أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - شيروان محمود محمد - نفط العرب للعرب.. نفط العرب للاكراد... ذكريات مرة وتأسيس لذكريات امرِّ















المزيد.....

نفط العرب للعرب.. نفط العرب للاكراد... ذكريات مرة وتأسيس لذكريات امرِّ


شيروان محمود محمد

الحوار المتمدن-العدد: 2195 - 2008 / 2 / 18 - 02:09
المحور: كتابات ساخرة
    


لست خبيراً, اوحتى ملما الماما عاما, بتفاصيل الثروة النفطية العراقية ومواقع حقولها و تفاصيل العقودالتي توقعها حكومة اقليم كردستان ومدى شرعيتها الدستورية, كما يدعيها موقعو تلك العقود او لا شرعيتها كما يدعي منتقدوها, ولكن من سلسلة المقالات التي تنشر هنا وهناك , ولكتاب عراقيين يمكن للمرء ان يثق بمهنيتهم ,او بسدادافكارهم السياسية,او بالاثنتين معا,يمكن القول بان ثمة امورا في طريقها للحدوث من شأنها ان تؤسس لمآس قد تبدو مآسي الماضي مجرد سحابة صيف مقارنة بها, ما لم يتداعى الخيرون لسد الطريق عليها ووضع الامور في نصاب قانوني يستجيب لمفاهيم العدل والمنطق ويؤسس لشراكة وطنية قابلة للحياة و النماء.وضمن هذا المسعى,تصورا مني او ربما توهما, سأسرد بعض الذكريات والتي قد تلقي الضوء على الخلفية النفسية التي يتعامل المواطن الكردي من خلالها مع قضية النفط وطريقة تعاطي قادتهم معها.
كان ذلك في احد اعوام الستينات , وكانت الحكومة المركزية قد فرضت واحدا من سلسلة حصاراتها الاقتصادية على كردستان(الامر الذي لم يكن بقية العراقيين يعرفون مايعني الا بعد الحرب العراقية الكويتية وفرض الحصار الامريكي) وكان الشتاء قارصا لايرحم ولكن المدينة لم تكن تصلها الامدادات النفطية التي كانت المادة الوحيدة للتدفئة لكل المدينة ,ومادة للاضاءة لاحياء كثيرة منها. وفجأة سرى خبر وصول وجبة من النفط لبيعها للمحلة التي كنا نسكن فيها, فخرجت انا الذي لم يكن عمري وقتها يتجاوز العاشرة مع امي التي كانت تحمل( تنكة) نفط فارغة آملين الحصول على جزء من مكرمة الحكومة المركزية وكان المطر يهطل مدرارا تصاحبه ريح لاسعة. وتفاجئنا بان الارسالية كانت عبارة عن برميل يتيم للنفط يجره حمار مسكين و يركض وراءه العشرات من الرجال و النساء والاطفال, ويقوم شرطي يحمل هراوة ضخمة بفرض النظام. كان صراعا حقيقيا من اجل البقاء تخلى فيها الرجال عن وقارهم وعن واجب اظهار الاحترام (لنسوان المحلة ) والحنو على اطفالها .وكان الشرطي يفرض هيبته وهيبة السلطة التي يمثلها من خلال توزيع ضربات هرواته بالعدل والقسطاس على الجميع رجالا ونساءا واطفالا. بعد صراع دام اكثر من ساعتين وبعد تلقي الكثير من الضربات خرجنا انا وامي فائزين بغنيمة غالون واحد للنفط كان يكفي لتدفئة غرفة واحدة و لليلة واحدة .
مضت السنون وجاءت اتفاقية 11 آذار, واستبشرنا خيرا بان زمن الاقتتال و الحصارات الاقتصادية و العقوبات الجماعية قد ولى الى غير رجعة.. وكم كنا واهمين!
قامت السلطة المركزية بتأميم النفط , فامتلات شوارع المدن الكردستانية بشعارات السلطة والتي تقول (نفط العرب للعرب) ...هذا الامر لم يرق بالتاكيد للاكراد الذين كانوا يعرفون ان اكثر نفط العراق كان وقتها يستخرج من آباركركوك ,وكانوا على يقين من ان كركوك ارض كردستانية , على خلاف ما يريد البعض الايهام به بان مطالبة الاكراد بعائدية كركوك, انما هو امر جديد يجري استقواءا بالوجود الامريكي, وبدون رغبة مني في الخوض في عدالة هذه المطالبة من عدمها.
وفي السياق نفسه اتذكر ان احدهم كان قد كتب تحت احدى اليافطات التي تقول (نفط العرب للعرب) وبخط اليد( تمركم لكم... ونفطنا لنا) في اشارة له بان العرب يحق لهم الادعاء بملكية التمور التي لا تنمو نخيلها في كردستان ولكن ليست ملكية النفط الذي يستخرج من اراضي كردية.
شعار نفط العرب للعرب لم يكن يعلق فقط على جدران المحلات ودور السكن بل كان يزين شاشة محطة تلفزيون كركوك بين كل فقرة و اخرى والتي كان بثها موجها للمنطقة الكردية مما دفع برب عائلة كردية ان يرفع اقرب فردة حذاء وقع يده عليها ووجها نحو الشاشة التي تطايرت شظاياها على ايقاع شتيمة من العيار الثقيل للنفط وللعرب الذين يملكون حقا حصريا فيه!
من خلال هذه اللقطات السريعة اود الاشارة الى ان المواطن الكردي كان يعتبر نفسه محروما من ثروة هي ملك له ولم يكن وقتها يحلم ابعد من توزيع متساو وعادل لهذه الثروة بينه و بين شركاءه في الوطن. ولكن المرارات اللاحقة والجرائم التي ارتكبت ضد هذا الشعب سهلت للسياسيين تصوير الامور بان السائد في العالم هو شريعة الغاب ومن لم يسعى للحصول على حصته من الفريسة عليه ان لا يلوم الاخرين اذا مات جوعا.
فالذي يعتقد باحقية ملكيته لشيء ما ويحرم من هذه الملكية , يعتبر الذي يعيد له نصف ما يعتبره حقا له متفضلا عليه ويعتبر نفسه رابحا, و يبدو ان هذا هو المنطق الذي يتعامل به القادة الاكراد و مخططو سياساتهم النفطية تجاه شركات النفط الاجنبية, وربما يكون هذا هو نفس المنطق الذي يتعامل به المواطن الكردي البسيط مع قادتهم و احزابهم السياسية فعلى الرغم من معرفة الاكراد بان الاحزاب الكردية ليست نظيفة الايادي في التعامل مع ثروة الشعب و تفتقد كل شفافية و مراقبة برلمانية في عقودها النفطية , الا انهم يأملون بحصولهم على جزء ولو يسير من تلك الثروة التى كانت تعتبر لعقود طويلة ثروة حصرية للعرب.
ومما يزيد الطين بلة ان الذين يعيبون على القادة الاكراد صفقاتهم المشبوهة, من بين السياسيين على الجبهة الاخرى ليسوا اسلم طوية واطهر يدا, فاخبار سرقة النفط العراقي بالبواخر والشاحنات لصالح احزاب وميليشيات ممثلة في البرلمان, وثقب انابيب النفط وتركيب الصنابير عليها باتت حقائق تفقأ العيون, بل يعطي الحق للصوص من الاكراد ان يفاخروا امثالهم من العرب: ما هذه البدائية ايها الاخوة, كيف تنحدرون للتعامل مع مافيات النفط, بينما نحن نوقع عقودا مع شركات معتبرة ونذهب لمقابلة ديك تشيني. وبعيدا عن التهكم والسخرية فان هذا الواقع قد ادى الى خلق حالة لدى عموم الشعب الكردي و مثقفيه تجعلهم ساكتين عن الفضائح النفطية لئلا تفسر ادانتهم للص الكردي على انه نصرة للص العربي. وقد لخص احدهم هذه الحالة عشية الانتخابات, حين سؤل عن سبب تصويته للتحالف الكردستاني على الرغم من معرفته بان الرموز البارزة فيه متهمون بالفساد,قائلا: انا اعرف انه ليس بين كل الاطراف الداخلة في العملية السياسية من يمكن اتهامه بالنزاهة ولكن حين اصوت للص كردي ,افعل ذلك ليس من منطلق قومي ضيق, حاشاي ان انحدر الى هذا الدرك, ولكن من منطلق براغماتي ولصالح الفقراء من الاكراد, اذا شئتم, فاللص الكردي قد يبني بما سرقه فندقا او مطعما او شركة فيشغل عددا من الاكراد , ولكن ماذا يفعل السارق غيرالكردي؟ في احسن الاحوال يفعل ما يفعله السارق الكردي ولكن في منطقة بعيدة فلا نرى نفعا منه, وفي اسوأ الاحوال يكون ميليشا مسلحة تركب الشاحنات وتجوب شوارع مدننا وتهزج بانشودتها, كما في الايام الخوالي : (نحنا البدو.. وين العدو؟) او تسيطر على السلطة كاملة وتبث لنا بين فقرات البرنامج التلفزيوني شعارهم العتيد (نفط العرب للعرب)
اسوق كل هذه الامثلة لا لتبرير سرقات الاحزاب الكردية والتخفيف من عارها, ولكن لابين الخلفية النفسية والتاريخية والتي عليها تفسر و تبرر هذه السرقات ولاقول للمثقفين العراقيين عربا و اكرادا بان مهمة فضح اللصوص مهمة نبيلة وبلا شك و لكن ازاحة هؤلاء اللصوص هي المهمة الاهم والاشق, والا سيظل لصوص كل طرف يبرر جرائمه بسرقات الطرف الاخر وسيظل المواطن العراقي العادي بغض النظر عن انتماءه القومي والديني مستغلا و مقهورا.
فعندما ننكر على قادة الاقليم تأكيداتهم بان نسبة سكان الاقليم هي 17%, لعدم توفر احصائيات تؤكد ذلك , علينا ان ننكر على خصومهم الدفع بنسبة 10 او 12% كأنه كلام منزل , وذلك لنفس سبب عدم توفر الاحصائية , و علينا بالتالي الدعوة الى آلية تعيد للطرف المغبون ما حرم منه اذا اثبتت احصائية قادمة صحة ادعاءاته, او تجبره على اعادة ما اخذه دون استحقاق اذا ما ثبت العكس.
أذا كنا ننكر على قادة الاقليم ادعائهم بعائدية كركوك لهم لمجرد انهم يعتقدون بذلك , فيجب ان ننكر على الاخرين الادعاء بعروبتها او بتركمانيتها فقط لانهم يؤمنون بذلك و انطلاقهم من ان كركوك عراقية , الامر الذي لم ينكره القادة الاكراد والحق يقال, ولكن السليمانية و اربيل و دهوك عراقية ايضا , فلماذا يطالب الاكراد بابراز طابو بعائدية كركوك ولا يطالبون بذلك فيما يخص محافظاتهم المذكورة اعلاه, الا تشم رائحة النفط من ادعاءات الاخرين بنفس قوة رائحتها من ادعاءات الاكراد. اذا كيف السبيل الى حل يرضي الجميع ويصون الزرع و الضرع؟
ليس لدي حل سحري ولكني متيقن بان هناك حل عادل ومنطقي اذا تنادى الخيرون لحل ينسجم مع الحقائق التاريخية ويستجيب لمتطلبات المستقبل . فبناء وطن مشترك لا يتم من خلال ذاكرة جريحة اوالتلويح بالتاسيس لذكريات داميات قادمة . البناء يتم من خلال تجاوز الماضي دون انكار حدوثه او اجبار الضحايا على النسيان ومن خلال وضع آليات تمنع تكرار ذلك الماضي البغيض ليتسنى لابناء الوطن الواحد ان يسامحوا بعضهم بعضا على نسبة مئوية هنا او كيلومترات مربعة هناك. فعندما يكون الوطن للجميع حقا تصبح بقية الامور تافهة لا تستحق دمعة تسقط من عين طفل ميتم او آهة تنطلق من صدر ثكلى . وبصراحة لا اجد احدا من السياسيين العراقيين مؤهلا لمهمة كهذه, ولكن كما يقال: الامل يسلم الروح آخر الجميع.



#شيروان_محمود_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - شيروان محمود محمد - نفط العرب للعرب.. نفط العرب للاكراد... ذكريات مرة وتأسيس لذكريات امرِّ