتعلق ، مُجدداً ، بالأستاذ " شهاب " . يُطرق متفكراً للحظةٍ ، قبل أن يخرق صوته ، النقيّ ، جوَّ الجلسة الخانق : " على حدّ قول " أويديموس الرودسي " ، أحد تلامذة " أرسطو " الفيلسوف ، فإنّ المخلوق القديم هوَ وحدة من المكان والزمان ؛ من الخير والشرّ . ومن هذه الوحدة ، تحديداً ، كان الكون ؛ وهيَ أساسه " . من جهتي ، كنتُ متآلفاً وطلاسم الأستاذ ، بحكم ما جمعنا من جلسات الليل ، الشتويّة . ومع ذلك ، رغبتُ في خوض المُساجلة مُستفهماً منه ما إذا كان ينكرُ الفضيلة . عاد شهابنا للقول ، وقد إشتدّ زوغان عينيه : " الخطيئة ، بحسب الإرادة السبحانيّة ، كانت أساس بناء الكون والمتأثرَ حكاية الطرد من الفردوس . إنها أصله في عالمنا ؛ بدءاً من قتل الأخ الأول ، ومن ثمّ تحليل زواج المحارم ، الذي إستمرّ في الزرادشتية واليهودية " .
ـ " صنعَ " هارونُ " العجلَ ، فعبده بنو " موسى " من بعده " ، إنبعث من نفق ، غميق ، صوتُ " ركَيكَ " ، الأبحّ . وكأنما الشرّ مسحَ وجهَ " نورو " بمسوح البِشْر ِ ؛ هوَ المتسائل عن خلود الخطيئة . فأعادَ الأستاذ تأكيد فكرته ، بالقول : " الشرّ ، وليدُ قوّة الخير ، الأولى ؛ مغزى تجليها للخلق . لا زوال له إلا بزوال الكون ؛ ولا خلود لنا إلا بخلوده " .
ـ " أصل الشرّ في العالم ، المرأة ! " ، تكلم " ناصر " وصورة معيّنة ، على الأرجح ، تتمثل أمام عينيه ، المغمضتين . ثمّ ما عتمَ هذا أن تابع ، ناثراً علينا آخرَ تجليات السهرة : " إنّ قومنا الأوائل ، كما ذكرَ العارف " قمْبُز " ، همُ الوحيدون في الأرض ، المتحدرون من نسل الدّهر . فحينما سلبَ الله مُلكَ " سليمان " ، أسطى إبليس على نسائه وحملن منه . ومن ذاكَ النسل ، يؤكد العارفُ ، كانت سلالتنا " . الصمتُ ، زارنا من جديد . بإشارةٍ من الأستاذ لأحدهم ، فتحَ باب الحجرة . الهواءُ العليل ، الهارب من وحشة جبل الخليقة ، كان عليه أن يُبددَ دخانَ الحريق ، المُقدّس ، المُتغلغل عميقاً في عروق النسل ، النرجسيّ .

***
شغلتْ أفكار العصبَة خيالي ، الفتيّ . كنتُ أنقلها لإمرأة أخي ، أولاً بأول ، على أنها من تفتقات فلسفتي ـ كذا . ولكنّ " صافية " دأبتْ على الإعراض عن المُجادلة بهذا الخصوص ، بما أنّ كل ذلك كان غريباً عن طبيعة تربيتها وحدود تديّنها . رأيتني ، من ناحية اخرى ، على تناقض في المسلك ، بيّن ؛ أنا المُوزع الإهتمام بين نساء ثلاث ، والمنجذب إلى كلّ منهنّ بدافع ، مُختلف . المُراهقة ، ولا شك ، خلفتها ورائي ـ كصفحةٍ مطويّة من كتاب العُمر . ولكنّ صورة ساطعة ، ألقة ، ما فتأت تبرز من الصفحة تلك ، مُنيرة دوماً حُجُب وجودي . قريبتنا الجميلة ، كانت تنتمي مؤكداً لعالم مراهقتي ، البائد . على أنها ، بالمقابل ، أضحَتْ كما لو كانت مُتماهية ، بنظري على الأقل ، بكينونة المرأة الاخرى ، الغريبة ، المٌنتهَكة الإنسانيّة . كان يُحزّ في نفسي ، أحياناً ، إشتراكي في عملية الهتك هذه . مع أنني كنتُ ، صادقاً ، أجد ذلك بمثابة تعويض عن حاجة ، جسديّة ، لم تتحقق مرة ً قط مع الحبيبة الأولى . ربما هيَ محاولة للقِران ، روحيّة ، بإمرأتين من بيئتين ، مختلفتين ، يوحّدهما مع ذلك مصيرٌ واحدٌ .

علاقتي و " فريدة " أخذتْ بالتواشج ، الجديّ ، وما عادتْ مجرّد نزواتٍ لجسدٍ ، محروم . وكأنما سعتْ هيَ للدرجة تلك ، الموصوفة ، من إرتقاء صلتنا ، بما كانَ من إهمالها ، كلياً ، لشأن نقودي ؛ لثمن تلبيتها حاجتي ، الجائعة . ولكن كان يغيظها ، كما تنبّهتُ ، أمرَ إستغناء طبعي عن الغيرة ؛ وعلى الرغم من تفهمها ، وكيف لا ! ، حقيقة علاقتنا ومدى حدّها . بيْدَ أنّ إعتيادي على صحبتها والحميميّة المتأثلة عاطفتي تجاهها ، كانا من الأمور الباعثة رضاها وطمأنينتها ؛ هيَ المُرهفة المشاعر ، والمُنطويَة على كآبةٍ مُقيمة . أعتقدُ أنّ مُصادفة ً ، عابرة ، عززتْ خصلة الغيرة في باطن فتاتي ، الغريبة . وكان " ناصر " ، قد إعتذرَ مرة ً لإمرأة أخيه عن عدم قدرته على مرافقتها : " لمَ لا تذهب أنتَ معها ، لزيارة قريبكَ في سجن" القلعة " ؟ " ، توجّه أخيراً نحوي بالكلام . وإذاً رأيتني يومئذٍ وإياها ، في الطريق إلى تلك الجهة . سرنا في مسالك المدينة القديمة ؛ أين الأرصفة الضيّقة ، الفائضة ببشر منزلقين ـ كسمكٍ مُنتحِر ، إلى لجة الشوارع المُهلكة . وكم أسعدني في الزحام إطمئنانَ يدها ، أحياناً ، ليدي . متمنياً هكذا لو أنّ السوقَ الكبير ، المسقوف ، إمتدّ إلى البلدان الغريبة ، المصدّرة إلينا سواحها المُتأنقين ، والمُتأففين في آن من الحرّ والسخام . في طريق عودتنا ، خلل السوق نفسه ، لحظتُ إنشدادَ عيون العابرين لعينيها ، الآسرتين ، المُخضلتين بإستعبار بليل . ثمّ قبلتْ " مريم " ، مُحتفية ً ، إقتراحي بالتروّح قليلاً في مماشي الحديقة ، الكبرى . فما كان أسرع رونقها ، الرائق ، في إستعادة طبيعته ، وقد أضفى النسيجُ القاني لكلّ من بلوزتها وخراطتها توهّجاً مثيراً على بشرتها ، الخمرية ، كما على الرطوبة العذبة للأفياء ، الصديقة .

مساء ذلك اليوم ، إستقبلتُ في منزل الغريبة من لدن رجلها . كان ثملاً ـ كدأبه دوماً . على أنني قرأتُ في تكشيرته ، المُتخابثة ، ما يُفصح عما جدّ عصراً من مُصادفة لقائنا ، في الجنينة العامّة تلك . وكان قد مثل أمامي وقتئذٍ ، تحت العريشة المُستديرة ، كما لو أنّ التربة نشرَتْ فجأة ًهيكله العظميّ . ولكنه ما لبث أن مضى إلى الجهة الاخرى ، من الحديقة ؛ أين تنام الظلالُ . شاءَ من بعد ، وهوَ في طريقه إلى الباب الرئيس ، أن يُحاذي مجلسنا ، مُلقياً من ثمّ نظرة ما ، متأمّلة ، على قريبتي ؛ نظرة ، ما كان لها إلا أن تسبّب إنزعاجي ، طالما أوحت عينه ، السيكلوبيّة ، أنها تستشفّ بخبرتها مكامنَ الإثارة في البدن الحَسَن ، الحبيب . وها هوَ هنا اللحظة ، في عرينه ، يواصل إضجاري بلازمته ، المعهودة ، فيما يده تكرمني بقدح العَرَق : " هذه الخمرة ، يا أخ ، كلّ أملي في الحياة .. " . مُضيفاً وهوَ يوصوصُ عينه ، السليمة ، ناحية إمرأته : " وهذه ، هيَ كلّ حيلتي فيها ! " . كانت " فريدة " في رقدتها المُعتادة ؛ مُسترخية على الأريكة ، ومُستندة برأسها على ساعدٍ ، بضّ ، فيما شلحتها ، الحريرية ، مُنحسرة عن أعماق معجّزة ، سرّانية .
ـ " من هيَ الحسناء تلك ، التي كنتَ بصحبتها خلال النهار ؟ " ، تسألني مائلة ً برأسها على كتفي . غطيط الرجل ، صدَرَ من عالمه الآخر ، حينما كنتُ أطوّق صدرها الناهد ، المتوثب للخصام ، محاولاً مداعبتها بجوابي :
ـ " إنكِ أنتِ الحسناء ! ؛ وكلّ النساء الجميلات ، مجرّد مرايا لكِ "
ـ " لا ، لستُ إلا مجرّد إمرأة ، مومس " .

Dilor7@hotmail.com




#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مَناسكٌ نرجسيّة 2
- مَناسكٌ نرجسيّة *
- دعاء الكروان : تحفة الفن السابع
- ميرَاثٌ مَلعون 5
- ميرَاثٌ مَلعون 4
- ذهبٌ لأبوابها
- ميرَاثٌ مَلعون 3
- ميرَاثٌ مَلعون 2
- ميرَاثٌ مَلعون *
- كيف نستعيد أسيرنا السوري ؟
- أختنا الباكستانية ، الجسورة
- جنس وأجناس 4 : تصحير السينما المصرية
- زهْرُ الصَبّار : عوضاً عن النهاية
- زهْرُ الصَبّار 13 : المقام ، الغرماء
- الإتجار المعاكس : حلقة عن الحقيقة
- زهْرُ الصَبّار 12 : الغار ، الغرباء
- نافذتي على الآخر ، ونافذته عليّ
- من سيكون خليفتنا الفاطمي ؟
- طيف تحت الرخام
- زهْرُ الصَبّار 11 : المسراب ، المساكين


المزيد.....




- ادباء ذي قار يحتفون بفوز أربعة من شبابهم بمسابقة الأدباء ال ...
- متحف أورسي بباريس يجري عملية ترميم مباشرة للوحة الفنان غوستا ...
-  فنانة مصرية تكشف تفاصيل -السحر والطلاق- في أزمة بوسي شلبي و ...
- المجمع اللغوي بالقاهرة يرقمن ملايين المصطلحات بالذكاء الاصطن ...
- كتاب -مقومات النظرية اللغوية العربية-.. قراءة تحليلية دقيقة ...
- وفاء لوصيته.. فنانة لبنانية شهيرة تعود إلى المسرح بعد أسبوع ...
- مصر.. منشور غامض لفنانة شهيرة يثير قلق متابعيها
- الخبير في الثقافة الإسرائيلية أورن شالوم: إسرائيل تتجه نحو ا ...
- تونس.. وفاة مغني الراب أحمد العبيدي الشهير باسم --كافون-- عن ...
- رغم خلاف قديم بينهما.. فنانة مصرية شهيرة تفجّر مفاجآت مع إعل ...


المزيد.....

- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - مَناسكٌ نرجسيّة 3