|
هل القرآن صالح لكل زمان و مكان؟
محيي هادي
الحوار المتمدن-العدد: 2197 - 2008 / 2 / 20 - 11:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كثيرا ما نسمع كلمات "إن القرآن صالح لكل زمان و مكان". وبشكل دائم يطرح هذا السؤال نفسه في المجتمع الاسلامي: "هل حقا أن القرآن صالح لكل زمان و مكان؟" ، فيجيب عليه المدافع عن القرآن إيجابيا، أما المخالف فإن جوابه يكون نفيا. و هناك من يدافع عن جزء و يخالف جزءا، إنطلاقا من أن القرآن يحتوي على آيات منسوخة، قد بطل عملها، و أخرى لا يزال جار فعلها، و بهذا، حسب الرأي الأخير، أن في القرآن ما هو صالح و فيه ما قد فقد صلاحيته. و الحقيقة أن من يُخالف رأي الحاكم و رجال دينه، في أي قضية كانت، يتعرض إلى القمع و الإرهاب، وحتى القتل، في المجتمع الإسلامي.
لكل شيء شكلٌ و محتوى، و هكذا فللقرآن شكلٌ هي كتابته، و لا أعني هنا حجم كتاب القرآن، كبيرا كان أو صغيرأ، أو شكل غلافه، أحمرا أو أخضرا..... و للعلم أن القرآن لم "ينزل" مكتوبا، بل، و كما تذكر كتب التاريخ الدينية، أن الملك جبريل قد لقن النبي محمد بآياته، ثم قام النبي محمد بتلاوته على أصحابه. و عن فمه و عن أفواه آخرين، كُتب القرأن على قطع جلود و عظام الحيوانات الموجودة آنئذ، أو حُفظ حفظا في صدور حافظيه و أن القسم الأعظم من حفاظه لم يكونوا يعرفون الكتابة و قراءتها. لقد كان من بين كتبة القرآن عبد الله بن أبي سرح، الذي كان يكتب غير ما كان يمليه النبي محمد عليه، ويقال أن النبي محمد شعر بتحريف بن سرح فأمر بإهدار دمه، فهرب ابن سرح من المدينة إلى أن رجع إليها في ايام عثمان بن عفان، هذا الخليفة الذي عينه واليا على مصر.
أما محتوى القرآن فهي آياته العديدة و ما تعنيه بتفسيراتها المختلفة. و تفسيرات القرآن العديدة و المتنوعة تتضارب فيما بينها و يتضارب مفهوم بعضها مع البعض الآخر، و كذلك تختلط عليها أزمنة "نزول" هذه الآية أو تلك، إلخ... و لأي سبب " أنزلت"، و أذكر مثلا كتبه ابن سلامة مؤلف كتاب –الناسخ و المنسوخ – عن أن "سورة المائدة نزلت في المدينة، إلا آية واحدة فإنها نزلت بمكة أو غيرها". و عن سورة الحديد كتب أن البعض يقول أنها نزلت في مكة و آخرون يقولون أنها نزلت في المدينة.
***
ما هو القرآن.
في كتابه –معالم المدرستين- كتب مرتضى العسكري السامرائي أن القرآن: 1* "هو كلام الله الذي نزله نجوما على خاتم انبيائه محمد (ص) ويقابله الشعر والنثر في الكلام العربي". أي أن القرآن لا هو شعر و لا هو نثر. 2* "و كذلك يقال لجميع القرآن " قرآن "، وللسورة الواحدة " قرآن "، وللآية الواحدة " قرآن "، واحيانا لبعض الآية " قرآن" ، مثل "ومما رزقناهم" في الآية من سورة البقرة ". 3* "والقرآن بهذا المعنى، مصطلح اسلامي وحقيقة شرعية، لان منشأ هذه الاستعمالات، وروده في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف". و ذكر العسكري أن للقرآن أسماء أخرى، "وهي في حقيقتها، من باب ذكر الشئ بصفاته". "ومن اشهرها "الكتاب"، و "ان المقصود من الكتاب هنا، القرآن الذي بأيدي المسلمين في مقابل كتاب التوراة لليهود، والانجيل للنصارى". و ذكر أن "لفظ "الكتاب" في القرآن أريد به التوراة". "وقد اشتهر لدى النحويين كتاب سيبويه في النحو ب "الكتاب"". كما أنه ذكر للقرآن اسماء أخرى أو "صفات" هي: "النور" و "الموعظة" و الـ "كريم". ثم ذكر العسكري أن "من أسماء القرآن لدى مدرسة الخلفاء: "المصحف"، و هذه اللفظة لم ترد في القرآن الكريم ولا الحديث النبوي الشريف". وروى عن الزركشي وغيره أنهم قالوا : "لما جمع أبو بكر القرآن قال: سموه، فقال بعضهم: سموه انجيلا، فكرهوه" لأن المسيحيين يستعملون هذه التسمية. "وقال بعضهم: سموه " السفر" فكرهوه لأن اليهود لهم هذه التسمية. فقال ابن مسعود: رأيت للحبشة كتابا يدعونه "المصحف" فسموه به. و بهذا يمكننا أن نستدل أن كلمة "المصحف" هي ذات أصل حبشي. و للقرآن اسم آخر هو: الفرقان. و قد شرح معجم –المحيط- كلمة الفرقان فذكر أن " الفُرْقَانُ: القُرْآنُ. (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً)". و هناك آية قرآنية تدل على أن الفرقان هو أيضا التوراة، (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ). و كذلك تطلق كلمة "الذكر" على القرآن. (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)، التي يشاركها فيه التوراة: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ). و كثيرا ما نسمع المسلمين يقولون أن الله حفظ التوراة و الإنجيل بالقرآن. أما معجم –المحيط- فيذكر أن "القرْآنُ: كلام الله المنزل على رسوله محمد (ص)، المكتوب في المصاحف(إنّا نَحْنُ نزَلْنَا علَيْكَ القرْآنَ تَنْزِيلا) " و ذكر في معجم -محيط المحيط-: "وسمي قُرْآناً لأَنه يجمع السُّوَر". و ذكر في معجم –الغني-: " قرآن: الكِتَابُ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ" مهما كان الأمر فإن القرآن مشهور بـ "القرآن"، في اللغة العربية و في لغات أخرى غيرها. *** كتابة القرآن
من المعروف، و كما كتبت سابقا، أن القرآن لم "ينزل" مكتوبا، (وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ)، بل أن الرواية تقول أن الله "نزله" عن طريق الملك جبرائيل على النبي محمد، ليلقنه بآياته. ثم قام النبي بتلاوته بدوره على أصحابه (..أَنَّا أُنْزَلْنـَا عَلَيْكَ الكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ). إن القرآن الذي نراه اليوم هو القرآن الذي اتفق عليه في زمن الخليفة الثالث عثمان من بين "قرائين" أخرى، و بعد الاتفاق على واحد تم حرق بقية "القرائين". و من هذا قد تسمع باسم القرآن العثماني نسبة إلى عثمان بن عفان، لا الأتراك العثمانيون. إلا أن كتابة القرآن اليوم هي غير التي كتب فيها في العصر الاسلامي الأول. إن الذين جمعوا القرآن لم يكونوا على معرفة بحركات الحروف و لا النقاط، وكانت تختلط عليهم الحروف المتشابهة كحرف الحاء و الخاء و الجيم أو الدال و الذال.. و هكذا. و كذلك فإنهم لم يكونوا يعرفون الفتحة و الضمة و الكسرة و السكون، لا بل أن هناك بعض الكلمات التي تنطق بالألف لا تحمل الألف في كتابتها. و يمكن لقارئ القرآن الآن أن يرى اختلافا في حرفي القاف و الفاء عندما يقارن بين القرآن "المغربي" و القرآن "المشرقي". كما يمكن للقاريء رؤية الصعوبة و التخبط الذي يلقاهما المحققون في الكتب التاريخية عند مقارنة نسخ مختلفة لنفس الكتاب.
لقد كتب أبو عمرو الداني كتيبا صغيرا سمي بـ -النقط- أقتبس منه شيئا عن التغيير الذي طرأ على كتابة القرآن. فقد ذكر ابو عمر: اختلفت الرواية لدينا في مَن ابتدأ بنقط المصاحف من التابعين. فروينا أن المبتدئ بذلك كان أبا الأسود الدُّئِلي (يمكن أن نجده- الدؤلي- في كتب أخرى) و ذلك انه أراد أن يعمل كتابا في العربة يقّوِّم الناس به ما فسد من كلامهم، إذ كان قد نشأ ذلك خواصّ الناس و عوامهّم. فقال أرى أن ابتدئ بإعراب القرآن أولا فأحضر من يمسك المصحف و احضر صبغا يخالف لون المداد و قال للذي يمسك المصحف عليه إذا فتحتُ فايَ فاجعل نقطة فوق الحرف و إذا كسرت فايَ فاجعله نقطة تحت الحرف و إذا ضممت فايَ فأجعل نقطة أمام الحرف فأن أتبعت شيئا من هذه الحركات غنّة، يعني تنوينا، فأجعل نقطتين. ففعل ذلك حتى آتي على آخر المصحف. و ذكر أبو عمرو أيضا: "و روينا أن المبتدئ بذلك كان نصر بن عاصم الليثي و انه الذي خّمسها و عشّرها".
اعتدت على أن أرى الأسماء: حكمت، عصمت، عزت، جودت، ...إلخ تكتب بالتاء المفتوحة، و هذه الاسماء تكتب هكذا اقتداءا باللغة التركية القديمة –أسكي تركچة- التي كانت تكتب بالأحرف العربية. إلا أنني أرى اليوم أن تاء هذه الأسماء المفتوحة أصبحت تكتب بتاء التأنيث المربوطة، و يعتبرها "علماء" اللغة العربية بأن هذا الشكل الأخير هو الصحيح، و الأول خطأ. و يمكننا أن نرى في الآية الثامنة من سورة المجادلة: (...وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ...) أن كلمة معصية المؤنثة كتبت بالتاء المفتوحة.
و هناك أيضا اختلافات بين القراء في كيفية نطق بعض الكلمات، فمثلا في الآية: (و على الذين يطيقونه فدية طعام مسكين..)، التي يقول عنها ابن سلامة أن "نصفها منسوخ و نصفها محكم"، نجد أن عبارة "يطوقونه" يقرؤها البعض "يطوقونه" بينما يقرؤها آخرون "يطيقونه".
استمرت عملية تحسين الحروف العربية عبر قرون، و لا تزال مستمرة، و لا يزال العرب يلاقون صعوبة كبيرة في تعلم كتابة اللغة العربية. و إذا كانت العربية صعبة للذي ينطق بها فإنها أصعب بكثير للذي يريد أن يتعلمها من غير العرب. إن كتابة القرآن السابقة، بدون نقاط و حركات لم تعد تصلح للعرب فكيف لغيرهم؟! إن كثيرا من كتابة القرآن لم يعد يصلح لكل زمان و لكل مكان.
***
محتوى القرآن
كتب ابن سلامة في كتابه –الناسخ و المنسوخ- أن القرآن "بين فيه الحلال و الحرام، و الحدود و الأحكام، و المقدم و المؤخر، و المطلق و المقيد، و الأقسام و الأمثال، و المجمل و المفصل، و الخاص و العام، و الناسخ و المنسوخ"، (لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ) . ثم كتب أن أول ما ينبغي لمن أحب تعلم القرآن "الابتداء بتعلم الناسخ و المنسوخ"، لأن كل من تكلم في شيء من علم القرآن "و لم يعلم الناسخ و المنسوخ"، كان ناقصا. و روى أن الامام علي دخل المسجد الجامع في الكوفة، فرأى رجلا يعرف بعبد الرحمن بن داب، و كان صاحب أبي موسى الأشعري، و قد تحلق عليه الناس يسألونه، و هويخلط الأمر بالنهي، و الاباحة بالحظر، فقال له علي: أتعرف الناسخ و النسوخ؟ قال: لا. قال: هلكت و أهلكت. كما ذكر ابن سلامة أنه "روي في معنى هذا الحديث عن عبد الله بن عمر و عبد الله بن عباس أنهما قالا لرجل مثل قول أمير المؤمنين علي".
و ليس عبد الرحمن ابن داب فقط، او من كان مثله، لا يعرف الناسخ و المنسوخ، بل أن هناك آخرون مشهورون في الاسلام قد تعرضوا لجهل الناسخ و المنسوخ. و هكذا فقد كتب ابن سلامة و هو يتحدث عن الآية (و من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا)، أن "مقيس بن أبي صبابة التيمي قتل قاتل أخيه بعد أخذ الدية، ثم ارتد كافرا، فلحق بمكة، فأنزلت الآية المذكورة. و أجمع المفسرون من الصحابة و التابعين على نسخ هذه الآية إلا عبد الله بن عباس و عبد الله بن عمر، فإنهما قالا: إنها محكمة". و روي عن علي، كما يقول ابن سلامة، أنه ناظر ابن عباس فقال: من أين لك أنها محكمة؟ فقال ابن عباس: تكاثف الوعيد فيها. وكان ابن عباس مقيما على أحكامها، فقال أمير المؤمنين علي: نسخها الله تعالى بآيتين: آية قبلها، و آية بعدها في النظم. قوله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك) إلى قوله: (فقد افترى إثما عظيما). و بآية بعدها في النظم، و هي قوله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به) إلى قوله (فقد ضل ضلالا بعيدا). و لم يوضح ابن سلامة هل يعني بـ "آية قبلها" أن الآية الناسخة المذكورة قد "نزلت" زمنيا قبل الآأية المنسوخة!!. و للعلم أن الناسخ يجب أن يأتي بعد المنسوخ، لا قبله. و معروف أن الكثير من أحكام و شرائع فئات عديدة من المسلمين تُأخذ عن طريق هذين العبدين، و بالنسبة للإمام أبي حنيفة فهما إثنان من العبادلة الثلاثة الذين يعتمد عليهم في فقهه. و هنا ينطبق المثل القائل: طبيب يداوي الناس و هو عليل.
لقد كتب العلوي أن: "النزاع حول الناسخ و المنسوخ سواء في القرآن أم في السنة" كان "من أسباب اختلاف الأحكام الفقهية و تعدد الاجتهادات فيها. و هو الأمر الذي ساعد على عدم قولية الشريعة في نص موحد. و يصدر هذا النزاع من وجوه عديدة عن تنابذ الفئات الاجتماعية المختلفة حيث خدمت مسألة الناسخ و المنسوخ أغراض التخلص من، أو التمسك بحكم شرعي تبعا لحاجات أية فئة". و الخلاف الذي حصل حول كنز الأموال هو أحد الأمثلة على ذلك.
لقد عرّف ابن سلامة الناسخ و المنسوخ فكتب: "اعلم أن الناسخ و المنسوخ في كلام العرب هو: رفع الشيء، و جاء في الشرع بما تعرف العرب، إذ كان الناسخ يرفع حكم المنسوخ". و هنا يطرح السؤال: هل المنسوخ صالح لكل زمان و مكان؟ أم أن فعل المنسوخ قد انتهى و انتهت صلاحيته، و هو بهذا لا ينفع لكل زمان و مكان؟
و قد كتب ابن سلامة أن المفسرين اختلفوا على أي شيء يقع النسخ، إلا أنه قسّم المنسوخ في القرآن إلى ثلاثة أضرب:
أولا: ما نسخ خطه و حكمه.
و روى عن أنس بن مالك أنه قال: كنا نقرأ على عهد رسول الله سورة تعدلها سورة التوبة، ما أحفظ منها غير آية واحدة: "و لو أن لابن آدم واديان من ذهب لابتغى إليها ثالثا، و لو أن له ثالثا لابتغى إليها رابعا، و لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، و يتوب الله على ما تاب". إن هذه الفقرة تدل على نسيان آيات معينة من القرآن "الأنسي"، و أن أنس حاول إقحام هذه الآية إلا أن "لجنة جمع القرآن" لم توافق على ذلك. و عن الآية المذكورة كتب هادي العلوي في –من قاموس التراث- ان "هذه الآية متخلفة بلاغيا عن المستوى العام للقرآن. فإذا صح أنها حذفت فلا بد أن ذلك تم لغرض بلاغي بحت لأن معناها ليس مما يُنسخ. على أن الشطر الأول من الآية أخرجه البخاري في الصحيح كحديث نبوي، مما بلقي شكا على رواية كونها آية في الأصل". و ذكر ابن سلامة أيضا حكاية أخرى عن عبد الله بن مسعود أنه قال: أقرأني رسول الله آية، فحفظتها و كتبتها في مصحفي، فلما كان الليل رجعت إلى مضجعي فلم أرجع منها بشيء، و غدوت على مصحفي فإذا الورقة بيضاء، فأخبرت النبي (ص) فقال لي: "يا ابن مسعود، تلك رفعت البارحة". و هنا يؤكد قول ابن سلامة لنا شيئين: * أن ابن مسعود كان ينسى، مثله مثل أنس. * أن هناك خرافة "معجزه" محت الآية. لا أدري ما هي الحكمة من نزول آية، أو تلاوتها، في الليل لتنسخ في النهار!! و هنا ينطبق قول القائل: كلام الليل يمحوه النهار. و الظاهر أن ابن مسعود كان يكتب بحبر أوناسيسي يتبخر و يتطاير في الهواء، إذ أن المعروف عن المتوفي أوناسيس، الغني اليوناني الذي كان يملك اسطول بواخر كبير، أنه كان يوقع بحبر يتلاشى و ينمحي بسرعة. و هكذا نتأكد مرة أخرى أن الآية الممحية لم تعد صالحة لكل زمان و مكان!!
ثانيا: ما نسخ خطه و بقي حكمه.
و هنا يروي ابن سلامة عن عمر بن الخطاب أنه قال: لولا أكره أن يقول الناس: قد زاد في القرآن ما ليس فيه، لكتبت آية الرجم و أثبتها، فوالله لقد قرأناها على عهد رسول الله (ص): (لا ترغبوا عن آبائكم، فإن ذلك كفر بكم. الشيخ و الشيخة إذا زنيا فأرجموهما البتة، نكالا من الله و الله عزيز حكيم) . إن هذه الآية "ركيكة و مفككة"، حسب وجهة نظر العلوي، "لكنها تتضمن حكما متفقا عليه بين المسلمين عدا الخوارج الأزارقة". و على الرغم من أن عمر تخوف من كتابة هذه الآية فإن ابن سلامة يقول عنها أنها من: "منسوخ الخط ثابت الحكم". إن ابن سلامة يؤكد حكم آية غير مخطوطة في القرآن. و لا أدري لماذا لا تكتب هذه الآية؟ هل هو خوف عمر، و من جاء بعده، من أن يقول الناس مايكرهه؟ ألم يقولون عن المسلمين أنهم لا يخافون في الحق لومة لائم؟ أليست الآيات حق؟ إننا الآن أمام آية غير مخطوطة لكن لها حكم كبقية الآيات المخطوطة. و هنا ينبع السؤال: هل أن الآيات غير الموجودة في القرآن صالحة لكل زمان و مكان؟
ثالثا: ما نسخ حكمه و بقي خطه
و حدث هذا النسخ، كما ذكر ابن سلامة، في ثلاث و ستين سورة، و كتب أمثالا عما هو منسوخ. هي: * الصلاة إلى بيت المقدس. * الصيام الأول. * الصفح عن المشركين. * الإعراض عن الجاهلين.
ثم ذكر ابن سلامة ثلاث و أربعين سورة قال عنها أنه لم يدخلها لا ناسخ و لا منسوخ، إلا أنه قال: "و الله أعلم". و هاتان الكلمتان تستعملان عندما يكون الكاتب غير متأكد من قوله.
إن ابن سلامة قسّم السور التي دخلها ناسخ أو منسوخ إلى ثلاثة أقسام: * سور دخل فيها ناسخ و ليس فيها منسوخ. * سور دخلها منسوخ و لم يدخلها ناسخ. * سور دخلها الناسخ و المنسوخ، معا.
مهما يكن الأمر فإن الآيات القرآنية المنسوخة لا يمكن أن تصلح للزمان الذي جاء و يأتي بعد النسخ. و هنا نجد قسما من القرآن لا يصلح لكل زمان و مكان، لفئة معينة من المسلمين، و لا يصلح قسم آخر لفئة أخرى منهم.
لنأخذ بعض الآيات التي يقول ابن سلامة أن فيها نسخ: * (و قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم). إن هذه الآية "محكمة" بالنسبة لابن سلامة، إلا (و لا تعتدوا)، إذ أنه يقول أن هاتين الكلمتين منسوختان. أي أنه قد أصبح للمسلمين الحق قرآنيا و شرعيا أن يعتدوا، على الغير او فيما بينهم. و أصبحت كذلك آيات (..و قولوا للناس قولا حسنا..) أو (..فاعفوا و اصفحوا...) في خبر كان ليحل محلها (حتى يعطوا الجزية و هو صاغرون..) أو ما أشبه من آيات. و قد اكد التاريخ الماضي البعيد و القريب أن المسلمين هم أذكياء في الإعتداء فأنجبوا حكام السعودية في بلد الاسلام، و ابن لادن، و المأبون الزرقاوي، ...إلخ. و أصبح إله ابن سلامة يحب المعتدين بعد أن كان لا يحبهم. إن القرآن لم يعد يصلح لأن يوقف المسلمين من الاعتداء، بل يشجعهم. فهل القرآن يصلح للمُعتدى عليهم؟ و هل القرآن صالح لكل زمان و مكان؟
* (اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم). يقول ابن سلامة أن هذه الآية نسخت، و يحل القتل "في الحل و الحرام". أي انه لم يعد يوجد عند المسلمين لا شهر محرم و لا مكان محرم. و لا أستبعد ذلك عندما أرى الارهابيين لا يحترمون أي مكان مقدس، لا الكعبة و لا غيرها من الأماكن المقدسة. و كذلك أنهم لا يحترمون الشهور المقدسة و لا غيرها، لا رمضان و لا محرم و لا هم يحزنون. إن المشركين هم تلك الشعوب التي تمثل الغالبية العظمى من سكان الأرض. و هم لا يعترفون بالقرآن و هكذا أصبح القرآن غير صالح في زمانهم أو مكانهم.
* و هناك آيات نسخت بالسنة لا بالقرآن، فيذكر ابن سلامة آية: (و اللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم..) إلى قوله (أو يجعل الله لهن سبيلا). إن هذه الآية "نسخت بالسنة لا بالكتاب"، فيذكر الحديث النبوي التي نسخها: "خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا: البكر بالبكر مائة جلدة و تغريب عام. و الثيب بالثيب الرجم". فصارت هذه السنة ناسخة لتلك الآية. و أصبح النبي ناسخا لما يقوله الله.
و عند ذكر الشهود الأربعة يجب أن أذكر ما كتبه الطبري، و غيره، عن علاقة المغيرة بن شعبة، الذي كان صحابيا و أصبح واليا على العراق، مع أم جميل. و ملخص القصة أن المغيرة كان يرتاد غرفة امرأة يقال لها أم جميل بنت عمرو و زوجها الحجاج بن عتيك بن الحارث بن وهب الجشمي. و كانت هذه المرأة ساكنة في غرفة تقابل غرفة يسكنها أبو بكرة و أخوته: نافع و زياد بن أبيه و شبل بن معبد، و كلهم أخوة من أم هي سمية. و في يوم من الأيام ضرب الريح باب أم جميل ففتحه و نظر الجميع فإذا هم بالمغيرة فوق أم جميل في وضع الجماع. وصلت الحكاية إلى عمر بن الخطاب فجاء بالأربعة فشهد ثلاثة منهم على أن المغيرة كان في حالة جماع و أن ميله كان يدخل في مكحلتها، و لم يشهد زياد بن ابيه بمثل ما قاله اخوته، بل قال أنه رأى المغيرة فوق أم جميل و هي رافعة فخذيها كأذني حمار، و أنه لم ير دخول الميل في المكحلة. عفى عمر عن المغيرة و جلد الثلاثة الذين شهدوا أنهم رأوا الميل و المكحلة. و السؤال في أمر هذه القصة هو: لماذا كانت أم جميل رافعة فخذيها الاثنين؟ هل كانت تلعب "ضُمَّــمِينة" مع المغيرة. و ماذا كان يفعل المغيرة مختليا مع أم جميل؟ هل كان يتفقد أحوالها و هي من رعيته؟ و نعرف اليوم أن الوهابيين و أشباههم يجلدون المرأة و الرجل بسبب خلوتهما إذا لم يكن هناك محرم.
*و الغريب أن ابن سلامة يبيّن أن الله و محمد يتنافسان في إصدار الحكم، فيذكر أن الآية (..... وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا) نسخت الآية (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ..). و قال النبي (ص): "لأزيدن على السبعين". فأنزل الله: (سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ....). و صار ناسخا لما قبله.
لقد لاحظت عند قراءتي لكتاب –الناسخ و المنسوخ- أن كلمة السيف تتكرر أكثر من مائة مرة، على الرغم من صغر هذا الكتاب، فهو مكتوب في أربعين صفحة. و هكذا فإن آية (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) قد نسخها سيف من هذه السيوف، و أصبح كل من يتكلم بهذه الآية، و يدعي أن القرآن يحترم الأديان الأخرى، لا ينطق بالصدق. لقد أصبحت هذه الآية أصبحت غير صالحة لا للمكان و لا للزمان.
و عن نسخ آية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ ..) ذكر ابن سلامة أن الناس اختلفت في تفسيرها، و كذلك فإنه أعطى تبريرا بنسخها فكتب قصة جديرة بالقراءة، تبين مدى علم الصحابة الأوائل بآيات القرآن و ما تعنيه و مدى احترامهم لها. فقد ذكر أن المسلمين كانوا إذا أفطروا أكلوا و شربوا و جامعوا النساء ما لم يناموا أو يصلوا العشاء الاخيرة، فوقع أربعون من الأنصار فجامعوا نساءهم بعد النوم، من جملتهم عمر بن الخطاب، و ذلك أنه راود امرأته عن نفسها، أي اغتصبها، فقالت إني كنت قد نمت. و كان أحد الزوجين إذا نام حرم على الآخر، فلم يلتفت إلى قولها و جامعها، فجاءت الأنصار فأقرت على أنفسها بفعالهم عند رسول الله (ص)، و أقر عمر على نفسه بفعله، فقال النبي: "لقد كنت يا عمر جديرا أن لا تفعل"، فقام عمر يبكي. و عمر هو أحد الذين شرعوا كثيرا من الأحكام الاسلامية التي لاتزال فاعلة عند فئة كبيرة من المسلمين. إن الجُناح في الوطء أعظم من الأكل و الشرب، هكذا يقول ابن سلامة، و لهذا نزّل الله الآية: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ..) إلى قوله (..فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ..) في شأن عمر و الأنصار. و من هذه الكلمات يظهر أن القرآن صالح و يصبح غفورا رحيما مع البعض و غير صالح و شديد العقاب مع البعض الآخر.
و هناك مثلا أخرا، لا أخيرا: فقد اختلف مفسرو القرآن في تفسير مفهوم الكنز في آية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)، فيذكر الكاتب العراقي الراحل هادي العلوي أن الآية تنص على تحريم الكنز، لكن المفسرين اختلفوا حول مفهوم الكنز على تأويلين: أحدهما يقول أن الكنز المقصود بالتحريم هو المال الذي لم تدفع الزكاة عنه. و الآخر أنه ما زاد عن حاجة الكانز. و بموجب هذا التأويل يكزن التحريم هاما في الإقتناء و يكون المال المسموح به هو ما يكفي لسد حاجة الفرد و أسرته.
إن التأويل الأول روي عن عمر بن الخطاب و ابنه و عبد الله عباس و جابر بن عبد الله الأنصاري و أبي هريرة. و هؤلاء في جملتهم من أغنياء المدينة. فعبد الله بن عمر كان من كبار الأثرياء، و ابن عباس كان واليا على البصرة، في زمن خلافة علي بن أبي طالب، فنهب بيت مالها و هرب بالأموال إلى المدينة. و أبو هريرة كان مواليا للأمويين و افتتح حياته الرسمية باختلاسات من أموال البحرين التي تولاها في خلافة عمر. و قد ضربه عمر بالدِّرة. أما جابر بن عبد الله فكان متشيعا و لكن في مشاعره الودية تجاه أهل البيت و ليس في اتجاهه السياسي، فهو في الأخير كان محايدا. ز أما عمر بن الخطاب فإن تأويله للأية ينسجم مع سياسته في العطاء، التي لم يتقيد فيها بحد أدني، رغم أنه لم يكن من الأغنياء.
و جاء التأويل الثاني للآية المذكورة عن علي بن أبي طالب و ثوبان. و فيه رواية تقول أن المهاجرين سألوا النبي عن المال المسموح لهم باقتنائه بعد أن حرم عليهم الذهب و الفضة فلم يذكر لهم مالا آخرا، و إنما قال: لسانا شاكرا و قلبا ذاكرا و زوجة تعين أحدكم على دينه. و ثوبان كان عبدا فاشتراه النبي و أعتقه و كان من جملة خدامه. و بعد فتح الشام هاجر إليها و عاش في حمص حيث ابتنى دارا، و يرخذ عن ابن عساكر أنه اشتغل خبازا لأيرياس الصحابة.
على الرغم من اختلاف التأويلين فإن هناك روايات تحاول التوفيق بينهما و تفيد أن الكنز المحرم كان أولا هو المال الزائد عن الحاجة، تم نسخ ذلك بآية الزكاة. و هذا هو المروي عن عبد الله بن عباس و عمر بن عبد العزيز. و يتساءل هادي العلوي: "هل حدث لتحريم الكنز أن طبق فعلا؟"
و هل أن اي تأويل من هذه التأويلات يمكن أن يصلح لكل زمان و مكان؟
#محيي_هادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إلى المرأة المسلمة 3
-
إلى المرأة المسلمة (2)
-
إلى المرأةِ المُسلمة
-
العلم العراقي و -المودة- الاسلامية
-
التطبير و الأيدز
-
في انتظار بكائية العام الجديد
-
من ثقافة التخلف: المرأة و حساب الأرقام
-
بأي لغة يتكلم الله؟
-
الرئيس و الوزير والقاضي
-
إلى كربلاء
-
تثاؤب الأعرابي
-
ماذا أستطيع أن أقول للإيزيديين؟
-
العقلية العربية- قراءة في كتاب د. جواد علي
-
حيرة عراقي
-
عليك مني السلام يا أرض أجدادي
-
زعران و جرذان؟
-
أسئلة من جاري
-
الأساطير العبرية و علاقتها بأساطير أخرى
-
أسئلة عن الله
-
أساطيرٌ عبرية: وعد الله لابراهام
المزيد.....
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
-
مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|