|
هل جمال المرأة نقمة ام نعمة عليها ؟؟
احمد محمود القاسم
الحوار المتمدن-العدد: 2190 - 2008 / 2 / 13 - 10:42
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
سيدة فلسطينية رائعة الجمال، بيضاء اللون، زرقاوية العينين، شعرها اشقر " نيجرو " طويلة القامة، ممشوقة وملفوفة القوام، تحمل شهادة الماجستير بالعلوم الاقتصادية، متحررة نسبيا، تملك شخصية قوية و ثقة كبيرة في نفسها، جريئة، لا تخاف من احد، إلا من الله سبحانه وتعالى، تحمل الكثير من الافكار التقدمية والمنفتحة، يعلو وجهها دائما ابتسامة رقيقة، لكنها عصبية المزاج، بحيث تثور لأتفه الأسباب، إذا ما حاول احد، النظر إليها نظرة خاصة. دار حديث بيني وبينها، فيه الكثير من الصراحة والانفتاح، تضمن حديثها معي مشكلة كانت تعاني منها كثيرا عندما كانت تبحث عن وظيفة مناسبة لها، كي تعمل بها وتدر عليها دخلا مناسبا، المشكلة تتعلق بجمالها، وتعلم بأنني من مناصري المرأة، ومن المدافعين عن حقوقها وحريتها الشخصية، طلبت مني ان اجد لها حلا لمشكلتها، وكيف تواجه بعض الرجال، الذين ينظرون لجمالها الجسمي، بشكل مجرد عن شخصيتها وذكائها وثقافتها علمها، وقالت لي ما ذا تفعل لو كنت مكاني؟؟؟ وعندما سألتها عن حقيقة وطبيعة مشكلتها بالضبط؟؟ قالت لي، بان جمالها اصبح نقمة على نفسها، وليس نعمة كما يتصور البعض، ويحسدونني عليه. وعندما سألتها عن السبب؟ ولماذا هذا الإحساس والشعور بالضيق من جمالها الذي تتمناه الكثير من الشابات والسيدات؟؟ قالت لي، بان هذا جمالها هو المشكلة الحقيقية لها، والمقلق لراحتها ونفسيتها، لأنها كلما ذهبت للبحث عن وظيفة مناسبة لها، تتناسب مع مستواها العلمي وشهادتها العلمية وطموحها، بالشركات الخاصة أو القطاع العام، فكل المسئولين يرحبون بها اجمل ترحيب، والكل يرغب بان تشتغل الى جانبه، براتب مغري نسبيا وهي على الرحب والسعة، ويشعرونها أحيانا، بأنهم مستعدون لاعطائها الراتب الذي تطلبه وراتبا إضافيا من جيبهم الخاص، وأنهم يودون الجلوس معها بشكل منفرد، والحديث معها بشكل أكثر استفاضة. كانت تتساءل عن سبب اهتمامهم بها بشكل غير طبيعي، ولماذا كل هذا الترحيب والاغراءات المادية لها، ولماذا هذا الإصرار للجلوس معها بشكل منفرد، والتباحث معها على انفراد؟ وكانت تصطدم بواقع اليم ومزعج فعلا، عندما تعلم اهدافهم الحقيقية منها؟ والمتمثلة في رغبتهم الجنسية منها فقط، لجمالها المثير والأخاذ. لم تعد تحتمل أكثر، ولم تعد ترغب بالبحث عن وظيفة، لأنها لم تعد تثق في الرجال كثيرا، علما كما تقول لي، بأنها الآن متزوجة من إنسان بسيط جدا، وموظف عادي، لكنه رجل وعلى قد حاله، راتبه يكاد يكفي مصاريفه الشهرية، حياته مستورة مع زوجها وأولادها، و تابعت حديثها معي والالم يعتصرها وتقول، بان الكل لا ينظر لها كإنسانة متعلمة، وترغب بأداء عمل يتناسب مع مؤهلاتها العلمية وامكانياتها. إنهم ينظرون فقط إلى جمال وجهها وجسمها بشكل مجرد، دون فهم لشخصيتها وافكارها واخلاقها وتعلمها وشهاداتها، احدهم أوحى لها، بأنة يرغب بالزواج منها لليلة واحدة، وعليها أن تطلب الثمن الذي تريده، تصوروا زواج ولليلة واحدة، أي يريد معاملتها (كالمومس) أو (القحبة). هل يعقل أن يكون هذا زواجا ؟؟ تذكرت بعض العروض التي كانت تعرض على بعض الممثلات والمطربات، وقالت أخاف أنهم يحسبونني هيفاء او نانسي أو أليسا؟؟؟ علما بأنها قالت لهم بأنها متزوجة وسعيدة بزواجها الحالي، ولا تطمع بالمال وغيره، ولما هذا العرض كله؟؟؟ أمقابل الوظيفة، ومبلغ كبير جدا من المال كما أدعى وقال أحدهم، لماذا كل هذه التضحيات؟؟ أيستحق جسدها كل هذه الإغراءات؟؟؟. طبعا لم توافق رغم الاغراءات الكبيرة التي وعدها بها البعض منهم، وكانت تقول، أن الكثير من مقابلاتها كانت تنتهي معهم بمشادة كلامية كبيرة كالعادة، كان يمكن ان تصل الى الشرطة والمحاكم، لولا أنها لا تريد ان تدخل في صراعات مع شخص قذر، ولديه نفوذ، وقد يتهمها اتهاما باطلا، ويحول القضية الى صالحه. حاولت العمل في عدة مجالات وعدة شركات، فلم تجد مجالا، وكلما عملت في مكان ما، اصطدمت بأحد المسئولين، من يود التحرش بها جنسيا، ويراودها عن نفسها، مما يضطرها الى ترك العمل، ولما يمض عليها وقت كبير في عملها بعد، حتى أن الكثير من الموظفين، كانوا يحاولوا افتعال أي شيء حتى يحتكوا بها، و يرونها وينظروا الى جمالها عن قرب، علما بأنها لا تلبس الا ملابس عادية جدا، كباقي السيدات، ولكن كل ما تلبسه تعتقد أن الشباب والرجال، كانوا يعتبرونه مثيرا عليها، هذا يعود لكونها جميلة وجذابة المظهر، مهما لبست من الملابس، مع أنها لا تضع الماكياج كونها تملك جمالا طبيعيا وأخاذا، كثير من الزملاء في العمل كانت تسمعهم يقولون عنها بأنها جميلة جدا " كالقمر " واحدهم سمعته يقول أمامها، بأنة يمكن ان يضحي بكل راتبه من اجل قضاء ليلة حمراء معها.
وكما صرحت لي أيضا، انه ليس فقط في مجال البحث عن وظيفة، كانت تصادف تحرشات جنسية أو قريبة منها، كالإطراء والمديح لها،المبالغ فيه من بعض الرجال الذين كانت تلتقي معهم ومع زوجاتهم في المناسبات الاجتماعية، كحفلات الأفراح والزواج وأعياد الميلاد وغيرها من المناسبات الكبيرة والصغيرة، حيث كان الكثير من المدعوين يلتفتوا إليها كثيرا، ويحاولوا محادثتها، بحيث كانت تمثل محورا للنقاشات، وإذا ما تكلمت، كان الكل يصغي إليها، مما يثير حنق وغيظ بعض الزوجات المتواجدات، في مثل هذه اللقاءات، وكثيرا ما كان يحدث خلافات زوجية بين الأزواج المتواجدين بسببها، كون احد الأزواج نسي حاله واستفاض بالحديث معها قليلا، وقد يطلبوا منها أحيانا، عدم محاولة الحديث مع أزواجهن، علما بأنها لم تكن هي البادئة في الحديث معهم. لم تعد تحتمل كثيرا مثل هذه المشاكل، وهذا الكلام الذي تسمعه يتردد امامها يوميا، مع أنها لا تبدي اهتماما لكل ما تسمعه وتراه، حتى أنها فكرت بان تشوه وجهها بماء النار، حتى لا ينظر احد الى جمالها ويتمتع به، حتى يحاولوا فهم شخصيتها وافكارها ومعتقداتها. تقدم لها كثير من الرجال في السابق للزواج منها، على سنة الله ورسوله، قبل أن ترتبط بزوجها الحالي، منهم المهندس والطبيب والمحامي وغيرهم كثيرون، ومنهم كانوا يعرضون عليها السيارة التي تختارها، والفيلا، وعلى استعداد تام لتوفير كل احتياجاتها المالية والترفيهية، بمقابل أن توافق على الزواج من احدهم، وان تجلس بالبيت ولا تخرج منه، رفضت كل هذه العروض والإغراءات، لأنها كانت تعلم ان كل هؤلاء الخطاب من الرجال، إنما يريدونها لا لروحها او لشخصيتها وعلمها وثقافتها، بل لجمال وجهها وجسمها فقط، وكانت مقتنعة بمثل شعبي كانت تردده والدتها امامها باستمرار يقول: " يا ما خد القرد على ماله، بكره يخلص المال، ويبقى القرد على حاله ". تزوجت من شاب احبها وتحبه كثيرا، حالته المادية ضعيفة نسبيا كونه موظفا بسيطا، لذلك حاولت إيجاد عمل لها، حتى تتعاون معه في خلق ظروف معيشية افضل لهما، لكنها وصلت الى طريق مسدود، فلم تعثر بعد على شخص يقبل بان يوظفها على اساس شهاداتها العلمية التي تحملها، معظمهم، كانوا يقولون لها لديك مؤهلات جسمية وجمالية، أهم من الشهادة الجامعية التي تحملينها، فجمالك هو المدخل للعبور للوظيفة، كانت تعلم مضمون كلامهم واحاديثهم، ولو كانت تقبل بكلامهم وتبيعهم جسمها وأنوثتها، لجمعت ثروة كبيرة من المال، لكنها لم تقبل ان تبيع جسدها وشرفها، لاعتقادها بأن الجسد والشرف والكرامة لا يباعوا بالمال، إلا عند الذين لا شرف ولا كرامة لهم. استمعت إليها كثيرا، وأنا أفكر لها عن حل لمشكلتها هذه، فمثل مشكلتها لم أواجهها من قبل ، كل ما واجهته من المشاكل، وما سمعته كانت مشاكل، على هيأة علاقات زوجية اصعبها حلا، كنت أجد بالطلاق حلا وحيدا له، فهذه المشكلة بعيدة عن موضوعات الزواج والطلاق . جلست افكر بيني وبين نفسي هل فعلا الجمال نقمه ام نعمة على المرأة، حتى يصل الامر بهذه المرأة الجميلة، بان تفكر بتشويه وجهها، هل يمكن ان يكون هذا حلا ؟ لا اعتقد ذلك، فهل الحل يكمن عندها، ام بالآخرين ؟ قلت في نفسي، اعتقد أن الثقافة والوعي، وكثرة الاختلاط في المجتمعات بين النساء والرجال، والتعود على مشاهدة مناظر وصور الجنس اللطيف في كل الساحات والميادين والمجالات من قبل الشباب والرجال، هو مدخل أساسي ومهم، لتهجين ذوي النفوس المريضة، للتعود على تدجين أخلاقهم ومفاهيمهم عن المرأة وجمالها، وعن العلاقات الاجتماعية السوية والإنسانية، فالبعض من الشباب والرجال، لا يتحكم بعواطفه الشخصية، لشدة ما يعانونه من الكبت الجنسي والحرمان، لعدم تعودهم على مشاهدة مناظر السيدات والشابات المثيرة، كما أن الثقافة المجتمعية وهي في غالبيتها ثقافة ذكورية، تنظر للمرأة كوعاء جنسي مجرد، ومثير للغرائز الجنسية، بعيد كل البعد عن الشخصية والكرامة والعلم والأخلاق.
الكاتب والباحث احمد محمود القاسم
#احمد_محمود_القاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علماء يهود يفضحون الخرافات المتوارثة، ويقولون: (فلسطين ليست
...
-
خيانة الصداقة
-
لغة الجنس عند الكاتبات والأديبات العربيات، وأثرها على القاري
...
-
وراء كل عذاب امرأة رجل
-
بقرة ومعزة شلومو
-
مع حق العودة والتعويض للجميع
-
جدار الفصل العنصري وقضم الأراضي
-
العولمة والاستعمار الجديد
-
الدولة الفلسطينية المقترحة شكل بلا مضمون
-
لقاء بالصدفة، مع صحفية على الناصية
-
أصول اليهود واليهودية، وكيف تنامى اعدادهم في فلسطين
-
أصول اليهود واليهودية في العالم العربي
-
النظام الاجتماعي وعلاقته بمشكلة المرأة العربية
-
دور المرأة في الفضائيات وكيف يستغله الرجل
-
التمسك بمنظمة التحرير، وانضمام الكل تحت لوائها هو الحل
-
لا يوجد في الكون شيء ثابت، التطور والتغير والتبدل سمة العصر
-
...وتبقى الأنثى هي الأصل
-
هار مجدون أو جبل مجدو
-
العنف ضد المرأة، صراع بين الذكورة والأنوثة،منذ الأزل، والباد
...
-
وجهة نظر، ردا على من يطالب بإلغاء السلطة وحلها
المزيد.....
-
جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
-
رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر …
...
-
دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
-
السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و
...
-
دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف
...
-
كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني
...
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
-
-مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
-
اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|