|
مجتمع ذكوري ..في دول ديموقراطية ..!!
هادي فريد التكريتي
الحوار المتمدن-العدد: 2175 - 2008 / 1 / 29 - 11:17
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
دأب العراقيون ، والكثير من الجاليات العربية والشرقية ، المقيمة في مختلف الدول الأوربية ، على تأسيس نوادي وجمعيات فكرية وثقافية وفنية ، تمثل توجهاتهم المختلفة ، لتلم شمل جالياتهم، وتوثق أواصر العلاقة فيما بينهم ، وتمد جسورا للتواصل ، مع شعوبهم وأوطانهم التي هجروها ، رهبة من أمن مفقود ، أو هربا من حكم جائر ، أو بحثا عن لقمة عيش أفضل ، وقد وجدوا عند دول اللجوء ، من حكومات وأحزاب وجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني ، الكثير من الخدمات والمساعدات المادية والفنية لمنتسبي هذه النوادي ، لتساعدهم على التعايش والاندماج في بيئة المجتمعات الجديدة ، ذات النظم الاجتماعية ، والقيم الإنسانية ، المختلفة كليا عن دولهم التي هجروها ، فمفاهيم الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان ، بين هذه الجاليات ، بشكل عام تكاد تكون غير واضحة المعالم ، إن لم تكن مفقودة ، فدولهم تسودها أنظمة حكم شمولية ،متناقضة مع أبسط المفاهيم الديموقراطية ، وذات قيم اجتماعية بالية ، قومية ـ عنصرية ، ودينية ـ طائفية ، متخلفة جدا ،في كل مجالات الحياة ، و ما يخص المرأة في مجتمعاتنا العربية ، حرياتها وحقوقها ، فالحديث يطول ، عن قهرها ومعاناتها ، وغمط لحقوقها ، وهدر لحريتها وكرامتها ،فالدين والعشيرة والطائفة ، كلهم يناصبونها العداء ، ويجردونها من إنسانيتها وآدميتها ، ويعتبرونها شيئا من أشياء البيت ، وجزء من ممتلكات ومتاع الرجل ، لتلبية حاجاته الجنسية ، تحافظ على نسبه ، وحاضنة لنسله ،ومتى ما رأى فيها ما لا يسره ، ولم يجد عندها ما يحقق له رغبته ومبتغاه ، نبذها دونما حق في تعويض ، أو حتى " مكافأة خدمة " ، لفترة عمل قضتها في خدمته ..!!
المرأة الشرقية ، والمسلمة خصوصا ، مسلوبة من كل حق لها ، يقيها شر العوز والفاقة ، على العكس مما هو عليه وضع المرأة في مجتمعات البلدان الأوربية ، التي أولتها أنظمة الحكم الديموقراطية ، كل اهتمام ورعاية ، تجسدت بمفاهيم ديموقراطية العلاقة ، في البيت والأسرة ، حمتها قوانين وأنظمة صارمة ، ونظمتها علاقات اجتماعية متطورة ، وإنسانية متساوية ، ومتوازية مع ما للرجل ، من حقوق وواجبات ، اعترافا بدورها الهام في المجتمع ، وفي تطوير أساليب حياة وتقدم المجتمع ،فقوانين وأنظمة هذه المجتمعات الديموقراطية ، ألزمت جهات العمل ، مهما كانت ، على احترام حقوق المواطن ، دون تفرقة في الجنس والدين والمذهب ، فليس هناك ما يحول من تمتعها بحقوقها الكاملة لتتسنم أعلى المناصب وأخطرها في الدولة ومؤسساتها ،إذا امتلكت المؤهلات والشروط لهذا المنصب ، وليس عضوية وإدارة الجمعيات المهنية والديموقراطية فقط ..
ما دعاني للوقوف على ما تمتلكه المرأة من حقوق في المجتمع ، المتساوية مع الرجل ، في مجتمعات الدول الأوربية الديموقراطية ، هو ما عايشته يوم 26 كانون الثاني 08 20 عندما حضرت اجتماع الهيئة العامة لـ" البيت الثقافي العراقي " في مدينة يوتوبوري ، فبعد أن تمت مناقشة وإقرار مجمل الوثائق التي قدمتها الهيئة الإدارية السابقة ، لأعضاء المؤتمر ، أُعلن عن بدء الترشيح لانتخاب هيئة إدارية جديدة ، بدلا عن هيئته الإدارية السابقة ، المطلوب وفق منطوق ما نص عليه النظام الداخلي ، سبعة أعضاء ، وكان المتقدمون للترشيح ثمانية ، سبعة منهم من الأعضاء الذكور ، ما عدا امرأة واحدة ، تم ترشيحها بضغط من النساء وبعض الأعضاء من الحضورالذكور ، بعد التصويت فاز كل " الذكور " ما عدا المرأة الوحيدة ، فشلت لأنها لم تكن " ذكرا " ..وباعتقادي لو كان الخاسر " ذكرا " لاتهمت الهيئة المشرفة على فرز الأصوات بالتزوير..فألف مبروك لعقلية الهيئة العامة التي ترسخت فيها مفاهيم الديموقراطية والتقدمية " للكشر "...!
في هذا الموقف ظهر جليا ما هو واقع المرأة العراقية في عقلية الرجال الذين يتصنعون مواقف التقدمية والديموقراطية ، والإيمان بها وبحريتها ودورها في مجتمع ، كل ما فيه هو مسموح به له ، وضوء أخضر أمامه ، و دونها خطوط حمر، وكل الدروب مقفلة ...!
ديموقراطيونا وهم يواكبون تطور المجتمع السويدي وموقفه من المرأة ، غير قادرين على تغيير العقلية الرجولية التي شابوا عليها ، فتأثير الدين وتقاليد المجتمع المتخلف غلفت عقولهم ، رغم كل ما قرأوه وتثقفوا به ، وتظاهروا به في حياتهم ، من أنهم أنصار للمرأة في إطلاق حريتها وحصولها على حقوقها الكاملة في المجتمع ، وما يعلنون عنه بأنهم تقدميون ، وديموقراطيون ـ للكشرـ ما هي إلا نكتة يتندرون بها في مجالسهم ، ويدارون بها دعواتهم الزائفة في مناصرتهم للمرأة ، و إطلاق حريتها ومساواتها بهم ، وفي قرارة أنفسهم يلعنون كل الظروف التي قذفت بهم وبنسائهم في مثل هذه المجتمعات التي أدخلت عاملا مهما في وعي المرأة ، وعرفتها كيف تعيش النساء في المجتمعات الديموقراطية .
رجالنا " الديموقراطيون " في مثل هذه الواقعة الإنتخابية ، يدعون أنهم يبحثون عن "ديموقراطية "مفقودة في أوطانهم ، ويطالبون بها لنشاطاتهم ، الفكرية والتنظيمية والسياسية ، إلا أنهم في واقع الحال ( أفندية معكلًه ) ـ بقاف عراقي ـ تآمروا ، باسم الديموقراطية ، على حجب فوز امرأة رُشحت مع سبعة زملاء لها ، لإدارة نادي ثقافي واجتماعي ، ساهمت فيه منذ تأسيسه وحتى اللحظة ، ولم يفسح لها ، هؤلاء الرجال الديموقراطيون ، باسم العملية الديموقراطية ، في المجال لتبوء مركز خدمة تطوعي، لمنتسبي النادي ، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بمركز ذي أهمية وعالي المستوى ....؟
مسكينة هي المرأة العراقية ، إن كان هذا حالها مع الزوج والرفيق والصديق ، من الديموقراطيين والتقدميين ، في بلاد تعطي المرأة كل الحرية والحقوق ، فما حالها اليوم في عراق الطائفية وحكم المحاصصة ، هل هناك وضعها أرحم من وضع هذه المرأة في بلد مثل السويد ؟ مع الفارق في المجتمع والقوانين والقوى التي تحكم وتقرر ..عليً ، وعلى كل من يدعي الفهم للديموقراطية ويمارسها ، وعلى كل من يطالب نظريا بمساواته مع المرأة وإطلاق حريتها ، علينا جميعا أن نراجع أنفسنا ونختبرها هل فعلا نحن معها ، أم أننا لا زلنا نعيش في مجتمعاتنا " الذكورية " التي انفصلنا عنها رغم أنفونا ..!! عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد
#هادي_فريد_التكريتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حراك سياسي ..أم صحوة سياسية ..!؟
-
كركوك والبصرة ..الأخطر في الصراع العراقي ..القومي والطائفي .
...
-
الحرية والديموقراطية ..في العراق ..!(4)القسم الأخير
-
الحرية والديموقراطية ..في العراق ..!! (3)
-
الحرية والديموقراطية..في العراق...!!(2)
-
الحرية والديموقراطية في العراق.. ! ( 1 )
-
جرائم الشرف ..عار المجتمع الرجولي ..!!
-
الحوار المتمدن ..مدرسة ومختبر ..!
-
الإنفراج الأمني ..ضوء فجر كاذب ..!
-
قانون المساءلة والعدالة : بين الحقد والمصالحة..!
-
بلاغ اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي..! / القسم الثاني
...
-
بلاغ اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ..!(1)
-
المادة 142من الدستور ..عقبة في استقرار العراق ..!!
-
عراق لكل العراقيين ..!
-
السيد آرا خاجادور ..بيان محبوس ..وحقد أسود ..!
-
ماالحل...عندما يتحول النقد إلى تشهير ..!!
-
مع رابطة الأنصار الشيوعيين في مؤتمرهم الرابع .
-
الحل السياسي ...نهاية المطاف ..!!!
-
سقط النظام ..وماذا بعد يا مستأجرون ..!
-
الحزب الشيوعي العراقي..ضمير وطن ..!
المزيد.....
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
إعلامية كوميدية شهيرة مثلية الجنس وزوجتها تقرران مغادرة الول
...
-
اتهامات بغسيل رياضي وتمييز ضد النساء تطارد طموحات السعودية
-
جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
-
رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر …
...
-
دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
-
السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و
...
-
دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف
...
-
كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني
...
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|