أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجم عذوف - حكايا من مدينة كلكامش - الحلقه السابعه















المزيد.....

حكايا من مدينة كلكامش - الحلقه السابعه


نجم عذوف

الحوار المتمدن-العدد: 674 - 2003 / 12 / 6 - 01:07
المحور: الادب والفن
    


حينما تفيق من الحلم تنخلع أزرار الأماني .... تهمس فيك المساءات نحو شرود اللحظة..

لعلك تقتنص لغة الصمت , تنفث في همومك محطات العودة ... تستجمع كل الوجوه فتهرب

نحو ذاتك .. تطاردك أشياءك ...تلهث خلفك... تراوح بين الإتيان وبين الإتيان .. فتتوقف المحطات .. ثمة استجماع ترتديه، فيعبر بك إلى منافذ الاغتراب الروحي , شتان ما بينك وبين المرايا .. احدودبت الذاكرة وهرمت مبخرة المساء ... لا يفتقد أحد النهار إلا بعد غروب الشمس .. والعين تصدق نفسها

والأذن تصدق الآخرين ......

إيمان.... أيها الحلم الكوني الذي أبحر بي إلي مرافئ الذكرى .. سأتلو على عينيك نشيد الحب على أنغام القيثارة السومريه والمدينة تفتح أبوابها لتحتضن القصائد ودفئها ... ( محطة القطار ...)

قلب المدينة الذي ينبض وديمومة حياتها... أصوات القطارات عوالم كونيه خاصة تبعث في المدينة سرور الحالمين بالحب والنشوة .... ( عبد قناق ) وصوته الأجش وهو ينادي ( شاي .. شاي ) على المسافرين ... ( محمد السمين ) ? وجباته التي تتميز بطعمها الخاص ( تكه .. معلا? ) باعة المحطة المسافرون وانفاس لهاثهم للحاق بما يخشى فواته ? محملين بثقل ما يحملون من أمتعه تهدل أكتافهم ،

كم تساءلت وأنا ارقبهم لماذا يتهدل كتف المسافرين، ولماذا تشعرك عواتقهم بأنها الأثقل دوما؟؟؟ حينما يلوح القطار للناظرين ،يضج الجميع في المحطة ? وتتعالى الأصوات كل حسب بغيته ، أول ما يطرق سمعك صوت الباعة المتجولون ( شكرلمه... سجائر .... بيض وخبز ... لبن ..) كان لها طعم الارتحال ونكهة هاجس الذهاب أو الإياب , وحتى المقيمون في المدينة يقصدون هذه النكهة تارة للاستلذاذ بها وتارة أخرى للتلذذ بسقي ظمأ الفضول وتفحص اوجه القادمين،وكثيرا ما يحفرون أسماءهم وذكراهم المؤرخة على أعمدتها وجدرانها تماما كما رويت لي انك فعلت ذات مساء حين خططت ذكرى طفولتك على إحداها...أظن يا صغيرتي.... أنها لما تزل هناك لم يغالبها المحو.... كانت المحطة رئة تتنفس المدينة بها عبقا خاصا مفعم باشتياقات اللقاء وكثيرا من عبرات الوداع ? وآمالا بقادم جديد.

( مطر الحمال) حامل ألا متعه ،و الذي كان أشبه بالمجنون بملابسه الباليه المهترئة ، يتربص بامتعه معلمات السماوة القادمات من باقي المحافظات العراقية، والمقيمات في دار ( العازبات )

فيحمل أمتعتهن إلى حيث الدار ? انه رؤوف بالقوارير على ما أظن..... ( مطر ) هذا يا سيدتي اشهر من نار على علم ، انه أحد معالم المحطة الثابته ? ?أحد ضروراتها...

ولكي أريك يا صغيرتي المشهد مكتملا فلا بد لي أن اذكر لك ما تذكرت الآن،

انه صاحب السطوة والجاه في المحطة هو( سيد موسى ) حيث

كان مؤجرا لمواقع الباعة فيها , ولكم كان رائعا هذا الرجل إذ لا يتوانى عن مساعدة العمال وقضاء حوائجهم . هل تعرفين ( اللوكه ) يا صغيرتي ؟؟؟ إنها مأوى القاطرات القادمة من المحافظات العراقية، ومحل توقفها للتزود بالوقود والماء ... ( الصاعد) هو القطار القادم من البصرة ?( النازل) هو القطار القادم من بغداد ...يطلق أهل السماوة الأسماء على أشيائهم كيفما يحلو لهم ويتداولونها بلغة مشتركة عذبة ... ما أروعها من ذكريات وما أحلاها من أيام


.. خلف المأوى هناك بركه كبيره يكثر فيا القصب ( البردي) يطلقون عليها اسم

( الهوره ) يكثر فيها ( دجاج الماء ) الذي يحبذون اصطياده لاكله.... أما مقهى

( عبد الرضا جويد )الذي يقع خلف المحطة ، يرتاده أبناء المدينة لمشاهدة التلفاز ويلعبون لعبة

( الدومينا ) إذ تتعالى الأصوات اثر الصراعات التي تحدث بينهم حين يفوز فريق على الآخر .....

يا إيمان.... ناهيك عن النادي الرياضي وما يلم بين ثناياه من رياضين لامعين في المدينة

ومن الغرائب التي أتذكرها يا طفلتي .. لعبة كرة السله التي تعتمد على أطوال اللاعبين ?

هناك لاعب كرة سله في السماوة اسمه ( تركي أبو العجم ) كان قصير القامة-على عكس المألوف- لكنه من اللاعبين الجيدين ... وكذلك كل من ( مسلم علي .. وموسى الشيخ كاظم .. وجبار

الجبير .. وشاكر الأسود .. وحسين عبد سلطان .. و... و ) لا تسعفني الذاكرة لحصرهم الان

كانت المحطة أيضا يا سيدتي ملاذ للعشاق الذين يحبون السهر وسماع أم كلثوم و

عبد الحليم حافظ ...ولا يفوتني أن اذكر كيف كانت المحطة ملاذا لطلاب المدارس قبل واثناء فترة الامتحانات الدراسية ? ينزوون بإحدى زواياها للمذاكرة لكونها مكانا رحبا يسع الجميع .


يا إيمان... لقد خطفوا المحطة من أحضان المدينة في ليلة كان فيها القمر نائم على سريره

الفضي .. جعلوها تبكي وتندب ابنتها البارة التي رطبت أجواءها ألهبت مشاعرها ...

أخذوها إلى جهة قصيه ...... اخذوا معها ذكريات المدينة وذكريات أهلها .... عن محطتهم

الحلم الجميل الذي كانوا يتهامسون معه .. صبية الحلم .. ويا للسخرية الأقدار، فلقد طالت يد الجور حتى المحطة وكأن قدر العراقيين أن يفترقوا عمن وعما يحبون دوما

فكما فرقوا بين العراق والعراقي دوما ومارسوا اللعبة حد الإتقان ... هكذا كانوا يغيرون الأشياء .. التاريخ .. الذكريات ..... حولو بهاء المدينة ( المحطة ) إلى مشرب للخمرة .. وكأنهم يلغون التاريخ .. وحتى يكون أول ما يطالع القادمون واخر ما يراه المسافرون من معالم المدينة هو الحانة !!!


بنيت هذه

المحطة عام 1917 م ، حين ترينها الآن ? كأنك تنظرين إلى بناء جديد ذو نكهة حديثة

وكأنني اسمع صفارة ( شراد شاوي ) بدأت تخفت بعد أن كانت تصدح في سماء المحطة وبين

القطارات .... وتلك الإشارات الضوئية الخضراء والحمراء ومدلولاتها في حركة سير القطارات ..

وكيف كنا نستحم ببخار القاطرة التي كانت تنفث بخارها إلى الخارج ... وكيف كان القطار

يحمل لنا الماء العذب.. لان السماوة في حينها لم يكن قد وصلها الماء الحلو .. و ... و .......و

كلها يا إيمان ذهبت .... فمن يا ترى يعيد لنا ذاك الزمان الجميل والذكريات الجميلة ...

وكيف في ذات ليله وكان مسافر إلى بغداد الشاعر الغنائي ( ناظم السماوي ) وكتب

أغنيته الجميلة عن السماوة ... ( ودعت السماوة بليل ... وهزني الشوك للحســــره

اسافر لا صديج وياي .... بس جدمي النكل صبره .... بطرك روحي ... واتجه

عله اجروحي ... يا حيف والف يا حيف ...) بقيت هذه الأغنية تثير الشجون وتلهب الذكرى

لكل السماويين .... ترى كيف حالك أيتها الرائعة ... هل أعادوا لك بهجتك .... هل أعادوا

لك صور التاريخ ... هل فكروا أن يتخذوك متحفا .. لارث ثورة العشرين ... هل تذكريننا

مثلما نحن نذكرك .... سلام عليك وعلى العراق والسماوة وكل الحالمين ...............

اكتبي يا إيمان في دفتر ذكراك عن المدينة .... مدينة اهلك وأجدادك ... وعطري

صفحاتك بعطر المدينة الترابية ..... ولنا لقاء آخر وحكاية أخري ... عن الماضي ...

وعن مدينة المناضلين ... وحكاية قطار الموت العالقة في أذهان وذاكرة أهل السماوة للان

باعتبارها حالة من حالات المدينة النضالية ضد البعثيين ( الحرس

القومي ) وكيف سطرت شهامتهم اروع الصور .. وكأنني ب( سعدي يوسف ) وهو يقول....

( توهمت نخل السماوة أم نخل السماوات ... ) وصدى صوت الشاعر ( محمد كاندو )

وهو يعلو .. ( لاعجد دبعن فزعلي .. ولا عجود المرزه ردتلي حنيني ... ) ... فسلام

على التراب والأهل والأحباب وكل ارض العراق ... وكل أهل العراق .. والأحباب في العراق

وموعدنا قريب إنشاء الله ... فلا تنسي يا إيمان أن تفتحي دفترك وتدوني كل شيْ ...


نجـــــم عــــــــــذوف

النرويـــــــــــــــــــج



#نجم_عذوف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اقبية المراثي المستتره
- حينما نتشاجر مع القصائد
- حكايا من مدينة كلكامش - الحلقه السادسة
- حكايا من مدينة كلكامش - الحلقه الخامسة
- نشأة....... ونشأة أخرى
- حكايا من مدينة كلكامش - الحلقه الرابعه
- نحلم.....فيسترخي البحر
- حكايا من مدينة كلكامش - الحلقه الثالثه
- نصوص غير مرئية
- حكايا من مدينة كلكامش - الحلقة الثانية
- حينما نفيق لاتوجدأرقام
- هروبا نحو لقاء اخر الى /ايمــــــان
- حكايا من مدينة كلكامش
- هناك بارض الرافدين اضرحة اخرى تنتظرنا
- الظـــل
- الشعراء يستحمون بالقصائد - الى/ الشاعر المرحوم قيس لفته مراد
- الشعراء يستحمون بالقصائد - الى كمال سبتي
- رثـــــاء الصمـــــــــت


المزيد.....




- الحكم بسجن الفنان الشعبي سعد الصغير 3 سنوات في قضية مخدرات
- فيلم ’ملفات بيبي’ يشعل الشارع الاسرائيلي والإعلام
- صرخات إنسانية ضد الحرب والعنف.. إبداعات الفنان اللبناني رودي ...
- التراث الأندلسي بين درويش ولوركا.. حوار مع المستعرب والأكادي ...
- الجزيرة 360 تعرض فيلم -عيون غزة- في مهرجان إدفا
- من باريس إلى عمّان .. -النجمات- معرض يحتفي برائدات الفن والم ...
- الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
- ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي ...
- حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
- مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” .. ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجم عذوف - حكايا من مدينة كلكامش - الحلقه السابعه