|
مدخل إلى الكتاب المقدس؟؟؟
يوسف هريمة
الحوار المتمدن-العدد: 2195 - 2008 / 2 / 18 - 02:32
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يعتبر الكتاب المقدس أحد المرتكزات الأساسية للعقل الديني اليهودي المسيحي، يساهم بدرجة كبيرة في تشكيل هذا الوعي الثقافي من قريب أو من بعيد. ونظرا لغياب الكثير من الدراسات المقارنة داخل منتدانا التي تضع بين أيدينا تصورات حول هذه الكتابات، ارتأيت أن أضع بين يدي القارئ الكريم لمحة حول أهم مكونات هذا الكتاب، مع عدم الخوض في تفاصيل اختلافية تشتت النظر والفائدة على حد سواء. ولعل عدم الاهتمام بهذا الجانب الديني كان نابعا من تمركز الكتابات المختلفة داخل المنتدى على ساحة دينية نابعة في الكثير من الأحيان من تصور واحد، ينطلق من قناعات ذاتية يتم التركيز عليها كبعد وحيد من أبعاد الحقيقة. أقول هذا لأن البحث في الكتاب المقدس هو بحث معرفي له أهميته في تناول قضايا محورية في الفكر الديني عموماوالمسيحي منه على وجه الخصوص. فالكتاب المقدس اكتسب قداسته من خلال ما يحويه من مفاهيم وتصورات وتاريخ، أطرت الفكر الديني لمن يعتنق المسيحية أو اليهودية. بل امتد هذا التأثير ليصل بمداه إلى خارج النسق الديني اليهودي المسيحي ليعانق من قريب أو من بعيد ثقافة الإسلام. ومن هنا يمكننا طرح التساؤل التالي: ما هو الكتاب المقدس؟ 1- العهد القديم Ancien testament: تعني كلمة العهد الميثاق، فهذه الأسفار جميعها تمثل ميثاقا أخذه الله على الناس، جاء في سفر التثنية الإصحاح 12 الفقرة 32 " كل الكلام الذي أوصيكم به احرصوا لتعملوه، لا تزد عليه ولا تنقص منه". وجاء في إنجيل متى 5/18:"فإني الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل". ويتكون العهد القديم من مجموعة أسفار تضم مواضيع مختلفة وهي على الشكل التالي: *- أسفار موسى الخمسة: ـ سفر التكوين: ويهتم بوصف الخليقة، وأصل العبرانيين (جماعة إسرائيل) - سفر الخروج: ويروي تاريخ العبرانيين في مصر وخروجهم . ـ سفر اللاويين: ويعالج واجبات الكهنة والطقوس الأخرى. - سفر العدد: وفيه تعداد رؤساء الشعب وحاملي السلاح، وفيه أيضاً أخبار تذمُّر الشعب، والتجسس على أرض كنعان. -سفر التثنية: أي تثنية الاشتراع أو إعادة الشريعة وتكرارها على جماعة إسرائيل
*- أسفار الأنبياء: هذا القسم يتضمن ما وقع للعبرانيين من أحداث بعد موت موسى حتى هدم الهيكل المقدَّس. وهو يغطي فترة زمنية تمتد بين سنة 1300 وسنة 200 ق.م تقريباً، وينقسم إلى قسمين: أـ الأنبياء الأولون أو المتقدمـون: وعدد أسفاره سـتة: سفر يشوع: (يوشع بن نون) الذي يروي قصة احتلال جماعة يسرائيل أرض كنعان وتقسيم الأرض بين الأسباط أو القبائل العبرانية. وسفر القضاة: الذي يذكر أسماء القضاة وتاريخ جماعة يسرائيل في عهدهم وانتصارهم على الفلستيين. وسفرا صموئيل الأول والثاني: اللذان يعالجان تأسيس المملكة العبرانية المتحدة وقصة داود. وسفرا الملوك الأول والثاني: وهما يغطيان فترة حكم داود وسليمان وسقوط المملكة الشمالية ثم المملكة الجنوبية. ب ـ الأنبياء المتأخرون: وهذا القسم يضم مجموعة من النبوءات والمواعظ والقصص، وعددها خمسة عشر سفراًمنها: ثلاثة لأنبياء كبار (أشعياء، وإرميا، وحزقيال). واثنا عشر لأنبياء صغار (هوشع، ويوئيل، وعاموس، وعوفديا، ويونس ، وميخا، وناحوم، وحبقوق، وصفنيا، وحجاي، وزكريا، وملاخي). *- كتب الحكمة والأناشيد: وهي مجموعة من الأسفار التي تضم مواد تاريخية وقصصية وغنائية وعددها أحد عشر، إذا اعتبرنا سفري عزرا ونحميا سفراً واحداً. وترتيب هذه الأسفار حسب ورودها في العهد القديم كما يلي: ـ مزامير داود: ويُنسَب معظمها إلى داود، وهي أناشيد شكر للإله وتراتيل روحية - سفر الأمثال. ـ سفر أيوب: ويحدثنا عن حياة أيوب الصالح (ويُعتقَد أن هذا السفر من أصل عربي، فأيوب من بني عيسو). ـ نشيد الأنشاد: وهو من الأغاني الشعبية للأفراح والزفاف، ويُقال إنه نشيد غزل بين الإله وجماعة يسرائيل، ويُنسب إلى سليمان. ـ راعوث: وهي قصة بطلة ترجع إلى عصر القضاة. ـ مراثي إرميا: وهي قصائد بكاء على أورشليم (القدس) بعد تخريبها. ـ سفر الجامعة: وهو خواطر فلسفية ذات طابع عدمي. ـ سفر إستير: ويتحدث عن خلاص جماعة يسرائيل على يد إستير. ويحتفل اليهود بهذه المناسبة في عيد النصيب. ـ سفر دانيال: ويحدثنا عن سيرة هذا النبي. ـ سفر عزرا: ويتحدث عن عودة العبرانيين (أعضاء جماعة يسرائيل) إلى أورشليم (القدس)، وإعادة بناء الهيكل الثاني. ـ سفر نحميا: وهو يعنى أيضاً بعودة اليهود من السبي البابلي. ـ سفرا أخبار الأيام (الأول والثاني): وهما تلخيص للوقائع التاريخية الواردة في العهد القديم منذ بدء الخليقة حتى السبي البابلي. 2- العهد الجديد Nouveau testament : وكلمة العهد الجديد عند النصارى، تحمل معنى إضافيا للبعد التوراتي المتعارف عليه في العهد القديم. فهو عهد مبني على سفك دم يسوع على الصليب فداء لخطيئة الإنسان. فقد جاء في إنجيل متى28/26:" لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا ". وفي إنجيل مرقس 14:24 :" وقال لهم هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين ". ويتألف من : *- الأناجيل الأربعة: كلمة الإنجيل كلمة يونانية الأصل عربت عن كلمة" إنجليون" وتعني من أتاك ببشرى ، ثم امتد معناها ليشمل البشرى نفسها، وقد استعملها السيد المسيح عليه السلام بمعنى " بشرى خالصة " فقال: " الحق أقول لكم: حيثما يكرز بهذا الإنجيل في كل العالم يخبر أيضا بما فعلته هذه تذكارا لها" متى 26/13 . كما استعملها الرسل من بعده بنفس هذا المعنى فقال: " الذي فيه أيضا أنتم إذ سمعتم كلمة الحق إنجيل خلاصكم الذي فيه أيضا: إذا آمنتم ختمتم بروح الموعد القدوس" أفسس 1 / 13 . والأناجيل الأربعة هي: متى، مرقس، لوقا، ويوحنا، *- أعمال الرسل: والتي كتبها لوقا و تحتوي خاصة على حياة معلمي المسيحية وخاصة بولس . *- الأسفار التعليمية: وتشمل إحدى وعشرين رسالة منها 14 من كتابة بولس والتي وجه معظمها إلى عدد من الكنائس التي أنشأ معها بعض العلاقات، وهناك ثلاث رسائل تنسب إلى يوحنا، ورسالتان من كتابة بطرس ورسالة واحدة لكل من يعقوب ويهوذا. *- رؤيا يوحنا: وتنسب إلى يوحنا اللاهوتي، وتسمى رؤيا لأنها أشبه بالأحلام رآها في اليقظة، وهي رؤيا في زمن اضطهاد عانت منها الجماعة المسيحية الأولى، لذا جاءت كتابته بأسلوب رمزي وفلسفي معقد مليء بالرموز والتشبيهات. 3- الأناجيل الأبوكريفية Les apocryphes: ارتبطت" قضية الأبوكريفا " في الدين المسيحي، ارتباطا وثيقا بالفترة التي عرفت منعطفا خطيرا في التاريخ المسيحي . والمتمثلة في فترة ما بعد المجامع المسكونية. وهي الفترة ما بين سنة 325م و451م، التي كانت بمثابة تحول جذري في المسيحية تمخضت عن صراعات وخلافات في قضايا جوهرية في الدين. فكانت هذه المجامع محاولة جادة لحسم الصراع في كثير من المجادلات اللاهوتية من خلال صياغة دقيقة لقوانين الإيمان المسيحي على ضوء الكتاب المقدس. إذن فالمجامع المسكونية التي لجأت إليها الكنيسة لحل النزاع في مختلف القضايا العالقة، مثلت بشكل أو بآخر أسلوبا ناجعا لحل الاختلافات الجوهرية حول بعض التعاليم الدينية. وكان من نتائج هذه المجامع قانون الإيمان النيقوي Nicen creede وقنون الإيمان الإثناسي Athnasian creed، وذلك في مجمع نيقية المنعقد في سنة 325م بدعوة من الإمبراطور قسطنطين. ولعل أهم القضايا الخلافية التي أثير حولها الجدل وناقشتها المجامع هناك: البحث في طبيعة الله والعلاقات ما بين الأقانيم في الثالوث البحث في طبيعة المسيح البحث في طبيعة الإنسان وأسلوب نوال الإنسان للخلاص. في ظل هذه الظروف التي امتزجت فيها المسيحية بالفكر الوثني للإمبراطورية الرومانية، كانت هذه المجامع نقطة تحول في التاريخ الديني المسيحي. فقد حسمت الكثير من الاختلافات، وتبنت كل ما يدعم توجهاتها من الكتاب المقدس وكتابات الآباء، واستبعدت كل ما يخالف ما استقرت عليه هذه المجامع. وعليه فإن قانونية واعتبار هذه الأناجيل راجع إلى الجهة المقننة وهي المجامع المسكونية. فتم الإقرار بصحة الأناجيل المعتمدة حاليا، وتم تغييب كل ما عدا ذلك. فبرزت قضية الأبوكريفا فما هي دلالة هذا اللفظ؟. :Apocryphe دلالة اللفظ* حسب المعاجم المسيحية يعني:Apocrypheإن لفظ «الخفي، أو السري ،أو الصعب الفهم .وهي مجموعة كتابات يهودية أو مسيحية غير قانونية وغير معتمدة استبعدتها الكنيسة، وشككت في مصداقيتها.ومن بين هذه الكتابات هناك إنجيل بيير و طوماس،ورسالة برنابا وغيرها. وهذه الأبوكريفات تستقي التقسيم نفسه الذي يسير عليه العهد الجديد.فهناك الإنجيل ،وأعمال الرسل،والرؤى .كما وتستلهم موضوعاتها وأحداثها من العهد القديم أو الجديد، والتي لا وجود لها في الكتابات القانونية.". غير أن أهم المآخذ التي تؤخذ على هذه الكتابات المخفية والتي تعتبر في نظر الكنيسة كافية في إسقاط الشرعية عليها مأخذان اثنان: أ- غلبة الطابع الأسطوري عليها ب-افتقادها للجانب التاريخي والغريب في الأمر أن هاتين الحجتين اللتين تحتج بهما الكنيسة في رد هذه الكتابات أمر واقع حتى بالنسبة للأناجيل المعتمدة. إضافة إلى أن الكنيسة رغم استبعادها لهذه الوثائق المهمة على المستوى النظري، فقد ظلت وفية لها على المستوى الواقعي، حيث كانت هذه الكتابات مصدرا مهما لكثير من الطقوس والعبادات في التقليد الكنسي :كعيد دخول العذراء إلى الهيكل ،وقيامة وصعود مريم...إلخ. بل تجاوز تأثير هذه الكتابات الكنيسة ليعانق الفنون الجميلة ،وخاصة في العصور الوسطى وعصر النهضة: كالصباغة، والنحت...إلخ.
#يوسف_هريمة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حتى الأقلام تبكي...
-
أكادير: تنمية بشرية أم جنسية
-
الثقافة العربية وسؤال النخبة؟؟؟
-
نظرية مالتوس وأزمة الزواج العربي
-
رمتني بنضالها وانسلت؟؟؟
-
الفن الملتزم وثقافة العولمة
-
وتكسًّرَ غُصن الزَّيتون...
-
سامر إسلامبولي وأزمة القرآنيين !!!
-
الفتوى وإشكالية الفقه الإسلامي
-
حيرةُ الحبِّ...؟؟؟
-
هدية للحوار المتمدن
-
طقس القضيب وتمظهراته الثقافية
-
العنصرية والأمثال الشعبية المغربية !!!
-
ويجعل الأقلام شيبا...؟؟؟
-
باسم آية الكفر والإيمان
-
التثاقف اليهودي المسيحي: نسب المسيح نموذجا
-
دموع بريئة... !!!
-
الشذوذ الجنسي: حرية أم أنحدار؟؟؟
-
العطالة وإقالة العقل العربي !!! المغرب نموذجا
-
المعراج وأزمة فكر الأنثى!!!
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|