أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جلنار صالح - دعوة أم عباس المستجابة !!














المزيد.....


دعوة أم عباس المستجابة !!


جلنار صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2185 - 2008 / 2 / 8 - 11:39
المحور: كتابات ساخرة
    


أم عباس سيدة كبيرة بالعمر أمد الله بعمرها لتشهد معظم المصائب والأهوال التي مر بها العراق خلال عقود.. لكنها تتكلم بفرح وحنين واضح لأيام ما قبل زمن الدكتاتور الذي سلبها اثنين من أبناءها , الأول غيبته سجون الدكتاتور والثاني استشهد في حرب قادسية صدام .. وقتها دعت الله بقلب مفجوع أن يطيل عمرها لترى نهاية الظالم الذي حرمها رؤية أبناءها .. استجاب الله دعاءها وشهدت نهاية الدكتاتور, لذلك هي تحمد الله وتشكره عند استيقاظها كل صباح على استجابته لدعائها وقبل أن تتجه بخطى واهنة نحو المطبخ لإعداد الشاي لأسرتها المتكونة من ابن يعيش معها مع زوجته وأولاده..
لكنها بدل أن تعد الشاي ترفع صوتها بالشكوى والدعاء على من سبب لهم هذا الضيق.. فقنينة غاز الطبخ فرغت مع انه لم يمضي على شراءها أكثر من أسبوع وبمبلغ عشرين ألف..الكهرباء مقطوعة كالعادة اذاً لا ماء ساخن في سخان الماء وتستمر معاناة أم عباس وعائلتها طيلة فترة النهار مع كل مادة ناقصة في البيت تكلف ابنها المسكين مبالغ لا يستهان بها ..تظل بعدها أم عباس (تدردم ) من سوء الوضع وكيف سيتدبر ابنها كل هذه المصاريف وسط هذا الوضع وقله العمل وغلاء الأسعار .
مع ذلك تبقى أم عباس متفائلة وفي داخلها شعور بالارتياح حيث أنها عندما تجد قنينة الغاز فارغة ومع علمها إن على ابنها تهيئة مبلغ عشرين ألف لشراء واحدة ممتلئة ,تبقى سعيدة بقدرتها على التذمر والاحتجاج بصوت عال وسط الشارع وإمام كل جيرانها بل وتعتبر هذا الأمر ميزة عظيمة حرم الشعب منها أيام الدكتاتور ..نعم أين ألان من تلك الأيام عندما كان على احدهم أن يبتلع شكواه وتذمره بصمت وإلا وجد نفسه في وقت قياسي في احد سجون الدكتاتور والبقية معروفة طبعا.. إما ألان- ومع شكر أم عباس لله –فتستطيع أن تتكلم بأعلى صوتها وتجهر بشكواها من الوضع المر دون خوف أو وجل ففي كل الأحوال لن يعبا بشكواها احد ! ..طبعا هذا لا يعني أن شكواها في زمن الدكتاتور–لو كان بإمكانها أن تشكو – كانت ستجد أذن صاغية !
ومع ذلك فأم عباس ليست ساذجة لدرجة عدم إدراك الفرق بين ما كان يحدث وما يحدث ألان فهي تعرف أن الكهرباء مثلا كانت تخضع لجدول القطع في ذلك الزمن الأسود ولم تكن بحال جيد وتعرف أيضا أن على ابنها ألان أن يدفع مبلغ يصل إلى مائتين وخمسين إلف دينار شهريا لتوفير الكهرباء لساعات أطول خلال اليوم الواحد , وتدرك أيضا أن هذا الوضع سيستمر دون حل خصوصا بعد أن بدأ تطبيق نظام تزويد البيوت بعشر امبيرات فقط لكل بطاقة تموينية موجودة في البيت الواحد ولم ينفعها توسلها وشرحها للشخص الذي ربط القاطع الذي سيزودهم بعشرة امبيرات أنهم عائلة كبيرة ولن يكفي هذا الرقم - حسبما شرح لها حفيدها طبعا- لكن العامل اخبرها انه لا يستطيع أن يخالف التعليمات وانه سيحاسب من قبل الجنة المحلية (يقصد جماعة المسلحين في المنطقة !!) .. لكن ابنها وعدها انه سيقوم بتغيير القاطع بعد أن عثر على شخص ( مرخّص من قبل اللجنة المحلية لتغيير القواطع حسب الطلب !!) و يتقاضى مبلغ عشرين ألف دينار(هدية !!) لتغيير القاطع إلى عشرين أمبير
ولكن هل هذه كل معاناة أم عباس ألان ؟ طبعا لا فهناك مشكلة حفيدتها التي أنهت دراستها في كلية علمية منذ عدة سنوات والتي لم تترك بابا للحصول على وظيفة لم تطرقه فالقضية ليست قضية شهادات أو خبرات إنما الحصول على واسطة مدعومة بمبلغ يصل إلى عدة مئات من الدولارات للحصول على الوظيفة ووالدها لا يستطيع طبعا أن يوفر لها هذه الواسطة والمال المطلوب ..أم عباس تواسي حفيدتها بتذكيرها بزمن الدكتاتور حيث لم يكن الحصول على وظيفة يحتاج واسطات فقط لكن الراتب الشهري الذي يتقاضاه بعد كل هذا العناء لم يكن يتجاوز دولارات معدودة لذلك على حفيدتها أن تتعلم أن تشكر الله على ما هم فيه من نعمة ألان !
مازلت أم عباس تعلق صورة أبناءها الذين راحوا ضحايا عصر الدكتاتور ولم تتوقف عن تذكرهم في كل المناسبات الحزينة التي حضرتها خلال السنوات الماضية مثل استشهاد جارها أبو حسين الذي اختطف في منطقة على إطراف بغداد لتحصل زوجته بعد أيام من العذاب والانتظار على جثة زوجها مذبوحا بطريقة وحشية , ليترك لها حمل ثقيل يتكون من سبعة أطفال !..أو استشهاد جارها الطيب أبو علي الذي احترق في كراج بيته عندما انفجرت سيارة مفخخة إمام باب بيته بدون سبب مفهوم , وربما بكت في ذلك اليوم أكثر مما بكت ابنها الشهيد , بكت لحال زوجته المسكينة وأطفاله الذين بقوا دون معيل ولمصير يعلمه الله وحده وبدون أي تعويض عن الإضرار التي لحقت بها وبأطفالها وببيتها على الأقل أسوة بمناطق أخرى لا تبعد عن منطقتها كثيرا , صار الإعلان عن تعويض المتضررين فيها يشبه سباق محموم !!..
.. رغم كل حزنها هذا لم تنس أم عباس أن تدخر شيئا من دموعها لمجالس اللطم والبكاء التي حرمت منها أثناء زمن الدكتاتور بينما صارت تحرص ألان على حضور كل مجالس العزاء التي تعقدها جاراتها لتبكي بحرية تامة كل أحبتها الذين فقدتهم على حين غفلة وتدعو الله بنفس القلب المفجوع أن لا يجعل نهاية الظلم اشد وطأةً على المظلوم من الظالم نفسه !!



#جلنار_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الرفيق ألبعثي إلى المسلح المليشوي .. معاناة المرأة العراق ...
- لغة النار ..المحرّمة !
- مدينة الحزن .. مدن !!
- الساقية والجدار........
- قصة قصيرة (( النافذة القريبة من الموت ))
- من وحي البحث عن وطن بديل
- اعتراضات انثوية على فتاوى ذكورية
- لا لشعار ( الأسلام هو الحل) التضليلي
- أنتزاع
- مرايا
- طفلة الفرح
- المرأة العراقية ... نضال على جبهتين
- مدينة النساء
- مو خواطر
- !ما اصعبني


المزيد.....




- مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جلنار صالح - دعوة أم عباس المستجابة !!