أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - موفق الرفاعي - الظاهرة الحسينية.. انسجام الغاية والوسيلة














المزيد.....

الظاهرة الحسينية.. انسجام الغاية والوسيلة


موفق الرفاعي
كاتب وصحفي

(Mowaaffaq Alrefaei)


الحوار المتمدن-العدد: 2167 - 2008 / 1 / 21 - 05:15
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ذات عصر..وفيما كل شيء هاديء، بعد أن تم تفريغ المجتمع الناشيء من المعارضة.. مرة بقطع الألسن بالصلات والجوائز واخرى بقطعها بالسيف، وحيث سكت البعض عن رضا واخرون على مضض.
وقتها كانت بركة السياسة والحكم راكدة لا (تهب) على سطحها حتى زفرات المظلومين المكبوتة في الصدور رهبة وخشية، ليمنح هذا الهدوء – وان كان مريبا - النظام مشروعية امعانه في اضطهاد الرعية وظلمها وقمع تياراتها الصاعدة بفعل التراكم الكمي للمال المتأتي من الفتوحات وما نتج عنه من تغييرات اجتماعية، وان كانت تلك المشروعية شكلية وظاهرية فقط.

وهذا ابن زيدون يكتب: (...انقلبت الخلافة الى الملك..صار الامر الى الملك...ويظهر التغيير..في الوازع الذي كان دينا ثم انقلب الى عصبية وسيف...ذهبت معاني الخلافة ولم يبق الا اسمها،وصار الامر ملكا بحتا،وجرت طبيعة التغلب الى غايتها واستعملت في اغراضها من القهر والتقلب في الشهوات والملاذ...ذهب رسم الخلافة...وبقي الامر ملكا بحتا كما كان الشأن في ملوك العجم بالمشرق...).
كانت الدولة الأموية التي تأسست للتو بفعل الرماح التي غيبت القرآن بمكنوناته المعرفية العميقة، فنقبت بأسنتها صدور حفظته ومفسريه ومستنبطي الاحكام منه، ورفعت عليها المصاحف التي لا تساوي سوى قيمة الرقاق التي خطت عليه والحبر الذي كتبت فيه ، في ابشع عملية تضليل وتحايل استندت الى المقدس.

كانت تلك الدولة ما زالت مغترة بفتوتها - (لو ارادت ان تطول الجبال بسيوفها لطالتها)- حين ظهر ذلك الرجل الظاهرة الذي القى في بركة الحياة العربية الراكدة حجرا ما زال يولِّد الدوائر حتى عصرنا هذا.
لم يخرج الحسين (لا اشرا ولا بطرا) كما قال وهو يخاطب الناس مبينا اسباب ثورته. ولو كان خروجه لغير (طلب الاصلاح)-كما بين ايضا- لما امتد عمره الى الان، وهو حتما سيمتد الى الابد. فكثيرون عبر التاريخ كانوا قد خرجوا على حكامهم او ثاروا على واقعهم، لكن القلة منهم من بقوا احياء في ذاكرة الاجيال ينتقلون عبر العصور لتمتد اعمارهم طويلة ويبقي ذكرهم خالدا.

وقد يرى الكثيرون ان ذلك بسبب نبل ومشروعية الاهداف التي ثار من اجل تحقيقها وحدها لكن الحقيقة التي لم يركز عليها الباحثون هي ان الحسين لم يستسلم للظروف التي احاطت بمشروعه الاصلاحي فيضطر الى سلوك الوسائل التي لا تتناسب ونبل ومشروعية الاهداف التي كان يسعى من اجل تحقيقها.
فهو لم يكن – بمفهوم عصرنا- ميكافيليا؟، لان الغاية عند الثوار لا تبرر الوسيلة مهما كانت الظروف ومهما كان سمو ونبل الغايات التي يسعون لتحقيقها. ولان الثائر يعلم ان ما لا يمكنه تحقيقه في حياته ستحققه الاجيال اللاحقة من بعده، والثورة ليست في نهاية الامر مغنما يسعى للحصول عليه، انما هي سلوك طبيعي في بلوغ الحق طالما كان الباطل موجودا.
فلا يمكن لاحد يرنو الى الخلود ان يسلك وسيلة منحطة حتى وان كان هدفه ساميا، يبرز ذلك في حكاية روبن هود –مثلا- الذي بقي يوصف بانه (لص) ولم تطلق عليه كلمة ثائر رغم انه كان يسعى من اجل الفقراء حتى وان وصف بـ(اللص الشريف) لانه سلك طريقا خاطئا من اجل تحقيق هدف سام ونبيل هو السرقة وقطع الطريق.

والحسين لم يكن سياسيا ليثور من اجل طلب الملك بالرغم من انه احق من غيره فيه لالتفاف الناس من حوله، وهو بالتالي لم يعارض توريث يزيد من اجل ان يجلس بدلا منه على كرسي الحكم - كما يذكر ذلك بعض المؤرخين- لان ذلك ليس من شيم الثوار ولا هو من اخلاقهم فهم يؤمنون بمشاركة الناس في القرار ولهذا يلتف الناس من حولهم ويسيرون وراءهم ويضحون باموالهم وانفسهم لبلوغ تلك الغاية.

مما تقدم ، فقد تحولت تلك الثورة من مجرد حدث كان من الممكن ان يكون عابرا، الى ظاهرة ملئت الدنيا وشغلت الناس في كل الازمان.

نحن اذن حين نستعيد ذكرى عاشوراء بعد كل هذه القرون نجد انفسنا امام ظاهرة لم تتكرر كثيرا في التاريخ وهي بالتالي بحاجة الى رصد ودراسة عميقين من اجل قراءتها وفق ما استجد من مناهج تساعدنا على اعادة النظر بالكثير من فهمنا السابق والذي ادى الى ما نجده اليوم من تعبيرات شكلية حجَّمت من صورة هذا الحدث الفاصل في التاريخ الاسلامي واختزلته الى مجرد طقسيات مكرورة شبيهة بالتهويمات الصوفية التي تخدِّر ولا تثوِّر فتمتص الغضب بدلا من ان تطلقه لتحوله الى صرخة في وجه الغاصبين والظالمين.



#موفق_الرفاعي (هاشتاغ)       Mowaaffaq_Alrefaei#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العاصفة التي يخبئها الهدوء
- قانون النفط والغاز..الدوافع والاهداف
- بين واقع الحال وتصريحات المسؤولين
- في انتظار تقرير بتريوس
- الكابوس الفيتنامي وفائض القوة
- البقاء ليس للاصلح
- الحكومة العراقية وخيارات بوش المستحيلة
- كفاية
- الفشل الأمريكي والبحث عن الحلول الساحرة
- حرب المراقد
- هل نحن امام مأزق من نوع جديد؟
- في ضوء تقرير المعهد الملكي البريطاني
- نحو بروسترويكا عراقية
- الرهان الأخير
- أيها المستشارون العراقيون... ما هكذا تُورد الإبل!!!
- من أجل رؤية موضوعية لأحداث الساحة العراقية
- تصورات حلّ الأزمة العراقية... التقرير، البيان ، المؤتمر في ا ...
- مشكلات في طريق بناء الدولة العراقية
- إلى نواب الشعب مع التحية..
- تشابه الأضداد : نظام الأمن السابق.. نظام الشرطة الحالي


المزيد.....




- الجمهوري أرنولد شوارزنيجر يعلن دعمه للديمقراطية كامالا هاريس ...
- وفد روسي يصل الجزائر في زيارة عمل
- كوريا الشمالية: تصرفات الولايات المتحدة أكبر خطر على الأمن ا ...
- شاهد.. ترامب يصل إلى ولاية ويسكونسن على متن شاحنة قمامة
- -حزب الله- ينفذ 32 عملية ضد إسرائيل في أقل من 24 ساعة
- بريطانيا وفرنسا وألمانيا تدعو إلى التجديد العاجل للخدمات الم ...
- وسائل إعلام: تقدم في المفاوضات حول وقف إطلاق النار بين إسرائ ...
- وفد روسي يصل الجزائر في زيارة عمل (صور)
- إعصار كونغ-ري يقترب من تايوان والسلطات تجلي عشرات الآلاف وسط ...
- ما هي ملامح الدبلوماسية الأميركية المستقبلية في الشرق الأوسط ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - موفق الرفاعي - الظاهرة الحسينية.. انسجام الغاية والوسيلة