|
مرةأخرى : في البدء كان الفعل
محمد الزعبي
الحوار المتمدن-العدد: 2179 - 2008 / 2 / 2 - 01:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الخميس، 31 كانون الثاني، 2008 د . محمد الزعبي 1. تعود رغبتي في معاودة الكتابة حول هذا الموضوع ، الذي سبق ان كتبت حوله ، وبنفس العنوان قبل أكثر من ثلاث سنوات إلى سببين اثنين ، أولهما ، هو ماعرفته وما سمعته وما قرأته من أن المعارضة السورية بمختلف فصائلها وعناصرها وأجنحتها تعيش هذه الأيام مأزقاً تنظيمياً وبنيوياً حاداً يمكن أن يصل بها إلى درجة " المأزق " ، أما السبب الثاني ، فهو شعوري بالتقصير ــ كمعارض مستقل ــ حيال عدد كبير من المناضلين الشرفاء ( الذين كان وما يزال بعضهم من رفاقي وأصدقائي ) الذين أوصلتهم مواقفهم الشريفة والشجاعة إلى غياهب السجون السورية ، سواء أكان ذلك إبّان حكم حافظ الأسد قبل وفاته عام 2000 م ، أو إبان حكم وريثه غير الشرعي بشار الأسد منذ عام 2000 م وحتى هذه اللحظة التي نرى فيها رؤي العين زج عشرات المناضلين من قيادلت وعناصر " إعلان دمشق " في سجون النظام ، وذلك بتهمة اقترافهم جرم المطالبة بالحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان للمواطن وللشعب العربي السوري ، الواقع عنوة تحت هيمنة ديكتاتورية عائلة الأسد منذ أكثر من ثلاثة عقود !! . 2. إن الأسباب الحقيقية التي تكمن وراء أزمة المعارضة السورية(الداخلية والخارجية) هي من وجهة نظر الكاتب التالية :
ـــ إن ما يدخل الآن في إطار مابات معروفا بـ " المعارضة السورية " ، هو مجموعات سياسية ، كانت جميعها ، ربما باستثناء واحدة منها ( الإخوان المسلمون ) في السلطة في سورية ، ولا سيما بعد الإنفصال عن الجمهورية العربية المتحدة عام 1961 م ثم خرجت منها على التتابع والتتالي ، لتنتقل بذلك من ضفة السلطة إلى ضفة المعارضة . ـــ إن العلاقة بين قوى وعناصر هذه المعارضة ، التي تكونت على النحو الذي اشرنا إليه أعلاه ، ظلت مشحونة بجرثومة الشك بعضها في البعض الآخر الذي مارس عليها القهر والاضطها د يوم كان هو في السلطة ، وكانت هي في المعارضة. ـــ إن بعضا من العناصر والقوى ، التي تدخل في إطار ما بات متعارف عليه في سورية بـ " الأقليات" يتهم ( بضم الياء) من قبل من ينظرون إلى أنفسهم على أنهم يمثلون الغالبية الساحقة من الشعب العربي السوري ( الأكثرية ) على انهم يضعون ، عمليا ونظريا ، رجلاً ( بكسر الراء ) مع المعارضة ورجلاً مع السلطة ( التي هي بدورها سلطة أقلية ) ، الأمر الذي تسبب واقعيا في انقسام المعارضة السورية إلى قسمين ، متوافقين ظاهرا ، ويحمل كل منهما في داخله جرثومة الشك والحذر من الآخر باطنا . ـــ إن " الأقليات " في أي مجتمع من المجتمعات ، عادة ماتخفي نواياها السلبية ضد الأكثرية بتبنيها لمبدئي " العلمانية والمواطنة " المشروعين والمقبولين من كثير من القوى والمجموعات والعناصر السياسية والثقافية . وتتمسك السلطة السورية الحالية ــ بما هي سلطة أقلية ــ بهذين المبدأين الإجتماعيين الإيجابيين كغطاء سياسي وأيديولوجي لعدم مشروعيتها ، ولمجيئها إلى سدة الحكم على أسنّة الحراب وليس عبر صندوق الإقتراع . وتقوم هذه السلطة الدكتاتورية منذ عام 1970 وحتى هذه اللحظة بتوجيه التهمة لكل مطالب بحقوق الإنسان والديموقراطية في سورية ( عارف دليلة، رياض الترك ، ورياض سيف ، فداء الحوراني ، كمال لبواني ... على سبيل المثال لاالحصر ) على أنه يسعى إلى إثارة النعرات الطائفية في نظامها الوطني العلماني المتماسك ( كذا !! ) وبالتالي إلى الإنقلاب على النظام وعلى الدستور( !! ) متناسية أن الشعب العربي السوري لم ينس ، ولا يمكن أن ينسى ، كيف جاء ت عائلة الأسد إلى السلطةعام 1970 ، وكيف فصّلت هذه العائلة عام 1973 ثم عام 2000 الدستور السوري على مقاسها العائلي الخاص ، والذي تنطوي المادة الثامنة فيه ضمنيا على تحويل سورية من جمهورية ديموقراطية إلى جمهورية عائلية وراثية . ـــ إن كثيرا من قوى وعناصر المعارضة السورية ، تقول فوق الطاولة غير ماتمارسه تحتها ، وذلك فيما يتعلق بالموقف من القانون 49 لعام 1981 الخاص بالحكم بالإعدام على كل من يثبت ارتباطه التنظيمي او الأيديولوجي بجماعة الإخوان المسلمين ، وبالتالي من الموقف العام من حركة الإخوان المسلمين وحقها الشرعي والديمقراطي وحتىالعلماني في العودة من الشتات ، وممارسة دورها الوطني والسياسي على أرض الوطن ، وليس من المهاجر القريبة و/ أو البعيدة ، ولا سيما بعد أن أعلنت هذه الحركة رسميا التزامها واحترامها لمبادئ الديموقراطية ، ونتائج صندوق الإقتراع أيا كانت هذه النتائج. ـــ إن الكاتب ، لايتردد أن يشير هنا إلى أن مواقف بعض الجماعات في المعارضة السورية ، سواء في الداخل او الخارج لاتختلف مواقفها ـ إلاّ من حيث الشكل ـ عن مواقف النظام السوري وسياساته الداخلية المعروفة ، بل وفي سياساته الخارجية المتعلقة بهضبة الجولان وفلسطين والعراق ولبنان ، والمعروفة هي أيضا ، وهو مايعتبر بنظرنا واحدا من أسباب تشرذم هذه المعارضة ، وبالتالي من أسباب ضعفها وأزمتها الراهنة.
3. إن انقسام الجسم الأساسي للمعارضة السورية ، بين المعارضة الداخلية المتمثلة بـ" إعلان دمشق للتغيير الوطني الديموقراطي " ، والمعارضة الخارجية المتمثلة بـ " جبهة الخلاص الوطني " إنما هو ــ بنظرنا ــ انقسام عبثي ، يصب في محصلته النهائية في طاحونة نظام عائلة الأسد ، وتقع مسؤوليته ، وبالتالي مسؤولية تصحيحه على الطرفين المعنيين في آن واحد . لقد أريق من الحبر طوال العقود الثلاثة الماضية بما فيه الكفاية ، سواء في نقد النظام ، أو في تقديم البيانات والمشاريع أو في عقد اللقاءات والمؤتمرات ( ولاسيما في الخارج ) ، وحان الوقت للانتقال من النظر إلى العمل ، ومن الغموض الهّدام إلى الوضوح البنّاء ، ومن الانتقال من مرحلة النضا ل " بالقوة " إلى مرحلة النضال " بالفعل " ولعل مؤتمر إعلان دمشق الأخير ، والذي أثار حفيظة النظام ، ودفعه إلى ذلك السلوك الهمجي في اعتقال فداء الحوراني ورياض سيف وغيرهما من مناضلي إعلان دمشق للتغييرالوطني الديموقراطي، وضمهمم إلى رفاقهم السابقين ( عارف دليلة ورفاقه ) يعتبر نقطة انطلاق المعارضة السورية من القول إلى الفعل ، ومن الفرقة إلى الوحدة ، ومن التشكيك بالآخر إلى قبوله والتعاون معه . يذكر حنين بن اسحق ، فيما ورد في كتاب عبد الحمن بدوي " أفلاطون في الإسلام " ، أنه كان على خاتم أفلاطون أن " تحريك الساكن أسهل من تسكين المتحرك " ( دار الأندلس ، 1980 ، ط 2 ، ص 293 ) . وإيمانا منا بهذه المقولة الأفلاطونية ، نطالب كافة اطراف المعارضة السورية إلى أن تتوحد ، وأن تعمل يدا بيد ، ، وبالطرق السلمية المشروعة على تحريك هذا الوضع السياسي والاجتماعي والثقافي الساكن في سورية ، وذلك على طريق إعادة الشعب السوري والجماهير العربية السورية إلى ساحة العمل والتأثير الوطني والقومي ، وبالتالي إعادة الإعتبار الحقيقي للمواطن باعتباره يمثل الأساس العملي والواقعي لما دعاه افلاطون " تحريك الساكن " ولما ندعوه نحن عملية التغير والتطور الإجتماعي ، وأيضا لما جعلناه عنوانا لهذه المقالة والذي يشير بصورة أساسية إلى ضرورة وضع الحصان أمام العربية ، بعد ان مضى من الزمن مايكفي من وضع العربة أمام الحصان ، نعم أنها لـ " كفاية " . ــــــــ انتهــــى ـــــــ
#محمد_الزعبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخامس من حزيران 1967
-
قراءة موضوعية لخطاب غير موضوعي
-
يسألونك عن دمشق؟ / قواعد المنهج في الإقتراب من الحقيقة
المزيد.....
-
ضجة في إسرائيل بسبب صدور أمر بالتحقيق مع زوجة نتنياهو
-
-هذا لا يمكن أن يستمر-.. الجنود الأوكرانيون يأملون في التوص
...
-
زلزال قوي يضرب جنوب شرق جزيرة هونشو اليابانية
-
قتلى في غارات إسرائيلية على اليمن استهدفت مطار صنعاء ومواقع
...
-
كارثة بيئية في البحر الأسود: إنقاذ أكثر من 1200 طائر بعد غرق
...
-
اليمن.. ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على صنعاء وال
...
-
-تلغراف-: على ترامب أن يعرض على بريطانيا صفقة الانضمام إلى ا
...
-
فنلندا تحقق في -تخريب- كابل كهرباء بحري يربطها بإستونيا وسط
...
-
اتهامات للسلطات التونسية بالتنكيل بقيادي في حركة النهضة
-
كازاخستان تحسم الجدل عن سبب تحطم الطائرة الأذربيجانية في أكت
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|