أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لطيف شريف - امبراطورية كزار حنتوش















المزيد.....

امبراطورية كزار حنتوش


لطيف شريف

الحوار المتمدن-العدد: 2198 - 2008 / 2 / 21 - 09:11
المحور: الادب والفن
    


ما كان كزار الحنتوش في حياته غير السيد ( كاف ) الذي ما خـاف على
شيء أو من شيء لأنه لا يملك غير الذهاب والإياب :
خذ الأمر على علاته يا سيد كاف
ما دمت على هذي الحال
تسرح
وتروح
كرعاة
دون معيز،وخراف .
لكنه في شعره كان إمبراطورا لمملكة فيها من الرامبوية والولتوتمانية وديلان توماسيه ما حرقته نار الشعر وقطرته في اشراقات شوارعية عجائبية فكانت إمبراطورية حنتوشية خالصة فيها ما يضاهي أو يتجاوز اشراقات رامبو وشوارعية ولت وتمان وعجائبية ديلان توماس .وذلك ما تحققه له لغة فذة يتداخل فيها الدارج والراقي والما بين موازية لحسيته المرهفة وفكره العميق وتجربة الضاربة في كل الأصقاع ...ففي الوقت الذي يستخدم فيه اللغة المحلية ليبس موضوعه شكلا من الواقعية فانه يحول تلك الواقعية إلى رمزية تعكس انتماءه الطبقي والفكري أو انتماء شخصياته التي يكتب عنها ،كما يلجأ في موضوعات أخرى إلى انتقاء كلماته لا سيما تلك التي يتناول فيها العلاقة بين الرجل المراة ، انتقاء راقيا بحيث يجعل الحس والجمال والرقة تنضح من بين ثناياها في مبان لغوية بسيطة لكنها تمسك بقدر كبير من التداخل والتواشج والذوبان والافتراق والغياب والحضور تؤثر تأثيرا عميقا في مضامينها لدرجة تخرجها إلى عالم السحرية والعجائبية ...ولا يتحقق ذلك بتكلف وإنما بعفوية هائلة الأمر الذي يجعل قصائد كزار الحنتوش ينتمي معظمها إلى صوت الشعر الأول الذي يتحدث فيه الشاعر إلى نفسه أو لا لأحد كما يقول ت.س.اليوت.

وأحدى مظاهر تلك الإمبراطورية ثنائية المرأة والرجل التي تظهر بأشكال مختلفة ؛الملكة /الملك،الطريدة/الصياد،القصيدة/الشاعر التي يمثل لها كزار بكل ما فيها من تواشجات واختلافات ،تلاق وتقابل بأسلوبية عالية تنم عن صنعة متقنة تضع الشاعر مصاف الكبار من الشعراء.تكون السيادة في هذه الثنائية للملكة ، فتراها تتفاقم حلاوة ونورانية وبهاء وبهجة وعناد وقدسية وسطوة...وتنضح عسلا وعبقا ورحيقا وندى وشدوا وغناء ...فيما تحل الكآبة والوحشة والعطش والخراب على مليكها الذي يحترق بنايه ودخانه هوى وأنينا ونواحا وكلمات يكتبها فوق الحيطان وعلى صفحات الماء وفي الألواح....وخير ما تمثل تلك الثنائية قصيدة ( عسل في طبقي ...والنحلة لا تأتيني في بغداد ) التي يبدأ فيها كزار حنتوش بداية استراتيجية فذة ،يَغيُر بها بتعبير ت . س .اليوت على(( اللامنطوق )) يستبطنه في جديد يمده بقديم ينشره في كل ألازمان ( اشتجرت بشأني الآباد ) يحركه نحو حاضر معلوم بعدما يؤسس له مرتكزا مكانيا(في بغداد ) ليضعه بين يدي المتلقي الذي يدرك بسهولة فائقة رغم مجازية اللغة رسالة الشاعر متمثلة في محنة ألانا وهي تحمل في رحمها بعدا ثقافيا جديدا ينجزه الشاعر ـ بحركة ذكية ـ حين يقلب الرمز في أسطورة الكأس المقدس من البحث عن الخصوبة إلى البحث عن الملكة الغائبة وبهذا ينشأ المحنة من منشى آخر و يزيد من تفاقمها عندما يعيق ذلك الامتلاء بتقطع السبل بالانا وعطل بوصلتها الموجهة... ومن خلال هذا المرتكز المكاني الذي يؤسسه كزار حنتوش في مشهده الاستهلالي هذا والذي يكفي إن يكون قصيدة بحد ذاته يجعل الإحداث تتحرك أو لا تتحرك باتجاه لكن لا حركة تنطلق منه لأنه أي ألانا رغم فحولته معزول في مكانه عزلا طبيعيا وفنيا .وفي تلك الثنائية يتداخل المكان والزمان بين صورتيها (الغياب والحضور)...ملكة تأتي ولا تأتي لا نعرف عنها غير حلاوتها في كاس مترعة بالعسل لصياد عزلته الطرق وفقد الاتجاه :

بوصلتي عاطلة
عميت طرقي
واشتجرت في شأني الآباد
عسل في طبقي
والنحلة لا تأتيني في بغداد

ومن ثم ينطلق الشاعر نحو توصيف طرفي تلك الثنائية كاشفا عن تحولاتها وتجلياتها وأول ما يبدأ به قسما يبغي من وراءه إضفاء جو من الصدقية على القصيدة :

والقدسُِِِ
وفراشات خمسُ

فيجمع الصفات في جانبين فتكون الملكة ؛كريستال يتلألأ/ عصفورة خضراء/ زقزقة بلورية ،بينما يكون إلى جانب الملك النحس والوحشة والخراب فينتظر الملكة إن تهبط من مكان ما لتزيل عنه هذا النحس وتبعث الحياة في هذا الخراب :
امحي بالزقزقة البلورية
ما سطره النحسُ
على الحيطان
وتستمر هذه التقابلية في مقاطع متوازية ينتهي كل منها بلازمة متغيرة لفظا متطابقة وزنا تجسد هبوط الملكة وتحولاتها في أماكن مختلفة في محاولة لتعزيز طرفي تلك الثنائية وما تحمله في طياتها من شفاء فتراها مرة نحلة /عصفورة / غرنوقة /عشتار/ حورية /كليبوترا و يتخذ بلسمها الشافي إشكالا مختلفة وردا /سحبا استبرقية/ أمطارا /سرجا .ومع ذلك لا تضيء وحشته ولا تغتسل في نهره الذهبي الذي تركته يسل في قلبه حتى بعدما يحدد لها خارطته الجيوسياسية لتكون وجها لانتمائه وامتلاءه وسخاه :
لو مال القلب كغصن في الضوء ،خذيه أليك
فانا شرقي والقلب سخي وشمالي غابة زيتون
وجنوبي لوز طيب .
لأنها تنظر قمرا مجروحا حتى تأخذه النار إلى الأقصى من جمارها...إي تتطلب قدر من التضحية أو القربان.ويتصاعد هذا التوازي حتى يكشف عن تحول جديد تكون فيه الملكة المرأة الطريدة قصيدة لا يفهم أطوارها إلا عراف من عهد المتنبي يأخذ بناصيتها ويستغور خفاياها كما فعل بها أبو الطيب المتنبي :
أطوارك ...أطوارك
لا يعرفها إلا قارىء بخت من عهد (أبي الطيب).
وبقدر ما تحمل القصيدة في طياتها الحياة تحمل معها الموت حبا وولها فان حطت على صوب فجرت نهاره قداحا وطيبت موسمه فيما تشيع في الطرف المقابل نواحا ، فيموت الناي من كثرة الجمال :

وأنت نهارك قداح،والموسم عندك طيب
ما ملت على صوب ،يا زهر أقاح
إلا والصوب الثاني ناح
واختبل التفاح
ومات الناي بلا فاتحة
ويستمر كزار الحنتوش في تعزيز تقلبات معبود ته سواء كانت امرأة أو قصيدة مؤكد ا غرابة أطوارها حتى لتصل برفاقه إن يراهنوا بأعمارهم ألقمرية اليافعة لكي يداعبوا أوتار قيثارها لكن هيهات .وهنا ترميز للجنس غير إنها عصية لاتهمها اليواقيت والعقود والآلي إلا لمن يفك طلاسمها:
أسرارك ..أسرارك
فوق ندامى،رهنوا أعمارا قمرية
من اجل أنامل قيثارك
أسرارك ..أسرارك
دوخت العرافين
فهي مخبأة في الأعشاش الفجرية
فوق الوحشة والرعشة والدهشة وخراب الإنسان
تحت أنامل قيثارك.

إما في قصيدة (الندافون ) يصل كزار حالة من الرقي لا مثيل لها حين يمسك بكامل التجربة طازجة كما يمسك الصياد طريدته... وصفا إياهم أي الندافين وصفا واقعيا غير إنه بذكائه يفتح باب في تلك الواقعية ينفذ من خلالها إلى لحظات الالتقاء بين الرجل والمراة وما يدور بينهما من لحظات عناق وانين وتأوهات وبوح وتوحد وحتى ضرب القباقيب :

أحيانا يسمعون العناق والأنين والتأوهات ،وربما
ضرب القباقيب،لذلك يسعون لتلطيف الليل،

إلى درجة يتحول فيها هذا التخيل إلى واقعا غير واقعهم المادي ينغمرون فيه حتى يسدون أذانهم بالقطن عن لغو السابلة وكل ذلك متأتيا من وحي صنعتهم التي حولتهم بالنتيجة إلى شعراء لقصيدة النثر:
الندافون أساتذة بالرغم منهم لكتاب قصيدة النثر

إما في قصيدة ((قدرك الله علي لحد (الملم) )) يحدث كزار نقلة إذ ينقل ما يعاني منه مليكه من كآبة إلى قلب مليكته ويتحول هو من المنتظر للنجيع الشافي إلى واهبا للحياة:
أني أشعل هذي الليلة قنديلا دريا لأرى قلبك
وترين خزائن روحي لاهثة كالجمر
شاسع على ظلمة قلبك ياقوتا ..وأطير مع الفجر إلى
الشطرة
ولربما تكشف هذه القصيدة عن اللحظات الأولى التي تقدم فيها كزار يطلب يدي محبو بته (رسمية محبيس زاير) التي كانت مترددة في بداية الأمر فيكتب لها عتابا أسطوريا يمسك بمشاعر الطرفين بدقة متناهية وكأنها قصيدة على بردية :
انتظري ...ابتاع الصيف فساتينا من ورق الخباز
وجاء إلى بيتك ملتاعا يا للصيف...!
لماذا أبكيت عيون الصيف
ماع القلب
وارتبكت زقزقة العصفور
أطرقت التفاحة
وجن الصيف.



#لطيف_شريف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحطيم العراق الاستراتيجية الأمريكية
- قراءة في شعر كزار حنتوش
- الحجاب
- المغامرة الامريكية المرتقبة


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لطيف شريف - امبراطورية كزار حنتوش