|
نمر سعدي في لقاء أدبي مع موقع- زمان الوصل- السوري
نمر سعدي
الحوار المتمدن-العدد: 2184 - 2008 / 2 / 7 - 09:53
المحور:
الادب والفن
· = تعرفنا على الشاعر نمر سعدي من خلال ما قرأناه من خلال النت او ما يصلنا من الصحف المطبوعة .. نريد ان تحدثنا عما لا نعرفه عن نمر سعدي كبداية .
أوّلا أنا عربي مسلم أعيش في فلسطين المحتله في بقعة تدعى الجليل . من عائلة متواضعة من ضلع فلسطين وملح أرضها تسكن في قرية بسمة طبعون في الجنوب الشرقي من مدينة حيفا الساحلية .
وثانيا أنا كائن مملوء بالأحلام والطموحات والرؤى النبيلة ومسكون بعشق الحرية . وليست الكتابة عندي الاّ محاولة جريئة مني لتجسيد هذه الأحلام وممارسة الحرية ومنحها بعض الشرعية الوجودية لكي تتنفس في رئة حياة باتت جامدة وتتواجد في صخب هذا الواقع الذي بات يثقل كواهلنا بماديته وضيق أفقه ومحدوديته . .........أخيرا لكل شخص أن يفسرّني كيف شاء هواه من خلال قصيدتي .
· = من الملاحظ أن المرأة تحتل مساحة واسعة من شعرك ؟
في الفترة الأخير أحاول أن أعطي المرأة بعدا رمزيا في قصيدتي وأمنح هذه العلاقة الملتبسة بعض الشفافية ليحاول الآخر أن يستشف ما يخفى عليه داخل جوهر الأنوثة . فنحن كبشر رجالاً ونساءً يكملُّ أحدنا الآخر ولا تقتصر صلتنا بعضنا ببعض على الحب أو ألنوازع البيولوجية فقط . هناك في بعض القصائد الأخيرة إستدعاء للمرأة المعجزة أو إمرأة اليوتوبيا الموعودة التي لا تتحقق الاّ في داخلنا وفي أعماق وهمنا وفردوسنا المفقود ولا نجدها في واقعنا . هذا الأحساس ينبع من خوف فقدانها وخسارتها كقيمة جمالية كبرى . كل كاتب أو شاعر أو فنان يستشعر هذه الخسارة الإفتراضية وهذا الفقد الوهمي قبل أن يقعا لذلك فهو متطرفٌّ الى أبعد حد بمثاليته الغنية الثرّة .من جانب آخر نحن نحاول دائماً التغنيّ بمزامير الطريق ولا نصل أبداً وهذا هو سر الجمال والسعادة هنا . المرأة كمدينة مسوّرة سحرية اذا وصلتها ضاع كل شيء . وقيمتها الجوهرية الفذة تكمن في هذه الضبابية التي تحيطها بالغموض والمجهول.
· = تعددت أساليبك الشعرية فتارة تكتب بالتفعيلة وتارة القصيدة العمودية .... فلما التنقل من مدرسة لأخرى ؟
أنا بالأساس شاعر عمودي أي بدأت عمودياً ولا زلت أكتب قصائد عمودية كشعراء كثر وهذا لا يضير فهناك شعراء عموديون وتفعيليون في نفس الوقت كنزار قباني ومحمد علي شمس الدين وسميح القاسم ولكني وجدت فيما بعد أن التفعيلة هي الصورة الحية المقنعة لتطوّر القصيدة العربية والأمتداد الطبيعي للموروث الجمالي الشعري لدينا . أعتقد أن التفعيلة حاولت بكل صدق أن تذهب بعيداً وتحتوي تجارب صادقة وأن تعبّر جليّا عن مكنونات الشاعر العربي في الوقت الراهن .القصيدة العمودية مرتبطة ذهنيا عندنا وقبل كل شيء بخيام البدو وأبلهم وظبائهم .ولكنها إستطاعت أن تتطوّر عندما كتب بها شعراء موهوبون . الشكل الشعري لا يهم كثيرا هنا. ما هو الاّ وعاءً أما المهم فالسائل الذي يملؤه
التجربة النثرية مثيرة للجدل والإهتمام لأنها إستوعبت الكثير من العناصر والجماليات الجديدة . وأتمنى أن لا يكون هناك فجوة عميقة بين تطوّر هذه وحضور تلك . لأن النثر في النهاية يرجع نثرا مهما بلغ من الروعة والبلاغة ويحسب علينا كذلك في المستقبل . هناك مثلا تجارب النفرّي وأبن عربي وأبن حزم الأندلسي هي حسب مقاييس الغرب لقصيدة النثر تجارب شعر محض ولكنها في موروثنا تجارب نثر فنيّ أو صوفي أو نثر جمالي ذاتي وجداني . أما الشعر فلا مبّدل له . هل يستطيع أحد أن يغيّر شعر المتنبي ؟ أو شعر أبي تمام . لا أظن ذلك .
· = ما رأيك بالحركة الشعرية المعاصرة " الغير ملتزمة بالتفعيلة أو القصيدة العمودية " عربيا ؟
هناك بعض الضبابية أنا لا أستطيع أن أميّز موهبة كبيرة حقاً . وكل الشعر يبدو لي متشابها بعض الشيء . نحن نسير حسب قول أينشتاين الى الكارثة الثقافية . المشكلة أن الشعراء النثريين لدينا مثقفون وكاتبو دراسات نقدية وأبحاث وعلى مستوى عالٍ من الأطلاّع وهم واعون جيداً لمشكلة هيمنة النثر الجمالي . لا أعرف سر هذه الحملة على الأيقاعات العربية . هناك شعراء مثل سعدي يوسف الذي فتح المجال أمام اليومي والشائع ومثل أدونيس الذي أغرى الآخرين بالشعر الفكري المشبع بالرمزية والغموض والذهنية والتقريرية أحياناً.
أنا ضد هيمنة القصيدة العمودية ولكنني أيضاً ضد هيمنة قصيدة النثر . حتى أدونيس" رغم إعجابي بشعره وتنظيره الجريء "في كثير من كتاباته لقصيدة النثر غامض وغير متسلسل وتغلب عليه الذهنية والفكرية أحيانا . أنا أحب شعره التفعيلي أكثر . وأحترم ريادته وتجديده في الأوزان العربية وفي المحتوى والمضمون .
· = نمر سعدي ... هل أنت متأثر بتجربة شعرية حديثة او قديمة ؟
من الصعب عليَّ أن أجزم بكلمة واحدة أنني متأثرٌ بتجربة بعينها قديمة أو جديدة . أؤمن أن المبدع اذا توقفّّ عن القراءة فقد أنقطع وحيه وجف نبعه. تجاوز الذات شيء مهم لدي وانقلابات الشاعر على نفسه أيضا . أحيانا تجربة واحدة غنية ومتنوعة كتجربة ماركيز تغنيني عن تجارب عدة فقيرة . كل يوم جديد أكتشف تجارب جديدة تقنعني بضرورة المتابعة والكتابة .في النهاية أنا متأثر بالمجموع الكلي للتجارب الجيّدة الحقيقية ولست متأثرا بتجربة واحدة فقط .
· = لمن تحب أن تقرأ ؟
لشعراء وكتاب كثيرين عرب وأجانب لا مجال هنا لحصرهم جميعا , ربما أقرأ في الصباح في رواية من روايات مركيز وفي الليل أقرأ في ديوان المتنبي . هناك تنويع كبير ولا محدودية في القراءة الموزّعة على الشعر والرواية والمقالة النقدية ولكنني في أحيان كثيرة أقرأ طويلا متأملاً في وجوه الناس والطبيعة والأشياء . وأجد في ذلك كنزاً عظيماً وحكمة.
· = هل تعتبر نفسك تعبر عن جيل من شعراء الحداثة ,ام ان نمر سعدي نسيج خاص ؟
بل أجد نفسي في آن واحد أعبرُّ عن جيل من شعراء الحداثة ابتدأ بالسيّاب والبياتي ونازك الملائكة وأمل دنقل وحجازي وقباني واستمرَّ حتى شوقي بزيع وعبد العزيز المقالح ومحمود درويش وحسب الشيخ جعفر وأدونيس . وأحاول من جهة ثانية صنع نسيج خاص بتجربة منفصلة تنمو رويدا رويدا وعلى حدة .
· = وجدنا بعض قصائدك العمودية الكلاسيكية قد كتبت بشكل شعر تفعيلة ما السبب ؟
لا يوجد أهمية عندي لتقسيم وتوزيع القصيدة . التوزيع التفعيلي للقصيدة العمودية نجده عند شعراء كثر مثل محمد الفيتوري ونزار قباني وشوقي بزيع وعلي جعفر العلاّق والبياتي وهذا أمر يعدُّ ثانويا في كتابة الشعر . ربما هذا نوع من التجديد في العمود الشعري على مستوى الشكل . كل شاعر حرٌّ بتقطيع قصيدته ما دامت سليمة من الكسر في وزنها .وكل قارئ ذكي يكتشف لعبة التقطيع تلك من السطر الأول .عدا أن هذا الأمر لا يضير القصيدة شيئا بل يقوم بتحديثها وتقديمها بصورة مفاجئة ومغايرة تتناسب مع الراهن أكثر . وهناك قصائد كثيرة لعلي جعفر العلاّق موزعة توزيعاً تفعيلياً وهي قصائد عمودية بالأساس .
· = هل قرأت لشعراء سوريين وهل تعتبر الحركة الشعرية السورية مؤثرة في الأدب العربي ... طبعا في الفترة الراهنة ؟
قرأت لكثيرين منهم أدونيس ومحمد الماغوط ومحمد منير خلف وياسر الأطرش ونوري الجراح ونزيه أبو عفش ومحمد الصالح الحسين وبهيجة مصري وغالية خوجة . كلهم كبار ويستحقون القراءة . وأعتبر الحركة الشعرية في سوريا من أقوى الحركات التي تحتضن المشهد الشعري في العالم العربي . وهي مؤثرة ومتطوّرة بشكل مذهل . وقد قمت بالإطلاع على الدواوين التي يصدرها اتحاد الكتاب عندكم فأصبت بالذهول من نضوج التجارب الشعرية وغناها بالمقارنة بما يجري في فلسطين . أنتم تتفوقون علينا أضعافا مضاعفة .
· = غزة ...؟؟؟ أنت في قلب الحدث نتاجك الشعري الذي وصل لم يتناول ما يستجد من أحداث على أرض فلسطين ؟
منذ شغفي الأوّل بالشعر وأنا أحاول أن أتخلّص من شعر الحدث والمناسبات الذي رحل زمنه مع أن مصيبة غزة ليست مناسبة . أحاول أن أصوغ مأساة غزة في كل ما أكتب من شعر ممزقّ بين الواقع والخيال والحرية والظلم ولكني قلت شعرا كثيراً لفلسطين كلها ولا أريد أن أجزأها فهي حاضرة في كل ما كتبت وما سأكتب حتى لو كان شعرا بسيطا أو شعرا يعبرُّ عن قضايا كبرى . يجب على الشعر أن يعبّر عن الحدث بصورة غير مباشرة ومن هنا تنبع قوته وحدته . الشعر عندي ليس شعارا ولا تقريراً يومياً. أنا أعبرُّ عمّا يحدث في كل بقعة موبوءة بالظلم في العالم بصورة مغايرة وجماعية أكثر .
· = نلاحظ انك تنشر الكثير من موادك في زمان الوصل فهل من الممكن شرح السبب ؟
لا لغير أنه يحتفي بنصوصي دائما وينشرها . وأود أن أتمنى له دوام الإستمرار والنجاح .
· = نمر سعدي ... تفضل النشر الالكتروني أم الورقي ... السبب ؟
أفضلُّ النشر الورقي بالصفة الأولى والألكتروني بالصفة الثانية . وقد يكملُّ أحدهما الآخر. اليوم بالذات النشر الألكتروني مهم لأنه يتيح المجال أكثر لإنتشار النص الأدبي .ويشرع تحدِّ آخر أمام الكاتب ليتقن أدواته ويبدع ويجاري غيره . ولكنني أظن أن في النص المنشور ورقياً حميمية خاصا تربطه بصاحبه .
#نمر_سعدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نزيف الأسئلة
-
كرعشةِ نجمةٍ خضراءْ
-
الشاعر الفلسطيني الشاب نمر سعدي في لقاء خاص ب-القدس-:
-
جنة السياب الضائعة
-
وترّية
-
لن أبوح بسرّكما
-
ولا أنا عاشق حريتي
-
صراخ الليل الصامت
-
كالبجع المتعب كالنداء
-
كلمة وفاء الى روح العاشق الدمشقي
-
فوق هوة ايقاعها العابرة
-
كتابة بدمع غيمة سوداء
-
أغنية تحت أمطار أبابيلية
-
قلب الأسفلتْ
-
وقفة قصيرة أمام حزن جميل
-
النوارس في دمي تبكي
-
رحلة أودوسيوسية
-
مزمور الحب الضائع
-
يوميات تابع عربي
-
تذييلات لمزامير عذرية
المزيد.....
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|