|
قراءة في ديوان حتى يهدأ الغبار للشاعر المغربي يونس بن ماجن
محمد البوزيدي
الحوار المتمدن-العدد: 2195 - 2008 / 2 / 18 - 06:42
المحور:
الادب والفن
1
يعتبر ديوان حتى يهدأ الغبار للشاعر المغربي يونس بن ماجن سادس إصدار باللغة العربية بعد كتب: أناشيد للضباب الصادر بلندن سنة 1988 و مسامات الصادر ببيروت سنة 1993 ولماذا لا يموت البحر الصادر بالقاهرة سنة 2002 والثقافة المغربية الصادر بالرباط سنة 2004وعم يكنسون الآن الرذاذ الصادر بدمشق سنة 2005 وقد فاز هذا الديوان الذي كتبت جل قصائده في الفترة ن 2003الى 2005 بجائزة التكريم من قبل جوائز نعمان الأدبية لعام 2006 . ويتوزع الديوان على 107 صفحة ويتضمن 70 قصيدة . 2
يتصدر الديوان غلاف أنيق تمتد فضاءاته على لون البياض مع لوحة سوريالية جد معبرة عن الواقع الحالي المتميز بالحزن الشديد، فاللوحة التي صممها الفنان الفرنسي .nicol rodrigues ، تحمل إشارات خاصة. إنها مركب فقد توازنه في بحر واسع ذات زمن ليلي فتحطم ليترك مساحة من الاحمرار يحيل على الدم وسط اللون الأزرق الذي يحيل على البحر فمن حطم المركب؟؟ ومتى؟؟؟ وهل كان الشاعر شاهدا على هذا التحطيم الذي يحيل على انهيارات أخرى أعمق؟؟؟؟ 3
إن تأملا بسيطا لعنوان الديوان واللون الأحمر الذي كتب به والذي يرمز للخطر والدم قد يساعدنا على فهم مضامين الديوان ، فالزمن إذن عاصفة حملت غبارا أغارت به على المركب الذي تحطم، لذلك جاء العنوان صادحا وصارخا حتى يهدأ الغبار .. فهل هدأ الغبار فعلا قليلا ؟ أم مازال يملأ المكان ؟ 4
إن قصائد الديوان تتوزع على تيمات متعددة أهمها : 4-1تيمية التيهان إن تصفح الديوان يحيل على نفسية خاصة كتبت خلالها القصائد المختلفة، نفسية اللااستقرار و الضياع اللذين يميزان نفسية الشاعر، والتي هي نموذج مصغر لوضعية المثقفين خاصة المغتربين منهم والتي تساعد على تكريس هذه الأشياء. إن أوضاع المثقف المغترب وطموحاته الواسعة مقارنة مع البيئة التي كان يعيش داخلها تجعله يصاب بالإحباط الشديد الذي يمكن إرجاعه إلى الوضعية المزرية التي تعيشها المجتمعات العربية عموما والطبقات المثقفة خصوصا لاسيما التي تضطر إلى الهجرة بشكل أو بآخر بحثا عن ظروف أحسن، أو هروبا من واقع مظلم يتميز بغياب حرية وحركية الإبداع . ففي دروب المتاهات 48 المعروفة والمشهورة سواء داخل الوطن أو خارجه هناك ثمة شاعر نسي مواعيده..لم يكن يحلم بمناف بعيدة في نهاية النفق 37 لذلك وجد نفسه في وضعيات لا تليق بالشاعر التائه شريدا كغبار المدينة المنسية5903..مرشوما ..48 إنها أحلام ضاعت وسط فقاعات ازدحام لندن خاصة أن الكاتب أصبح في وضعية متأزمة نفسيا حيث كان يعيش على الوهم أتوغل في أزقة مجهولة 9 أرصد مرافئ الشرود 28 اقتفي اثر السراب 63 كنت أتوهم في أحلامي اليومية 57 وأحوم في فرغ المسافات الغائمة واهوي إلى قاع لا وجه له 15 ترى ماسبب هذه الوضعية التي يصعب وصفها بدقة الجواب يأتينا في ثنايا الديوان لا أملك أوراق إقامة ..فقدت أوراقي الثبوتية22 لكن ماهي الأوراق المفقودة؟؟؟ هل المادية أم المعنوية ؟؟ فحديث الشاعر عن هواجس ذاتية ومعنوية تؤكد أن الأوراق المقصودة هي أوراق الهوية الجمعية التي يحس فيها الإنسان بالإستقرار النفسي والسعادة الذاتية والجمعية، لنتأمل جيدا هذا المقطع المؤثر عبثا أحاول أن أفتش11 لكن سأظل كاللولب أنسى 63 أبحث عن الكلمات المحاصرة في غابة استوائية 47 أحلم أنني أصبحت ..... 29 لذلك وكشاعر لم يبق لديه من حلول لوضعيته سوى الالتجاء إلى الكلمة للتعبير عن مشاعره ولو أدى الأمر إلى اكتب أغنياتي على جلد الماعز 28 وحتى إشعار آخر وحين وجد ذاته في الشعر للتفريغ عن مكبوتات خاصة وجماعية، سيظل وفيا للقلم عبر التزام أخلاقي خاص أقول شعرا مائيا لا بحر له 9 أضع كل بنات أفكاري أمام المطرقة والسؤال أمشي إلى وخز القصيدة 88 ألبس عباءتها وأمد خيوط بحورها 69 قصيدة متوحشة ..كانت تلاحقني منذ هذا الصباح 87
إن هذه الوضعية التي وجد الشاعر عليها نفسه ناتجة عن القلق الشديد الذي أصابه، فحين يفحص الواقع جيدا ولو للمعالجة لا يجد سوى أوضاع قاتمة جدا مفتوحة على المجهول الذي يرتسم أمام الجميع كعنوان للمرحلة مأساتنا مكتوبة على ورق اصفر متآكل 10 وعجلة الكون قد أصابها الهذيان ولم تعد تطيق الدوران 63 وما يعزز الأمر أن القلق الجمعي رسخه القلق الذاتي حين تذكر لحظات من حياة معينة كان شاهدا عليها فنطق بلسان الضحايا احتضر ......أتسكع ........طارقا أبواب الصمت......... ما أتعس الأيام التي كنت أفتش فيها عن بقايا الطعام في أكياس القمامة 59
4-2تيمة الهجرة مثل باقي الشباب الآخرين كان هاجس الهجرة يراود الشاعر نظرا للوضعية المزرية التي عاشها في بلده ، بل كان يطرح السؤال على نفسه هل أنا حقا في حاجة إلى هواء أفضل ؟ 59 ولم يتردد في البوح أنه في لحظة ما كان ينظر للأمر على أنه اهتمام خارج عن ذاته 16 وإن اعترف أن كانت الهجرة قد سكنت مخيلتي منذ نعومة أظفاري وقد لا أكون مهاجرا سريا 57 لكن الهجرة كانت رد فعل طبيعي على وضع عام وخاص فقد أكره على الأمر ولم يكن اختيارا له، لذلك يصرخ على لسان العديدين سأترك لكم فوق الشاطئ الآخر كل أقنعتي الحدباء 13 ولو أدى بي المطاف أن أركب زورقا صغيرا انتهت مدة استعماله 67 إن الهجرة إذن كانت فرارا اختياريا على عالم استثنائي يفقد مؤقتا الإنسان حبه الخاص في وطنه أحيانا . وبعد الهجرة، كيف وجد الشاعر المكان الموعود والذي كان عاصمة الضباب؟؟ يختبأ جرح المنفى..... وتنبت قصائد الصمت لتموت نكدا في المهجر 55 لكن من هو المهاجر ؟ من خلال بعض القصائد يؤكد الشاعر أن الجميع يرغب في الهجرة خاصة أن الشخصيات المتحدث عنها تتوزع بين مختلف فئات المجتمع المتضررة من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالخصوص وأهمها كما ورد في الديوان بائع تبغ متجول يدخن ماتبقى له من سيجارات 16 بائع نعناع / ماسح أحذية / متسول /عاطل عن العمل / الطفل المهاجر/ رجل كث الشارب 23 المشردين العاطلين المتسولين 42 شيخ متعبد 44 ورغم الإحساس الخاص بطهم الهجرة فالشاعر رغم ذلك يتحرك حيوية وأملا خاصا للمستقبل القادم أركض إلى الشمس الباردة 64 أجرد الذئب عباءته الصوفية أكسر الأقنعة التي أصبحت كترنيمة خارج الفصول 68 أستريح في قاع المسافات البعيدة وأدخل سرا وجهرا في فلوات الليل 59
5 إن ديوان حتى يهدأ الغبار ديوان متميز يطرح قضايا عميقة أمام المتلقي ، ينفس شعري خاص يتراوح بين القلق والهجرة المرتدية ثوب الأحزان والحداد للبعد عن الوطن الذي ضاق بالجميع لدرجة أن أزهار الدفلى لم تعد تورق ريحانا 9 و لم تبق غير شجيرات بين حقوق الحنطة 30 لكن تبقى تساؤلات معلقة تطرح بعد قراءة الديوان وهي : 1+هل الديوان سيرة ذاتية لشخصية خاصة لم يكشف عنها الشاعر ؟؟ أم جرد لسير ذاتية لمجموعات معينة تتقاسم نفس الأحاسيس والطموحات المستقبلية ؟؟؟؟؟؟ 2+وهل الديوان تعبير عن آلام الآخرين بنكهة رومانسية مؤثرة؟؟؟؟؟ إننا نرجح ذلك خاصة أن اشتغال الكاتب في أحد أكبر المكتبات البريطانية يتيح له اطلاعا واسعا على أخبار المثقفين الخاصة والدراسات والتقارير المتلفة بموضوع الهجرة
#محمد_البوزيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
3+الأزبال
-
إصدار جديد للناقد المغربي حسن المودن
-
قراءة في ديوان أطياف مائية للشاعر أحمد زنيبر
-
رحلة منتصف الليل
-
عتبات الطريق
-
فرار للمجهول
-
حوار صحفي مع رئيس وكالة البحر الأبيض المتوسط للتعاون الدولي
...
-
هروب
-
الفريق
-
رسالة مفتوحة إلي السيد :النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطن
...
-
دعاء
-
حفريات الذاكرة من خلال رواية *رجال وكلاب *للروائي مصطفى الغت
...
-
يا بحريي هيلا هيلا
-
الانتخابات المغربية: دروس وعبر
-
الأمن والمواطنة
-
كرامة ضائعة
-
أحزان بلا حدود
-
عتبات -في انتظار الصباح-
-
يورتريه الشهيد مهدي عامل
-
الشباب والراهن :أية علاقة ؟
المزيد.....
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|