أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - شاكر النابلسي - حماس.. إلى أين ومتى؟















المزيد.....

حماس.. إلى أين ومتى؟


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 2165 - 2008 / 1 / 19 - 11:20
المحور: القضية الفلسطينية
    


-1-

لا أحد ينكر أن القضية الفلسطينية في هذه الأيام أصبحت فُتاتاً متناثراً، أو كوماً من القش تذروه الرياح، وأن زيارة الرئيس بوش إلى المنطقة والوساطة السعودية–المصرية لن تجدي نفعاً، فكيف «يصلح العطّار ما أفسده الدهر»، مادام الداخل الفلسطيني على هذه الدرجة من الشقاق والانغلاق؟

الشقاق بينهم ليس على مستوى «فتح»، و«حماس» فقط، وليس على مستوى التيار العلماني في منظمة التحرير الفلسطينية، والتيار الديني السلفي، ولكنه على مستوى الأفراد والجماعات والتنظيمات الثقافية والسياسية الصغيرة. والانغلاق على العالم من حول الفلسطينيين وعدم إدراك وفهم ما يجري في هذا العالم من حولهم، ففي الوقت الذي تنادي فيه «حماس» بقيام دولة دينية كصدى لما تنادي به جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وفي الوقت الذي يهدّد فيه خالد مشعل من دمشق بالقيام بانتفاضة ثالثة على غرار الانتفاضة الثانية، وفي الوقت الذي تزداد فيه هجمات صواريخ القسّام على المدنيين الإسرائيليين، يقف الرأي العام الإسرائيلي نتيجة لذلك، وتخضع لهذا الرأي الحكومة الإسرائيلية خضوعاً تاماً، وترضخ لإرادته وقراره، موقفاً سلبياً من إجراء أي سلام مع الفلسطينيين وبالتالي مع العرب الذين هم أحوج إلى السلام من الإسرائيليين.

فإسرائيل منذ عام 1948 وهي تعيش وتكبر وتبني وتتوسع بسلام العالم معها، ومن دون سلام العرب، ونعتقد أنها قادرة بسلام العالم، على أن تعيش نصف قرن آخر، تبني وتكبر وتتوسع، والفلسطينيون ومعهم العرب ينظرون ويراقبون، ولا يحصدون في المساء غير الحسرة والألم.

- 2 -

لم يدرك العرب بعد والفلسطينيون معهم، أنّ مفتاح حلّ القضية الفلسطينية لم يكن في جيوب السياسيين الإسرائيليين منذ تأسيس دولتهم عام 1948 ومنذ عهد بن غوريون إلى الآن، ولكنه في جيب الرأي العام الإسرائيلي في دولة ذات مؤسسات دستورية ديموقراطية ورأي عام فعّال ومؤثر في صناعة القرار الإسرائيلي، شئنا أم أبينا. وأن أفعالنا ونيّاتنا كعرب وفلسطينيين عليها أن تُقنع أولاً الرأي العام الإسرائيلي. وقد نبهنا قبل أيام الكاتب الأميركي نورمان فنكلستين مؤلف كتاب «صناعة الهولوكوست»، في لقائه مع جريدة «الأخبار» اللبنانية، إلى أن «هناك %20 من الإسرائيليين، ممّن يمكن أن يكونوا إلى جانبك إذا أقنعتهم بالحجّة المناسبة (زوال الاحتلال والسلام)، و%20 آخرين هم كالفاشيين ممن لا يجدي إقناعهم لأنهم لا يتغيّرون. والبقيّة، أي الـ %60 يلحقون مصالحهم في السلام. فالتحدّي الأكبر كيف تُقنع هذه الفئة بأن من مصلحتها زوال الاحتلال».

فالساسة الإسرائيليون من مصلحتهم ألا يقتنع الرأي العام الإسرائيلي بالسلام العربي-الفلسطيني. وكنا ومازلنا نرى حكومات ليكود، منذ عهد إسحق شامير تفرُّ من السلام فرار السليم من الأجرب، وشجّعت دائماً قولاً وفعلاً معسكر التطرف الفلسطيني والعربي (يقال إن إسرائيل شجّعت قيام «حماس» لتتصدى لمنظمة التحرير الفلسطينية)، لتتخذه ذريعة لتحميل الفلسطينيين والعرب، أمام محكمة الرأي العام الإسرائيلي والعالمي، مسؤولية رفض السلام، لكي يستمر الاحتلال إلى ما شاء الله.

- 3 -

قبل أيام وقف خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» في دمشق وهدّد بقيام انتفاضة ثالثة شبيهة بالتي قامت عام 2000، وكانت كارثة عظمى على القضية الفلسطينية أمام الرأي العام العالمي وأمام الرأي العام الإسرائيلي، بدلاً من أن يقدّم حلاً سياسياً عقلانياً وواقعياً، وذلك بإعادة هيكلة مفهوم الانتفاضة جذرياً، وتحويلها إلى «كوماندوسات» ومسيرات سلمية لتوزيع المناشير على الإسرائيليين جنوداً ومدنيين. وقيام حركة «حماس» بالتحالف مع بقايا «حركة السلام الآن»، والاتجاهات السياسية الإسرائيلية التي تريد دولة ديموقراطية من الطراز الغربي، متصالحة مع محيطها الفلسطيني والعربي، من أجل إنضاج حل سلمي مقبول.

كان على «حماس» بالذات، أن تعلم مسار التاريخ الجديد للقضية الفلسطينية، وتدرك حقيقتها بعد أكثر من نصف قرن من التيه، والضياع، والخسائر المتتابعة، وهي الحقيقة التي لم نستطع أن ندركها، إلا بعد أن تولّت القيادة الفلسطينية برئاسة محمود عباس زمام الأمور، وجنحت إلى الواقعية السياسية المريرة على قلب جميع العرب، والتي عبّر عنها محمود عباس في لقائه مع شارون في القدس 23/6/2005، وقال له بالحرف الواحد: «نحن ضعفاء، وفقراء، وبحاجة إلى مساعدتكم. يجب أن تفهم أنه ليس لدينا عصا سحرية. أنت فقط من تستطيع مساعدتي ومنحي فرصـة للنجاح. وكل رصاصة أو قذيفة هاون تُطلق عليكم، هي ضدي كذلك. أقدّر شجاعة الشعب في إسرائيل وهو يسير نحو فك الارتباط. افهموا أن ليست لدينا عصا سحرية، أنتم فقط يمكنكم أن تساعدوني وتعطـوني أملا بالنصر». (جريدة «القدس العربي» 23/6/2005).

وهذه هي حقيقة واقع الشعب الفلسطيني بعيداً عن الشعارات الجوفاء، والخطابات العصماء، وهذا هو ملخص الخطاب السياسي العقلاني الواقعي الفلسطيني، ولعل هذا الخطاب كان أشجع خطاب سياسي واقعي فلسطيني قيل حتى الآن، من قبل أعلى مسؤول فلسطيني، ومن قبل قائد فلسطيني اتصف بالشجاعة السياسية الواقعية، ودفع ثمنها في الماضي غالياً (تمت إقالته من منصب رئيس الوزراء في 7/9/ 2003) ويدفع ثمنها غالياً الآن كذلك. وكعادة الإعلام العربي المولع بسفك الدماء، وبعدم قراءة الواقع السياسي الفلسطيني قراءة تاريخية واعية، بعيداً عن العواطف والغرائز والتشنجات، قامت الحميّة الإعلامية العربية، بتهييج الشارع العربي والشارع الفلسطيني على القيادة الفلسطينية لموقفها «المتخاذل»، «المستسلم»، «الضعيف»، و«الخائب».

- 4 -

ولكن مازالت «حماس» إلى الآن موقنة بأن إقامة الدولة الفلسطينية لن تتأتّى إلا بقوة السلاح، وإقامة انتفاضة مسلحة ثالثة على غرار الانتفاضة الثانية التي يقول عنها أكثر المثقفين الأميركيين المتعاطفين مع القضية الفلسطينية نورمان فنكلستين: «أعتقد أنّ الاستراتيجية التي اتّبعتها «حماس» على سبيل المثال، في استهداف المدنيين والعسكريين الإسرائيليين بأعمال إرهابية لن تجدي في إقناع هؤلاء بأن من مصلحتهم زوال الاحتلال ومفاعيله، بل هي برأيي تؤدّي إلى نتائج عكسيّة تماماً. فعندما يشعر الإسرائيليون، بأنهم جميعاً مستهدفون من دون تمييز بين مدنيين وعسكريين، فلن نتمكّن من استمالة الفئة الأوسع منهم نحو السلام وإنهاء الاحتلال.

وهنا أعتقد أنّ الانتفاضة الثانية 2000 أضرّت بالقضية أكثر بكثير مما أفادتها، لأنها همّشت %95 من الفلسطينيين، وحرمتهم من المشاركة الشعبية في النضال، على عكس ما كان الوضع عليه في الانتفاضة الأولى 1987. والأجدر تسمية الانتفاضة الثانية بـ«الفرجة العامة»، حيث وقف %95 من الفلسطينيين متفرجين على %5 فقط من عناصر الكفاح الديني المسلح».

ورغم ذلك، مازالت «حماس» –على لسان خالد مشعل- تفكر في إشعال انتفاضة مسلحة ثالثة، فإلى أين تقودنا «حماس»؟ وإلى متى تبقى كرة الثلج الفلسطينية في مواجهة وهج النار الإسرائيلية، تذوب كل يوم، لتختفي كليةً في النهاية، ونفتش عن فلسطين في الخريطة فلا نجد لها أثراً؟




#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرب لا يملكون صكَّ مُلكيّة هذا الكوكب
- هل كانت بوتو ضحية الغباء الأمريكي؟
- هل سنشرب نفطنا في عام 2020؟
- السوق الخليجية المشتركة : وحدة الجيوب قبل القصور
- بدأت عودة الروح للعراق
- حاضنات الإرهاب الدافئة
- أنتم وأنا بوليس
- الحداد لا يليق ببغداد
- هل سينسحب ديمقراطيو أمريكا من العراق لو فازوا؟
- -عام الجماعة- أم اقتربت الساعة؟
- بشائر غرق سفينة الإرهاب
- نُذُرُ هزيمة -القاعدة-
- كيف ندفع أمريكا إلى الانسحاب من العراق؟
- في الاستراتيجية العربية لعصر العولمة
- عودة الوعي الديني وانتصار الليبرالية
- تقسيم العراق: هل هو كالكي.. آخر الدواء؟
- هل هناك حداثة اجتماعية سعودية؟
- اللهمَّ اهدنا إلى إسلام الأتراك السياسي
- كوارث الديكتاتوريات العسكرية على العالم العربي
- دور العسكرتاريا في فشل دولة الإستقلال الوطني


المزيد.....




- كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب ...
- شاهد ما رصدته طائرة عندما حلقت فوق بركان أيسلندا لحظة ثورانه ...
- الأردن: إطلاق نار على دورية أمنية في منطقة الرابية والأمن يع ...
- حولته لحفرة عملاقة.. شاهد ما حدث لمبنى في وسط بيروت قصفته مق ...
- بعد 23 عاما.. الولايات المتحدة تعيد زمردة -ملعونة- إلى البرا ...
- وسط احتجاجات عنيفة في مسقط رأسه.. رقص جاستين ترودو خلال حفل ...
- الأمن الأردني: تصفية مسلح أطلق النار على رجال الأمن بمنطقة ا ...
- وصول طائرة شحن روسية إلى ميانمار تحمل 33 طنا من المساعدات
- مقتل مسلح وإصابة ثلاثة رجال أمن بعد إطلاق نار على دورية أمني ...
- تأثير الشخير على سلوك المراهقين


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - شاكر النابلسي - حماس.. إلى أين ومتى؟