|
الآصرة الأسرية هي الحبل السرّي للعائلة المتماسكة
لبنى الجادري
الحوار المتمدن-العدد: 2170 - 2008 / 1 / 24 - 01:31
المحور:
العلاقات الجنسية والاسرية
كلنا يقدس الترابط الأسري والتماسك بين أفراد الأسرة الواحدة ، والطموح نحو الحفاظ على شكل الأواصر الأسرية بين أعضائها ، والغالبية تسعى نحو تقويتها ، فهي سنة الحياة البشرية وصفة من صفات الأنسانية . إلا أن هذه الأواصر قد تتعرض لبعض الظروف الأجتماعية ، نتيجة التغيرات السريعة في الحياة الأقتصادية والبيئية المحيطة بالأفراد ، فتصاب هذه الأواصر بالضعف والتراخي وحتى الأنفصال ، في ظروف قد يستغرب لها أصحابها ، فيتسائلون عن السبب الذي جعلها تصل الى مرحلة الخطورة ، وتدخل في حيز الحالات الحرجة . إننا لا ننكر تأثير العوامل الخارجية على الأواصر الأجتماعية بين الأفراد مع بعضهم البعض من جهة ، وعلى علاقتهم كأفراد إجتماعيين مع آخرين من جهة أخرى. وندرج أدناه بعض العوامل التي قد تسهم في ضعف الأواصر الأسرية وانحلال الروابط فيما بينها وأرجاعها الى عواملها الأولية ، 1- ضعف العامل الأسري : إننا نعطي أهمية كبيرة الى طبيعة العلاقات التي نشأ فيها الآباء ، وانعكست بالتالي على الأبناء من خلال التعامل معهم .. فنحن نعلم ، أن الأب يأتي غالبا من بيئة قد تختلف عن بيئة الأم الأجتماعية والثقافية ، فنجده يتبنى أحيانا بعض الأفكار التي تعتبر محرمة لدى عائلة الأم ، لكونها من بيئة ومجتمع لا يرضى بهذه المباديء ، كتحميل الأم مسؤولية تربية الأولاد وأعتباره واجبها فقط . فكثير من الآباء يلقون اللوم على زوجاتهم ، إذا ما ظهر لديهم إبن شاذ في تبنيه مواقف تختلف عن مواقف الأهل . كما أن أحترام الزوجين للحياة الأسرية ، وإعطاء الوقت الكافي للأسرة ومتابعة الأبناء وتوجيههم عند الحاجة وبأستمرار ، سيقوي علاقات الأسرة ويزيد من قوة الآصرة التي تربطهم . إن أقتطاع وقت كاف ٍ للأسرة والأبناء ، هي من أهم الواجبات وأقدسها ، إذ أن بناء الأسرة ، عملية صعبة وتتطلب جهدا ومثابرة وسعي مستمر ، ولا تميل الى الكسل والتباطوء ، .. فدقيقة من التأجيل في حق الأسرة سترغمك لبذل الكثير من الوقت للتعويض عنها !
2- تدني العامل الثقافي : تزداد الأواصر الأسرية قوة ولا تقبل التفكك ، عندما يكون الأبوان على مستوى جيد من الوعي الثقافي ، وعلى قدر كاف ٍ من المسؤولية تجاه تربية الأبناء وبناء الأسرة ، فالأسرة لا تبنى بمجرد توفير السكن والمأكل ، بل هي عملية تطورية تستمر بأستمرار تواجد الأفراد داخل هذا المسكن ، لذا تقع على عاتق الأب المثقف مسؤولية التوجيه ، وعلى الأم المثقفة كيفية أستيعاب هذا التوجيه وتفسيره للأبناء .
3- التكيف : قد تتعرض الأسر الى التغيير المكاني ، كالهجرة أو السفر المؤقت ، أو الأنتقال من مكان الى آخر ،.. هذا الأنتقال بأنواعه قد يعرض الأفراد داخل الأسرة الى تجارب جديدة وتعرّفهم الى حالات مجتمعية جديدة تتطلب من الأسرة تقديم التفسير والشرح للأبناء ما داموا تحت رعاية الآباء .
4- العامل الأقتصادي : وهو من العوامل المهمة والضرورية التي لها القدرة على توفير كل ما يلزم الأسرة وتزيد من أمكاناتها وطموحاتها نحو التكاتف والعمل نحو الأفضل .
5- قوة العامل الديني : وهو من أخطر العوامل وأشدها تأثيرا ً ، سواء ً كان هذا التأثير سلبيا أم كان إيجابيا ً . إذ أن التشدد الديني قد يحطم الأواصر الأسرية ، فقد يحارب الشخص المتشدد أهل بيته ، فيراهم بمنظار آخر غير الوضع الذي هم عليه ، فتتوفر بذلك فرصة لتحطيم الآصرة الأسرية ، ناهيك عن عمق هذا التشدد الذي قد يحطم أواصر الفرد مع مجتمعه . وعلى العكس من ذلك ، فقد يسهم التمسك الديني الصحيح بما يؤمن به الفرد وما يراه ، في تقوية الروابط الأسرية وتثبيت القيم الصحيحة التي تزيد من قوة الآصرة الأسرية التي ستتدعم حينها بوصايا الأحترام والتآخي والسلوك الأنساني النبيل الذي توصي به الأديان ، .. فالدين ، سلاح ذو حدين ، فمن الخطر المميت اللعب به ، ومن الكفر المقيت تجنبه ، وهو وسيلة فعالة للدفاع عن آدمية الأنسان ورقيّه ِ . إن التربية الحقة في نظري ، هي التربية القائمة على الشرح اليومي المستفيض المشبع لعقلية الأفراد والحديث الذي يتضمن السبب والنتيجة ، .. الخطأ وتصحيحه ، الصدق وتمييزه عن الكذب ، والرغبة في السمو والتعالي عن صغائر الأمور والتحليق في سماء الفضيلة ، هذه السمات تحمي حاملها أينما ذهب وأينما يكون . لذا ، فعلى الوالدين تبني سياسات مختلفة ، منها 1- تبادل الثقة بين الآباء والأبناء . 2- فسح المجال أمام الأبناء للتعبير عن رغباتهم ومشاعرهم وعدم صدها بشكل جائر دون سبب مقنع . 3- نزول الأباء الى مستوى الأبناء في الشرح والتوضيح . 4- تعريف الأبناء بأسباب الرفض لبعض طلباتهم . 5- رقي ّ العلاقة بين الزوجين سينعكس أيجابيا على الرابطة الأسرية وقوتها وعلى ثقة الأبناء بالأسرة . 6- أحترام وقت الأسرة من قبل الآباء والأمهات وجعله من أولويات الآمور ، ومحاولة وضع نظام خاص بالأسرة والألتزام به . إن عملية التربية ، هي عملية بناء مستمر، وهي تجذيب وتهذيب للفرد ، وتستمر مدى الدهر ، ما دامت هناك أسر متجددة .
#لبنى_الجادري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إنك لا تصنع الحب .. ولكنك تداريه !
-
الأنفجار العاطفي لا يقتل أحدا ً
-
المنافسة الأخوية ... مباراة لا تحسمها حتى ضربات الجزاء
-
في بيتنا آنسة ..؟
-
النجاح
-
الثقة ... جسر متين الى عالم الأطفال
-
الضمير ... معلم خارج نطاق المدرسة
-
القِصّة .. فراشة ٌ تحلّقُ بين عقل ِ الطفل ِ وحواسه
-
الاضطرابات السلوكية .. الحلقة الثامنة .. السلوك العدواني ..
...
-
الاضطرابات السلوكية .. الحلقة السابعة .. لا يكذب الأطفال ...
...
-
الاضطرابات السلوكية ... الحلقة السادسة .. التبول اللاإرادي .
...
-
الاضطرابات السلوكية - الحلقة الخامسة - التعلق ،... تأرجح بين
...
-
الاضطرابات السلوكية ... الحلقة الرابعة ... الخجل ... خمار ال
...
-
الاضطرابات السلوكية .. الحلقة الثالثة .. الغضب .. بركان من ا
...
-
الاضطرابات السلوكية .. الحلقة الثانية ... عادات النوم ... أد
...
-
الاضطرابات السلوكية _ الحلقة الأولى _ العناد ... شدّ حبل بين
...
-
رسوم الأطفال ... رسائل يجب أن نفهمها
-
الأطفال لا يرثون الخوف
-
الشخصية المنافقة ... شيطان اجتماعي متنقل
-
الحرمان ... عباءة الحزن السوداء
المزيد.....
-
الاعتداءات الجنسية ضد النساء في العراق تسجل أرقاما مرعبة
-
الشباب.. مفتاح مكافحة العنف ضد النساء
-
الحياة الواقعية تحت وطأة الصراعات.. المرأة اليمنية في أدب وج
...
-
سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024 الجريدة الرسمية بعد أخر ال
...
-
المجلس الوطني يدين جرائم الاحتلال ضد المرأة الفلسطينية ويطال
...
-
وزارة المالية : تعديل سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024.. تع
...
-
المرأة السعودية في سوق العمل.. تطور كبير ولكن
-
#لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء
...
-
المؤتمر الختامي لمكاتب مساندة المرأة الجديدة “فرص وتحديات تف
...
-
جز رؤوس واغتصاب وتعذيب.. خبير أممي يتهم سلطات ميانمار باقترا
...
المزيد.....
-
الجندر والجنسانية - جوديث بتلر
/ حسين القطان
-
بول ريكور: الجنس والمقدّس
/ فتحي المسكيني
-
المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم
/ رشيد جرموني
-
الحب والزواج..
/ ايما جولدمان
-
جدلية الجنس - (الفصل الأوّل)
/ شولاميث فايرستون
-
حول الاجهاض
/ منصور حكمت
-
حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية
/ صفاء طميش
-
ملوك الدعارة
/ إدريس ولد القابلة
-
الجنس الحضاري
/ المنصور جعفر
المزيد.....
|