|
في ليل وحيد
حسين عجيب
الحوار المتمدن-العدد: 2172 - 2008 / 1 / 26 - 10:12
المحور:
الادب والفن
هو العاشر من كانون الثاني 2008. انتصف الليل في بيت ياشوط.برد قارس خارج الغرفة، ومع المساء بدأت ندف الثلج، وما تزال في الوضع المحيّر،لا صحو ولا هطول ثلجي صريح...ثم انقطعت الكهرباء. أشعلت سيجارتي مع رشفة كبيرة من كأس الريان. أليست الحياة هكذا دوما! حياة تشبه الحياة. _ماذا يعني أن يدوّن، واحد من هذه الألوف المنتشرة في بيت ياشوط وجبالها، ساعات صحوه ثم وصوله إلى عمر أل 48 ! هنا والآن! ....أتذكّر مقطعا من رواية أظنها لكازانتزاكي: دقيقة|ثانية من أعماركم أيها الطيبون....أيها المؤمنون....ثانية فقط. كان البطل في الرواية على يقين، أن بمقدور أحد الأحياء أن يعطي، لآخر.../مجهول ربما، ساعات وأيام من عمره. لكم أحببت تلك الإضاءة. بل شاركت كازانتزاكي أعمق هواجسه.سماء في رام الله. سوزان في بيروت. برهوم في الدوحة.لؤي في الأحساء.محمد وإيمان في لندن....سحر وعلي،...حسن،..،وفاء في كاليفورنيا....بلاد أضيق من الحبّ،تلك عبارة سعد الله ونوس على فراش الموت. دوما الحياة هناك_ في المكان الآخر. * أفرغت الكأس دفعة واحدة. أم كلثوم تغني. لساعات وأيام تطول أحيانا،يتحوّل موبايلي إلى قطعة خشب. لا رسالة تصل. من يتذكّرني الآن! بعد منتصف الليل، في العاشر من كانون الثاني 2008. * مثل الجميع،كان لي أب وأم يوما،.....، وكانت توجد امرأة أحبها....وربما أحبتني! ومثل الجميع مات أبي ،وأمي العجوز في الطريق، المرأة التي أحببتها لم تفهم عليّ، وبقيت على الضفّة الأخرى. والمرأة التي أحبتني لم تفهم عليّ، وبقيت على الضفّة الأخرى. مثل الجميع، أحاول أن أبدو أجمل مما أنا عليه، أمام المرأة التي تحبني.... وأحاول أن أبقى كما أنا، أمام المرآة. مثل الجميع، أتنفّس، وأخاف وأكذب، وأشعر بالبرودة المؤلمة،في هذه الليلة من كانون 2008. * يشاركني عشرات الملايين، عمر أل...48 في هذه السنة. أفكّر....على الأرجح سأصل إلى أل 58 وأتجاوزها. وربما انجح في الوصول على أل 68 أيضا. هل تدرك جماعة أل 68 مدى نجاحها؟ كم من درجات الذكاء،وتعدد المهارات، والحظ الطيب...ليصل أحدنا سالما ومعافى وقادرا على شرب كأسين كبيرين من الريان، وبمتعة! مع عامه أل 48 ! * . . ما تزال أم كلثوم تغني: ويوم ما تسعدني بقربك ....ألاقي كل الناس أحباب. أرغب في شرب الثالثة. "طول العمر"،الدعاء بطول العمر يشعرني بالخجل،....ما هو العمر! يوم في بيروت الشرقية. في مقهى الروضة. في شارع الحمرا. في باريس قد يكون أجمل! ما هو العمر؟ عقارب ساعة تدور عبثا وبصورة اعتباطية! ورقة روزنامة تسقط في كفّي أخيرا! * ليس جميع أصدقائي، على نفس السويّة في درجة الذكاء. * نور الدين بدران مات على شارع مجهول في الأردن. شاركت في مراسيم الدفن. نور الدين كان الأكثر حماسا لقضية أحمد جان عثمان. كم من الغباء يلزم سوريا لتطردك يا أحمد......! نور الدين صديقي الشاب والكهل، كم من الحكمة والدهاء والحنكة يا نور، لترمي الشيخوخة والمجهول في بئر خلفك؟ * أكثر الآباء ينجحون في حجزنا خلفهم. * كيف سيأتي العاشر من كانون الثاني بعد مئة سنة!...2108؟ هل سيأتي يوم 3008؟ ويصل! وفيه بلاد اسمها سوريا؟! اللاذقية؟ بيت ياشوط!!؟؟ هل سيصل 3008 وفيه 10 كانون ثاني! ربما نعم وربما لا.. . . البلاد التي تحتاج إلى أبطال أكثر من حاجتها إلى الحبّ والهواء بلاد ملعونة. * لقد شاركت في 48 سنة موزّعة بين قرنين، ورأيت من البلادة وقصر النظر.....ما يشيب لهوله الولدان. قبل العشرين ابيضّ شعري.
.....................................كل يوم نسيج وحده....................... أم كلثوم تغني..........في يوم من الأيام هل أنا موجود؟ رجل وامرأة التقيا اعتباطا_ ثنائي ما. وصلني لون البشرة،زمرة الدم،حزمة أمراض وراثية. فجأة وقفت على قدمي . ومشيت. صرت شيوعيا بالصدفة. قبلها قوميّ على مؤمن.... وبعدها ليبراليّ ساعة غفلة. ماذا بعد! * أم كلثوم تغني لشخص افتراضي. الوعي الزائف شخص افتراضيّ دوما.لون وشكل على هيئة المثال،ربما أجمل! أعترض على فكرة النسق. تعدد وعبث ومصادفات،هي الحياة. سيجارة تطفئها قطرة مطر. طر يق متعرّج،يلتفّ وينغلق،طريق بلا شاخصة ولا حدود ولا شهود..... تشيخوف الرائي الأعمق والأبعد. * انظروا.....كم هي حياتكم تافهة ومضجرة. صبر الطبيب وجلده،مع كل شخص على حده،بدون أحكام وحماقات الحلول،توصيف لواقع الحال لا أقلّ! . . أفتح كتاب اللاطمأنينة، لفرناندو بيسوا، وأقرأ: . . مشهد المطر: طوال الليل، وخلال ساعات، انخفض صرير الأمطار، طوال الليل. وأنا نصف مستيقظ، الرتابة الباردة لم تكفّ عن مضايقتي بإصرار عبر زجاج النافذة. تارة دوران الريح، يجلد الهواء العالي والماء يتموّج مصوّتا ويمرّر يدين مسرعيتن عبر النافذة،تارة صوت أصمّ فحسب،يجلب النوم للخارج الميّت. روحي كانت هي روحي المعتادة دائما،بين الملاءات مثلما بين الناس، حاسّا بوجود العالم على نحو مؤلم. في تلك الساعة بدا النهار لا محدّدا مثلما السعادة.
#حسين_عجيب (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأميرتان
-
مدخل إلى سوء الفهم
-
جعجعة بلا طحين_ثرثرة
-
اليوم قبل الأخير في سنة 2007_ثرثرة
-
حياة ثقافية_ثرثرة
-
حوار الأقنعة_ثرثرة
-
ليالي الشمال الحزينة_ثرثرة
-
كيف تسبح عكس التيار_ثرثرة
-
دروب الهارب_ثرثرة
-
قف......ممنوع_ثرثرة
-
عجيب....في مجاله الحيوي_ثرثرة
-
عبدة وازن وفراس سعد_ثرثرة وحوار
-
فراشة على الأرض_ثرثرة
-
مشكلتي في القراءة_ثرثرة
-
التبوّل...متعة،ضرورة،مهارة أم فنّ!_ثرثرة
-
كيف أضع نفسي مكانك...!_ثرثرة
-
أول يوم في الشهر الأخير لسنة 2007_ثرثرة
-
يوم اعتيادي وماطر_ثرثرة
-
فصول في الحكمة_ثرثرة
-
سوناتا ضوء القمر_ثرثرة
المزيد.....
-
مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب
...
-
فنان مصري يعرض عملا على رئيس فرنسا
-
من مايكل جاكسون إلى مادونا.. أبرز 8 أفلام سيرة ذاتية منتظرة
...
-
إطلالة محمد رمضان في مهرجان -كوتشيلا- الموسيقي تلفت الأنظار
...
-
الفنانة البريطانية ستيفنسون: لن أتوقف عن التظاهر لأجل غزة
-
رحيل الكاتب البيروفي الشهير ماريو فارغاس يوسا
-
جورجينا صديقة رونالدو تستعرض مجوهراتها مع وشم دعاء باللغة ال
...
-
مأساة آثار السودان.. حين عجز الملك تهارقا عن حماية منزله بمل
...
-
بعد عبور خط كارمان.. كاتي بيري تصنع التاريخ بأول رحلة فضائية
...
-
-أناشيد النصر-.. قصائد غاضبة تستنسخ شخصية البطل في غزة
المزيد.....
-
فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج
...
/ محمد نجيب السعد
-
أوراق عائلة عراقية
/ عقيل الخضري
-
إعدام عبد الله عاشور
/ عقيل الخضري
-
عشاء حمص الأخير
/ د. خالد زغريت
-
أحلام تانيا
/ ترجمة إحسان الملائكة
-
تحت الركام
/ الشهبي أحمد
-
رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية
...
/ أكد الجبوري
-
نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر
...
/ د. سناء الشعلان
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
المزيد.....
|