عمر حمّش
الحوار المتمدن-العدد: 2178 - 2008 / 2 / 1 - 09:52
المحور:
الادب والفن
في تلك الليلةِ، منذ عقودٍ، انتهت المعركة ُالصغيرة ُ، ودخلوا. .
قبضَ الصّمتُ على مخيمِنا! أصغينا لدوىِّ أنفاسِنا، ولهمسِِ الرّيحِ، ِ
وترقبنا أن يأتيَنا من نافذةِ غرفتِنا، اللهُ لا رشاشُ العُوزى؟
هيّجَ الخوفُ كلبا، فارتجفنا، تمنينا فناء القمر ليلتها، لكنّ القمر ظلّ بليدا، يرسل ضوءا باهتا كاف أن يكشفنا.
كنّا تحت النافذة، كنّا وحدنا على وجه الأرض، الكلب أسكت بطلقة خافتة، وغاص بئر الصمت، يقبض على أنفاسنا اللاهثة.
دفع اليهودُ الأبوابَ فسمعنا التوسلَ، ثمّ الّرّصاصَ المكتوم، وصرخَ المطخوخون! صرخوا قبل أن يهووا خلفنا على الجدار..!
في بطنِ ِالغرفةِ قفزنا، فلقد طارَ بابُ الدار! حملقنا طويلا، ثم عدنا للحياة إنّ الذي دَهمنا كان على قوائمَ مرتجّة، وهزّ رأسا ثقيلةً مترنحة،
يدُ أمي قامت، فتوقف، لم يدخلْ الحمارُ الغرفة، ظلّ فقط يرسلُ إلينا عينين راجيتين.
لم ينهقْ الحمارُ، لكنّ جارَنا المجنونُ مزّق الصّمت:
- يا ناسُ، اليهودُ لا يقتلونَ أبو جواز سفر انجليزي..
أمي لطمتْ وهى تهمسُ :
- من أين لنا جواز سفر إنجليزي؟
- بعدها جرّوا رجلا انتابتهُ هلوسةٌ :
- أين أضع الإبريق يا خواجا ؟
- وسمعنا الصّليةَ والصّرخة .
عاد المجنونُ أبو جواز سفر إنجليزي ...كنا نرتعدُ، ورؤوسُنا مطأطئة،
تحت نافذتِنا المشرعةِ الواطئة، من منا يجرؤُ على الارتفاعِ قليلا، لإقفالِ النافذة؟ توسلنا لعينيّ الحمارِ، فلم يمارسْ حَقَه في النهيق، أخي الرضيعُ أيضا فهمَ، ولم يزعقْ، وانتظرنا اللهَ لمطلع الفجرِ متلاصقينَ!
مع أوّلِ خيطٍ للفجرِ عاد المجنون:
يا ناس تعالوا. -
- هذا فلان مقتول
وهذا فلان......-
لحظتَها رأسُ أمي تحركَ، فتسلقنا كالزواحفِ النافذة.
كان الرجالُ كوماتٍ! ورأيتُ صديقي يتنططُ على ساقٍ، والأخرى محذوفة، بعيدة على الأرض! وصل صديقي أباهُ المطخوخَ، وزحف عليه.
ولمحتْ عيناي امرأةً، تهجُم على رجلٍ ممزقٍ بعينينِ شاخصتين،هاجت المرأة ثمّ همدت عليه، مخيمُنا صارَ نسوةً يجرينَ، يقلّبنَ الجثثَ ويولولنَ، أطبق الصراخ يومها، ويومها؟ انطفأ آخرُ لون، وغادر أخر مخلوق وجه الأرض، وفي البحر القريب توقف الموج!
يومها احتضن الغولُ الكون، وماتتْ الشّمسُ، وبدأَ يأكلني العذاب.
[email protected]
#عمر_حمّش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟