علي الانباري
الحوار المتمدن-العدد: 2193 - 2008 / 2 / 16 - 09:55
المحور:
الادب والفن
احب المتنبي لانه يضع الكلمة في مكانها لا يسرف في الاطناب اعجازه في صقل المفردة
وكأنه بناء ماهر يضع كل حجر في مكانه لذلك لم تجيء قصائده مطولات كابن الرومي
الذي يحس قرئه انه امام بناء يلتقط اي حجر امامه من اجل البناء فقط. لذلك لم احب ابن
الرومي الا في بعض ابياته واحببت المتنبي ولم امقته الا في بعض ابياته .
ياخذ بعض القراء على المتنبي انغماره في عالم المديح لمن يستحق ولمن لا يستحق واذا
تجاوزت الظروف والعصر ونظرت الى هذه المسالة بموضوعية فاني احب المتنبي حتى في
حالته هذه فقد كان المتنبي اعظم من ممدوحيه قاطبة حتى سيف الدولة ا لذي الجأه المتنبي
على الجلوس امامه شاعرا بالامتنان لان المتنبي جعله احد ممدوحيه ولم اقرا في تاريخ الشعراء
أن ممدوحا ذا مقام رفيع يتقبل من مادحه مثل هذا البيت..سيعلم الجمع ممن ضم مجلسنا...بانني
خير من تسعى به قدم الا مع المتنبي ولو قاله شاعر اخر امام امير كسيف الدولة لاصبح جثة
هامدة لكنه المتنبي وحده من يمتلك قدرة التحدي لان ممدوحيه كانوا يشعرون انهم سيمضون
الى الخلود عبر الزمان بواسطة شعره الهائل لا بعروشهم الزائلة وتيجانهم الملمعة ببريق زائل.
ولو عاش المتنبي في هذا العصر وطوف في ارض الله الواسعة لحمل الكوفة في جوانحه
متذكرا ايام صباه ولمنح وطنه الجريح العراق كل حبه فقد كان عراقيا خالصا لذلك حمل كبرياء
العراق في كل العصور. لم يستطع السكوت على اهمال كافور الاخشيدي له لذلك جعل منه مسخرة
ما تزال مادة للضحك والاستهزاء في كل فم وعلى طرف كل لسان .
لقد اغتالت المتنبي ثلة من الاعراب الذين كانوا يحسدونه على موهبته الفذة وهو ما يفعله احفادهم
الان بحق كل عراقي موهوب ولذا فانا احب المتنبي لاني اكره القتله.. احب الكوفة لانها تمخضت
عن نجم ساطع اضاء العراق والعالم. احب حتى مثواه في النعمانية الذي يحج له عشاقه لتفيض عليهم
آلاء روحه المرفرفة كحمامة بيضاء في سماء الشعر.
احب المتنبي لانه يمنحني السلوان ساعة اختناقي بهول الواقع فاذا ما بكيت كفكف دموعي وصيرها
لاليء تضيء ايامي واذا ما عشقت مد لي خيوطا مذهبة بالامل. احب المتنبي لانه امامي الذي لم
يخذلني يوما ولم يسد ابواب خزائنه الثره مانحا اياي كل كنوزه بعطاء الواهب الذي لا يمن
#علي_الانباري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟