|
إنما ينطق سعد الدين إبراهيم عن الهوى
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 2187 - 2008 / 2 / 10 - 08:59
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
إذا كانت عقدة الخواجة في مصر لها شهرتها ، و قدمها الراسخ في الوجدان الشعبي المصري ، إلا ان هناك عقدة أخرى لا تقل عن أختها السابقة تأثيراً على العقل المصري ، و أعني عقدة الشهرة . على إنني قبل أن أتطرق إلى الموضوع الذي أريد الدخول فيه ، و الذي يرتبط بالعقدة الثانية ، عقدة الشهرة ، أريد ألا نجلد أنفسنا ، فنعتقد ان عقدة الخواجة هي وقف على الشعب المصري ، أو على الشعوب المتحدثة بالعربية ، فهناك شعوب أخرى كثيرة تعاني من تلك العقدة ، فقد لاحظها الكثيرون ممن كتبوا عن الشعب الياباني ، فالشعب الياباني يحمل النقيضين ، الإعتزاز الشديد بيابانيته ، و في نفس الوقت لديه عقدة الخواجة الغربي ، أو الأمريكي تحديداً ، و هذا مشابه لحالنا كمصريين ، فنحن نعتز بتاريخنا ، الفرعوني ، و القبطي ، و الإسلامي ، و لكن هذا لا يمنع الكثيرين من أن يتركوا في عقولهم حيزاً ، يكبُر أو يصغُر ، حسب الوعي الشخصي ، لعقدة الخواجة .
و من مطالعاتي مع ملاحظاتي الشخصية ، و عبر الإحتكاك ببعض الجنسيات ، لاحظت وجود تلك العقدة ، في بعض التايوانيين ، و في أوروبا الشرقية ، حيث المنفى ، لاحظت أثراً قوياً لتلك العقدة ، و إن كانت تفاصيل العقدة تختلف من شعب لأخر ، فعند التايوانيين ، لاحظت إنها أمريكية ، و عند بعض الشعوب الأوروبية الشرقية ، هي غالباً ألمانية أو أمريكية ، أو الإثنين معاً في نفس الدماغ ، و سابقاً كانت فرنسية .
العقدة الثانية ، عقدة الشهرة ، و التي هي مدخل حديثي الأساسي ، يقوم المصاب بها بالأخذ الأعمى ، بالتصديق الفوري ، لأي رأي يدلي به شخص ، مادام مشهور ، دون تمحيص هذا الرأي ، تمحيصاً عقلياً ، فتمحيص أي رأي ، يجب أن يتشابه في خطواته ، مع الخطوات المتبعة لتمحيص أي بحث علمي ، و ذلك التمحيص يشمل البحث في الأسس الذي قام عليها البحث العلمي ، ليصل لنتيجته النهائية .
عقدة الشهرة تأتي فتلغي تلك الخطوات العقلانية ، التي يجب أن تجري بتلقائية عفوية في عقل المتلقي ، و تجعل الشخص المصاب بتلك العقدة ، يأخذ النتيجة ، دون أن يسأل نفسه ، هل هذا الرأي صحيح حقا ، أم إنه مبني على الهوى و الغرض ؟ و كيف و لماذا أتى هذا الشخص المشهور بهذا الرأي ، و وصل لتلك النتيجة ؟
منذ فترة ، و تحديداً في النصف الثاني من العام الماضي ، 2007 ، أدلى أ . د . سعد الدين إبراهيم ، برأي مفاده : ان إحتمال حدوث إنقلاب عسكري ، هو إحتمال القائم ، أما إحتمال الثورة الشعبية ، فمستبعد .
إحتمال قيام إنقلاب عسكري ، أتفق معه في إمكانية حدوثه ، دون أن يعني ذلك أبداً إنني من مؤيديه ، و قد سبق أن كتبت عن إحتمالية حدوث إنقلاب عسكري منذ عام 2005 ، و سبق أن نددت في مقال بالإنقلاب التايلاندي الأخير ، و الذي صفق له البعض ، و أعدت التنويه مراراً ، بإحتمال قيام إنقلاب مصري ، أخر تلك المرات ، مقال بعنوان : الإنقلاب المصري القادم ، أسبابه و مبرراته . و الموجود بأرشيف كل من موقع الحوار المتمدن ، و الركن الأخضر ، فضلاً عن مدونات و مجموعات ، حزب كل مصر .
و لكن لا أتفق مع د . سعد الدين إبراهيم في الشق الثاني من رأيه ، المتعلق بإستبعاد حدوث ثورة شعبية .
أسبابي ، إن كل العوامل المؤدية لشبوب الثورة الشعبية ، متوافرة في البيئة المصرية الحالية ، سواء الإقتصادية ، أو الإجتماعية ، أو السياسية ، و لا حاجة للإستفاضة في تلك الأسباب ، لأنها معروفة ، و يلمسها كل مواطن مصري يومياً .
فقط ما ينقص وقود الثورة الشعبية ، و المتواجد في صدر كل مواطن مصري ، ليشتعل ،هو القداحة ، أو عود الثقاب .
إذاً ما الذي حدا بالدكتور سعد الدين إبراهيم ليستبعد الثورة الشعبية ؟
إنه هواه الأمريكي ، فالدكتور سعد الدين إبراهيم ، لا أشك في مصريته ، و وطنيته ، و لكنها مصرية مشوبة بنكهة و هوى أمريكي ، يتمثل في جنسيته الثانية المكتسبة ، و تعليمه ، و جهة عمله ، و الدليل الأهم هو ما تنضح به كتاباته .
المصريين المتأمركين ، يتوقون ، مثل بقية المصريين ، للتغيير ، لا يخالجني الشك في ذلك ، و لكن طريقهم أمريكي .
بعضهم يريدونه أمريكياً مباشراً ، و بعضهم الأخر يريدونه غير مباشر ، من خلال أداة أمريكية ، و قيادة الجيش المصري اليوم ، أصبحت متأمركة ، فلتكن تلك القيادة هي تلك الأداة.
أنا لا أشكك في الجيش المصري ، ضباطاً ، و صف ضباط ، و جنود ، إنما أشكك في القيادات ، فمن يعرف كيف يدار الجيش المصري اليوم ، يعلم علم اليقين ، إن قيادة الجيش المصري أصبحت أمريكية الهوى و العقيدة السياسية ، تماما كمعظم قيادات القوات المسلحة في أمريكا اللاتينية أبان عصر الحرب الباردة .
لا يوجد اليوم ضباط في قيادة القوات المسلحة ، على شاكلة ، أحمد عرابي ، و عبد العال حلمي ، و محمود سامي البارودي ، و عبد الناصر ، و شارل ديجول ، و خوان بيرون .
الدكتور سعد الدين إبراهيم ، يعلم هذا بإمتياز ، و قد كتب مراراً عن القواعد التي سنها مبارك في مسألة الترقيات ، و التي تجعل بقاء الضابط في عمله ، بدأ من نهاية المرحلة المتوسطة للرتب العسكرية ، في يد القيادة السياسية ، و بشكل سنوي .
و يعلم كل من له إطلاع ، أو إتصال بالجيش المصري ، إنه لا يتم ، في هذا العهد الأغبر ، إستبقاء إلا فارغي العقول ، الذين لا يطالعون حتى الجرائد الرسمية ، و ليس لديهم أي فكر سياسي ، و المتسيبين أخلاقياً ، مع شرط الهوى الأمريكي .
لهذا لا أستبشر خيراً بحدوث أي إنقلاب عسكري ، لأنه سيكون ليس أكثر من إستبدال أسماء ، عائلة أبو جيمي بأخرين .
فالإنقلاب الذي سيكون بضوء أخضر من أمريكا ، لن يكون إلا محاولة أمريكية لتنفيث الغضب المتراكم ، في صدور الشعب المصري ، و المنذر بالثورة الشعبية ، التي ستأتي بطبيعة الحال بنوعية أخرى ، لا توجد اليوم في السلطة السياسية و العسكرية ، و لا أثر لها في النخبة الإقتصادية .
إصلاح حال الشعب المصري ، و مكافحة الفقر من جذوره ، عبر القضاء على الأمية ، و تطوير نوعية التعليم ، و تحسين الخدمات الصحية و نشرها على مستوى الشعب ، و توفير الإسكان الشعبي و المتوسط ، و الحقوق المتساوية لجميع المواطنين المصريين ، و إعادة الهيبة للقانون ، و تطهير الشرطة و القضاء ، و إستعادة ما تم سرقته ، و إفساح المجال للضباط الوطنيين للترقي ، و ما إلى ذلك من الأمور الضرورية لأي نهضة فعلية ، لن تكون على سلم أولويات الإنقلاب العسكري الأمريكي المحتمل ، الذي ينتظر المتأمركين حدوثه ، لأن كل تلك الخطوات ليست على سلم أولويات الولايات المتحدة الأمريكية ، فقد كان لأمريكا متسع من الوقت للضغط على أسرة أبو جيمي ، خلال الستة و عشرين عاما المنصرمة ، لتصلح من حالها ، و تكف عن سرقة الشعب و وطأه بقدميها ، أو لكانت حققت الرفاهية و الحرية في دول أمريكا اللاتينية ، التي حكمت معظم دولها ، لمدة أربعين عاماً تقريباً ، بعسكريين متأمركين ، لم تشهد شعوب أمريكا اللاتينية معهم سوى الفقر و القهر ، مثلنا .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ابنة مارجريت تاتشر ربعها عربي ، و توماس جفرسون فينيقي ، فماذ
...
-
طفل واحد لا يكفي
-
على آل سعود الإعتذار لنا ، نحن أهل السنة
-
لا لحصانة ديرتي وتر و المارينز في مصر
-
علينا ألا ننغلق ، علينا ألا نكرر خطأنا زمن الإمبراطورية الرو
...
-
الركلات و الهروات للضعفاء ، و للأقوياء ما أرادوا
-
حان وقت إسقاط أسرة أبو جيمي ، و بدون ضوء أخضر من أمريكا
-
هل من المحظور على المسلمين الترشيح لرئاسة الولايات المتحدة ا
...
-
هل يعد ج. د. بوش الإيرانيين برئيس مثل أبو جيمي ؟
-
لقد حطموا الذكاء المصري ، إنهم يريدونا عبيد
-
لن نقف أمام تكايا آل مبارك
-
مخاوفنا مبررة ، فالحرية الإقتصادية ليست مطلقة
-
هكذا يجب التعامل مع آل مبارك
-
نصب تذكاري لضحايا مذبحة المهندسين
-
يعقوب صنوع أديب الحرية
-
الأغنياء و المساتير أيضاً يثورون
-
هم الذين كفروا و صدوكم عن المسجد الحرام
-
لا يا بلد شامبليون، الحضارة المصرية لم تبن بالسحر
-
يا راكب القارب، تعال نصنع أوروبا في مصر
-
حتى لا يساء للقرآن، إبحثوا عن بديل لكلمة إرهاب
المزيد.....
-
مدفيديف: مارك روته -أطلسي الهوى ومعروف بمعاداته لروسيا- وهذا
...
-
بعد محاولة الاغتيال.. الشرطة تقتل شخصا قرب مبنى انعقاد مؤتمر
...
-
لافروف يحذر.. واشنطن تدفع بأوروبا للهلاك
-
لافروف: واشنطن تدفع بأوروبا نحو الهلاك
-
لافروف يجري محادثات مع نظيره البحريني
-
مصادر في الجيش الإسرائيلي: -حماس- في وضع يزداد صعوبة والعملي
...
-
تسريب مكالمة ترامب مع المرشح المستقل كينيدي جونيور عقب محاول
...
-
ليبيا.. مصرع سيدة وإنقاذ عائلات عالقة في تاجوراء وسط تصاعد ا
...
-
الولايات المتحدة: هيئة محلفين تدين السناتور روبرت مينينديز ب
...
-
تقارير تتحدث عن مؤامرة إيرانية لاغتيال ترامب وطهران ترد
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|