|
معركة الدفاع عام 1963
عبدالحسين الساعدي
الحوار المتمدن-العدد: 2168 - 2008 / 1 / 22 - 12:07
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
لقد دشنت ثورة الرابع عشر من تموز عام ألف وتسعمائة وثمانية وخمسين عهداً جديداً أتسم بجملة من الأنجازات المهمة على مستوى رفيع لا سيما ما يخص السيادة الوطنية ، وتحقيق التقدم الأقتصادي والأجتماعي ، ومن أبرزها خروج العراق من حلف بغداد السيء الصيت ، وفك أرتباط الدينار العراقي بالنفوذ الأسترليني ، وأصدار قانون الأصلاح الزراعي ، وقانون تأميم شركات النفط ، وغيرها من المنجزات ، ما أثار حفيظة القوى المناهضة للثورة والتي قضت مضاجعهم نتيجة التغييرات التقدمية التي أحدثتها الثورة المجيدة ، ودفعها حقدها الأعمى للعمل على أسقاط حكومة عبدالكريم قاسم ، ووأد الثورة الفتية المباركة . في عام ألف وتسعمائة وستين أُ سس في دمشق جهاز خاص سمي ( مكتب العراق ) والذي عمل على إعادة وتأهيل التنظيم لحزب البعث المفكك أثر المحاولة الفاشلة لقتل رئيس الوزراء ( عبد الكريم قاسم ) وذلك عام ألف وتسعمائة وتسعة وخمسين ، ومنذ ذلك التاريخ وحتى قيام إنقلاب الثامن من شباط الأسود عام ثلاثة وستين ، وكان من أبرز الذين عملوا في هذه الفترة هم علي صالح السعدي وحازم جواد وطالب شبيب وحمدي عبدالمجيد وكريم شنتاف ومحسن الشيخ راضي وحميد خلخال وفيصل حبيب الخيزران ، الى جانب الكثير من ضباط الجيش العراقي كحردان التكريتي ومنذر الونداوي وخالد مكي الهاشمي وأحمد حسن البكر وصالح مهدي عماش وعبدالقادر عبداللطيف وعارف عبدالرزاق وغيرهم . لقد تم وضع خطة الآنقلاب من قبل المكتب العسكري التابع لحزب البعث ، وكانت تقضي بالتخلص من ( عبد الكريم قاسم ) وضرب قوته الدفاعية في وزارة الدفاع ، وتوجيه ضربات الى القاعدة الجوية في معسكر الرشيد وأستوديوهات الأذاعة في الصالحية ومحطة البث الأذاعي في أبي غريب ، بالآستفادة من السرب السادس الموجود في الحبانية ، بينما تناط مهمة الهجوم على وزارة الدفاع المعقل الرئيسي للزعيم ( عبدالكريم قاسم ) وأعضاء قيادته الى الكتيبة الرابعة ولواء المشاة الثامن ، فضلاً عن الإسناد الذي سيحصل عليه الأنقلابيون من دعم بعض الوحدات التي يوجد فيها بعثيون وموالون لهم . حددت ساعة الصفر في الساعة التاسعة من صباح يوم الجمعة الثامن من شباط عام ألف وتسعمائة وثلاثة وستين ، وتم فعلاً وحسب التوقيت المتفق عليه شن الهجوم من قبل القطعات المكلفة ، وجرى قصف وزارة الدفاع وقاعدة الرشيد الجوية ، وكان هذا الهجوم بقيادة الرئيس الجوي منذر الونداوي ، وجرت معركة غير متكافئة بين الأنقلابيين والمدافعين عن الجمهورية ، لاسيما الموجودين في وزارة الدفاع وعلى رأسهم الزعيم ( عبدالكريم قاسم ) وفاضل عباس المهداوي و وصفي طاهر وعبدالكريم الجدة وطه الشيخ أحمد وغيرهم . أنتهت معركة وزارة الدفاع في الساعة الثانية عشرة والنصف ظهراً وتم أعتقال ( عبدالكريم قاسم ) وفاضل عباس المهداوي وطه الشيخ أحمد والملازم الأول كنعان داود ، وجرت محاكمة صورية بعد نقلهم الى مبنى دار الأذاعة والتلفزيون في الصالحية وحكم عليهم رمياً بالرصاص من قبل فرقة إعدام ، أما وصفي طاهر وعبدالكريم الجدة فقد أستشهدا في مقاومة بطولية داخل وزارة الدفاع . عندما علمت الجماهير المؤيدة للجمهورية ولعبدالكريم قاسم ، والتي كانت تكن له حباً مخلصاً قل نظيره ، بخبر المؤامرة والأنقلاب هبت على بكرة أبيها الى مبنى وزارة الدفاع حيث وجود الزعيم ( عبدالكريم قاسم ) وطالبت بالسلاح لغرض حماية الثورة ومنجزاتها والوقوف بوجه الأنقلابيين إلا أن تماهل الزعيم وتفرده بأتخاذ القرارات ،وعدم مبالاته تجاه الأنقلابيين جر عليه وعلى البلاد ما جره من ويلات ودمار ، وأنصرفت الجماهير المحتشدة أمام وزارة الدفاع وشارع الرشيد بعد إن أصابها اليأس نتيجة إصرار الزعيم بعدم تسليم السلاح للجماهير ، وبعد إن أصابتهم الطائرات والدبابات المهاجمة فقرروا الأنسحاب الى مناطقهم ، والقيام بأعمال المقاومة المسلحة والتصدي للأنقلابيين في مناطق مدينة الثورة والشواكة والكريمات والشاكرية والكاظمية وعقد الأكراد وغيرها من مناطق العراق ومدنه ، ما دفع بالأنقلابيين أمثال عمار علوش وناظم كزار وسعدون شاكر إلى أن يقيموا حمامات الدم وأعمال أنتقام عشوائية وتصفيات وأنتهاك حرمات وأغتصاب وأدخلوا البلاد في أتون جحيم لا يطاق بعد أن تمكنوا من قمع المقاومة الجماهيرية . لقد كان أنقلاب الثامن من شباط الأسود مقدمة حقيقية لحقبة لاحقة سوداء في تاريخ العراق الحديث ، حيث مهدوا لعودتهم في أنقلاب آخر مشؤوم في السابع عشر من تموز عام ألف وتسعمائة وستين ليدخلوا البلاد في دوامة العنف والتصفيات والقتل والحروب والفساد وأستمر مسلسل الدمار لأكثر من خمسة وثلاثين عاماً حتى جاء التاسع من نيسان عام ألفين وثلاثة ليوقف شهية الدم الذي طالما أستباحوه ظلماً .
#عبدالحسين_الساعدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنتفاضة أذار شعبان 1991
-
محاولة أغتيال عدي صدام حسين ... وأسطورة الجدار الأمني الموهو
...
-
نحو جبهة وطنية عريضة
-
ملحمة الطف قراءة من وجهة نظر أخرى
-
سميرة مزعل إمرأة من هذا الزمان *
-
معارك الأهوار ( معركة أبو الروس) الحلقة الخامسة
-
الشهيد البروفسور صفاء الحافظ ( 1 )
-
معارك الأهوار ( معركة أم الغزلان ) الحلقة الرابعة
-
معارك الأهوار ( معركة الحَمَّارَة ) الحلقة الثالثة
-
معارك الأهوار ( معركة الزورة ) الحلقة الثانية
-
معارك الأهوار ( معارك هور الغموكة ) الحلقة الأولى
-
مقاومة مدينة الكاظمية عام 1963
-
سجن الكوت وداعاً والى الأبد
-
- سيدة الأعصر - مهداة الى مهناز (1)
-
المتحف
-
إنتفاضة الحي 1956 .... ذاكرة تتجدد
-
المجد لذكرى أنتفاضة تشرين الثاني عام 1952
-
أي قنون للآستثمار نريد ؟
-
كابوس
-
ذاكرة
المزيد.....
-
السيسي وولي عهد الأردن: ضرورة البدء الفوري بإعمار غزة دون ته
...
-
نداء عاجل لإنهاء الإخفاء القسري للشاعر عبد الرحمن يوسف والإف
...
-
-الضمانات الأمنية أولاً-..زيلينسكي يرفض اتفاق المعادن النادر
...
-
السلطات النمساوية: هجوم الطعن في فيلاخ دوافعه -إسلاموية-
-
نتنياهو: انهيار نظام الأسد جاء بعد إضعاف إسرائيل لمحور إيران
...
-
نتنياهو: ستفتح -أبواب الجحيم- في غزة وفق خطة مشتركة مع ترامب
...
-
كيلوغ المسكين.. نذير الفشل
-
تونس تستضيف الدورة 42 لمجلس وزراء الداخلية العرب (صور)
-
-مصيركم لن يكون مختلفا-.. رسالة نارية من الإماراتي خلف الحبت
...
-
مصر تعلن بدء إرسال 2000 طبيب إلى غزة
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|