|
لا لحصانة ديرتي وتر و المارينز في مصر
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 2183 - 2008 / 2 / 6 - 10:54
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
لا أشك في إننا نشعر كمصريين بالتعاطف مع ضحايا التجاوزات التي تحدث بحق المدنيين العزل ، على يد الشركات الأمنية الغربية ، مثل بلاك وتر ، و غيرها ، و على يد القوات الأمريكية ، في العراق و أفغانستان ، و التي تتوارد أخبارها بين آن و آخر . و لكن ما أراه إننا ، كمصريين ، نتعامل مع تلك الأنباء ، على إنها أحداث بعيدة عنا ، لا يمكن أن تقع في بلادنا ، فأين مصر مما يحدث في العراق أو أفغانستان ؟
و هذا هو عين الخطأ ، أن نظن أنفسنا بعيدين عن مخاطر تلك التجاوزات ، فإذا كنا في مصر بعيدين عن حالة الحرب - و نحمد الله على ذلك - إلا إننا ، في حقيقة الأمر ، لسنا بعيدين عن إمكانية حدوث تلك التجاوزات ، و التي تمس بالأرواح و الممتلكات و الأعراض .
في مصر شركات أمنية أجنبية ، تتعاقد معها جهات أجنبية ، بل و شخصيات أجنبية و مصرية ، مقيمة بمصر . و تلك الشركات مصرح لها بحمل السلاح في الأراضي و المياه المصرية .
في مصر لدينا أكثر من بلاك وتر ، في مصر لدينا ديرتي وتر ، و أخواتها ، يعملن بحرية مطلقة ، و يتمتعن بنفوذ يفوق نفوذ الجهات الأمنية المصرية .
مثلما في مصر تتواجد قوات أمريكية ، سواء بحكم التسهيلات التي قدمها النظام الحاكم المصري ، الحالي و السابق ، في رأس بناس ، و غيرها من القواعد الجوية و البحرية المصرية ، أو بحكم إتفاقية عام 1979 .
و كما هو معلوم ، و بكل أسف ، فإن النظام الأسري الحكام حاليا ، قرر السماح ، مؤخراً ، لمزيد من القوات الأمريكية بالتواجد في مصر ، بما يفسح بالمزيد من فرص حدوث تلك التجاوزات .
فالتجاوزات التي ترتكبها القوات الأمريكية ، ليست وقفاً على العراق و أفغانستان ، ففي اليابان على سبيل المثال ، و هي دولة تنتمي للعالم الأول ، و يتمتع شعبها بشعور وطني جارف ، حدثت العديد من حوادث الإغتصاب ، لفتيات يابانيات ، تقيم أسرهن بالقرب من القواعد الأمريكية في اليابان ، و في رومانيا ، حيث بلد المنفى ، حدث من فترة ليست بالطويلة ، أن قام جندي مخمور ، من جنود المارينز الأمريكان ، بالتسبب في مقتل أحد الفنانيين الرومانيين المعروفين ، في حادث سير ، و في كل تلك الحوادث ، سواء التي حدثت في اليابان أو رومانيا ، تمتع المذنبين بالحصانة الأمريكية ، التي تكفلها الإتفاقات المبرمة ، و التي تلغي سيادة تلك الدول، بإلغاء حقها ، في محاكمة الجناة على أراضيها ، و وفق قوانينها ، ففي كل تلك الحوادث ، حوكم الجناة على الأراضي الأمريكية ، أمام محاكم أمريكية ، و وفق العدالة الأمريكية ، تماما كما يحدث في التعامل مع جناة جرائم العراق و أفغانستان .
إنه حال يشبه الحال الذي عاشته مصر أبان عصر الإمتيازات الأجنبية ، في عهدها الأول ، أي حتى قبل مرحلة المحاكم المختلطة .
ليس لنا بالطبع أن نلوم اليابان ، أو رومانيا ، أو الإدارة العراقية ، أو السلطة الأفغانية ، لتنازلهن عن سيادتهن ، و لكن لنا الحق ، كل الحق ، كمواطنين مصريين ، في أن نتحدث عما يخصنا ، فالأمر ليس بمثل تلك السهولة على أي مصري ، يعلم تاريخ نضال أجداده ، الطويل و الشاق ، ضد الإمتيازات و الحمايات الأجنبية ، و التي لم يوفق أجدادنا في إلغائها نهائياً إلا عام 1939 ، و لكنها للأسف عادت مع عهد السادات ، و إستفحلت في عهد مبارك الأول و الأخير ، و أصبح يتمتع بتلك الإمتيازات ، ليس فقط جيش الإحتلال الأمريكي ، و بقية القوات الأجنبية المتواجدة في نطاق الحدود المصرية ، بل وحتى شركات المرتزقة الغربية ، و حتى أصغر مواطن غربي و خليجي .
هل علينا الإنتظار حتى يحدث حادث إغتصاب لفتاة في شمال سيناء أو البحر الأحمر أو محافظة مرسى مطروح ، أو حادث سير يرتكبه جندي أمريكي مخمور ، أو إطلاق نار عشوائي ، في قلب القاهرة ، يرتكبه مهووس مرتزق ، أكان أمريكي أو أسترالي أو جنوب أفريقي أبيض ، متواجد في كوكبة حراسة أحد الشخصيات الأجنبية ، الغربية أو الخليجية ، أو أحد الشخصيات المصرية ، من الإقطاعيين الجدد ، الذين فرخهم النظام الحالي ؟؟؟
أم إن علينا ، سرعة العمل ، قبل وقوع المحظور ، بمراجعة كافة المعاهدات ، و القوانين ، و القرارات ، المعلنة و السرية ، و التي كفلت تلك الحصانات ، و إنتقصت من السيادة المصرية ، و أضاعت نضال أجدادنا ، ضد النفوذ الأجنبي الماس بالكرامة المصرية ؟؟؟
دعوتي ، ليست دعوة عنف ، أو سفك للدماء ، و ليست دعوة تخريب ، إنما دعوة عمل سلمي شعبي وطني ، دعوة سير على درب الأجداد ، الذي كافحوا ، بطرق متحضرة ، حتى نجحوا في إلغاء نظام الإمتيازات و الحمايات . إنها دعوة للإستيقاظ ، للعمل على إستعادة الكرامة و السيادة المصرية المنتقصة ، في ظل الأوضاع الحالية ، لتدارك الأمور قبل حدوث المحظور ، قبل أن نسمع عن حادث إغتصاب ضحيته فتاة مصرية ، أو حادث إطلاق نار عشوائي ، نتيجة هاجس إنتاب مرتزق أسترالي عنصري ، أو حادث مروري إرتكبه مخمور أمريكي .
و لكن طريق إلغاء الإمتيازات الأجنبية الجديدة ، كأي طريق تصحيحي في مصر اليوم ، لا يمر إلا من خلال الثورة الشعبية التي تأتي بنظام جديد وطني ، لأنه لا أمل أبداً ، في إستعادة السيادة المصرية ، من خلال النظام الذي تسبب في ضياعها ، و يستعر رئيسه و أسرته من مصريتهم .
إنه نفس الحل ، لكافة المشكلات المصرية الحالية ، إنه حل الثورة الشعبية السلمية ، و إقامة أسس جمهورية جديدة ، جمهورية عدم التواجد الأجنبي العسكري ، و عدم السماح بنظام الحمايات و الحصانات و الإمتيازات الأجنبية ، المعروف حاليا ، بالإستمرار . جمهورية تخضع كافة البشر المتواجدين في نطاق الحدود المصرية ، لسيادة القانون المدني المصري العادل . إنها الجمهورية المصرية الثانية ، جمهورية السيادة المصرية التامة ، على كافة الأراضي و المياه و الأجواء المصرية .
حزب كل مصر تراث – ضمير – حرية – رفاهية – تقدم – إستعيدوا مصر
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علينا ألا ننغلق ، علينا ألا نكرر خطأنا زمن الإمبراطورية الرو
...
-
الركلات و الهروات للضعفاء ، و للأقوياء ما أرادوا
-
حان وقت إسقاط أسرة أبو جيمي ، و بدون ضوء أخضر من أمريكا
-
هل من المحظور على المسلمين الترشيح لرئاسة الولايات المتحدة ا
...
-
هل يعد ج. د. بوش الإيرانيين برئيس مثل أبو جيمي ؟
-
لقد حطموا الذكاء المصري ، إنهم يريدونا عبيد
-
لن نقف أمام تكايا آل مبارك
-
مخاوفنا مبررة ، فالحرية الإقتصادية ليست مطلقة
-
هكذا يجب التعامل مع آل مبارك
-
نصب تذكاري لضحايا مذبحة المهندسين
-
يعقوب صنوع أديب الحرية
-
الأغنياء و المساتير أيضاً يثورون
-
هم الذين كفروا و صدوكم عن المسجد الحرام
-
لا يا بلد شامبليون، الحضارة المصرية لم تبن بالسحر
-
يا راكب القارب، تعال نصنع أوروبا في مصر
-
حتى لا يساء للقرآن، إبحثوا عن بديل لكلمة إرهاب
-
مبارك و بوتين، الفارق بين من فرط و من إسترد
-
مبارك و بوتين، لا وجه في المقارنة بين من فرط و من إستعاد
-
الجمهورية المصرية الثانية، هكذا ستقوم
-
أحمدي نجاد، لا فارق بينك و بين آل سعود و آل مبارك
المزيد.....
-
مسؤولون أوكرانيون لـCNN: قوات كورية الشمالية انسحبت من الخطو
...
-
عاجل| نيويورك تايمز: إدارة ترامب تخطط لمراجعة دقيقة لعملاء ف
...
-
ماسك يبدأ تنفيذ تكليف ترامب.. وهذا ما فعله بموظفي الحكومة
-
ترامب يعاقب عناصر -إف بي آي- المشاركين في التحقيقات بشأنه
-
من بينهم مصريون.. محكمة تحدد مصير -المحتجزين في ألبانيا-
-
رغم الحذر السائد قبيل قرار ترامب مؤشر أسهم أوروبا يقفز لمستو
...
-
قراءة الإعلام المصري لصورة السيسي في -جيروزاليم بوست- الإسرا
...
-
قوات كييف تقصف جمهورية دونيتسك بـ 119 مقذوفا في غضون 24 ساعة
...
-
وزير الخارجية الأمريكي ونظيره السعودي يناقشان مستقبل غزة وال
...
-
فوتشيتش يصف الاحتجاجات في صربيا بأنها محاولة لتدمير البلاد م
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|