أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعدون محسن ضمد - عيب عليك














المزيد.....


عيب عليك


سعدون محسن ضمد

الحوار المتمدن-العدد: 2196 - 2008 / 2 / 19 - 06:31
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا يختلف العرف عن الدين في كونه يصب بمصب ضبط سلوك الناس. وربما يأتي العرف في كثير من الأحيان ليكرس سلطة أكثر قوة وقسوة من الدين نفسه ومن هنا نجد بأن مفهوم العيب كثيراً ما يكون أكثر تأثيراً من مفهوم الحرام. وجملة (عيب عليك) كثيراً ما تحيل إحالات لا توصل إليها جملة (حرام عليك). فالأولى تفتح الاتهام على مكامن الشرف والغيرة والمروئة، وكلها مواطن عميقة الدلالة بالنسبة للمكانة الاجتماعية وللشخصية. أما الثانية فربما لا تفعل بنفس القوة. عقوبة الثانية آجلة وهي بالتالي لا تخيف بقدر العقوبة العاجلة، والتي تتجلى بإعراض الناس ونظرتهم الدونية وكلامهم الجارح.
إذن يؤدي العرف الاجتماعي دوراً مهماً على صعيد حماية المجتمع من انحراف أفراده. وكثيراً ما يشترك كل من العرف والدين في المنع عن سلوك ما، حدَّ أن تصبح عقوبة هذا السلوك عاجلة وآجلة ما يؤدي لأن يتجنب أفراد المجتمع ممارسته بشتى السبل.
لكن ما لا بد من الاعتراف به إن سلطة العرف ليست مطلقة، لأن الموضوع يتعلق بعدد الناس الذين يسمون سلوكاً ما، (عيباً). وكلما قل هذا العدد خفت قوة ضغط العرف المتعلق به. على هذا الأساس كثيراً ما يحاول المنحرفون أن يشركوا أكبر عدد ممكن من أفراد المجتمع بجرائمهم، من أجل أن تتحول هذه الجرائم لعرف مضاد للعرف الأصلي. بمعنى أنهم ينجحون بالتأسيس لعرف يشرع لانحرافهم. وكما حصل ويحصل في العراق الآن، حيث تمكن مجموعة من اللصوص من التأسيس لأعراف كثيرة تبيح السرقة والخيانة تحت شعارات ومسميات كثيرة. حماية المذهب مثلاً شعار تمارس تحته سلسلة طويلة من الجرائم، تبدأ بجرائم السرقة ولا تنتهي بجرائم الإبادة. شعار دعم الحزب والكيان السياسي، هو الآخر تمارس تحته أنواع شتى من جرائم الفساد باعتبار أن دعم الكيان السياسي يحقق مصالح عامَّة أو هي ليست خاصَّة. ولا يجد بعد ذلك الكثير ممن تطفح على وجوههم أنوار التقوى والورع أو ممن لا يفتؤون يسبحون بالوطنية والحداثة في أن يسرقوا المال العام من أجل تحقيق المصالح (العامة).
يحدث في العراق اليوم أن القوى (المهيمنة) تواطأت جميعها على ثقافة (انته هص وآني هص). جميع الوزارات والمؤسسات توجه لتحقيق منافع حزبية أو طائفية، والمشكلة أن استحقاقات هذه المنافع تزداد بوتيرة جنونية. فهل يعقل أن تتحول جرائم الفساد لعرف ضاغط؟ هل يعقل أن يتحول النزيه لحمل ضائع وخائف وسط غابة هائلة من الوحوش الضارية؟ حسناً هذا بالضبط ما يحصل داخل مؤسسات الدولة العراقية، فليس من المعقول أن ينسجم الموظف النزيه وسط عشرة (مثلا) من الموظفين الفاسدين، ولا يعقل بالتالي أن يترك هؤلاء العشرة ذاك الواحد شاخصاً يهدد مصالحهم، ما يدفعهم لأن يخيروه بين اثنتين، الفساد أو التشرد. لقد أخذت ثقافة النزاهة تُحاصر بشكل مخيف، خاصَّة وأن ثقافة الفساد تجد دعمها ورعايتها من قبل أهم مسؤولي الدولة وقيادات الأحزاب السياسية والكيانات الدينية. وهذا ما يهددنا بخراب ما بعده خراب.
ليس من الغريب أننا نسمع دعوات الوقوف بوجه الفساد من قبل الجميع ومع ذلك يزداد حجم هذا الفساد. لأن هؤلاء الجميع استطاعوا ببراعة اللصوص من أن يسموا رذائل الفساد بأسماء فضائل النزاهة، فرعاية مصالح الطائفة أو الحزب أو العرق وتحقيق مصالح الناخبين كلها ارتبطت بفذلكات هؤلاء بعمليات الفساد. إذن فمن الطبيعي أن تنقلب جملة (عيب عليك) على رأسها وتتوجه بالنتيجة لمحاصرة كل نزيه يحترم نفسه ووطنه ومبادئه.




#سعدون_محسن_ضمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ارضنة الدين
- يوسف.. لا تُعرض عن هذا
- أصالة العبودية
- هل نتمكن؟
- أحمر الشفاه
- التعاكس بين منطق العلم و منطق الخرافة
- أنياب العصافير
- الجينوم العربي
- ال(دي أن أي)
- كريم منصور
- الأنف (المغرور)
- لمثقف الجلاد
- عشائر السادة (الرؤوساء)
- عشائر السادة الرؤساء
- أوهام (الكائن البشري)
- الروزخون
- الكتابة عن الموت.. بكاء المقبرة الموحش
- وطن بلا اسيجة.. تفكيك مفهوم الوطن وتشريح عمقه الدلالي
- الثقافة العار
- حاجات الجسد أطهر من حاجات الروح


المزيد.....




- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعدون محسن ضمد - عيب عليك