|
كشف المآذن !!
عادل عطية
كاتب صحفي، وقاص، وشاعر مصري
(Adel Attia)
الحوار المتمدن-العدد: 2197 - 2008 / 2 / 20 - 07:02
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
عندما يفاجؤنا احد اولادنا – على غير طبيعته وعادته – بهدوئه ودعته وطاعته 000 ننظر إليه بارتياب ، ونقول له : " يبدو أنك اقترفت شيئاً معيباَ "00 وكثيراً ما يصدق حدسنا ، وينكشف القناع ! فلقد تعلمنا أن التحوّل المفاجئ : من الحركة إلى السكون ، ومن العناد إلى الطاعة ، ومن الطلاح إلى الصلاح 000 ماهى إلا أقنعة مزيفة ، نرتديها عندما نشعر بخطئنا ، وخوفنا من رد الفعل 0 تصدق هذه التجربة لتشمل احوال أمة بأكملها ! أنظروا إلى تزايد ارتفاعات المآذن، وعددها ، وفخامتها 00 بعدما كانت فى الماضى على شكل يوحى بالرصانة والتقشف كأول مئذنة بنيت فى الديار الاسلامية ! هاهى تظلل ملايين الرجال الذين يطيلون لحاهم، فيطلقون عليهم: شيوخ ! والنساء اللاتى يلبسن الخمار، ويرتدين الحجاب ، فيطلقون عليهن : نساء فاضلات ! ولابد أن نتفرس فى هذه الظاهرة00 ونعلن ادراكنا بأننا فى ورطة 0 فكلما ارتفع النداء الى الصلاة ، لابد وان نتذكر قول الله عن بنى اسرائيل، وكل امة تتمثل بها : " يقترب إلىّ هذا الشعب بفمه ، " ويكرمنى بشفتيه 0 " وأما قلبه فمبتعد عنى بعيداً0 " وباطلاً يعبدوننى 0 " وهم يعلمون تعاليم هى وصايا الناس "0 وكلما أدّعى حاكم بأنه يحكم بالشرع ، نجد غياب العدالة الاجتماعية ، والحكم الديكتاتورى مقطوع الصلة بمبدأ الشورى الاسلامى ! لقد اشتهرت القاهرة ، قاعدة الديار المصرية ، فى الماضى ، بأنها : مدينة الألف مئذنة ! ولكن تلكم المآذن ، والتى صارت اليوم بالملايين 00 كانت ولاتزال شاهدة على تاريخ طويل من الظلم والظلام المغلّف بأدعياء التدين ! وكم من مآسى خلقها ، قادة وحكام ، أضافوا إلى اسمائهم اسم : الله 00 كالحاكم بأمر الله ، والعاضد لدين الله ، والحافظ لدين الله ، والعزيز بالله ،000 وآخرين زيّنوا ألقابهم ، بكلمة : الدين 00 كصلاح الدين ، ونور الدين ، وشرف الدين ، وسيف الدين ،000 وبعضهم وصفوا أنفسهم بصفات لم يتمثلوا بها 00 كالملك الصالح ، والوالى العادل ، والرئيس المؤمن ، الذى صنع "الفتنة الطائفية ، وأضافها كتعبير فى القاموس اللغوى المصرى! وهاهى ذا شذرات من كتب التاريخ ، الذى لايزال يكتب حتى يومنا هذا بمداد فسفورى ، كل ما يكشف قناع المآذن ، والتدين الزائف ، والاسماء التى ليست على مسمى : 00 فقد خلّف احمد بن طولون بعد وفاته من ذهب ولؤلؤ وجواهر ويواقيت وتحف وضياع واملاك وبساتين وعبيد مالا يحصى عدده ! 00 وخلّف ابنه خمارويه الذى زوّج ابنته قطر الندى بجهاز اسطورى ، كان له اثره على بيت المال ! 00 اما كافور الاخشيدى ، فقد ترك فى خزانته بعد وفاته ما قيمته نحو مليون دينار من الجواهر والثياب والسلاح والامتعة ! 00 أما فى عهد الخليفة المنتصر بالله الفاطمى ، فقد عانى سواد الشعب المصرى من المجاعات الرهيبة والطواعين والقحط وإختفاء المواد الغذائية ، حتى اضطر الناس إلى أكل الكلاب والقطط ، ثم إلى أكل جثث من يموت من البشر ! 00 أما الخليفة الظافر بالله ، فقد أنكبّ على اللهو والطرب وشرب الخمور ، بل كان يهوى ابن وزيره " عباس " وينزل إليه ويبيت عنده فى غالب الأوقات 0ثم أهداه صينية من ذهب فيها ألف حبة لؤلؤ ! 00 و فى عهد " العاضد بالله " كثرت الفتن و المذابح والحوادث الشنيعة ، زادها بحريق مدينة "الفسطاط" بمشورة خرقاء من وزيره ، حيث استمر الحريق واحداً وخمسين يوماً، حتى صار الدخان يرى من مسيرة ثلاثة أيام ! 00 أما فى عهد العزيز بالله ابن الناصر صلاح الدين ، فحدث ولاحرج من فرض الضرائب الثقيلة ، وانتشار دورالدعارة واللواط وأماكن القمار و الحشيش والخمور ، وانعدام العدل ، وتفشى الرشوة وتحكمها فى كل شىء ! ،000،000،000 فبدلا من ان تكون الديانة هى الاخلاقيات فى صلتها بالله كمشرع، ومعرفة واجباتنا كأوامر الهية ، - على حد تعبير المفكر عمانوئيل كانت - 0 صارت بأفعالهم الرديئة :" كالافيون " ، - كما قال كارل ماركس- 0 ولكن هل يمكن ان تكون الديانة : مجرد مادة مسكنة00 تذهب بالعقل ، وتخدر الاحاسيس ، وتطهر الضمير الملوث بالجرم وتحرره من ثقل المذنوبية ؟!000
#عادل_عطية (هاشتاغ)
Adel_Attia#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صناعة القبح !!
-
صلاة فى منتصف الليل
-
لماذا نبغض الحب ؟!00
-
شمس المحبة
-
هل سنتك كبيسة ؟
-
تعلّموا الألم !
-
ثورة حب !!
-
قرابين !!
-
قلم كبير فى يد الطفولة والمحبة !
-
تاريخ البذاءة
-
خواطر ستالايتية
-
من مكة إلى المدينة 00
-
00 يحدث فى رمضان !!
-
وقت الاعتزال !!
-
لبن العصفور
-
مجابهة الايمان !!
-
سلاح الدين !!
-
يا له من حل !
-
أقنعة التشكيل !!
-
دع معرفة الآخرين تشرق فى قلبك !
المزيد.....
-
15 أغسطس 1944: مغاربيون في جيش أفريقيا شاركوا بإنزال بروفانس
...
-
إيران تقيد الرحلات الجوية في منطقتها الغربية بسبب -نشاط عسكر
...
-
الجزائر والنيجر.. تنشيط العلاقات
-
حملة المقاطعة تطيح بالرئيس التنفيذي لستاربكس والإقالة ترفع أ
...
-
هل يحتاج العراق إلى قانون الأحوال الشخصية الجعفري؟
-
تغيير قانون الأحول الشخصية في العراق.. تهديد للديمقراطية اله
...
-
روسيا والإمارات تبحثان التعاون في إطار مجموعة -بريكس-
-
-نتائجه كارثية-.. خبير أمريكي يتحدث عن هجوم مقاطعة كورسك وتو
...
-
المغرب.. مديرية الأمن تعزز الخدمات في مطارين بالمملكة
-
بعد تسجيل حريق بمقرها.. القنصلية العامة الجزائرية بجنيف تصدر
...
المزيد.....
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
-
آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس
...
/ سجاد حسن عواد
-
معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة
/ حسني البشبيشي
-
علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|