|
نوادر بوكاسا - الحلقة 4 ، 5
صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي
(Salah El Din Mohssein)
الحوار المتمدن-العدد: 2182 - 2008 / 2 / 5 - 08:04
المحور:
الادب والفن
نوادر بوكاسا - الحلقة الرابعة / والخامسة نوادر بوكاسا ( مسرحية ) المؤلف : صلاح الدين محسن طبعت بالقاهرة عام 1981 الحلقة الرابعة **************** تنويه هام : نظرا لمرور قرابة 27 عاما علي تاريخ طباعة المسرحية للمرة الأولي . .. لذا لزم التنويه الي أن المؤلف انما قصد بشخصية بوكاسا ، وما يجري من أحداث بالمسرحية فيما يخص السياسة ، هو عمل اسقاطات سياسية علي عصر الرئيس السادات . وحال مصر وقتها والظروف التي أحاطت بالحكم وادارة البلاد في ذلك الوقت . **** المنظر الثالث ( طارق وصديقاه ياسر ونظمي يجلسان بغرفة الصالون .. تدخل عليهما سوزان تحمل صينية عليها فناجين من القهوة ) سوزان : ( تقدم القهوة ) تفضلوا ( ثم تنصرف ببطء وهدؤ ) طارق : خيرا . وما المناسبة السعيدة التي تدعونا لأجلها ؟ نظمي : عيد ميلاد .. طارق : ( ينهض من مقعده ويقاطعه باشارة من يده لكي يتوقف ) . ( لحظات صمت . واندهاش من الصديقين . حتي تنصرف سوزان تماما ) . طارق : عفوا صديقي .. ماذا كنت تريد أن تقول ؟ قلت دعوة لحفل عيد ميلاد .. نظمي : ( باندهاش ) نعم .. وماذا في ذلك ؟ ألا تحبون أعياد الميلاد ؟! طارق : أرجو ألا تذكر تلك الكلمة مرة أخري أمام زوجتي سوزان . والحمد لله لأنها لم تسمعها والا لتحولت ليلتنا الي مبكي . نقضيها في جو كئيب للغاية .. نظمي : لماذا ؟ ( باندهاش شديد ) لماذا يا طارق ؟ طارق : يا عزيزي ( يخفض من صوته ) أرجو أن نخفض صوتنا قليلا كي لا تسمعنا سوزان زوجتي ..لأن زوجتي ليس لها عيد ميلاد مثل الناس .. نظمي كيف ؟ ألم تولد مثل كافة البشر ؟ لماذا لا تعرف لها تاريخ ميلاد ؟! انه حتي اللقطاء يعرفون تواريخ ميلادهم ويحتفلون بها .. طارق لا أقصد ذلك يا أخي .. ولكنني أقول لك أن ميلاد سوزان لا تحتفل به بالحلوي والشموع والفرح والتهاني ككل الناس . ولكن بالحبس الانفرادي في غرفتها والبكاء الدائم طوال اليوم والعزوف عن الأكل .. وان شئت أن أهديها شيئا بهذه المناسبة المشئومة فيجب أن تكون هديتي لها سوداء قاتمة . دليلا علي الحزن . سواء كانت حقيبة . أو قطعة قماش أو أي شيء آخر . نظمي ولماذا يا طارق ؟ طارق : لأن عيد ميلاها هو صفقة مؤذية فرضت عليها فرضا ..! وهذه الصفقة عقدتها العناية الالهية مع سوزان . ووقعت العناية العقد بمفردها ..! ويقضي عقد الصفقة بأن توهب لها االحياة في مقابل . وهذا المقابل هو أن تدفع سوزان ثمنا لذلك : أجمل وأعذب كلمة في الوجود .. وهي كلمة " ماما " ست الحبايب .. وبالفعل تمت الصفقة ..! ولدت سوزان زوجتي وماتت أمها في نفس اللحظة .. وبهذا يكون عيد ميلادها هو نفسه ذكري ممات أمها .. نظمي : وتمت الصفقة .. ! طارق : نغم ..! تمت الصفقة ..! نظمي : تري لو أن العناية استنطقتها وهي جنين في بطن أمها لتعرف رأيها . ماذا كان يمكن أن تقول في تلك الصفقة . ..؟! طارق : حسبما أراه علي زوجتي من حزن وكآبة لا حدود لها .. أؤكد بأنها لو استنطقت وسئلت حول تلك الصفقة . لرفضت بالقطع .. ( يخفض صوته قليلا ) بل .. وبصقت في وجه العناية ..! نظمي : اذن سوزان ليست راضبة غن تلك الصفقة .. طارق : وهل لنا نحن البشر حق الاعتراض ؟! اننا رقيق .. عبيد لدي العناية الالهية .. وليس للرقيق رأي عند سادتهم رأيا في صفقات البيع أوالشراء .. نظمي : حقا ولكن تاريخ نظام الرق الأرضي لا أظنه شهد عسفا أو يكتاتورية بهذا الشكل ..! علي أية حال قلوبنا معك ومعها . وسنعتبر ذلك اعتذارا عن حضور الحفل . والعذر مقبول . طارق : بل سأحاول الحضور لمشاركتكم الفرحة ولكن دون علم سوزان . ولبعض الوقت فقط . ياسر لك الشكر .. نظمي : وياسر ( يهبان واقفين للانصراف ) .. ياسر قبل أن ننصرف قل لنا نادرة من نوادر بوكاسا ... نكتة من نكاته .. طارق : عندما قام بوكاسا بالانقلاب وتولي السلطة كرئيس لجمهورية افريقيا الوسطي . أصدر قرارا جمهوريا بتعيين الرئيس السابق مستشارا له ..! الجميع ( يقهقهون ويهرول نظمي وبياسر خارجين وهم يضحكون ..) طارق : ( وهو يمضي في تقليب أوراقه ) ايه يا بوكاسا .. ايه .. سيذكرك التاريخ وستخلد .. ايه يا بوكاسا سيذكرك التاريخ . وكم من اناس يتمنون لو تفقأ عيونهم ويدخلون التاريخ حتي ولو تحت بند القوادين .. ! .. ايه يا بوكاسا ايه ..! سيذكرك التاريخ .. لا بأس .. فأنت مثله وهو مثلك ..ظريف . متسامح ..! يفتح أبوابه للجميع . العمالقة والأقزام العباقرة والبلهاء ! وكأنه خمارة ..! سوزان : ( تدخل حاملة بعض الفاكهة وتقدمها أمام طارق ) ايه يا طارق .. هل نواصل الكتابة ؟ طارق : ( نعم لنواصل .. ساكمل لك قراءة هذه الأوراق لتباشري كتابتها.. سوزن : ( تجلس بجانبه ) . طارق : اسمعي يا سيدتي ( يقرأ ) فكان بوكاسا متزوجا بعدد كبير من النساء احداهن لبنانية وكان يحبها حبا جما . وقد استطاع شقيقها وبعض أقاربها من اللبنانيين وهم تجار بطبيعتهم كمعظم اللبنانيين . ان يستثمروا مكانتها كزوجة محبوبة لبوكاسا . امبراطور البلاد.. بأن فتحوا الكثير من المتاجر . واحتكروا وكالات بعض الشركات كما احتكروا تصدير بعض السلع . طارق : ومن أول السطر تكتبي :ولأن بوكااسا كان يحب زوجته اللبنانية تلك حبا جما . فقد كانت أول من أسر له برغبته الجياشة في أن يصبح امبراطورا قبل اعلانه ذلك . وكم كان يتمني أن تكون تلك الزوجة الحبيبة هي امبراطورة البلاد وتجلس بجانبه كباقة الوردبجمالها وشقرتها وحلاوتها ورشاقتها وهي تضع تاج الامبراطورية علي رأسها يوم حفل التنصيب . ولكنه احتراما للشعب وتحسبا لغضبته ان وضع امرأة علي عرش البلاد . فكرامته الوطنية تأبي الا أن تكون حاملة تاج البلاد افريقية لذا فقد اضطر بوكاسا واحتراما منه للشعب لأن يأتي بزوجته الافريقية السوداء ابنة الوطن أما عن جدة وأبا عن جد . ويجلسها بجواره يوم حفل التنصيب الامبراطوري. وهي تحمل علي رأسها تاج وطنها .. وتلك حسنة له . ( صوت شريف –ابنهما – يأتي من الخارج . ينادي ) شريف أماه .. أماه .. سوزان تعالي .. تعالي يا شريف . نحن هنا بغرفة المكتب . (يدخل شرف ) شريف : أحضر والدي ؟ مساء الخير يا والدي طارق : مساء الخير يا ابني .كيف حال خالك وزوجته والأولاد ؟ شريف : بخير يا والدي وجميعهم يهدونك السلام ( يفتح قرطاس الفيشار يضع بعضه أمام والده والبعض منه أمام والدته . ويضع القرطاس فارغا بجانب " الفشار" علي المنضدة . ( ناجي – ابنهما الأصغر – يدخل مسرعا ويرتمي في حضن امه ) ناجي : ( يلتفت لأبيه ) كبف حالك يا أبي ؟ طارق : كيف حالك يا ناجي ؟ وكيف حال خالك ؟ ناجي : ( لأمه ) سأذهب لأنام يا أمي النعاس يغالبني . سوزان : أفلن تتناول عشاءك ؟ ناجي لست جائعا . سأذهب لأنام . سعدت مساء يا أبي .سعدت مساءا يا أمي . ( وهو متوجه لغرفة نومه يأخذ القرطاس الفارغ من فوق المنضدة . يعبث به قليلا بينما هو خارج يمر بالتحفة - الهرم المدرج – فيضع القرطاس باعلي درجات الهرم ثم يمضي لينام ) شريف : ماذا تفعل يا والدي ؟ أما زلت مشغولا بموضوع بوكاسا ؟ طارق : نعم يا ابني . وأرجو أن اتمكن من الانتهاء منه قريبا . وهاهي أمك تساعدني كثيرا . شريف : لماذا لا أساعدك بعض الوقت في الكتابة ؟ طارق : لا بأس . علي ألا يعطلك ذلك عن دروسك . سوزان : دقيقة يا طارق لأعد العشاء . ومعك شريف سيساعدك .( تنصرف ) طارق : اسمع يا شريف .. هذه الأوراق التي قرأتها علي والدتك لكي تكتبها هي علي الآلة الكاتبة . دعها لكي تكتبها هي .وسأفقرأ عليك بضعة أوراق لتكتبها أنت بنفسك . ولأجنب نفسي مشقة اعادة قراءة ما قرأته علي أمك لتكتبه هي .. شريف : تفضل يا أبي طارق : تحت عنوان المزاج الشخصي لبوكاسا . تكتب ومن أول السطر . بعد أن تضع خطا تحت العنوان ( يقرا امامه الورقة ) . طارق : وكان بوكاسا شغوفا بالقاء الخطب والبيانات الهامة وغير الهامة ويلهث كادحا وراء المناسبات وشبه المناسبات لاقاء الخطب التي تكون مكررة في أغلب الحالات . وكان يشعر بسغادة غامرة لا حدود لها . كغبطة العصفور وسعادة الطفل . عندما تسلط عليه الأضواء ولاسيما عدسات التليفزيون .. (.. بس وأول السطر تكتب ) ولشدة عطف وعاطفية قلب بوكاسا ولطهارة نفسه . فقد كان لا يشعر بالانجذاب الروحاني الشديد الا تجاه الواقعين والساقطين من الرؤساء والأمراء ويحب مصادقة السلاطين . والأباطرة الفارين من شعوبهم . من شعوبهم ولاسيما اللصوص والطغاة جدا منهم ولا يجدون أحدا يمد لهم يد العون ويتخلي عنهم كل دول ورؤساء العالم من أصدقائهم السابقين حرصا علي مصالح بلادهم .. بعد أن غدرت بهم الأيام . وكان يري أن الدين يدعو للوقوف بجانب هؤلاء . ويري أن قيم الوطن وأصالته تدعو أيضا للتضامن معهم .. .. * طارق : أرايت يا ابني ؟ شريف : نعم .. نعم . ( يضحك . ويعلق بصوت خفيض ) لعب بالدين والوطن واقحام لهما . ما علينا . طارق : ولشدة عطف بوكاسا ورقة نفسه وسماحه الزائد مع هذه النوعية المسكينة من الملوك والرؤساء والأباطرة بشكل خاص الذين تتنكر لهم الدنيا .. وأيضا بسبب قرار جريء كان قد أصدره بعد الأخذ بنصيحة بعض العلماء بمنع صيد بعض أنواع الحيوانات التي كانت معرضة لخطر الانقراض انهالت عليه الجوائز والأوسمة والنياشين من مختلف جمعيات الرفق بالحيوان بأوربا خاصة . كما منحته بعض تلك الجمعيات رئاستها الفخرية وكذالك حصل علي درجة الدكتوراه في الطب البيطري وبحوث صحة الحيوان من الجامعات الغربية وعندما علم رئيس احدي هذه جمعيات الرفق بالحيوان التي منحت بوكاسا جوائزها .. أنه يأكل لحوم البشر . اعلن بان الجمعية قد كرمته ومنحته وساما فقط لكونه قد قدم خدمات في مجال نشاط الجمعية . وهو الرفق بالحيوان . واضاف ان أكل لحوم البشر هو قضية أخري خارج اختصاص الجمعية . بل تعتبر من قبيل الرفق بالحيوان . وأكد سيادته علي أن الجمعية لا تعطي نياشينه وأوسمتها جزافا . وانما بعد طول فحص وتمحيص . == * اسقاط علي الرئيس السادات الذي منح اللجؤ لشاه ايران الذي فرهاربا من الثورة الايرانية في نهاية السبعينيات من القرن الماضي ولم يجد من رؤساء العالم من يضحي بمصالح وطنه ويمنحه اللجؤ سوي الرئيس السادات . فقد طالبت ايران باعادته لمحاكمته وهددت بقطع العلاقات مع الدولة التي تمنحه اللجؤ . فأحجم كل رؤساء العالم ومنها كبريات الدول الصديقة للشاه حرصا علي مصالح بلادهم . فيما عدا الرئيس السادات . الذي ضحي بمصلحة بلده ومنحه اللجؤ – بعد مقتل السادات علي يد الجماعات الاسلامية عام 1981 وضعت ايران اسم قاتل السادات علي أحد شوارع العاصمة طهران . تكريما له - لقاتل السادات - .- كانت تلك خلفية للقاريء . نظرا لمرور سنوات كثيرة علي طبع المسرحية . وكانت حينذاك مفهومة الاسقاط . =====
الحلقة الخامسة
*********************************************************************
تنويه هام : نظرا لمرور قرابة 27 عاما علي تاريخ طباعة المسرحية للمرة الأولي . .. لذا
لزم التنويه الي أن المؤلف انما قصد بشخصية بوكاسا ، وما يجري من أحداث بالمسرحية فيما يخص السياسة ، هو عمل اسقاطات سياسية علي عصر الرئيس السادات . وحال مصر وقتها والظروف التي أحاطت بالحكم وادارة البلاد في ذلك الوقت .
*********************************************** ***************** ****
سوزان : ( تدخل وبيدها جريدة )
سوزان : الجريدة يا طارق .. ألا تريد تصفحها ؟ الساعة الآن التاسعة مساء ولم تقرأ جريدة اليوم علي غير
ناجي تصفحها ولم يعد ترتيبها بعد .. عبث صغار ..
فلنأت بها من الأول ( تحاول البحث عن الصفحة الأولي )
طارق : يا سيدتي لا يهم .. من أية صفحة أولن نتصفحها كلها .. لنري ما بها ؟
سوزان : حسنا .. لا بأس . فالنقرأ من أية صفحة . : يقول لك يا أٍستاذ ( تتوقف فجأة . وتكاد تقضم
شفتها اليسري بأسنانها بانزعاج ) يا له من خبر مؤسف : الخلافات بين المغرب والجزائر تنذر
بنشوب حرب كبري شاملة بينهما ..! شيء مؤسف حقا يا طارق .. أليس كذلك ؟
طارق : أبدا .. ( ببرود ..) شيء عادي .. ما هي دواعي الأسف ؟
سوزان ( بدهشة شديدة ) ما هي دواعي الأسف ؟! غريبة .. ألا يحزنك أن تتقاتل دولتان جارتان شقيقتان
؟ اوليس من الأجدر حقن دماء وحفظ أرواح الأبرياء ؟ ( بعصبية ) ولا أدري كيف يقبل الأخ
أن يحارب أخاه ؟ ولماذا يحارب بعضهم البعض ؟!
طارق : ليتحاربوا يا سوزان . فما هو الغريب أو الجديد في ذلك ؟
سوزان : ألا تراي كارثة في مقتل آلاف وأسر آلاف آخرين ؟ وما ينتج عن ذلك من ترمل نساء وتشر
وتيتم أطفال ؟ لماذا يسعي الناس للحرب ؟ أوليس من الأفضل أن يسود السلام بينهم ؟
طارق : ( وهو يقلب في أوراقه ) لا ليس من الأحري فالأمر سيان حرب أم سلام لا فرق ؟
سوزان : ( باندهاش ) ان لدي اعتقادا يا طارق ..
طارق : أي اعتقاد لديك يا زوجتي ؟
سوزان : لدي اعتقاد في أنك تريد أن تجنني وتفقدني عقلي .. ! سيان الحرب والسلام يا طارق ؟!
طارق : طبعا يا زوجتي سيان الحرب والسلام .. وسيان عندي السلام وحقن المورفين ؟ فمن ام
يقتله الحرب قتله السلام ... ومن لم تترمل بقتابل الحرب ومدافعها ترملت في ظلال
السلام ومن لم يتشرد من اليتامي من جراء الحرب .. تشرد وهو في أحضان السلام ..
وهناك ملايين من المتعبين بعالمنا يبحثون عن مهرب بأي شكل من الأشكال .. ايه .. ايه ..
منذ ملايين السنين .. أثبت الانسان وتاريخه أنه لم ولن يكون هناك هذا الشيء الخرافي
الذي تتحدثين عنه ..ويحكي أنه منذ من سحيق وغير معلوم علي وجه التحديد لا للعلماء ولا
غيرهم .. متي كان ذاك التاريخ : أنه كان هناك شخصان فقط يعيشان وحدهما علي ظهر هذ
العالم الفسيح .. كان يمتلكان هذه الدنيا وحدهما وهما المستر قابيل ، والمسيو هابيل ..ومع
ذلك قامت الحرب بينهما وقتل أحدهما الآخر ! فخبريني كيف يكون الحال الآن ؟! عندما
يصل تعداد القبيليين والهبيليين 4000 مليون * ؟
سوزان : ( تصمت )
طارق : سوزان .. قولي لي : كم تقدرين ضحايا الحرب بين المغرب والجزائر فيما لو قامت ؟
سوزان : ربما قتل وجرح من كل طرف ألف أو ألفان .. وربما يصل الأمر لخمسة آلاف ..
طارق : ( يهز رأسه ويبتسم باستخفاف ) فقط ..؟!هذا شيء جيد . لو كان الحرب بين المغرب
والجزائر تودي بذاك العدد فقط .. وليس أكثر . فليتها تقوم ..
سوزان : ( بانزعاج ولوم ) طارق .. عجبا .. لقد عرفناك زوجا وأبا حنونا عطوفا . فماذا
يعني هذا القول الذي لا يصدر الا عن فاشي دموي!!؟
طارق : دعينا من هذا ونحي الجريدة جانبا فما بها من أخبار كان جب قراءتها في الصباح
.. وها نحن نقرءها في المساء بينما الدنيا تجري والأحداث فيها تتغير بين ساعة
وأخري ز اوليست هناك أخبار طازجة أفضل ؟ ( ينظر الي الساعه ) آه لقد حان
موعد قراءة نشرة الأخبار . اسمعنا نشرة الأخبار يا شريف من المذياع .
شريف : ( ينهض ويدير زر المذياع . يجلس ثانية ) .
المذيع بالراديو : هزات أرضية عنيفة تقع بمدينة الأصنام بالجزائر تؤدي الي دفن المدينة بأكملها تحت
سطح الأرض وقتل حوالي 20 ألف من أهاليها. ولا زالت فرق الانقاذ هنا وهناك في
في محاولة لانتشال الجثث من بين الأنقاض ..
طارق : ( بفزع وحزن عميق ) أرايتي يا سيدتي ؟ ارايتي ؟ ها هي الحرب لم تقم بعد حتي
نتهمها بأنها هي المسئولة عن قتل كل هؤلاء المساكين ودفنهم أحياء تحت الأرض !
ولكنهم لقوا ما لاقوه في ظل سلام وليس بآلات الحرب .. تحت خيام السلام التي لم
تقتلعها الحرب بعد ! نعم لم تقم الحرب بعد يا زوجتي العزيزة. بين المغرب والجزائر .
وقد لا تقوم وتطمئني الي أن المغاربة ولا الجزائريين سيقتلوا ألفا أو الفين ..
من أخوتهم وجيرانهم .. أرايتي كيف الانسان ضد بعضه العض أرحم وأخف
كثيرا من حرب العناية الالهية ضده ..؟ كم كنتي تقدرين عدد الضحايا منذ دقيقة
فيما لو حارب الانسان أخاه شقيقه الانسان ؟ ولكن ها هم عشرون ألفا يقتلون شر
قتلة ..! والآن أريد أن أعرف لماذا تتحاملين عليالحرب هكذا وتنبذينها . علما بأنها
ليست بشعة كما تتصورين . ؟! ان لحروب قد تكون كالمطر نتضرر منه بالبلل
وبعض التلفيات . ولكنه يفيد الزرع والضرع وينشر الخضرة والنماء ..
سوزان : ( تشهق بعمق وفزع وتنهض واقفة ) ماذا ؟! ماذا ؟! أعد ..! أعد أفادك الله ! أعد
يا طارق واطربنا بهذا التغريد ! الحرب مثل المطر ؟! قد نبتل منها ونلقي بعض
التلفيات ولكنهها تفيد الزرع والضرع ؟! ..؟! وماذا بعد ؟!( تجلس ) وماذا بعد ؟
طارق : بل وينقي الهواء الجوي من الأتربة والغبار العالق به .
سوزان : ( بصوت عال وبتهكم ) الله الله . غني يا وحيد . عظمة علي عظمة يا أستاذ
طارق .. وماذا بعد ..؟
طارق : ( يحدق فيها مبتسما . ثم ينهض ليجوب فوق المسرح ) وكفي .. هذا هو ..
سوزان : حسنا ..حسنا . وكيف يتم ذلك يا سيد طارق ، يا زوجي الحنون ؟ كيف ذلك
لم تقل لنا كيف يكون الحرب كالمطر ؟!
طارق : ان لحرب يا سوزان يا زوجتي تنظف نفوس الشعوب مما يعلق بها من أتربة
الفردية والأنانية وغبار التنكر لروح المجتمع والكفر بها .. مثلما ينقي المطر
الهواء الجوي .. اذ ينسي الفرد أنانيته وجشعه وطمعه بل وحسبه ونسبه وكل شيء
عندما يري منجل الموت يحصد الناس بأيسر مما تحصد أعواد البرسيم الخضراء !
عندما يري حياة الناس تسقط وآمالهم العريضة في الحياة وأطماعهم تسقط كما
يسقط طفي السيجارة ! فيتعلم لانسان في ذات اللحظة انكار الذات بشكل لا
تستطيع أن تعلمه له أية مدرسة أو جامعة . ويتعلم الانسان أيضا المحبة والتراحم
والتعاطف والزهد .. والشعوب التي تخوض الحروب تعرف الكثير جدا من
الفضائل عقب الحرب .. وتري الفضائل تسعي بينها بألفة شديدة بعد أن كانت
كما لو أن حظر التجول مفروضا عليها ..!
سوزان : هه .. وماذا بعد ..؟
طارق : وبعد . فان خامات الشعوب تصقل بالحروب .. اذ أن الشعوب الرخوة التي تحبذ
الجوع والراحة.. وتطلب السلامة من الخوف . تكويها الحروب فتشفي مما بها
من شلل الخوف ومن روما تيزم البلادة والخمول .. أي أن الحرب تعيد الخضرة والنماء
للشعوب كما يفعل المطر بأشجار الصحراء الجاقة بفعل الخريف و مع قدوم
الربيع بالصحراء .. فماذا تقولين ..؟
سوزان : ( صمت قليل ) وماذا بعد ؟ أكمل ..
طارق : وبعد ذلك تأتي الفوائد الرياضية والترفيهية للحرب . فالحرب فن وذكاء ..
سوزان : ( تقهقه ) أهناك فوائد رياضية وترفيهية أيضا ؟!!
طارق :: نعم .. وهذه بالذات كيف تنكريها ؟ فأنتي من المغرمين جدا بتتبع ومشاهدة
أفلام المعارك الحربية سواء كانت برية أم جوية أم بحرية . وألحظ دائما
استغراقك التام وأنت تتابعين القصف بالمدافع . وسقوط الطائرات مشتعلة
وتطاير الأجساد والأشلاء وسقوطها بغزارة كما المطر . والأمر ليس
بالنسبة لك بالذات.. كلا فالأغلبية الساحقة للناس لديهم فضول كبير لمشاهدة
أفلام الحرب والضرب والملاكمة والمصارعة والفروسية ومصارعة الثيران . وكلها ألعاب حربية عنيفة ..ولكن الناس يشاهدونها للاستمتاع بما فيها من فنون
وذكاءوحسن حيلة . فلماذا تتحاملين علي الحرب وهي نعمة ؟
سوزان : ( بتلعثم ) ما تسببه الحروب من ضحايا يا طارق .. القتلي والجرحي الذين
تخلفهم الحروب .. المآسي والفواجع التي يصاب بها الناس ..الخراب
والدمار الاقتصادي اللذان تسببهما الحروب ..
طارق : يا سيدتي .. تلك أمور هينة .. وسواء قامت الحروب أم لم تقم فان وقوعها
كما قلت لك لا مفر منه .. اسمعي يا زوجتي الحنون ( يقلب قليلا بالأورق
المرصوصة فوق مكتبه . ثم يستل ورقة ويقرأ منها ) أشارت الدراسات التي
أصدرها المؤتمر الدولي للزواحف السامة . الذي عقد في جزيرة أوكيناوا
اليابانية الي أن عدد ضحايا الزواحف السامة يبلغ نصف مليون شخص
سنويا . يموت منهم أربعون ألفا ( يطرح الورقة جانبا ويسألها )
سمعتي ؟ ! أربعون ألفا يموتون سنويا لسبب قد لا يخطر علي بال أغلب
الناس ..! بسبب نوع من أبسط أنواع الحروب التي تشنها العناية .. ضد
الانسان ..تري هل الانسان هو الذي يصنع هذه الزواحف السامة ؟!
بالعكس انه يحاربها .. اذن ما رأيك ف ههذا العدد الضخم من الضحايا ؟
هؤلاء .. أفلا تترمل نساؤهم ؟ أفلا تتيتم أطفالهم ؟ أفلا تثكل أمهاتهم ؟
شأنهم في ذلك شأن ضحايا حروب الانسان ضد أخيه الانسان ؟!
تعداد العالم وقتذاك – وقت كتابة المسرحية - 4000 مليون وتجاوز الآن 6000 مليون . والي الحلقة السادسة ..
#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)
Salah_El_Din_Mohssein#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رحيل جورج حبش
-
الجهاد بالحذاء.. في سبيل الله! 1
-
الهوس السياسي والديني افساد للرياضة والفن
-
دولة غزة الاسلامية
-
تعليقات علي مقال : ابتسامة عادل امام
-
العالم والمفكر دكتور رشدي سعيد / الضابط أحق يا دكتور!
-
دكتور أحمد زويل . يعلم في المتبلم!؟
-
لا تصدقيهم يا فلسطين
-
ابتسامة عادل امام
-
تعليقات علي مقال - لا لزيارة بوش لمصر-
-
قرار الاتحاد الأوربي وهياج العصابة الحاكمة بمصر
-
من البريد 2 - صداع برأس العالم
-
لا لزيارة بوش لمصر
-
من البريد 1 - مشاريع ومشاريع أخري!
-
فن استخدام الألوان
-
نوادر بوكاسا - الحلقة الثالثة
-
نوادر بوكاسا - الحلقة الثانية -
-
نوادر بوكاسا
-
حق الرد 1
-
وداعا المناضل المصري - محمد يوسف الجندي-
المزيد.....
-
قبل إيطاليا بقرون.. الفوكاتشا تقليد خبز قديم يعود لبلاد الهل
...
-
ميركل: بوتين يجيد اللغة الألمانية أكثر مما أجيد أنا الروسية
...
-
حفل توقيع جماعي لكتاب بصريين
-
عبجي : ألبوم -كارنيه دي فوياج- رحلة موسيقية مستوحاة من أسفار
...
-
قصص البطولة والمقاومة: شعراء ومحاربون من برقة في مواجهة الاح
...
-
الخبز في كشمير.. إرث طهوي يُعيد صياغة هوية منطقة متنازع عليه
...
-
تعرف على مصطلحات السينما المختلفة في -مراجعات ريتا-
-
مكتبة متنقلة تجوب شوارع الموصل العراقية للتشجيع على القراءة
...
-
دونيتسك تحتضن مسابقة -جمال دونباس-2024- (صور)
-
وفاة الروائية البريطانية باربرا تايلور برادفورد عن 91 عاما
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|