كرم حليم
الحوار المتمدن-العدد: 2178 - 2008 / 2 / 1 - 01:36
المحور:
كتابات ساخرة
نا لا أفهم لماذا أصبحنا نستورد القمح
يقول قائل : العدد زاد
لسنا نعانى من ذلك وحدنا
الصين تتزايد بإستمرار و مع ذلك لا تستورد الأرز
أين يكمن الخلل ؟؟
هل هو قانون الإصلاح الزراعى الذى قسم الأرض على الفلاحين و جعل كل فلاح حر فى التصرف فى أرضه ,
و كذلك أولاده و أحفاده مع إختلاف إهتماماتهم و تطلعاتهم
أو هى سياسات الجمعيات الزراعية
والتى شاهدناها فى فيلم ( الرصاصة لا تزال فى جيبى )
متمثلة فى مشرفها ( عباس بيه ) مشرف الجمعية الزراعية و أمثاله
أو أن السبب فى جشع مستوردى التقاوى و البذور و المبيدات ومستلزمات الزراعة ,
و إن كانت حجتهم ( العمله الصعبة ) ,
نجد امامنا تساؤل مهم ,
طالما لدينا قناه السويس و الغاز و البترول و السياحة
لماذا لا نشترط على المشترين الأجانب الدفع بالعملة المحلية لنجعل لها قيمة و لماذا نربط أنفسنا بعملات معرضة للإنهيار فى أى لحظة
أو يكون العيب فى الإنفتاح الذى جعل المصرى يهجر أرضه و يسافر إلى ليبيا
لينام على كرتونة أو شيكارة أسمنت فى الخلاء و يلتحف السماء , فى مقابل أن يعمل فى البناء و النظافة
أو يذهب للعمل فى الخليج ليعود بالثلاجة و الريكوردر و يفتتح نصبة فول لأصحاب البطون و قهوة بلدى لأصحاب المزاج
أو فى وزارة الزراعة التى أصبحت تحمل أصحاب الأرض تكاليف النقل و التخزين
و تشترى من الفلاحين بأسعار 20 سنة مضت و بإجراءات تدخل الشيخ إلى بطن أمه ثانية هربا من التعقيد
هل المشكلة فى الفاقد الكبير فى الصوامع و المطاحن المتهالكة أو النقل و التداول الغير منظم
أو هو فى تغير نمط حياة الفلاح و نزوعه للإستهلاك مع غزو التحضر للريف
و رفض النساء تجهيز القمح فى البيت للطبخ أو للخبيز و إعتيادهم على شراء الخبز من المخابز كما يفعل أهل المدن
أو هو لجشع أصحاب المخابز و تهريب الدقيق المدعم خارج نطاق المخابز و بيعه بأربعه أضعاف سعره على الأقل ,
و هنا نأتى لسؤال مهم .
هل هى أزمة ضمير فرد أم أزمه ضمير مجتمع
إذا كان فساد ضمير فرد
يكون الحل سهل جدا و هو تطبيق عقوبة الإعدام على الفاسدين بلا رحمة و لا تهاون كما تفعل الصين
أما إذا كانت أزمة فساد يتقبله ضمير مجتمع , فهذه هى المصيبة ,
التى تحتاج أن نراجع فيها كل قيمنا و عادتنا و ما يستجد على مجتمعنا
بدون أن ندفن رؤوسنا فى الرمال و بدون أن نضع تابوهات لأى شىء و لكل سخص
فالكل متهم مهما ثبتت براءته من وجهة نظرنا حتى نعرف المتسبب فى القصورأو الإهمال و نبدأ فى معالجته
لسنا بحاجة إلى صدمه , كصدمه 1967 أو صدمة اليابان فى نهاية الحرب العالمية الثانية لنقف بعدها على أرجلنا من جديد
لدينا التاريخ نراجع دروسه و نستفيد منها
و إن لم نستفد من دروس التاريخ , فما الفارق بيننا و بين الدواب
مشاهدات شخصية
وقفت ذات يوم فى طابور الخبز من الساعة 7.45 و غادرته 9.30 صباحا و انا أرى أمامى الخبز يخرج من الباب الجانبى للمخبز لسكان الشارع من الجيران و المطاعم , بكميات كبيرة فى مخبز يشترط 20 رغيف للفرد كحد أقصى
ملاحظة : غالبية مخابز المناطق الشعبية البعيدة نسبيا عن الرقابة ( أو هى صديقة للرقابة ) , تبدأ إنتاج الخبز فى الساعه السادسة و النصف صباحا و تنتهى من الإنتاج فى العاشرة صباحا أو حسب الحصة التموينية أو ايهما أقرب !!
مشهد أخر :
فى مخبز أخر رأيت العمال يقومون بنقل أجوله الدقيق خارج المخبز بعد إنصراف مفتش التموين
مشهد ثالث :
سيدة فى الأربعينات من عمرها , تحاول أن تأخذ أكثر من 20 رغيف و بسؤالها تبين أنها أرملة من منطقه بعيدة و تأتى كل يوم صباحا لأخذ الخبز لأولادها الأربعه , ( بسبب الزحام الشديد فى المخابز فى منطقتها ) و تذهب به إلى العمل فى مكان بعيد أخر و تعود به للعشاء ولإفطار أطفالها فى اليوم التالى و يرفض البائع إعطائها رغيف واحد زياده ,
كلما ذهبت أنا فى أى وقت فى النهار لنفس المخبز , أجد بائع الفول ( صديق بائع الخبز ) يأخذ الخبز حتى بدون ان يقف فى الطابور بل و ربما يضايق الواقفين فى الطابور بدخان سيجارته و مزاحه الأرعن
مشهد رابع :
رجل يصطحب إبنه الذى لا يتجاوز الخامسة من العمر و ( يهدر أدميته و طفولته ) ليقف أمامه فى الطابور ربما لساعة كاملة أو أكثر, للحصول على خبز إضافى لبقيه أخوته بعد غلاء أسعار الخضر و إختفاء الأرز و المكرونة من موائد فقراء مصر
مشهد خامس :
شخص ما يشترى خبز ليقوم بتجفيفه لإطعام الماعز الذى يربيه
و أخر يخلطه مع ( سقط اللحم ) لإطعام الكلاب و القطط التى تنظف البيت من الحشرات و الفئران
و ثالث يستخدمه لإطعام الأرانب و البط و الوز والحمام
و ربما الحمير أيضا.......
متى تختفى هذه المظاهر
#كرم_حليم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟