|
نهاية الفصل الأول في الثرثرة
حسين عجيب
الحوار المتمدن-العدد: 2174 - 2008 / 1 / 28 - 11:29
المحور:
الادب والفن
_ 1_ مع بداية العام الجديد 2008،إن نجحت في الوصول إليه، تبدأ صفحة جديدة في ثرثرتي وحياتي.وخلال الأيام المتبقية لهذه السنة الغريبة 2007،أسعى إلى ترتيب وتجميع الخيوط المنفلشة والمتقطّعة....والحائرة في ثرثرتي_ كما أظنّ الحال في عالم الداخل دوما_ وأحاول مع استطعت استكمال،البؤر المحرجة وأيضا تلك التي تستدعي الحذر والخوف،عسى تكون سنة أقلّ شؤما....هذه التي تلوح في الأفق. ...أظنني أعرف قبل غيري،أن رهانات ووعود،فشلت في تحقيقها خلال هذا الجزء... الصدق والجرأة مع النفس وفي الداخل، لكنني عملت جهدي...،وتحايلت كثيرا على خوفي وضعفي مرة بالكحول الذي أدين له بالكثير، ومرة بالمواربة وأخرى بالتقطيع لدواعي نفسية....وأخلاقية. هي قطعة من حياتي كما شعرت بها خلال الكتابة. أكسبتني صديقات وأصدقاء....من خلف الخيال والحلم، وهذا كثير. . . في لحظة صفاء وصدق،أعترف، أن فريدة السعيدة هبة حياة نادرا ما تتكرر. فيها من العيوب والنواقص ما يوازي حصّة الفرد،وربما يرتفع قليلا عن المعدّل المتوسّط، في سوريا التعيسة،....لكنها وقبل كلّ شيء....نموذجا فريدا للتسامح لم التقي مثله أبدا. * دافع قهري ما حملني إلى الثرثرة. الرغبة في الكلام مع أحد...لا يقاطعني ولا يسخر مني ولا يحاكمني...شخص ما(امرأة أو رجل منفتح العقل والبصيرة)،بمقدوره أن يتفهّم ظروف آخر وشرطه الخاصّ. * ما تزال فكرة الانتحار حاضرة بقوة، وكثيرا ما أجدها ملاذا،يخفّف من قلقي وخوفي. أستخدمها بطرق نفعية،واستعين بها لمواصلة حياتي القاتمة،ولتقطيع الزمن....فأحتمل سطوته وثقله من يوم لآخر. أول ما فكّرت في زيارة طبيب نفسي، ويمنعني حتى الآن سببان: الأول ماديّ بحت،ليس لديّ مال يكفي للضرورات،والسبب الرئيسي أيضا....نقص الثقة المروّع في نفسي وفي سوريّتي وفي عموم السوريّين بمن فيهم الأطبّاء أولا...أنشرها على بلاطة وعلى الملأ. قرأت الكثير من كتب علم النفس،وبحالة هستيرية....كلّ ما وقع بيدي شربته،ليس مجرد قراءة فقط. وما أزال كمن يعالج السرطان بحبوب الاسبيرين. جرّبت الرياضة في البيت وفي معهد متخصّص،وبعدما مللت اليوغا،وصار بوذا يضجرني، التدخين بشراهة والسكر حتى التعتعة...بدورها زادت الطين بللا. الارتباط العائلي هجرته في مطلع شبابي،ولما حاولت العودة، وجدت القطيعة والانفصال العاطفي،في حال يتعذّر تجاوزه..... الكتابة....ولا شيء سواها. * بدأت الفصول الأولى في الثرثرة،كتعبير قهري عن الحاجة للاعتراف...لتفريغ العقل والنفس من حمولات مهلكة لم يعد باستطاعتي إنكارها. وكنت أسعى بنفس الوقت لنيل الرضا وإعجاب الآخرين. كبرت اللعبة وخرجت عن نطاق سيطرتي،عرفت ذلك متأخرا. . . ثم فكّرت....لتكن تجربة في الكتابة،إضافة لكونها حاجة قهرية،...هي إذن رواية للحاضر الآن من زاوية شخصية،ولعبتها أن البطل والمؤلف لا يعرفون عن الثرثرة وخطوطها وحبكتها ونهاياتها....سوى ما يعرفه قارئ متابع لها....هي لعبة عبثية مجنونه...فيها أصابع حسين وزفرات فريدة السعيدة،بنفس الوقت مع بعض يوميات اللاذقية كما يمكن تدوينها بشكل قريب إلى الموضوعية. سيطرت اللعبة على صاحبها وتبدّلت المواقف والأدوار. * سنة 1992 خذلني الجميع،أولهم فريدة السعيدة، لن أشفى منها إلا بالموت. *
طيلة حياتك سجنت أقلّ من شهرين! يسخر الكثيرون،وبالتعبير السوري:يمضيها المرء على قدم واحدة. الواقع النفسي،هو ما يولّد الأفكار والأفعال ومختلف أنواع السلوك،أجيب واجما. خاب أملي. * عطب كليتي اليسرى ترافق مع قطيعة الأهل والأصول.رحلة الفشل بدأت باكرا مع العوز والكوابيس،وأكثر النساء حزنا فريدة السعيدة وقفت في طريقي،ونتدحرج معا حتى اليوم في بطن هاوية بلا قرار. مع نزع كليتي توقّفت نوبات الألم. بعدما صحوت على فكرة،أن طاقم المشفى من الأطباء والممرضات تفرّجوا على أحشائي وعبثوا بها.....حدث شرخ في صميم كرامتي. دخلت المشفى شابا فتيا وخرجت منه عجوزا أبيض الشعر. توالت المصائب وسوء الحظ وسوء التدبير. . . سنة 1998 من أفضل سنين عمري. صرت بوذيا ومارست اليوغا بشكل فردي. في نهايتها كتبت"نحن لا نتبادل الكلام"،أكثر مصادر اعتزازي المنخفض فعلا. هي عملي الوحيد الذي ألتجئ إليه بحثا عن سند ومبرر لوجودي خلال نصف قرن. ما تزال أكبر مشاكلي ،عدم وجود ما أعتزّ به، أو آمل الوصول إليه يوما. من الصنف الذي يفكر دائما في المكان الآخر،أنا. أعرف أن شعرة تفصلني عن الجنون،وهذا ما يثيرني في الشراب. لا آبه ولا أكترث ولا أقيم اعتبارا للحدود.....لكن ما هي الحدود! *
من النعجة السوداء في القطيع الماركسي إلى الغراب الأبيض في السرب الليبرالي. ثم وصلت إلى عدميّتي الخالصة. في الثرثرة رغبت في ردّ الصاع لمن أهانوني، أولهم حسين السابق،العاقّ والخائن. رغبت في تجربة طعم النجاح،لمرة واحدة،عجزت. _من أين لك هذه الجرأة؟ ....أضحك ...وأموت من الضحك. أنا خائف أكثر من فأر يمسكه قطّ من ذيله ويتأرجح في الهواء. . .
_أنا خائف من أجهزة الأمن. يفعلونها ثانية، ما الذي يمنعهم! _أنا خائف من فريدة السعيدة، تلبطني على مؤخرتي وتطردني خارجا،لما لا تفعلها! _أنا خائف من العزلة المرعبة،إذا انفضّ الجميع عني وتركوني مع وساوسي! _أنا خائف على آخر ذرّة احترام،ألاقيها في شوارع اللاذقية وأرصفتها وخماراتها! _أنا خائف من عقلي،هو يفكّر ويقرر ويفعل،بمعزل عن إرادتي وحذري! _أنا خائف من عودة أبي من قبره، يملي عليّ تفاصيل حياتي وأسماء أصدقائي! . . أنا خائف و مذعور، وأثرثر بشكل قهري وخارج الوعي والسيطرة. * العام القادم سأعيشه بشكل مختلف. نفسي،شربي،طعامي،كلامي،أصدقائي،ثرثرتي،تدخيني.....كله سيكون جديدا ومختلفا. سأرمي الخوف خلفي، مرّة وإلى الأبد. سأتخلّص من النزق والحقد والغرور والشره والبلادة....سأولد من جديد. أنا أمي. أنا أبي. أنا حبيبتي وزوجتي وأصدقائي ووطني وثرثرتي... _هذه المرّة سأنجح، بالتأكيد سوف أنجح. ...أضع الفشل غايتي ونصب عيني،في كلّ خطوة وحركة أقوم بها. هذا نموذج المازوخي الأصيل. يحبّ أولا ما يكره....بعدها ينجح في محو الفشل من حياته. * _2 _
لشدّة خوفي من الفشل،سميّتها ثرثرة، .....الفشل بتعبيراته الصارخة، تلقّي الشتم والتوبيخ والمضايقة والإزعاج، وقبل ذلك كلّه تبكيت الضمير،أن تصحو وكل رغبتك محو ما نشرته في الأمس ....خوف أو خجل أو رغبة في المكر والمراوغة، للحصول على أكثر مما تستحقّ، غابة من المشاعر الطريفة لو نظر إليها من موقع حرّ. كما أسلفت،حسين هذا الكهل اللاجئ إلى بسنادا، أحد قراء الثرثرة لا أكثر ولا أقلّ.
#حسين_عجيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا جدوى عارية تنهش أعصابك_ثرثرة
-
في ليل وحيد
-
الأميرتان
-
مدخل إلى سوء الفهم
-
جعجعة بلا طحين_ثرثرة
-
اليوم قبل الأخير في سنة 2007_ثرثرة
-
حياة ثقافية_ثرثرة
-
حوار الأقنعة_ثرثرة
-
ليالي الشمال الحزينة_ثرثرة
-
كيف تسبح عكس التيار_ثرثرة
-
دروب الهارب_ثرثرة
-
قف......ممنوع_ثرثرة
-
عجيب....في مجاله الحيوي_ثرثرة
-
عبدة وازن وفراس سعد_ثرثرة وحوار
-
فراشة على الأرض_ثرثرة
-
مشكلتي في القراءة_ثرثرة
-
التبوّل...متعة،ضرورة،مهارة أم فنّ!_ثرثرة
-
كيف أضع نفسي مكانك...!_ثرثرة
-
أول يوم في الشهر الأخير لسنة 2007_ثرثرة
-
يوم اعتيادي وماطر_ثرثرة
المزيد.....
-
القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
-
فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف
...
-
خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-
-
*محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا
...
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|